استطاعت جلفار التاريخية الاسم القديم لإمارة رأس الخيمة أن تتبوأ مكانة قديمة ومرموقة بين المدن التي شيدت قبل الميلاد، حيث يعود تاريخها العريق إلى 5 آلاف عام قبل الميلاد، عندما كانت عامرة بسكانها حاضرة بتجارتها حكاية من الزمن القديم، وتدل جميع المكتشفات الأثرية التي اكتشفتها فرق التنقيب عن الآثار التي استقدمتها دائرة الآثار والمتاحف برأس الخيمة من فرنسا وبريطانيا واليابان وألمانيا على أن رأس الخيمة تتمتع بتاريخ موغل في القدم ، وقد مرت في عدد من الفترات والحقب الزمنية التي يعود أقدمها إلى فترة العبيد قبل 5 آلاف سنة خلت، حيث إنها تعد أقدم فترة عرفت في رأس الخيمة وعثر على مقتنياتها في منطقتي الجزيرة الحمراء وخت.
الماضي العريق
ظلت جلفار معمورة بسكانها العرب الأصليين الذين عاصروا مختلف الفترات والحضارات والعصور المتعاقبة وتمكنوا في تلك الحقب التاريخية من بناء مركز تجاري رئيسي في الجزء الأدنى من الخليج العربي، وعرفت بتجارتها الواسعة والمزدهرة مع عدد من الدول في الشرق والغرب، كما أنها كانت أحد أهم طرق تجارة البضائع في القرون الإسلامية.
وتعتبر جلفار موطناً للتجارة وموطن أشهر البحارة العرب وهو أحمد بن ماجد الملقب بأسد البحار، كما اشتهرت بجودة فخارها الذي يصنع في منطقتي شمل ووادي حقيل وهي من المراكز الرئيسية في انتاج الأواني الفخارية التي كانت توزع على دول الخليج لأكثر من 500 عام .
قصر الزباء
ويعد قصر ''الزباء'' الذي يعود تاريخه للقرون الوسطى القديمة ويقع على قمة جبل مطل على منطقة شمل الحديثة الواقعة شمال إمارة رأس الخيمة من أقدم المباني الأثرية التي مازالت شاهداً على تاريخ الإمارة، حيث يعد القصر القديم الوحيد الذي عرف في دولة الإمارات ويعرف في علم الأساطير بقصر الملكة الزباء ولهذا القصر ارتباط بمدينة جلفار التاريخية التجارية وهي التسمية التي أطلقت على رأس الخيمة سابقاً.
ويتكون القصر من جدران دفاعية وخزانات مياه على الهضبة الموجودة في منطقة شمل الواقع شمال إمارة رأس الخيمة .. كما يطل القصر على سهل شمل الخصيب ويتألف من عدة غرف وخزانات ماء مازالت محتفظة بأسقفها الأصلية كبقايا من الماضي التليد.
قلعة ضاية
وإلى جانب القصر هناك قلعة ''ضاية'' وهي قلعة عسكرية استراتيجية بالغة الأهمية في تاريخ رأس الخيمة وتقع شمال مدينة الرمس وشيدت في القرن السادس عشر على تل مربع يواجه الخليج، وفي منطقة الفلية بنيت المساكن في القرن الثامن عشر وذلك بغرض السكن الصيفي لعائلة ''القواسم''، حيث تمت إحاطتها ببساتين النخيل ومساكن للمصطافين القادمين من مدينة رأس الخيمة والإمارات الأخرى ، وفي عام 1820 ميلادي وقعت في الفلية معاهدة السلام بين مشايخ ساحل الخليج العربي والحكومة البريطانية وعلى أثرها تأسست دولة الإمارات العربية المتحدة.
وكان المغفور له بإذن الله الشيخ صقر بن محمد القاسمي قد سعى خلال فترة حكمه امارة رأس الخيمة لمعرفة تاريخ الامارة، ولذلك دعا العديد من خبراء الآثار من مختلف دول العالم للتنقيب عن الآثار في مختلف مناطق الإمارة وكشف تاريخ الإمارة .. وقام رحمه الله بدعم عملهم وتشجيعهم على الاستمرار في مسوحاتهم التي شملت مختلف مناطق الإمارة.
وكشفت فرق التنقيب أن مختلف مناطق إمارة رأس الخيمة كانت مهداً لحضارة تجارية نشطت قبل 5000 سنة قبل الميلاد مرت بعدة فترات وحقب تاريخية شهدتها المناطق التي عرفت قديماً ضمن منطقة جلفار التاريخية التي تعبق بروح الماضي وهي الجزيرة الحمراء وخت والكوش ووادي البيح ووادي القور وشمل ووادي المنيعي وغليلة والقرم والرمس وقرن الحرف وأذن وفشغا ووعب وجزر الحليلة والفلية وضاية.
يشار الى ان الحصن الذي يرجع إلى أواسط القرن الثامن عشر ميلادي تحول إلى متحف رأس الخيمة الوطني حيث أكثر من 5000 قطعة من الآثار المكتشفة في الإمارة اذ يعد من أغنى متاحف الدولة بالمكتشفات الأثرية.. كما يضم المتحف قسماً لعلم الآثار يضم مختبراً لتصنيف وتحديد عمر المكتشفات وذلك بالتعاون مع عدد من الجامعات الأوروبية.