بتوجيهات ورعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، ينطلق "المخترع الإماراتي الصغير" أديب سليمان البلوشي هذا الأسبوع في رحلة علمية، سيجوب خلالها سبعاً من أكثر دول العالم تقدماً على صعيد العلوم والأبحاث، وذلك في إطار الرعاية الكبيرة التي يوليها سموه لقطاع النشء والعناية الكاملة التي يمنحها للمتميزين منهم، انطلاقاً من حرص سموه على توفير كافة المقومات اللازمة لإعداد جيل واعد من المخترعين والعلماء يساهمون في تحقيق مزيد من الرفعة والتقدم لدولة الإمارات وشعبها العظيم.
وأمر سمو ولي عهد دبي بتوفير كافة سبل الرعاية والراحة للبلوشي، صاحب لقب "المخترع الإماراتي الصغير" الذي حصل عليه وهو في السادسة من عمره، ولأسرته المرافقة له في هذه الرحلة، التي تكفّل بها سموه في لفتة كريمة تهدف إلى تعويد المخترع الناشئ على الأوساط العلمية ولقاء العلماء والمتخصصين والخبراء في أكثر الدول تقدماً في دروب العلوم المختلفة...
وأقلمته على ما تحفل به تلك الأوساط من أجواء فكرية ونقاشيّة، ستسهم في توسيع مدارك المخترع الناشئ ومعاونته على تحديد المجالات التي من الممكن أن يتخصص فيها مستقبلاً، وذلك بحضور عدد من المؤتمرات وورش العمل العلمية التي ستأخذه إليها الرحلة في كل من الولايات المتحدة، وفرنسا، والمملكة المتحدة، وإيرلندا، وألمانيا، وإيطاليا وبلجيكا.
والتزاماً بتوجيهات سموه بضرورة تصميم برنامج الرحلة العلمية، بأسلوب يراعي الالتزامات الدراسية للمخترع الصغير، ولا يؤثر في سير دراسته ولا تحصيله العلمي، حيث يتلقى تعليمه في إحدى المدارس الخاصة بإمارة دبي، تم إعداد البرنامج بحيث يتم تنفيذه على عدة مراحل، ويكون الجانب الأكبر منها خلال العطلة الصيفية، بما يضمن مواصلة الطالب لدراسته التي تمثل أولوية يجب عدم الإخلال بها على الرغم من أهمية الرحلة، كونها تأتي في سياق التحصيل العلمي "غير التقليدي"، بما تفتحه من آفاق أرحب ونوافذ أكثر للإطلال على باحة العلم، والتعرّف بصورة عامة، وبالقدر المتاح والممكن على ما تحفل به من تطورات ومستجدات ضمن شتى المجالات.
وقد كلّف سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم "مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدّمة" (إياست)، لمتابعة أثر تلك المشاركات في الطالب أديب البلوشي، وتقييمها بشكل دوري لضمان تحقيق المُخترِع الواعد لأقصى استفادة ممكنة من وراء الرحلة التي تعد نموذجاً يحتذى في مجال الرعاية بالمواهب، وكيفية تهيئة البيئة الحاضنة التي تكفل كافة سبل ازدهارها وتطورها إلى مستويات أرقى من الإبداع والابتكار.
جولة أوروبية أميركية
وسيستهل المُخترِع الصغير جولته العلمية العالمية، برفقه عائلته التي ستصاحبه في جميع مراحل رحلته الخارجية، في العاصمة البلجيكية بروكسل نهاية شهر مارس الجاري، حيث سيحضر مؤتمر "الكاربون الأخضر" الذي يناقش سبل تحويل الاستدامة الزراعية إلى واقع..
بينما سيشمل برنامج الرحلة العلمية للمخترع الإماراتي الصغير، حضور مؤتمر علمي في مدينة لافال الفرنسية حول المُحاكاة الروبوتية للإنسان، وكيفية تسخير التكنولوجيا المتقدمة في مجال "الإنسان الآلي" لتطوير الأطراف التعويضية، وكذلك حضور مؤتمر حول التجهيزات الطبية في مدينة ميونخ الألمانية، في حين ستكون الولايات المتحدة إحدى المحطات الأساسية في الرحلة العلمية للبلوشي...
حيث سيحضر هناك ثلاث فعاليات، الأولى مؤتمر حول الإبداع والابتكار في مدينة نيويورك، أما الثانية، فهي "المؤتمر الدولي الخامس حول الإبداع المنهجي" في ولاية كاليفورنيا، علاوة على حضور ورشة علمية في وكالة الفضاء الأميركية "ناسا".
وفي مدينة فلورنسا الإيطالية، سيحضر أديب البلوشي ورشة عمل تدريبية حول فنون الإبداع ومقوماته، وكيفية اكتساب المهارات المحفّزة للمخيّلة الابتكارية من خلال مجموعة من التمارين والتدريبات العملية، يشارك فيها الحضور لإكسابهم القدرة على استقاء أفكار جديدة ومبتكرة من العالم المحيط.
الإشعاع الكربوني
وسيكون ختام الرحلة في إيرلندا الشمالية وإنجلترا، حيث سيحضر في الأولى المؤتمر الدولي حول تأثيرات الإشعاع الكربوني على البيئة، والذي ستنعقد أعماله في جامعة كوين بالعاصمة بلفاست، ينتقل بعدها مباشرة إلى العاصمة لندن لحضور المؤتمر الدولي للعلوم والمعلومات، ومن بعده حضور المؤتمر العلمي العالمي الثالث حول "التحولات في جسم الإنسان" في مدينة إكسفورد، والذي يحاول التعرف بصورة أكبر إلى ما يطرأ على جسم الإنسان من تغيرات في وظائف الأعضاء، وما يطرأ عليها من تحولات ضمن المراحل العمرية المختلفة، وما قد يصيب بعضها من إخفاق في تأدية وظيفته والبدائل التعويضية اللازمة.
ملَكات إبداعيّة
ويعتبر أديب البلوشي من البراعم المتميزة على مستوى العالم العربي، حيث ظهرت ملكاته الإبداعية منذ نعومة أظفاره، وكانت إصابة والده بمرض شلل الأطفال حافزاً أوقد جذوة الاختراع في ذهنه، ليكون أول اختراع له دعامة مضادة للماء لذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك حتى يساعد والده على تحقيق حلمه في ممارسة رياضة الغوص.
ومن بين الاختراعات التي قدمها البلوشي، على الرغم من حداثة سنّه، "روبوت المكنسة الكهربائية"، وهو عبارة عن إنسان آلي صغير الحجم، استخدم في صنعه مجموعة قطع ومكونات وفرّها من ألعابه وصممها لمساعدة والدته على تنظيف الأماكن الضيقة التي يصعب عليها الوصول لها في المنزل، إضافة إلى اختراع "خوذة رأس" خاصة لرجال الإطفاء، مزوّدة بكاميرا دقيقة تنقل الصوت والصورة مباشرة إلى غرفة العمليات والتحكم، ويمكنها العمل في أقصى الظروف، مثل التعرض لمياه الإطفاء، وكذلك لدرجات الحرارة العالية الناجمة عن الحريق، ومزودة بميزة التحول ذاتياً إلى نظام "الرؤية الليلية" في حال تعثر الرؤية بسبب الدخان الكثيف.
تقدير دوليّ
يلقى أديب سليمان البلوشي، حفاوة وتقديراً واسع النطاق على الصعيدين المحلي والدولي، في ضوء تميّزه اللافت، كواحد من أصغر المخترعين في العالم، حيث حصل على "جائزة الشيخ حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز"، وتم تكريمه كأصغر عالم عربي مهتم بعلوم الروبوت. علاوة على تكريمه من قِبَل مركز اليوبيل للتميز التربوي في الأردن، كذلك من جانب "الجمعية العربية للروبوت" هناك، كما حصل المخترع الصغير على عضوية استثنائية في الجمعية التي تضم كبار علماء العالم العربي المهتمين بهذا المجال، ويُعتبر أول وأصغر طفل عربي ينال هذه العضوية، بينما تجاوز عدد الشهادات التي حصل عليها 60 شهادة.
ونال المخترع الإماراتي الصغير أيضاً تكريم الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وذلك خلال إطلاق أعمال "المنتدى الأول للمخترعين العرب" في مارس من العام الماضي، بمقر الأمانة العامة للجامعة في القاهرة، حيث كرمه أيضاً هناك "مركز الأمم المتحدة للإعلام" هناك، بمنحه جائزة التميّز لعام 2013 في مجال البحث العلمي والاختراع، وكُرّم أيضاً من قِبَل "مجلس الشباب العربي للتنمية المتكاملة"، الذي منحه العضوية الشرفية للمجلس ورئاسة لجنة صغار المخترعين والمبدعين.
والد أديب لـ البيان : المبادرة ليست غريبة على سموه صاحب الفزعة
أكد سليمان محمد البلوشي، والد المخترع الإماراتي الصغير أديب البلوشي أنه لم يستغرب هذه المبادرة من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي بإرسال ابنه في رحلة علمية يجوب فيها افضل البلدان ويتلقى أفضل علم ممكن في هذا المجال.
وأضاف: "هو فزاع صاحب "الفزعة" والمبادرة، والهمة العالية، وما قام به ليس بغريب او جديد بل هذا ما عهدناه منه ومن شيوخنا أطال الله في أعمارهم، العطاء مبدأهم وأسلوب حياتهم، وسبق وأن قام سمو الشيخ حمدان بن محمد خلال العام الماضي بإرسالنا في رحلة إلى مصر والأردن ، وأمدنا بالحافز، وقدم لنا كل ما نحتاجه وما يمكن ان يفيد ابني أديب في رحلة اختراعاته، فعلى الرغم من أني أكاد أطير من الفرح من هذا الخبر، الا انني كنت متأكدا من أن سمو الشيخ حمدان لن يترك ابني بل سيظل يدعمه".
سعادة غامرة
واشار الى انه بمجرد نقل الخبر لابنه حتى قفز أديب وهو يردد "نعم أنا أحب الشيخ حمدان أنا أحب الشيخ حمدان"، مؤكدا انه لا يزال متأثرا بالخبر ولا يعرف كيف يعبر عن سعادته بسماعه، وأن سمو الشيخ حمدان منحه وابنه الدافع والطاقة الايجابية والمسؤولية لإكمال ما بدأ به ابنه اديب، ولرد الجميل لهذه الدولة المعطاءة ولحكامها الذين لا مثيل لهم في اي دولة اخرى.
وقال: "أود ان أقول كلمة لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، كلمة واحدة، وهي أني أتمنى لو أراك وأقبّل رأسك"، مشيرا إلى أنه عانى وتعب كثيرا ولسنوات طويلة لدعم ابنه في رحلته نحو الابداع والابتكار، لكنه تعلم درسا يمكن تعلمه في الامارات فقط لا في اي مكان اخر وهو " اعمل واجتهد وأولياء الأمر يتابعون ويهتمون وسيجعلونك تكمل المسيرة بنجاح".
من جهته اشار المخترع الصغير ذو السنوات العشر، أديب البلوشي، انه يشعر بسعادة غامرة لا يستطيع وصفها، وانه كان على يقين من ان فزاع سيقدم له شيئا فهذا ما تعوده من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد، لكن لم يخطر بباله ابدا ان يكون هذا الشيء الذي تخيله، بحجم هذه المبادرة.
واكد انه بدأ يستعد منذ سماعه الخبر، للسفر، وبدأ يعد العدة ويكتب ما يريد ان يتعلمه تحديدا وما سيخترعه بناء على ما تعلمه، قائلا: "هذه الرحلة ستقدم لي الإجابات، كل الإجابات التي كنت أسأل عنها وأبحث حتى أعرفها، سأجدها بطريقة عملية وعلمية أمامي".
ووجه شكره ومحبته لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، معاهدا إياه انه سيبذل قصارى جهده خلال الرحلة، وانه سيكمل المسيرة التي بدأها، وانه سيعود من الرحلة بأفضل النتائج، وانه سيرد الجميل لسموه ولوطنه الغالي.