عزة تراب الوطن.. العَلَم.. القوات المسلحة.. مفردات ترمز إلى شيء واحد، هو دولة قوية قادرة آمنة ومستقرة.

فلا عزة لتراب الوطن بلا قوات مسلحة مؤهلة ومدربة تتمتع بمناقب يشيد بها العدو قبل الصديق. ولا يبقى عَلَم خفّاق شامخ بلا سواعد رجال أشداء تشد ساريته للأرض بثبات وتشمخ به للعلياء بعزيمة وإيمان.

فالقوات المسلحة الموحدة تحمي وتصون الإنسان والوطن ومكتسباته والعَلَم والرموز. وقواتنا تعد اليوم من أقوى جيوش المنطقة وأكثرها معرفة وتسليحاً وإيماناً بدولة باتت نموذجاً يحتذى، بكل ما فيها من قيم ومبادئ إنسانية، حولتها إلى مكان يتعايش فيه أناس من أكثر من مئتي جنسية.

لقد مرّت قواتنا المسلحة بمراحل عديدة قبل أن تصل إلى ماهي عليه اليوم. مراحل تميزت كلها بقوة الإرادة لبناء مؤسسة عسكرية قادرة على حماية مكتسبات دولة الإمارات، التي أذهلت العالم بسرعة وثبات تطورها على الصعد كافة.

تحتفل القوات المسلحة في السادس من شهر مايو المقبل بالذكرى التاسعة الثلاثين لإعلان توحيدها والذي جاء إضافة قوية إلى بنيان دولة الاتحاد وترجمة لأحد المبادئ الراسخة التي حرص عليها القادة المؤسسون إيماناً بدولة الوحدة والعمل على تعزيز ركائزها كي تواصل مسيرة البناء والتطور والنهضة.

قرار توحيد القوات المسلحة، يعد من أعظم القرارات التي اتخذت في مسيرة دولة الاتحاد لأنه كان البداية الحقيقية لمسيرة التطوير والتحديث التي شهدتها قواتنا المسلحة على المستويات كافة، وفي كل تشكيلاتها واختصاصاتها حتى أصبحت قوة ضاربة مسلحة ومدربة وفق أحدث نظم التدريب والعتاد العسكري في العالم، لحماية المكتسبات وصنع السلام والمساهمة في حمايته وتحقيقه في المنطقة والعالم.

وقال صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في كلمته بمناسبة الذكرى 38 لتوحيد القوات المسلحة: «لقد كان اتحاد الإرادة السياسية والرغبة الشعبية في هذا القرار التاريخي منطلقاً إلى آفاق المستقبل الواسع؛ إذ توفرت لقواتنا المسلحة بتوحيدها الإمكانات المادية والرعاية المعنوية، التي مكنتها من أن تخطو خطوات متسارعة ومشهودة، فتحولت في سنوات معدودة إلى جيش متكامل وفق أرقى المعايير الدولية، ملتزمة بالثقافة العسكرية الحقّة والروح المعنوية العالية، جيش مسلح بأحدث العتاد والتجهيزات وقبل ذلك كله قادر على حمل أمانة المسؤولية وشرفها، وهب منتسبوه حياتهم له ولم يبخلوا عليه بدمائهم الطاهرة فبقيت رايته خفاقة شامخة بما يملكونه من مهارات وكفاءات وقدرات وما يسطرونه من إنجازات في المجال الداخلي والخارجي، لقد سطروا اسم وطنهم بأحرف من نور في المحافل الدولية فأينما استدعت الحاجة وجودهم ومشاركتهم كانوا سباقين لتلبية نداء الواجب».

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «إن صدور قرار توحيد قوات الإمارات المسلحة ليس مجرد إحياء لذكرى قرار مفصلي تاريخي في مسيرة دولتنا، إنما أيضاً هو احتفال بحاضرنا وإنجازنا الوطني في المجالات كافة، فمسيرة بناء قواتنا المسلحة هي نموذج حي يلخص مسيرة بناء دولتنا ويشهد لحكمة وبعد نظر وعطاءات جيل التأسيس وجيل التمكين ويؤكد سلامة النهج الذي أرساه آباؤنا، وأن الغرس الذي زرعه الباني الكبير والقائد الفذ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قوي وعفي، فها هي الثمار تترى في كل أرجاء الوطن وتنطق في كل شواهد الإنجاز وتتجلى في كل مواقع العمل وتصل إلى كل مواطن مواطنة وتمتد إلى خارج حدود الوطن، مدارس ومصانع ومستشفيات وبنى تحتية ورسائل خير ومحبة والتزام بوحدة المصير الإنساني».

وأكد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة أن القرار التاريخي الذي اتخذه المجلس الأعلى للاتحاد برئاسة المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، بتوحيد قواتنا المسلحة تحت قيادة واحدة وعلم واحد، ثبّت أركان دولة الاتحاد وعزز مفهوم الوحدة الذي تعمق في عقول أبناء الوطن وقلوبهم، فقد كان الإيمان راسخاً لدى الآباء المؤسسين لدولة الاتحاد بأن الانطلاق نحو البناء والتقدم والتنمية في المجالات المختلفة يحتاج إلى قوة تحمي المنجزات والمكتسبات وتصون الوطن وتدافع عن سيادته وتمده دائماً بالكوادر المواطنة المسلحة بالإرادة والعلم والوطنية والانتماء.

بناء القوات المسلحة

مرت القوات المسلحة بعدة مراحل منذ البدايات وحتى توحيدها، كما جاء على الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة الدفاع.

المرحلة الأولى

قوة ساحل الإمارات المتصالحة: تأسست هذه القوة في 11 مايو 1951 بقرار ملكي حمل الرقم (1) لسنة 1951 تحت بند (82) من قبل حكومة المملكة المتحدة، وبعد مشورة حكام الإمارات المتصالحة، وقد أطلق عليها الإنجليز «قوة ساحل عُمان»، والتي أصبحت تعرف بعد ذلك بـ «كشافة الإمارات المتصالحة». وكان تنظيم القوة يتكون من خمس سرايا مشاة وسرية إسناد وسرية اللاسلكي وسرية التدريب وسرية المشاغل والسرية الطبية والموسيقى العسكرية ومدرسة تعليم الصغار، وتمركزت قيادة القوة في بداية تأسيسها في معسكر القاسمية بإمارة الشارقة، ثم انتقلت إلى معسكر المرقاب لاحقاً، واتخذت من منطقة المنامة التابعة لإمارة عجمان مركزاً للتدريب.

التطور:

- المرحلة الأولى: عام 1951 مرحلة تأسيس القوة «TOL» تحت اسم بـ «قوة ساحل الإمارات المتصالحة» .

- المرحلة الثانية: عام 1956 تغير اسم القوة إلى كشافة «TOS»، أي «كشافة ساحل الإمارات المتصالحة» .

- المرحلة الثالثة: في 21 ديسمبر عام 1971 كانت بداية استلام القوة من الحكومة البريطانية، وتغيرت من مسمى «كشافة ساحل الإمارات المتصالحة» إلى « قوة دفاع الاتحاد»، وبعد أسبوع من هذا التاريخ سلمت الحكومة البريطانية قيادة القوة إلى وزير دفاع دولة الإمارات .

المرحلة الثانية: "قوة دفاع الاتحاد"

تشكلت قوة دفاع الاتحاد في 27 ديسمبر 1971 بقرار من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وعلى إثر تسليم الحكومة البريطانية لقوة ساحل الإمارات المتصالحة إلى حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة تشكلت قوة دفاع الاتحاد وأنيطت قيادتها والإشراف عليها بوزير الدفاع، وكان تنظيم القوة يتكون من خمس سرايا مشاة، سرية مدرعات العقرب، وسرية الإسناد، وسرية التدريب، وسرايا الخدمات الإدارية والفنية والموسيقى العسكرية ومدرسة الصغار العسكرية، وتمركزت قيادة القوة في معسكر المرقاب بإمارة الشارقة، واتخذت من منطقة المنامة بعجمان معسكراً للتدريب.

التطور:

- المرحلة الأولى: عام 1971 وهي مرحلة بداية استلام وتشكيل قوة دفاع الاتحاد من الحكومة البريطانية.

- المرحلة الثانية: عام 1974 تغيير مسمى « قوة دفاع الاتحاد» إلى «القوات المسلحة الاتحادية».

المرحلة الثالثة: "القوات المسلحة الاتحادية"

في عام 1974 وبقرار من وزير الدفاع تم تغيير مسمى قوة دفاع الاتحاد إلى «القوات المسلحة الاتحادية»، مع تغيير شعار وعلم القوة الجديدة لتواكب التحديث والتطوير في الدولة، مع إبقاء نفس الواجبات والمهام والتنظيم ومرتبات القوة البشرية والتسليح والمعدات ونفس مواقع التمركز لقيادة القوة والسرايا ومركز التدريب، وتكونت القوات من سبع سرايا مشاة، وسرية مدرعات العقرب، وسرايا الإسناد، وسرية المظلات، وسرية الأشبال، وسرية الأولاد، وبقيت هذه القوات تحت إشراف وزارة الدفاع لدولة الإمارات، واستمرت بهذه التسمية حتى عام 1976. وبقرار توحيد القوات المسلحة تم تغيير مسمى وحجم القوات إلى لواء، وسمي «لواء اليرموك» وضم إليه قوة حرس الشارقة الوطني، والتي كانت بحجم كتيبة مشاة، ونظم لواء اليرموك ليضم ثلاث كتائب مشاة وكتيبة مدرعات العقرب، وتشكلت سرايا للخدمات الإدارية والطبية والإشارة والصيانة.

التطور:

- المرحلة الأولى: عام 1974 تغيير المسمى من «قوة دفاع الاتحاد» إلى «القوات المسلحة الاتحادية» .

- المرحلة الثانية: عام 1976 تغيير مسمى القوات المسلحة الاتحادية إلى مسمى «لواء اليرموك»، واندمجت مع القوات المسلحة بعد قرار التوحيد، حيث ألحقت مباشرة بالقيادة العامة للقوات المسلحة.

- المرحلة الثالثة: عام 1978 تم منح لواء اليرموك أقدمية الألوية وأصبح يسمى «لواء اليرموك الثالث» .

القوات المسلحة بعد قيام الاتحاد 1971:

بعد إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في 2 ديسمبر 1971 اتضحت الاستراتيجية للدولة بالنسبة لمواقعها الجغرافية على الطريق البحري، الموصل بين الشرق والغرب «مضيق هرمز» ولوجود الثروات المعدنية في أرضها، وأصبحت حماية الأرض والسيادة والمكتسبات من مسؤولية أبناء الإمارات. في عام 1971 صدر المرسوم رقم 2 في شأن تشكيل وزارة الدفاع وتعيين سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وزيراً للدفاع في ذلك الوقت.

لحماية وصون الإنسان والوطن ومكتسباته

ــ توفرت لها بتوحيدها الإمكانات المادية والرعاية المعنوية

التي مكنتها من أن تخطو خطوات متسارعة ومشهودة

ــ تحولت في سنوات معدودة إلى جيش متكامل وفق أرقى

المعايير الدولية

ــ مسيرة تشكيلها تعد نموذجاً حياً يلخص مسيرة بناء دولة الإمارات

ــ الآباء المؤسسون آمنوا بأن الانطلاق نحو البناء والتقدم والتنمية يحتاج إلى قوة تحمي المنجزات وتصون الوطن

تطور كمي ونوعي

كان لابد من أن يواكب قيام الاتحاد تطور كمي ونوعي في القوات المسلحة من وحدة صغيرة الحجم إلى قوة تضم كافة تشكيلات القتال والإسناد الناري والإداري لتتناسب مع دورها الجديد، مع الالتزام بعقيدة قتالية دفاعية ترتكز على مبادئ الإسلام الحنيف، وكان لابد لتحقيق ذلك من وجود قوات مسلحة موحدة تحت علم واحد وقيادة واحدة، ومن هنا جاءت الخطوة التاريخية بقرار من المجلس الأعلى للاتحاد بتوحيد القوات المسلحة في 6 مايو عام 1976، وذلك في منطقة أبو مريخة وبرئاسة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، حيث صدر بيان المجلس الأعلى للدفاع والذي ينص على :

« إنه انطلاقاً من سعينا المستمر لدعم الكيان الاتحادي، وتوحيد أركانه، وتعزيز استقراره وأمنه وتقدمه، وإيماناً بالمسؤولية التاريخية التي تفرض علينا العمل بروح التجرد والإيثار، وإذابة كل الحواجز التي تعوق تفاعلنا الذاتي وتحقيق الاندماج الكامل لمؤسسات الدولة، واستجابة لرغبة أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد من الانطلاق نحو تحقيق آمال وتطلعات الشعب، تم دمج القوات المسلحة تحت علم واحد وقيادة واحدة لتكون السياج القوي الذي يحمي الوطن وتؤدي دورها القوي كقوة للعرب». وبموجب هذا المرسوم رقم (1) لعام 1976 يكون رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، وصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وزيراً للدفاع. وتم تشكيل رئاسة للأركان العامة للقوات المسلحة، تتكون من رئيس الأركان وثلاثة مساعدين، الأول للعمليات، والثاني للإدارة، والثالث للإمداد والتموين.

وصدر القرار التاريخي لرئيس المجلس الأعلى للدفاع رقم (1) لسنة 1976 في شأن توحيد القوات المسلحة الذي نص على توحيد القوات المسلحة البرية والبحرية والجوية تحت قيادة مركزية واحدة تسمى « القيادة العامة للقوات المسلحة»، وقد شمل القرار:

أولاً- إنشاء ثلاث مناطق عسكرية هي :

- المنطقة العسكرية الشمالية «القوة المتحركة برأس الخيمة سابقاً».

- المنطقة العسكرية الغربية «قوة دفاع أبوظبي سابقاً».

- المنطقة العسكرية الوسطى «قوة دفاع دبي سابقاً».

ثانياً- لواء اليرموك ويضم كافة قوات جيش الاتحاد والحرس الوطني في إمارة الشارقة وحرس إمارة أم القيوين.

ثالثاً- قيادة القوات البحرية.

رابعاً- قيادة القوات الجوية.

خامساً- معاهد التدريب الرئيسية «كلية زايد الثاني العسكرية، ومدرسة المشاة، ومدرسة المظليين، ومدرسة الدروع، ومدرسة المدفعية».

- تم توحيد العلم العسكري والشعار والزي العسكري، وأعلام القادة على مختلف مناصبهم.