أفضت قلة الأمطار وشح موارد المياه، إلى جفاف الكثير من النباتات المحلية وبلوغ بعضها مرحلة الخطر وعتبة الانقراض، واحدة منها نبتة «الثمام»، وهي من أثمن نباتات أهل البادية في دولة الإمارات، ولأنها كذلك؛ فقد نجح المواطن علي بن ثاني المطروشي في إعادة زراعة النبتة، وزيادة مساحتها، في استراحته بمنطقة مرموم في دبي، بعد دراسة التفاصيل الدقيقة عن تلك النبتة، والإحاطة بخصائصها وطرق زراعتها والعناية بها، حتى تمكن أخيراً من زراعة 75 ألف نبتة في محميات خاصة، وتوزيع عدد منها على المواطنين.

مساحة كبيرة

المطروشي قال: إن «الثمام» من النباتات المهمة لدى سكان دولة الإمارات في الماضي، وتحديداً عند أهل البادية، وانطلاقاً من حبه لبلده وسعياً للحفاظ على الحياة الفطرية، فقد اعتنى بهذه الحشائش وخصص لها مساحة كبيرة في استراحته، إلى جانب العناية بحشائش ونباتات أخرى تبدو نادرة مثل شجرة «اللبان» التي يبلغ عمرها 27 عاماً، وقد حرص على نقلها من مزرعته في منطقة الذيد إلى الاستراحة، بعد إصابة الأرض بالجفاف الناتج عن قلة الأمطار.

قبل عامين ونصف، انطلق المطروشي في مهمة الحفاظ على نبتة «الثمام»، ولا يزال يعمل جاهداً ليعيد انتشارها على أكبر مساحة ممكنة، فقد بدأ بزراعة 300 نبتة، واستطاع أن يضاعف العدد إلى أكثر من ذلك عن طريق قطع العُقَل ثم زراعتها، أو عن طريق زراعة البذور، ليصل عددها بعد مدة قليلة إلى 6 آلاف نبتة، ما لفت الأنظار من حوله، باعتبارها من النباتات الثمينة لدى سكان المنطقة في الماضي، لاسيما وأن حجم زراعة «الثمام» تراجع بنسبة 90% بسبب جفاف التربة وقلة الأمطار.

محميات خاصة

منذ بداية نشاطه الزراعي حتى الآن، تمكن المطروشي من زراعة نحو 75 ألف نبتة «ثمام» في محميات خاصة، إلى جانب زراعة وتوزيع 30 ألف نبتة على المواطنين المهتمين بزراعتها، خاصة أصحاب المواشي والإبل، نظراً لاحتواء «الثمام» على نسبة عالية من البروتين الطبيعي الذي يمد الإبل بالطاقة أثناء سباقات الهجن. وأبدى المطروشي ترحيباً واستعداداً لمد يد العون للمواطنين الراغبين في زراعة تلك النبتة أو استشارته في كل ما يتصل بها، سعياً منه لتكثيف الاهتمام بزراعتها مستقبلاً، مطالباً بمحمية خاصة تضم نباتات «الثمام» لدرء خطر الانقراض عنها.

الشتاء والصيف

وذكر شقيقه عبدالله بن ثاني المطروشي، أهم المناطق التي اشتهرت باحتوائها نبات «الثمام»، وأبرزها «سيح السلم» وجبل علي في إمارة دبي، فضلاً عن مساحات أخرى في الإمارات الشمالية.

ويعد «الثمام» من أفضل الحشائش الرعوية التي حاول الكثيرون زراعتها لكنهم فشلوا، إذ تتطلب توقيتاً مناسباً لنموها، الذي يكون نهاية فصل الشتاء أو نهاية الصيف، نظراً لاعتدال المناخ نسبياً في هذه الفترة، ما يساعد على النمو دون معاناة مواجهة ارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها الحاد.

مكافحة التصحر

وأضاف المطروشي: عند بلوغ النبتة ارتفاع 60 سم، يمكن قطعها «حشّها»، لتنمو بعد ذلك بقوة أكبر، وتتميز بقدرتها على تحمل ارتفاع نسبة الملوحة في التربة والحرارة، على غرار بعض النباتات الصحراوية الأخرى، وتحتوي على بذور خضراء صغيرة، مضيفاً أن الإبل التي تتغذى على «الثمام» يتميز حليبها بمذاق أكثر حلاوة، ويمكن لأصحاب الإبل إدراك هذه الميزة بصورة أوضح، نظراً لتناولهم حليب الإبل باستمرار.

ولا يقتصر دور «الثمام» على ذلك فحسب، إذ لفت المطروشي إلى أهمية النبتة ودورها المهم في مكافحة التصحر، ووقف زحف الرمال، كما أن لها استخدامات أخرى قديمة في العلاج بالطب الشعبي، إلى جانب علاج الحيوانات، مفيداً بأنه اليوم وبسبب قلة انتشار النبتة، فقد بات الكثيرون لا يعرفون عنها أو يشعرون بقيمتها، وتراها تقطّع على جانبي الطرقات، وترمى بصورة عشوائية، وهو ما يضر بحجم نموها ومساحة انتشارها.

حظائر مبتكرة

حرص علي بن ثاني المطروشي على تصميم حظائر بدوية خاصة به، بأشكال وطرق مختلفة ومتطورة، رغم محافظتها من الخارج على هوية الحظيرة القديمة المصنوعة من نباتات «المرخ» المحلية. وتتميز الحظيرة الأولى باحتوائها على كراسي دخشبية، في وسطها مساحة دائرية لإشعال النار. أما الحظيرة الثانية فتحتوي من الداخل على إضاءة ثلاثية الأبعاد بنظام «إل دي»، بينما حافظت الحظيرة الثالثة على هويتها الأصلية من الداخل والخارج، مؤكداً حرصه على استخدام عناصر التراث وتوظيفها.