يُسخر الشاب الإماراتي محمد يوسف البلوشي، كاميرته لتصوير العين، لتوثيق ما تحفل بها هذه المدينة من خصوصية، وما تستحقه من اهتمام أبقاها متفردة في أصالتها وحداثتها. ويحفز البلوشي بعدسته وبما ترصده عينه من لوحات في مدينة الواحات، عدسات المصورين لالتقاط صور تغازل جمالية العين، وتصلح لنسج قصص منها تروي تفاصيل الحياة والجمال فيها، خاصة أنها من أجمل المناطق خضرة ونقاءً وهدوءاً، ما يستدعي زيارتها لمعرفة ما تحتضنه من إرث تراثي وسياحي وترفيهي.
البلوشي، من مواليد 1986 في مدينة العين، وخريج قانون من جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا، أصبح مصوراً فوتوغرافياً مأسوراً في جمال المدينة الخضراء، التي تقنع الزائر والساكن فيها، وتمدّ الجميع بوافر الراحة والاستجمام، بما تحتضنه من مرافق ضيافة، جعلتها نموذجاً مشرفاً للسياحة الثقافية والطبيعية المتمثلة بعدد المتاحف والقلاع وروائع الطبيعة الخضراء. وكذلك المنتجعات الطبيعية النادرة التي تنافس على المستوى العالمي، مشيراً إلى أنها بقعة غناء من إمارة أبوظبي من أسمائها حديقة الخليج الخضراء، واستحقت عن جدارة لقب المدينة التي تضم أكبر عدد من الأشجار في العالم، وذلك أحد أسرار الجمال في عدسات المصورين في العين.
تفاصيل جميلة
عن عشقه لتصوير تفاصيل مدينة العين، قال البلوشي إنها المدينة التي وُلد بها، فهو يعشقها كثيراً، ومعجب بكل ما فيها، ولكن ما يجذبه أكثر القلاع التراثية، ووفرة المناطق السياحية، والمناظر الطبيعية، حيث يخرج باستمرار برفقة كاميرته ليصور في كل مرة لقطات جديدة تبرز روعة مدينة العين. ويضيف: لمدينة العين مستقبل باهر في عالم السياحة بفضل إقامة المشاريع المهمة فيها، خاصة بعد إدراجها من قبل منظمة «اليونسكو» على قائمة التراث العالمي، وذلك تكريم لم يأت من فراغ، بل لأنها كرست حضورها القوي كوجهة للاستجمام، وهي مدينة أثرية ذات تاريخ عريق تجذب الزوار من داخل الدولة وخارجها، ما يؤدي إلى زيادة نسق الحراك السياحي فيها.
هيبة العين
ويحرص البلوشي من خلال عدسته على التقاط أجمل الصور التي تؤكد هيبة العين السياحية. مثال ذلك: منطقة المبزرة الخضراء، وجبل حفيت، والأفلاج، والاستراحات، والأسواق القديمة، ونادي العين، والحصون القديمة التي تروي حكاية هذه المدينة التي يحفها روح الماضي.. وتفاصيل أكثر وأكثر عن «العين» التي لا تذرف دمعاً لأنها نذرت نفسها لتحقيق راحة وسعادة سائحيها.
ويؤكد أنه حينما يمسك بالكاميرا يعجز عن وصف سعادته، حيث يخرج من عالمه إلى عالم آخر، فينسى مَن حوله، ويبقى تركيزه فقط على الصورة وكأنه على موعد مع الفن.
ترويج للسياحة
تعتبر العين مدينة جميلة، بما فيها من أماكن ممتعة كثيرة، ورغم زخم الواحات والمناظر التي تأسر الناظر، يسعى البلوشي دائماً إلى تصوير المناطق التي لا يعرفها حتى الآن غالبية الناس، فمدينة العين كما يقول فيها مناظر وأماكن رائعة جداً تستحق التصوير والترويج لها سياحياً، وكل من يتعمق في المشهد يجد صوراً كثيرة جداً.
ولدى سؤاله ما إذا كانت لقطاته الفوتوغرافية تعتبر ترويجاً جميلاً وحقيقياً للعين؟ أجاب محمد البلوشي: أحاول دائماً السعي للترويج لمدينتي، بشوارعها النظيفة، وقلاعها الشامخة، وكل شيء فيها، ومعظم صوري حالياً تنتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وتُعبر حقيقة عن أهمية زيارة مدينة العين والتعرف على ماضيها العريق، وتراثها الجميل. وأتشرف دائماً بخدمة بعض الجهات والمؤسسات في مدينتي دون مقابل، إذ أهديهم صوراً عدة تعكس جمالية العين، ويتم عرضها في دوائرهم ومؤسساتهم.
ويشير إلى تفضيله تصوير اللقطات الخارجية أكثر، لاسيما المناظر الطبيعية لأنها تُشعره بالراحة والهدوء، وتُبين في الوقت ذاته لعظمة الخالق وبديع صنعه.
اللقطة الأصعب
ليس غروراً أن يجزم محمد بعدم وجود لقطة صعبة التصوير، فبالممارسة والتعلم استطاع الوصول إلى كل ما يطمح ويحلم بتصويره. كما يهتم كثيراً بأن يجني من خبرات المصورين، ويحرص على أن يكون مصوراً مبدعاً في لقطاته، ويبرزها بطرق جديدة مبتكرة.
وأوضح أنه واجه الكثير من التحديات في بداية مشواره في عالم التصوير، حيث استعان بدورات التصوير عبر الإنترنت، مضيفاً: أحاول الوصول فعلياً لمرحلة الاحتراف في هذا المجال، لأني أثق في قرارة نفسي أن لكل صورة ذكرى معينة، وتعيد الصورة شريط ذكريات الماضي.
تقييم الصورة
لتقييم الصورة جوانب مهمة عدة ربما تخفى على غير المتخصص، وبالنسبة للبلوشي فإنه يعتبر فكرة الصورة هي المعيار الرئيسي الذي من خلاله يستطيع تقييمها من حيث جمالها أو عدمه. والذي يميز الصورة عن غيرها هي فكرة المصور وطريقة حبكه للحظة.
ويرى البلوشي أن هناك مواصفات للمصور الناجح من وجهة نظره هي أن يرى العالم بمنظوره الخاص، كما أنه حريص دائماً على التزود بخيال ذي أفق وحمل أفكار جديدة تجسدها عدسة كاميرته، إلى جانب المحافظة على الأبعاد الصحيحة للصورة ليضمن وضوحها ونقاءها، ولا يعتمد كثيراً على برامج الحاسوب في تجميل صوره وتنقيتها.