لا وجه للمقارنة بين الحياة المدرسية والجامعية، فالأخيرة هي الأبقى في الذاكرة رغم قصر سنواتها بالنظر إلى أيام المدرسة.
وتنبع قيمة الحياة الجامعية من أنها تسهم في إعداد النفس لمراحل مهمة من حياتنا، وهي العمل والزواج وبناء المستقبل.
ويعتمد نجاح الإنسان في بناء مستقبله وتحديد مسار حياته على قدرته على الاستفادة من مرحلة الجامعة وحسن التفاعل معها، حيث يحظى الطالب في أيام دراسته بفرصة ممارسة أنشطة متنوعة وعميقة، التي تساعده على رسم معالم شخصيته وتكوين ذاته وتزكية نفسه وبناء مستقبله، وتيسّر له التفاعل الإيجابي مع المجتمع المحلي وقضايا الأمة.
3 سنوات هندسة
الإعلامي أيوب يوسف مقدم برنامج «صاحبة الجلالة» في تلفزيون نور دبي، يفتح لنا دفتر ذكرياته الجامعية، ليضعنا في صورة مرحلة مهمة من حياته.
ويقول إنه في البداية اتجه لدراسة الهندسة المعمارية في كليات التقنية العليا في دبي؛ ذلك كان خياره في مستهل حياته، عله يجد فيه طموحه الذي ينتظر التميز فيه، ممنياً نفسه بأن يصبح مهندسا يسهم في بناء حضارة دبي العمرانية، إلا أن ولعه وعشقه للغة الضاد حال بينه وبين إكمال هذا الحلم بعد مرور ثلاث سنوات من دراسته لتخصص الهندسة.
نداء داخلي
طوال سنواته الجامعية؛ ظل قلبه يسافر إلى محبوبته «العربية»، ولم يهدأ في داخله هذا النداء يوماً، الذي منبعه إبحاره في لغة القرآن، فوجد نفسه أسير رغبة دائمة في تطوير مهاراته اللغوية.
هنا حزم يوسف أمره وقرر تحويل مساره الجامعي إلى دراسة اللغة العربية، الأمر الذي أثار حفيظة الأهل والأصدقاء الذين صعب عليهم هذه التحول الجذري، كيف لا وقد بدأ الحلم يتبلور في أذهانهم وخصوصاً والده الذي يعد الأيام، فلم يتبق سوى عامين ويلقبونه رسمياً بـ«الباش مهندس أيوب».
إعلامي ناجح
أيوب الذي رأى في تلبية نداء قلبه وعقله عين الصواب، التحق بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، وتحديداً في قسم اللغة العربية، وكان يتطلع أن يصبح إعلامياً ناجحاً يذيع الأخبار في التلفاز، فمن وجهة نظره أن الإعلامي الناجح هو من يتسلح باللغة باعتبارها مهارة أساسية لفتح الآفاق نحو قلوب المستمعين والمشاهدين وحتى القراء.
كان الإعلامي أيوب يوسف يلتهم الكتب التهاما، سعيا منه واجتهادا لبناء ذاته بناء قوياً متوازناً ومتكاملاً خلال المرحلة الجامعية بكل إرادة وعزيمة، فدراسته لما يحبه ويهواه، دفعته نحو الإبداع والتميز والعمل بجد ونشاط.
شخصيات ومسرحيات
ويذكر أيوب العديد من الشخصيات التي أثرت في حياته المستقبلية، مثل أستاذ النحو مصطفى عدنان، والدكتور محمد علي النوري أستاذ النحو أيضا، مشيراً إلى أن دراسته انعكست كثيرا على عمله ومستقبله، لأن الإعلام قائم في الأساس على مهارة اللغة وإتقانها، فقد كان يقوم بتأليف وإخراج عدد من المسرحيات في الجامعة مثل مسرحيتي «نغزة» و«سلام يا المعرس».
لغة حياة
هذا النجاح قاد أيوب للفوز لاحقاً بجائزة الشيخ محمد للغة العربية العام المنصرم، حصد فيها المركز الأول على مستوى العالم، مؤكدا أن اللغة العربية هي لغة حياة وعلم وفكر، فضلا عن كونها المكون الأساسي للهوية الوطنية.
خلال دراسته الجامعة حظي أيوب يوسف بالعديد من الصداقات الجامعية؛ بعضها استمر والبعض الآخر أخذته عجلة الحياة وانشغالاتها، إلا أنه لا ينكر أنها كانت في مجملها صحبة صالحة، فمن خلالها تعلم الكثير ونمت شخصيته نحو طموح بعيد.
أنشطة جامعية
وكان يوسف يحرص على المشاركة في إعداد وتنفيذ الأنشطة التي تعقدها الجامعة للطلاب، لتزويد نفسه بالمهارات والخبرات والمعارف التي تساعده على النجاح في حياته المستقبلية، وعلى النجاح في وظيفته وخدمة وطنه ونهضته المتواصلة.
وحرص كذلك على الاستفادة من الدورات والورش وحضور المحاضرات والندوات العامة التي تعقدها الكلية. وقال إن أمتنا تعيش فترة حرجة في ظل انتكاسة حضارية وجمود وعجز، لاسيما في ظل قوة التقدم التكنولوجي، ووسائل الاتصال والفضائيات والإنترنت.
واختتم: أصبح صعباً في ظل هذا التدفق الإعلامي والمعلوماتي، أن نعزل أنفسنا عن غيرنا في هذا العالم الذي أضحى قرية صغيرة، لذا باتت الحاجة ملحة لبناء الذات والتسلح بالهوية، لنصبح قادرين على منع وصول أنماط الحياة الغربية إلى بلادنا دون بناء الذات.