وقعت وكالة الإمارات للفضاء أمس، مذكرة تفاهم مع منظمة استكشاف الفضاء اليابانية تهدف إلى تعزيز أواصر التعاون في مجال الاستكشاف، بالإضافة إلى التطوير العلمي للكوادر البشرية المتخصصة في مجال تكنولوجيا الفضاء..

كما وقع مركز محمد بن راشد للفضاء عقداً مع شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة المحدودة لإطلاق مسبار الأمل إلى الفضاء الخارجي، معلناً أن موعد إطلاقه سيكون في الفترة بين شهري مايو وأغسطس 2020. وحضر التوقيع كانجي فوجيكي سفير اليابان بالإمارات..

والدكتور خليفة الرميثي، رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، وحمد المنصوري، رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء، والدكتور المهندس محمد الأحبابي مدير عام وكالة الإمارات للفضاء، ويوسف الشيباني مدير عام «مركز محمد بن راشد للفضاء»..

وشيخة المسكري، الرئيس التنفيذي للابتكار في وكالة الإمارات للفضاء، وخالد الهاشمي، مدير إدارة المهام الفضائية في الوكالة، والمهندس سالم حميد المري، مساعد المدير العام للشؤون العلمية والتقنية في مركز محمد بن راشد للفضاء، وعدد من المسؤولين بقطاع الفضاء في الدولة، وممثلون عن لجنة سياسات الفضاء اليابانية، وكلية علوم الفضاء والطيران في جامعة طوكيو والسفارة اليابانية لدى الدولة وغيرها.

تطوير شراكات

وأوضح الدكتور خليفة الرميثي أن مذكرة التفاهم الموقعة تغطي مختلف نواحي التعاون في استكشاف الفضاء واستخدام الفضاء الخارجي في المجالات السلمية، وتطوير الأقمار الصناعية العلمية والاختبارية، والاستشعار عن بعد والاتصالات، فضلاً عن التعاون في تبادل المعلومات والأبحاث والدراسات والبيانات العلمية..

وعقد المحاضرات والمؤتمرات البحثية المشتركة، كما أنها تصب في إطار المستهدفات الاستراتيجية لوكالة الإمارات في بناء وتطوير شراكات ذات منفعة مشتركة مع مختلف المؤسسات والجهات العالمية ذات الخبرات المتخصصة والعريقة في قطاع الفضاء بشكل عام، ومجال استكشاف الفضاء وتطوير رأس المال البشري بشكل خاص..

لافتاً إلى أن اليابان تتمتع بتاريخ حافل بالإنجازات في مختلف القطاعات والصناعات، من بينها قطاع الفضاء، خاصة أن الإمارات تطمح إلى الاستفادة من هذه التجربة بما يعود بالفائدة على قطاع الفضاء المحلي، والمساهمة في تنوع الاقتصاد الوطني.

ترسيخ مكانة

وأضاف الدكتور الأحبابي أنه منذ إعلان الإمارات دخولها سباق استكشاف الفضاء وإطلاق مشروع «مسبار الأمل» لاستكشاف كوكب المريخ، سعت الوكالة إلى تطوير علاقاتها مع مختلف المؤسسات ذات الصلة بقطاع الفضاء، لضمان رفد المشروع بالخبرات الضرورية لنجاحه، لافتاً إلى أنهم تواصلوا مع نظرائهم اليابانيين بهدف بحث فرص التعاون المشترك على مختلف الأصعدة..

وعلى رأسها تطوير القدرات والمؤهلات العلمية المحلية، وهو ما توجته هذه الاتفاقيات، مشيراً إلى أن مشروع «مسبار الأمل» سيُسهم في ترسيخ مكانة الدولة ضمن مصاف الدول المتقدمة التي تتمتع ببرامج فضائية طموحة، وأن تبادل الخبرات والتجارب والأبحاث العلمية مع الجانب الياباني في هذا الإطار، سيكون له مردود إيجابي على البرنامج.

مشروع طموح

وذكر حمد المنصوري أن توقيع مركز محمد بن راشد للفضاء عقداً مع شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة المحدودة لإطلاق مسبار الأمل المخصص لاستكشاف كوكب المريخ على متن الصاروخ H-IIA - (اتش 2 إى) في العام 2020، يعد خطوة كبيرة ومهمة للمشروع الفضائي الإماراتي..

مشيراً إلى أن المرحلة التي وصل إليها هذا المشروع العربي الطموح يعكس جهود فريق العمل المشترك المؤلف من وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء، الذين يتعاونون على مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ.

وأشاد المنصوري بخبرة اليابان في استكشاف الفضاء الخارجي، لافتاً إلى «العلاقات الوطيدة التي تربط الدولة واليابان في مجال صناعة الفضاء..

وأن هناك تعاوناً واتفاقيات سابقة في مجالات مختلفة مرتبطة بمشاريع فضائية أخرى، ومن بينها التعاون مع وكالة استكشاف الفضاء اليابانية في مشروع «دبي سات-2»، بالإضافة إلى تكليف شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة المحدودة في إطلاق القمر الصناعي الثالث من منظومة الأقمار الصناعية التابعة للمركز «خليفة سات»، أول قمر صناعي عربي يتم تصنيعه في الإمارات بكفاءات وخبرات إماراتية.

دراسة معمقة

وأعرب عن ثقته باختيار شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة المحدودة لإطلاق مسبار الأمل، وأن اختيارها جاء نتيجة دراسة معمّقة ومفصلة بما يتناسب مع تصاميم المسبار ومواصفات الصاروخ، بالإضافة إلى خبرة الشركة في هذا المجال، مؤكداً أن اختيار شركة الإطلاق والصاروخ، قرار مصيري وحساس في المشاريع الفضائية..

خصوصاً لمشروع يحظى بأهمية كبرى مثل «مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ»، إذ يعد إحدى المحطات الرئيسية في استراتيجية حكومة الإمارات في قطاع الفضاء، خاصة أنها تؤسس لصناعة جديدة لها دور متنام وتصاعدي في اقتصادات الدول.

موعد الإطلاق

من ناحيته قال محمد ولي نائب مدير مشروع «مسبار الأمل» بمركز محمد بن راشد للفضاء، إن فرصة إطلاق أي مركبات إلى المريخ لا تتاح سوى مرة واحدة كل عامين وذلك بناء على أنها الفترة التي يكون فيها المريخ في أقرب مسافة إلى الأرض، وبناء على الدراسات التي قام بها فريق العمل للمسبار لتحديد موعد إطلاق المسبار في عام 2020..

فإن الوقت المناسب للإطلاق سيكون الفترة من شهر مايو وحتى شهر أغسطس، لافتاً إلى أن شهر يوليو تحديداً هي الفترة الأكثر مناسبة للإطلاق، وأن الصاروخ يمنحهم 30 يوماً للإطلاق، وأن ذلك يتأثر بأداء الصاروخ ووزن المسبار.

وأشار إلى أن الفترة التي سيستغرقها وصول المسبار إلى المدار المناسب والمحدد سلفاً، تبلغ 54 دقيقة، ويصل إليها الصاروخ باستخدام الوقود الموجود به، ثم سيعتمد المسبار بعد ذلك على وقوده للوصول إلى المريح ويستغرق ذلك 7 أشهر، والمسافة التي يقطعها 600 مليون كيلومتر وسيتم الإطلاق من المنصة الخاصة بشركة ميتسوبيشي في جزيرة تاكاشيما اليابانية وأنه تم تحديد مكان الإطلاق ليصل المسبار إلى المريخ بأقل جهد ممكن.

تعزيز العلاقات

وأكد ناوكي اكومورا رئيس وكالة الفضاء اليابانية، عمق العلاقات مع الإمارات، والذي يعود إلى العام 2009، حين جرى تزويد القمر الصناعي «دبي سات2» بنظام دفع كهربائي طور بالشراكة مع المنظمة، مشيراً إلى أن مذكرات التفاهم تهدف إلى تعزيز العلاقات مع وكالة الإمارات للفضاء في النشاطات الفضائية، وذلك من خلال استغلال التجارب والتكنولوجيا اليابانية التي طورتها على مدى السنوات الماضية.

تعاون وثيق

أوضح كانجي فوجيكي السفير الياباني في الدولة، أن الإمارات واليابان تدركان أن تطوير القدرات واستغلالها في مجال الفضاء هو بمثابة عامل محفز للروح العلمية وتشجيع الأجيال المقبلة، ولتطوير صناعات مستقبلية مبتكرة، وتعزيز القدرات الأمنية الوطنية، مضيفاً أن بلاده تتمتع بتاريخ حافل في علوم وتكنولوجيا الفضاء، والذي يفيض بالخبرات المتراكمة الإيجابية والسلبية..

وأن مشاركتها مع الإمارات سيعود بالمنفعة المشتركة على البلدين، معرباً عن ثقته بأن مذكرات التفاهم التي وُقعت ستكون بمثابة حجر الأساس لمزيد من التعاون المكثف في مجال الفضاء، والتي من المؤكد أنها ستعود بفوائد جمّة على برامجنا الفضائية الطموحة.

شراكة في الجانب التقني والتدريب للاستفادة من الخبرة اليابانية

قال الدكتور خليفة الرميثي رئيس مجلس وكالة الإمارات للفضاء، إن الوكالة مكلفة بإعداد مشروع قانون الفضاء واستراتيجية الدولة في الفضاء والإجراءات العلمية لتطبيقها، مشيراً إلى أن الوكالة انتهت من مسودة مشروع قانون الفضاء وسيتم رفعها للجهات التشريعية بالدولة للاطلاع عليها..

ومن ثم رفعها إلى مجلس الوزراء للتصديق وأخذ طريقها إلى باقي القنوات التشريعية لإصدارها، كما أنه تم إعداد المسودة الأولى لاستراتيجية الفضاء، وهي قيد المناقشة حالياً مع الجهات المعنية.

تعاون شامل

وأضاف أن الإمارات تتجه حالياً نحو كثير من الدول وخاصة المتطورة في قطاع الفضاء، حيث وقعت الوكالة مذكرات تفاهم واتفاقيات مع دول عديدة، لافتاً إلى أن ما يميز الاتفاقية مع منظمة استكشاف الفضاء اليابانية هو تقارب البلدين من خلال العلاقات الدبلوماسية والتجارية القديمة والتي تربطهما، بالإضافة إلى تميز اليابان في مجال صناعات الفضاء المتطورة وتكنولوجيا إطلاق الصواريخ والأقمار الصناعية.

وأشار الرميثي إلى أن الاتفاقية تعد إطارية وسيتبعها اتفاقية أخرى، كتلك التي وقعها مركز محمد بن راشد للفضاء مع شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة المحدودة، مشيراً إلى أن الاتفاقيات تتضمن التعاون التقني وإعداد النشء في المجال الأكاديمي لعلوم وتقنيات الفضاء وفي مجال الأبحاث والتدريب وإقامة الندوات والمؤتمرات..

موضحاً أن اليابان لم تكن بعيدة يوماً عن نشاطات وعمل الوكالة، حيث ميزت التكنولوجيا اليابانية المشروع منذ البداية، فضلاً عن تدريب الكوادر المتخصصة، غير أن الاتفاقية تشمل استخدام التكنولوجيا اليابانية بشكل أوسع في مجال الفضاء.

أيدٍ إماراتية

ومن جانبه قال المهندس سالم حميد المري، مساعد المدير العام للشؤون العلمية والتقنية في مركز محمد بن راشد للفضاء، إن المركز كان له الشرف في تصنيع وبناء القمر الصناعي خليفة سات كأول قمر عربي وإسلامي يبنى على أرض الإمارات وبأيد إماراتية خالصة، لافتاً أنه سيتم إطلاقه قريباً ..

وفي الاتجاه ذاته سيتم تصنيع مسبار الأمل اعتماداً على الكوادر الوطنية، خاصة أن هناك شراكات متميزة مع دول مختلفة لتأهيل الكوادر الإماراتية. وأضاف أن وكالة الإمارات للفضاء لها دور كبير في إعداد الكوادر الوطنية، خاصة أنه في العام الأخير وقعت أكثر من 10 اتفاقيات، تضمنت بنوداً تعنى ببناء الكوادر الإماراتية، من خلال ابتعاثها للدول المتقدمة في مجال الفضاء للاستفادة بخبراتها..

فضلاً عن استقبال الخبراء العالميين المتميزين في الدولة لتدريب الكوادر الشابة الإماراتية، مشيراً إلى أن المركز ركز في السابق على استقطاب الخبرات الكورية الجنوبية، وأن المرحلة المقبلة ستشهد تعاوناً كبيراً مع اليابان بالإضافة إلى دول أوروبية.

مختبرات التصنيع

وذكر المري أن المركز ومن خلال مشروع مسبار الأمل يؤهل بشكل متميز مهندسي الفضاء الإماراتيين، وأنه خلال المرحلة المقبلة سيكون عليهم واجب وطني عبر تأهيل علماء الإمارات في مجال الفضاء، والذي سيتم بالتعاون مع مجلس علماء الإمارات..

معرباً عن أمله في إعداد جيل من علماء الفضاء بالدولة وتأهيل كوادر وطنية لارتياد الفضاء والسعي لأن يكون هناك رواد فضاء إماراتيون في المستقبل، وأضاف أن مشاريع الغرف والمختبرات النظيفة بالمركز ليست متصلة بتصنيع مسبار الأمل فقط وأنه بعد الانتهاء من تجهيزاتها، ستكون الأولى من نوعها على مستوى الدولة والمنطقة.

وسيتم فيها تصنيع وتجميع القمر الصناعي خليفة سات ومسبار الأمل، مشيراً إلى أن المركز سيعلن عن الانتهاء من مشاريع الغرف قريباً خاصة أنه تم حالياً الانتهاء من التصميم المبدئي للمسبار، وسيتم الإعلان عن بدء مرحلة التصنيع في المستقبل القريب.

بعثات تأهيل

أكد المهندس سالم حميد المري، مساعد المدير العام للشؤون العلمية والتقنية في مركز محمد بن راشد للفضاء، أن المركز لديه برنامج بعثات انطلق لتأهيل المواهب المواطنة من الثانوية العامة للدخول في تخصصات الفضاء، وبرنامج لبناء أقمار صناعية صغيرة «نانو» للتعليم وإطلاقها في الفضاء لتدريب الطلبة من خلال محطات أرضية موجودة بالمركز..

لافتاً إلى وجود محطة في الجامعة الأميركية بالشارقة وهذا البرنامج هو تعليمي تثقيفي وإلهامي، لتنمية قدرات أبناء الوطن في مجال الفضاء، موضحاً أن المركز لديه مسابقات للاستشعار عن بعد، لإجراء بحوث على الصور الملتقطة من الفضاء، كما أنه رصدت للفائزين في هذا الإطار جوائز قيمة.

عمران شرف: الشركة اليابانية الأفضل

أوضح عمران شرف مدير مشروع «مسبار الأمل» لشؤون الإطلاق، أن اختيار شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة لإطلاق المسبار، جاء بعد دراسة لعدد من الشركات بالدول المعروفة في هذا المجال، وتضمنت الدراسة الجدول الزمني والتكلفة ومواصفات وأداء صاروخ الإطلاق، فضلاً عن الخبرات السابقة، وأن الشركة اليابانية تعد الأفضل، بناء على المعايير التي حددها المركز..

كما أن الاختيار جاء انطلاقاً من خبرات الشركة في مجال إطلاق الأقمار الصناعية، التي وصلت نسب نجاحها إلى 97%، حيث نجحت في إطلاق آخر 24 قمراً، وأن المركز بدأ حالياً مرحلة التصميم الأولى للمسبار.

حمد المنصوري: بصمة عالمية للإمارات 2020

أكد حمد المنصوري رئيس مجلس إدارة مركز محمد بن راشد للفضاء، الثقة بأن الإمارات سيكون لها بصمتها على مستوى العالم في تقنيات الفضاء بحلول العام 2020، وأن الرؤية السديدة والثاقبة للقيادة الرشيدة، بهدف بناء جيل جديد من العلماء والخبراء والمهندسين وإيجاد بنية تحتية عالية المستوى، سيمكنها من أن تكون من بين الدول القليلة في العالم التي تمتلك صناعة فضاء متطورة تخدم حياة الإنسان وتثري المعرفة البشرية جمعاء، مقدماً شكره لوكالة الإمارات للفضاء ..

ودعم مجلس إدارتها الكبير في تنفيذ «مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ»، ومشيراً في الوقت نفسه إلى دورها الإشرافي على المشروع ومتابعتها الحثيثة لمجريات العمل، وجهودها في نسج شراكات بناءة تسهم في تطور صناعة وأبحاث الفضاء في الدولة.

100 مهندس مواطن يصنعون المسبار

كشف سالم المري مساعد المدير العام للشؤون العلمية والتقنية في مركز محمد بن راشد للفضاء، أن تصنيع مسبار الأمل يعتمد على الكوادر الوطنية العاملة بالمركز بالكامل، حيث يبلغ عدد الموظفين 150 موظفاً معظمهم وبنسبة 95 % من خريجي الجامعات والكليات المحلية الحكومية والخاصة بالدولة، كما أن 80 % من إجمالي موظفي المركز مهندسو فضاء، أي أكثر من 100 مهندس، بعضهم من حاملي البكالوريوس والماجستير والدكتوراه..

لافتاً إلى أن نسبة النساء منهم تتراوح بين 30% إلى 40%، لافتاً إلى تقدير القيادة الرشيدة لدور المرأة، من خلال تمكينها في جميع المجالات، مشيراً إلى أنه من دون المرأة لن نذهب إلى المريخ، خاصة أن مهندسي الفضاء المواطنين العاملين في المركز يقومون بدورهم المناط لهم بتأهيل الجيل القادم على الوجه الأمثل.