على الرغم من أن والدته تلقت تعليماً بسيطاً ككل بنات جيلها في ذلك الوقت، المتمثل في حفظ القرآن وإكمال المرحلة الابتدائية فقط، إلا أنها كانت تحب الكتاب جداً، وتضع له مكانة خاصة، ما عزز شعوره بأهمية الكتاب وشغفه بالقراءة والمطالعة.. إنه عبدالعزيز المسلّم رئيس معهد الشارقة للتراث.

بداياته مع عالم القراءة لها حكاية غريبة وطريفة في الوقت ذاته، بدأت عندما كان في الثالثة عشرة من عمره، حين رمى جيران أغراب كانوا يسكنون حارتهم، بقايا متعلقاتهم على قارعة الطريق، وصادف أن كان من بينها كتب ومجلات.

هرع الصبية لجمع الألعاب وما يمكن أن يستهويهم من بقايا ذلك البيت، إلا أن عبد العزيز المسلّم لم يلفت انتباهه ويشده سوى كتابين ومجلة، التقطهم وبدأ على الفور تصفح ما فيهم، ومن يومها بدأت معه رحلة المطالعة، وحب الكتب، والكتابة.

أرواح وأشباح

عبد العزيز المسلّم يكمل الحكاية لـ«البيان»، ويقول: «لا يمكنني نسيان تلك الحادثة أو عنواني الكتابين اللذين التقطتهما، فالأول كان عنوانه (العاشق الفاشل) والآخر (مذكرات حمار)، وكان الأول بلا غلاف، لكنني وجدت فيهما اغراء غريباً لازلت اشعر به لكأنه حدث للتو، اضافة لعدد من مجلة العربي الشهيرة لازلت احتفظ بها في مكتبتي على الرغم من أنني دائماً ما أتخلص من الكتب التي قرأتها ولا ابقي في مكتبتي إلا الكتب التي احتاجها بالفعل».

وأضاف «اذكر أن احد أصدقائي التقط من بين أكوام الأشياء الملقاة كتاباً بعنوان (أرواح وأشباح) للكاتب انيس منصور ربما اغراه فيه العنوان وشده حب معرفة حقيقة الأرواح، ولا انكر ان قراءة ذلك الكتاب اصابتني بالخوف في ذلك الوقت».

حضارة الصحراء

وقال المسلّم «برأيي إن كل إنسان عاش وتربى في الصحراء لا بد وأن يشعر بقداسة وأهمية الكتاب، كون الصحراء عبارة عن رمال لا يمكن لها أن تدوّن حضارة وتحتفظ بها كالحضارات التي تم تدوينها على الصخور والجبال في مختلف الحضارات حول العالم».

ويروي أيضاً الدور الذي لعبته مجلة ماجد في تكوين شخصيته المطلعة وتأسيس حب الكتابة لديه لا المطالعة فقط، فكان ينتظرها أسبوعياً ويراها مغرية للنظر لما فيها من ألوان ورسومات وقصص خفيفة وذات عبرة، وكان يراسل المجلة ببعض من كتاباته ومشاركاته، وكان كلما نُشر له شيء هرع إلى أصدقائه فخوراً ليريهم اسمه في المجلة.

أول كتاب

في بداية الثمانينيات سافر المسلم مع وزارة التربية والتعليم ضمن مهرجان الشباب العربي السادس إلى الرياض، ودخل هناك إلى احدى المكتبات العامرة، وكان قد بدأ بالفعل في كتابة بعض المحاولات الشعرية، لذا فقد اختار وقتها ديواناً شعرياً للشاعر ابن لعبون الذي يعد احد اهم شعراء المنطقة، ثم ذهب لأحد الخطاطين ليخط له اسمه وتاريخ شراء الكتاب على الصفحة الأولى منه، ليبقى ذكرى لديه كأول كتاب رسمي له يشتريه بماله، وفي المجال الذي يهواه.

مكتبة دسمة

يملك المسلّم مكتبة تحوي ما يزيد على 3000 كتاب منوع، بين الشعر، والأدب، والتراث، والتاريخ، والتراث الثقافي العربي لأجل البحوث التي يقوم بها في الثقافة الشفهية والتاريخ، واكثر الكتب القريبة إلى قلبه والتي لا يمل قراءتها ويعود إليها بين حين واخر: كليلة ودمنة لابن المقفع، وصيد الخاطر لابن الجوزي، والشعر العربي القديم بأنواعه.

وتمكن عبد العزيز المسلّم من تأليف 25 كتاباً، منهم 5 كتب في الحكايات الشعبية، وكتابان لدراسات في التراث الثقافي، وكتاب رحلات بعنوان (مدائن الريح)، و3 كتب لمجموعة مقالات، و3 دواوين شعر، وكتاب في الأزياء والزينة (عن الزينة والأزياء في التراث الإماراتي)، وكتاب عن الشعر الشعبي بعنوان (سفر الليالي)، وآخر في الميثولوجيا بعنوان (خراريف)، و(المعنى) من الذاكرة الشعبية، و(حكايات خرافية)، وتمت ترجمة أعماله للإنجليزية والإسبانية.