اللُّغَةُ وَالقَانُون مَنُوط ومَنَاط

ت + ت - الحجم الطبيعي

يكثرُ استخدام كلمتي «منوط» و«مناط» في لغة القانون، ولا سيما في التشريعات، للدلالة على تعلُّق أمرٍ ما بشخص اعتباري، أو طبيعي.

وعلى الرغم من صحة المفردتين، إلا أنه قد يقع خلط في معنى كل منهما، ولأن تركيب العبارة في النص هو الذي يحدِّد المعنى المُراد، فإن استخدام المفردة المناسبة يحدِّده السياقُ، والقصد.

وللتوضيح نقول: إنه من الخطأ استخدام كلمة مَناط للدلالة على التعلُّق، مثل ما يأتي في بعض التشريعات: «إن الجهة المناط بها تنفيذ الخطة السنوية، هي إدارة التدريب»، والحقيقة أن كلمة المناط هنا لا تعطي المعنى المقصود، فالمناط: (المنزلة أو المكانة)، بينما المنوط هي المفردة الصحيحة في هذا المقام حيث تؤدي المعنى المراد وهو: (التعلُّق) ومن ثم وجب علينا أن نقول: «إن الجهة المنوط بها تنفيذ الخطة السنوية، هي إدارة التدريب».

وليس أدل على أن المراد بالمَناط هو المكانة أو المنزلة قولهم في المثل المشهور: «هو مني مَناط الثريا» أي أنه بعيد جداً ومنزلته ومكانته كمنزلة الثريا، وقد جاء في لسان العرب: ناطَ الشيءَ يَنُوطُه نَوْطاً: عَلَّقه، والنَّوْطُ: ما عُلِّق، سمي بالمصدر، وانتاط به تعَلَّق، وكلُّ ما عُلِّقَ من شيء، فهو نَوْط، وهذا مَنُوطٌ به: مُعَلَّقٌ.

وقال محمد العدناني في معجم الأخطاء الشائعة «يقولون: هذا الأمر مُناطٌ بفلان. والصواب: هذا الأمر منُوط بفلان، أي معلَّق به، أو: له صلة به؛ لأن الفعل هو: ناطه به، أي: وصله، وليس أناطه به». وللمناط معنى آخر في لغة الفقه، فهو العلة، أو المحل الذي يتنزل عليه الحكم، أو العلة المؤثرة في الحكم.

ولكي تكتمل الصورة أمامنا نتأمل هذه العبارة: «عزَّام يا ولدي إنك مَناط آمالنا، لا تخيب ظني بك، فآمالنا كلها منوطةٌ بك»، نلحظ الفرق في استخدام الكلمتين، وفقاً للمعنى المقصود الذي سيكون: «عزَّام يا ولدي إنك محط آمالنا، لا تخيب ظني بك، فآمالنا كلها معلقةٌ بك».

رئيس قسم البحوث والإصدارات في اللجنة العليا للتشريعات

Email