يدفع الارتفاع بدرجات الحرارة إلى الاستعانة بالمسابح لمواجهة سخونة الجو، صغاراً كانوا أو كباراً يقصدون مسابح مختلفة في صالات مغطاة داخل بنايات سكنية أو خارجية مكشوفة، ظناً منهم أنها آمنة صحياً، إلا أن أطباء الأمراض الجلدية أكدوا وجود مسابح تفتقر إلى النظافة، وتعرّض الأطفال إلى أمراض العيون والربو، كما تثير الحساسية في الشعب الهوائية للرئة.

وطالبوا الأمهات بمنع أطفالهن المصابين بأمراض فيروسية من السباحة حتى لا ينقلون العدوى إلى غيرهم.

وتفصيلاً، أكد الدكتور أنور الحمادي استشاري ورئيس شعبة الأمراض الجلدية في جمعية الإمارات الطبية أن المسابح سواء مغلقة كانت أو مكشوفة تحتاج إلى صيانة دورية، تشمل الأرضيات وخزانات المياه وعملية تصريف المياه، ومن ثم تنظيفها جيداً قبل إعادة ملئها لضمان خلوها من الفيروسات.

تعقيم

وقال إن الكلور ضروري لعملية التعقيم ولكن هناك نسب عالمية متعارف عليها لإعطاء الحماية شريطة ألا تزيد تلك النسب عن الحدود المتعارف عليها، مشيراً إلى أن الإنسان حين يسبح تخرج منه إفرازات العرق، كما تتحلل عن طبقات جلدة كمية من الأنسجة الجلدية الخارجية الميتة، هذا إضافة إلى العبث الذي يُمارسه الأطفال الصغار، والبالغون، من خلال التبول أو البصق داخل مياه المسابح، بما ينشأ عنه تواجد مواد عضوية داخلها، وهذه المواد العضوية تتفاعل مع الكلور، المُضاف بالأساس لتعقيم المياه من الميكروبات، ما ينتج عنه تكون مواد كيميائية جديدة ومثيرة لعمليات الحساسية، تتصاعد مع أبخرة الماء في الهواء ليستنشقها السابحون أو الحاضرون داخل تلك المسابح المغلقة، أو تبقى ذائبة في المياه لتتفاعل مباشرة مع أنسجة الجسم الملامسة للمياه، وتتسبب في تهيج عمليات الحساسية في العينين والجلد وأجزاء الجهاز التنفسي العلوي.

معايير

وشدد على أن الاهتمام بمسابح الأطفال المغلقة يجب أن يكون بصورة يومية ومستمرة ولا بد من وضع شروط ومعايير وقوانين صارمة، وتوفير جميع وسائل السلامة اللازمة مثل مشرفين ومسعفين متخصصين وعدد كاف من أطواق النجاة، والاهتمام بالأرضية الخارجية للمسبح بأن تكون مانعة للانزلاق، مؤكداً أن الإهمال في نظافة المسابح يجعلها بيئة خصبة للأمراض وتجمع الحشرات وانتقال الأمراض الفيروسية والفطرية من الأصحاء للمصابين خصوصاً في فترة الصيف، نظراً لزيادة عدد مرتاديها.

دور الأمهات

وأوضح أنه يجب على الأمهات منع الأطفال المصابين بالأمراض الفيروسية من السباحة مؤقتاً، لمنع انتشار الفيروسات للأطفال الآخرين.

ودعا الدكتور إبراهيم كلداري استشاري وأستاذ الأمراض الجلدية في جامعة الإمارات إلى ضرورة التأكد من أن نسبة الكلور المستخدمة لتعقيم مياه المسابح تظل طوال الوقت ضمن المقدار الفعال المنصوح به طبياً، إذ إن هناك عوامل عدة تُقلل من المحافظة على النسبة اللازمة من الكلور لتعقيم الماء، مثل ضوء الشمس والأوساخ والأجزاء المتحللة من أنسجة جلد السابحين داخل الماء أثناء السباحة، الأمر الذي يستدعي ملاحظة النسبة باستمرار لضبطها كي تحافظ على تعقيم الماء من الميكروبات.

فاعلية

وقال إن هناك عاملاً آخر مهماً في فاعلية الكلور حتى لو كانت نسبته ضمن المنصوح به، وهو مقدار درجة حمضية ماء المسبح، وهو أمر يُهتم به لسببين، الأول أن قوة قضاء الكلور على الميكروبات تختلف باختلاف درجة الحمضية، وكلما ارتفع مؤشر الحمضية، أي أصبح الماء أكثر قلوية، ضعفت قوة الكلور في قتل الميكروبات، والثاني أن درجة حمضية أجسام السباحين تتراوح ما بين 7.2 و7.8، ولو لم تكن درجة حمضية ماء المسبح ضمن هذا المستوى، سواء ارتفعت أو انخفضت عنه، أدى ذلك إلى بدء شكوى السابح من تهيج في العين والجلد والأنف، وبالتالي لا بد من ضبط نسبة الكلور، ودرجة حموضة الماء.

وأضاف أن الإشكالية المباشرة وتداعياتها ليست هي استخدام الكلور في تعقيم مياه المسابح، بل هي في تلك المواد الناتجة عن تفاعلات الكلور، أثناء وجوده في تلك المياه. وقال إن على الوالدين عموماً الاهتمام بمنع تمادي الأطفال في السباحة والتواجد في مياهها لمدة تزيد على عشرين دقيقة إذا ما شكوا بأن نسبة الكلور عالية، كما يجب منع الأطفال من شرب مياه المسابح مطلقاً.

دراسة

وكانت دراسة بلجيكية صدرت في الأسبوع الأول من شهر يوليو الماضي، ونشرت في مجلة الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال، قد أشارت إلى أن الأطفال الذين يتلقون دروس تعليم السباحة، التي تتم في مسابح داخلية مغلقة، إنما هم عُرضة لتأثيرات رئوية سلبية تبدو على هيئة ارتفاع نسبة الإصابات بالربو والإصابة بالتهابات الشعب الهوائية في ما بينهم لاحقاً. ولاحظت الدراسة ارتفاع نسبة الإصابات بالربو بين الأطفال، بسبب المواد المُضافة إلى الماء من أجل تعقيمه وضمان سلامته من الميكروبات.

وعرضت نتائج دراسة الباحثين البلجيكيين حول مدى تأثر رئة الأطفال، وظهور الإصابات بالربو لاحقاً، جراء تعلم السباحة وممارستها في مسابح داخلية مغلقة، وشملت الدراسة نحو 250 من طلاب المدارس، ممن أعمارهم تتراوح بين 10 و13 سنة، وممن يتابعون الحضور إلى دروس تعلم السباحة في مسابح مغلقة بمعدل ساعة وخمسين دقيقة أسبوعياً، وتبين أن 50%ممن يمارسون السباحة في المسابح المغلقة وفي مراحل مبكرة من العمر كانوا يُعانون من نوبات صفير الصدر، وأنهم عُرضة بنسبة أربعة أضعاف للإصابة بالربو أو التهابات الشعب الهوائية، وأيضاً عُرضة بنسبة الضعف للمعاناة من ضيق التنفس عند الهرولة أو الجري، بالمقارنة مع الأطفال الذين لم يتلقوا تلك الدروس في السباحة بمسابح مغلقة داخلية في تلك المرحلة من العمر.

 

رقابة محكمة وإجراءات تفتيش مكثفة في الشارقة

أكدت الشيخة شذى علي عبد الله المعلا مديرة إدارة الصحة العامة في بلدية الشارقة، التفتيش بشكل دوري على المسابح في المنشآت الفندقيـة، بهدف التأكد من مدى التزامها بكل الاشتراطات الصحية المطلوبـة، كما يتم إخضاع مياه تلك الأحواض للفحوصات والتحاليل المخبرية في قسم مختبر البيئـة ببلدية مدينة الشارقة بشكل نصف سنوي، للتأكد من سلامتها.

شروط صحية

وأوضحت أن الشروط الصحية الخاصة بأحواض السباحة هي ملزمة وليست اختيارية، وأبرزها الاهتمام بالنظافة والصيانة الدورية للأحواض ومرافقها، والتأكد من عدم وجود آثار لنمو فطريات وطحالب في الأحواض، ومطابقة قراءة نسبة فائض الكلور للنسب القياسية المعتمدة، وتوفر إضاءة مناسبة وآمنة في جدران الحوض، وتوفير لوحات إرشادية صحية، وأخرى متعلقة بالأمن والسلامة باللغتين العربية والإنجليزية، إضافة إلى توفر وسائل الإنقاذ الخاصة بالمسبح مع توفير فني، ومنقذ بشكل دائم مؤهل، وعلى دراية بالإسعافات الأولية، وإلزام المسابح العامة في الفنادق والنوادي الرياضية بتوفير جهاز لقياس نسبة الكلور، وآخر ذاتي لإضافته بالنسب القياسية المعتمدة، وأيضاً توفير لوحات تبين الأوقات المخصصة للرجال والنساء عند المدخل الرئيس.

وأكدت خضوع المسابح لرقابة مكثفة، حيث يتم فرض عقوبة على المنشآت المخالفة.