برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي للإمارة، افتتح سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، ملتقى ومعرض حماية الدولي الثالث عشر لبحث قضايا المخدرات تحت شعار «استشراف المستقبل في المواجهة العالمية للمخدرات والمؤثرات العقلية، التنبؤات - الاستعداد - الوقاية لعام 2030»، بحضور الفريق سيف عبد الله الشعفار وكيل وزارة الداخلية، ومعالي الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، رئيس مجلس مكافحة المخدرات في الدولة.
واللواء عبد الله خليفة المري، القائد العام لشرطة دبي، رئيس اللجنة العليا لبرنامج حماية الدولي، ومروان أحمد الصوالح، وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون الأكاديمية، ومساعدي القائد العام وعدد من الضباط ورؤساء الوفود وممثلي الحكومات وعدد من الخبراء والمتخصصين المعنيين في المجال، وذلك بهدف استشراف مستقبل قضايا المخدرات وسبل الوقاية منها ومكافحتها خلال الملتقى الذي تستمر فعالياته على مدار يومين في مركز دبي الدولي للمؤتمرات والمعارض.
خطوط الحماية
واستهل الجلسة الرئيسية للملتقى معالي الفريق ضاحي خلفان تميم بكلمة تناول فيها موضوع الحماية من تعاطي المخدرات، وأكد اعتماد مجلس مكافحة المخدرات لضباط سلامة في مدارس الدولة، وأوضح أن هناك فئة ومرحلة عمرية حرجة قد ينحرف فيها الشباب إلى طريق المخدرات، مؤكداً أن الدراسات أثبتت أن معظم حالات تعاطي المخدرات للفرد تبدأ في سن المراهقة، مشدداً على ضرورة وعي أولياء الأمور بجوانب حياة أبنائهم المختلفة ومتابعة شؤونهم والبقاء يقظين إزاء التهديدات التي قد تحيط بهم.
واستعرض معاليه خطوط الحماية من المخدرات والتي تبدأ من الحرس الحدودي ومن الجمارك في مختلف المنافذ من خلال دورهم البالغ الأثر في ضبط المخدرات قبل دخولها الفعلي للبلاد، يلي ذلك خط الشرطة التي تقع عليها مسؤولية الضبط في الداخل، كذلك خط الأسرة ودورها التربوي والتوعوي مع أطفالها إزاء مخاطر المخدرات والابتعاد عن رفقاء السوء.
بالإضافة إلى خط الحماية المتمثل في الأصدقاء باختيار الصاحب المناسب على أرض الواقع وفي ساحات مواقع التواصل الاجتماعي، كذلك خط الحماية المتمثل في المدرسة الآمنة المنظمة الخالية من المخدرات، وخط الحماية المتعلق بالعلاج والتأهيل عبر تكاتف كافة جهود الجهات المعنية في تأهيل المدمنين ودمجهم في المجتمع مرة أخرى، أيضاً خط الحماية المتمثل في العقوبات والتي تعد رادعاً حازماً لكل من يحاول أن يعبث في مستقبل أبناء المجتمع، وأخيراً الخط الاستباقي المتمثل في التوعية في كافة الأماكن والوسائل الإعلامية الحديثة والتقليدية.
وأكد جهود مجلس مكافحة المخدرات على الرغم من غياب الموازنة المالية وتوقف مكافآت المخبرين، مطالباً بتفعيل دور الجمارك بشكل أكبر مبدياً استعداد المجلس لتدريب المفتشين بهدف الحد من تهريب المخدرات عبر الأحشاء.
وأضاف أنه تم ضبط عدد من تجار ومروجي المخدرات واتضح أنهم يتعاملون مع أحد الأحزاب السياسية في إحدى الدول العربية التي أكدت مصادرها في إدارة مكافحة المخدرات أنهم يستهدفون منطقة الخليج العربي لتدمير شبابهم بهذه الآفة.
وشدد على ضرورة إيصال الرسائل التوعوية التي تبثها الشرطة والمجلس عبر وسائل الإعلام المحلية بالدولة من دون مقابل كون جهاز الشرطة ليس جهازاً ربحياً من ناحية ومن ناحية أخرى تفعيلاً لدوره الحقيقي في توعية الجمهور.
جهود دولية
وألقى العميد عيد محمد ثاني حارب، مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في شرطة دبي، كلمة رحب فيها بالحضور، مؤكداً في حديثه أن قضية المخدرات ما زالت تشكل تحدياً كبيراً لكافة الحكومات والمنظمات والهيئات الشعبية المعنية بمكافحتها قائلاً «إننا في دولة الإمارات العربية المتحدة قد وعينا مبكراً بخطورة آفة المخدرات وانتشارها بين أفراد المجتمع وفداحة الجرائم والخسائر المالية والبشرية التي تنجم عنها، فأثرنا الحسم على المستوى المحلي، والانفتاح عالمياً على مختلف الجهود الدولية والإقليمية التي تعنى في الحد من انتشارها.
وأكدنا في كثير من المناسبات سواء في هذا الملتقى أو غيره من الفعاليات ذات المجال التي نشارك بها على الاستعداد الكامل للتعاون في جميع البرامج والاستراتيجيات مع مختلف الجهات الحكومية وغير الحكومية لمحاصرة هذه الآفة، وذلك إيماناً منا بضرورة توفير حياة آمنة سعيدة لأبنائنا وللمجتمع الإنساني ككل.
وقال إن بناء المستقبل مسؤولية الآباء، وهي مسؤولية تقع عليهم تجاه أبنائهم، وإن ما حققناه اليوم من مستقبل زاهر مشرق إنما هو من صنع آبائنا، وفي مقدمتهم جميعاً، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي نحتفي بذكراه هذا العام بمناسبة مرور 100 عام على ميلاه، والذي رسم لنا مستقبلاً نفخر به اليوم لما حققناه من نتائج ومؤشرات مهمة في مجال مكافحة المخدرات».
وتابع «إن رسالة ملتقانا لأبنائنا وبناتنا الذين هم أمل الغد وغاية كل جهدنا وعملنا قائلين لهم إننا نسعى أن نكون على قدر المسؤولية التي كلفنا بها تجاهكم، وأن نبذل قصارى جهدنا في أن نكون لكم حصناً حامياً ودرعاً دافعاً وسيفاً صارماً على كل من يحاول أن يهدد مستقبلكم أو أن يعبث به، باذلين في ذلك أقصى جهودنا لنضمن لكم مستقبلاً مطمئناً بإذن الله تعالى.
مضيفاً: ورسالتنا الثانية في الملتقى نتوجه بها إلى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في اجتماعه 61 في فيينا، بأننا نجتمع هنا اليوم في ذات الوقت لنؤكد للجميع أن آفة المخدرات تتطلب جهودنا مشتركة وجماعية لمحاربتها، وهو ما نأمل أن نحققه في هذا اليوم».
تعزيز السلامة
من جهته قال الدكتور عبد السلام المدني، رئيس شركة اندكس القابضة: «عبر جهود تتميز بدرجة عالية من التركيز والتنسيق، تمكنت شرطة دبي من الحفاظ على سلامة مواطني دبي وتعزيزها على كافة المستويات واستطاعت أن تكون واحدة من أفضل المؤسسات الأمنية.
وفي الواقع فإن التعبير عن إعجابي بالإجراءات والتدابير الكبيرة التي اتخذتها شرطة دبي وتتخذها بهذا الصدد هو مصدر ثقة لي، فهذا أمر يعكس نموذجاً دولياً لمراقبة المخدرات تصيغه شرطة دبي من خلال أداء واجباتها ومهامها وصلاحياتها.
ونحن كمنظمين في شركة اندكس فخورون بأن نكون صلة الوصل التي تربط بين جميع الأفراد المعنيين والمؤسسات المعنية في المهمة النبيلة التي تنهض بها الأجهزة الأمنية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. كما أن شعار ملتقى حماية لهذا العام يرسم خارطة طريق لمستقبل أكثر أمناً وأماناً واستقراراً».
وأضاف الدكتور المدني قائلاً «إننا نثمن الثقة التي أولتها شرطة دبي لشركة اندكس للمؤتمرات والمعارض وتجربتها الغنية والمتنوعة في تنظيم مختلف أنواع المؤتمرات والمعارض. ويبيِّن هذا الحدث حجم التقدم في مجال مكافحة المخدرات فضلاً عن الاستراتيجيات الطموحة التي وضعت لمعالجة كافة إجراءات وعمليات الرقابة المتعلقة بالمخدرات في المستقبل.
وعبر رؤية مستقبلية، سيحقق ملتقى النهوض بمعايير سلامة المواطنين بهدف الوصول إلى مجتمعات خالية من المخدرات. ومما لا شك فيه إن هذه مسؤولية ضخمة تقع على عاتق أجهزة أمنية على درجة عالية من التماسك والتطور على أهبة الاستعداد من أجل راحة مجتمعاتها».
مشاركات نوعية
حضر الفعالية عدد من موظفي وكالات مكافحة المخدرات والأطباء والصيادلة والعاملين في مجال الرعاية الصحية والمسؤولين القضائيين ومسؤولي الجمارك والمجتمع المدني والمنظمات غير الربحية والمختصين في تدريب الكلاب من شركة كيه ناين (K-9) والوكالات الحكومية وسلطات الجمارك ومصنعي الأدوية الوقائية بالإضافة إلى جهات قانونية أخرى، وإلى جانب ذلك، حضر المؤتمر مجموعة من الأخصائيين والطلاب والمسؤولين الحكوميين في دولة الإمارات.
ومن الجدير بالذكر أن العديد من دول العالم التي يمثلها 27 متحدثاً من المتحدثين المشهورين يشارك في هذا الحدث، بالإضافة إلى تنظيم 6 ورش عمل تقام على مدار اليومين الخاصين بالملتقى.
اقتراح إدراج مادة قانونية للحد من الآفة
كشف الفريق ضاحي خلفان تميم نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي، عن عزم مجلس مكافحة المخدرات في الدولة تقديم مقترح لمادة قانونية ورفعها لأصحاب القرار، تمهيداً لاعتمادها وإدراجها ضمن قانون مكافحة المخدرات بهدف الحد من جرائم المخدرات.
وأوضح أن المادة المقترحة التي ستسد الثغرة في القانون الحالي تنص على: (كل من حول - أو حول إليه ـ أموالا أو استلمها لغايات شراء أو بيع أو اتجار أو زراعة أو صناعة أو فصل أو تخليق أو استخراج أو تهريب أو استيراد أو تصدير أو جلب أو نقل أو وساطة أو ترويج أو إعطاء أو تخزين أو إخفاء أو حيازة أو حفظ أو استعمال أو تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية وسائر أوجه النشاطات والتصرفات الأخرى المتعلقة بها ـ في غير الأحوال المرخص بها ـ والمذكورة بالجداول المرفقة بالقانون المشار إليه آنفا يعتبر أنه حول أموالاً معاقب عليها قانوناً وفقاً لجسامة الفعل أو الجزم المرتكب ويقع على المتهم عبء الإثبات في عدم المسؤولية.
استنهاض الشباب للوقاية من المخدرات
بالتزامن مع الملتقى، جرت عدة ورش عمل تخصصية وتدريبية حول مواضيع مختلفة، ومن بين ورش العمل «دور الطلاب الجامعيين والشباب في مواجهة المخدرات والحد من تأثيراتها» التي قدَّمها الدكتور سامي الحمود، المدير التنفيذي لمشروع (نبراس) اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في المملكة العربية السعودية، وورشة عمل بعنوان «الاستفادة من أدوات استشراف المستقبل في الرقابة على السلائف الكيميائية» قدّمها يوهانس فان دن بيسيلار مفتش عام وخبيربـ(NPS) في هولندا.
أما ورشة العمل التي تلتها فكانت بعنوان «دور الأمهات وأولياء الأمور في وقاية المجتمع من المخدرات» للدكتورة ليلى الهياس من دائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي ورئيس اللجنة الوقائية في البرنامج الوطني للوقاية من المخدرات (سراج) بمجلس مكافحة المخدرات في الإمارات والدكتورة منى اليتامي مستشار الصحة النفسية وتقويم السلوك وعلاج الإدمان في الكويت.