أفادت الدكتورة مريم محمد سعيد حارب المهيري وزيرة دولة مسؤولة عن ملف الأمن الغذائي المستقبلي، بأنهم سيعلنون عن الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي مع نهاية سبتمبر المقبل، وستشمل أهداف دولة الإمارات كافة، في أن تكون الأولى في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، وستتضمن الاستراتيجية كذلك، دور القطاع الخاص واستثماراته في المشروعات الزراعية.

وأوضحت خلال فعاليات اليوم المفتوح للمركز الدولي للزراعة الملحية (إيكبا)، أمس، أن الاستراتيجية ستشمل كذلك أولويات الدولة في ما يتعلق بإنتاج الغذاء في الدولة، والتحديات التي تواجه هذا القطاع، ودعم المزارعين، فضلاً عن التعامل مع البدائل في حالة الأزمات والطوارئ، إضافة إلى حظر استيراد أصناف معينة، وكيف يمكن التغلب على هذه التحديات.

وأضافت: «تُعرف دولة الإمارات بظروفها المناخية القاسية، وغير المناسبة للزراعة، إذ تعتبر تضاريسها وطبيعتها الجغرافية والمناخية، من بين أقسى بيئات العالم لزراعة المحاصيل. وعلى وجه الخصوص، يمثل الوصول إلى المياه العذبة، مشكلة لا يستهان بها، تضاعف من حدتها، حقيقة أن قطاع الزراعة، يعتبر الأكثر استهلاكاً للمياه على مستوى الدولة، إذ يقف وراء 72 % تقريباً من الاستهلاك الإجمالي للمياه العذبة. ويزداد هذا الطلب حدّةً، جراء استنزاف مصادر المياه التي تشهد انخفاضاً سنوياً قدره 0.5 سنتمتر».

منهجيات

وقالت الدكتورة المهيري: «نحصل حالياً على حاجتنا من المياه العذبة، عبر منهجيات تحلية تستهلك كميات كبيرة من الطاقة، لتنتج 60 % من توريدات الدولة، لكن هذا الرقم مرشح لارتفاع مؤكد، في ظل النمو السكاني المتواصل. وتجتمع هذه العوامل، لتعزز من حاجتنا إلى إيجاد سبل زراعية جديدة، أقل استهلاكاً للطاقة، وقادرة على تخفيف العبء عن مواردنا المائية، لذلك، دأبت دولة الإمارات، وبفضل الرؤية الحكيمة لقيادتها الرشيدة، على انتهاج الابتكار، كوسيلة فعالة للتحقيق الطموحات، والتغلب على التحديات واستشراف المستقبل، وذلك من خلال تسخير أحدث التقنيات، في سبيل دفع عجلة التقدم إلى الأمام، وهذا يشمل القطاع الزراعي بالتأكيد، وها نحن اليوم بصدد تطوير حلول جديدة، تسهم في تقليص استهلاك الطاقة والمياه، وتتيح تحسين زراعة المحاصيل، وبالتالي، تعزيز مرونتنا لضمان الأمن الغذائي المستقبلي».

وأشارت المهيري إلى أن مستقبل الزراعة في الدولة، سيعتمد على مشروعات محددة، أهمها استزراع الأحياء المائية، التي لا بد من تطويرها، لتشمل عدة قطاعات في الدولة، وتبنيها من قبل عدد من الزارع المحلية، إضافة إلى مشروع الزراعة في النظام المغلق، مضيفة «الزراعة في المناطق المفتوحة، أصبحت من الماضي، ولا بد من التفكير في أساليب مستقبلية، يمكن الاستفادة منها في مناخ دولة الإمارات».

وأكدت أنه لا بد من الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة، والإبداع في ما يتعلق بالأمن الغذائي، وكيف يمكن الوصول إليه، موضحة «مسؤولية الأمن الغذائي، لا تقع فقط على عاتق الحكومة، بل هي مسؤولية مجتمعية من المستهلك والأفراد، إلى أن نصل إلى مستوى الدولة، كلاعب رئيس في الأمن الغذائي العالمي».

مؤشر

وأوضحت أن الدولة في المركز الـ 33 في المؤشر العالمي للأمن الغذائي، من بين 113 دولة، وهو عبارة عن مجموعة من المعايير، بما فيها أسعار الغذاء، وسهولة الوصول إليه، والاستدامة فيها، مؤكدة «الإمارات آمنة غذائياً في الوقت الحالي، إلا أنه يوجد عدد من التحديات المستقبلية، بما فيها شح المياه، والتغير المناخي، والطلب المتزايد على الغذاء، لذا، نهدف إلى أن تصل الدولة بحلول عام 2021، إلى المراكز الـ 10 الأولى، وبحلول 2071 إلى المركز الأول».

وتابعت المهيري، أنه لا بد من دراسة السلوك الاستهلاكي في الدولة، وفهمه، وكيف يمكن تغييره مستقبلاً، مع وجود أكثر من 200 جنسية في دولة الإمارات، ولكل جنسية عاداتها الخاصة، وبالتالي، لا بد من التعامل معها بطريقة مختلفة.

وأوضحت أن نسبة الاعتماد على المنتجات المحلية لا يتعدى 10 إلى 15 %، في حين بلغت نسبة الاعتماد على الغذاء المستورد، ما بين 85 % إلى 90 %، إضافة إلى أن الإنتاج المحلي من الأسماك 3255 طناً، أي ما يعادل 2 % من الاستهلاك المحلي، مضيفة «نحاول رفع نسبة الاعتماد على المنتجات المحلية، مع وجود عدد من المزارع العضوية داخل الدولة، ومبادرات كثيرة، تبناها أصحاب المشاريع الصغيرة».

وعرضت الدكتورة أسمهان الوافي مدير عام المركز الدولي للزراعة الملحية «إيكبا»، عدداً من المشروعات التي طوّرها المركز خلال الفترة الماضية، أهمها، البيوت المحمية الشبكية، التي قد تستبدل البيوت الخضراء الزجاجية الحالية.

وتابعت أن البيوت الشبكية، تسهم في تقليل استهلاك الطاقة بنسب تراوح ما بين 95 % إلى 75 %، كما أن استهلاك المياه في هذه البيوت، قل كذلك بنسب وصلت إلى 75 %، موضحة أن «البيوت المحمية الشبكية، تسهم في تقليل استهلاك الكهرباء والمياه، إلا أنه لا يمكن استخدامها خلال ثلاثة أشهر في الصيف، بعكس البيوت الخضراء، التي يمكن استخدامها طوال العام».

وأشارت إلى أن المشروع الآخر الذي عمل عليه المركز، هو الفحم العضوي من مخلفات النباتات، إذ إن الدولة فيها نحو 40 مليون شجرة نخيل، وتنتج هذه النخيل مخلفات نباتية تصل إلى 20 كيلو غراماً، هذه المخلفات يمكن استخدامها كفحم عضوي، بما يسهم في زيادة الإنتاج لدى المحاصيل، بنسبة تصل إلى 40 %، وتقليل استهلاك المياه بنسبة 25 %، إضافة إلى تقليل امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء.

ولفتت إلى أن المركز، كذلك، طوّر برنامج زراعة محصول الـ «كينوا» خلال السنوات الثلاث الماضية.

نبتة الحلفاء

وعرض المركز الدولي للزراعة الملحية «إيكبا»، جهوده في إعادة استزراع نبتة الحلفاء، التي كانت مهددة بالانقراض قبل نحو 14 عاماً، إذ إنهم وجدوا نبتتين اثنين في موطنها الأصلي في رأس الخيمة، وتمكنوا من إحضار أحدها إلى المركز لاستزراعها والمحافظة عليها قبل أن الانقراض، وتوجد حالياً نحو 40 إلى 50 نبتة «الحلفاء».