حين يكتب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبيّ، رعاه الله، قصيدةً في محبة أخيه «بو خالد» صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة، يكون للكتابة طعمٌ خاصٌّ ورونقٌ متفرد يعكس حجم المحبة الصادقة وصدق المشاعر الصافية التي تنطوي عليها جوانحه تجاه صاحب السمو «بو خالد».
فهو سَمِيّه وشقيقُ روحه في الجلوس بين يدي حكيم العرب وشيخ الجزيرة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي غرس هذه المحبة الرائعة بين هذين القلبين الكبيرَين النابضَين بمحبة الوطن والشعب، والمتفانيَين في الارتقاء بالإمارات نحو ذُرى المجد العالية، والارتفاع بإنسان هذه الربوع الطيبة المباركة نحو مكانته اللائقة به بين شعوب الأرض قاطبة.
لـكْ عـيونْ الـشعبْ تـنظرْ بـإحترامْ
ولـكْ قـلوبْ الـناسْ تـنبضْ بالمودِّهْ
يــاغـمـامٍ مــنِّــهْ إيــجـودْ الـغـمـامْ
ويا إمامٍ ما إستوىَ في الناسْ قدِّهْ
مناقب
بهذا المطلع الجليلِ المصقول مثل حَدِّ السيف، الفيّاض بالمحبة، يخاطب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد شقيقه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد، مؤكداً له عُمق محبة الشعب له، وحفاوة القلوب قبل العيون بمنزلته الرفيعة، ويا طيب المحبة ونبلها وصدقها حين تتلألأ بها العين.
فهي أصدق الجوارح تعبيراً عن شعور القلب، فإذا اجتمع مع ذلك نبض القلوب بالمحبة الصافية فقد اجتمع الحب من طرفيه، وحاز الممدوح المجد من ناحيتيه، وطوبى لصاحب السموّ الشيخ محمّد بن زايد حين تجتمع هذه القلوب على محبته، وتلهج الألسنة بطيب ذِكره والثناء على مناقبه وسجاياه.
ويزداد صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد إبداعاً حين يشبه صاحب السموّ «بو خالد» بالغمامة التي هي رمزُ الخير والعطاء، وسرُّ الربيع والنماء، فهو كالغمام الذي يجود منه الغمام، وهذا قمّة المدح بالجود والكرم، ومَنْ كان في هذه المنزلة السامية في الكرم فهو الرفيع القدر بين الناس، وهو القائد والإمام الذي لا يُدانيه أحدٌ في قَدر الزعامة وهيبة المشيخة، زعامة توارثها كابراً عن كابر، وتحدّرت إليه من جبال العزّ من آل نهيان الكرام، لا سيما كبيرهم وكبير الوطن وبانيه الشيخ زايد بن سلطان، رحمه الله، الذي يكتفي الإنسان من المجد بمجرد الانتساب إليه، فكيف إذا كان محافظاً على ميراثه وامتداداً لمجده وشمائله.
بـكْ أمـانْ الـدَّارْ فـي حـربْ وسلامْ
والـوطنْ بـكْ نـالْ مـطلوبَهْ ومـجدهْ
يـامـحمِّدْ لــكْ مِــنْ الـقـلبْ إلـتزامْ
مِـنْ أخـوكْ ومـنْ صديقكْ لي تودِّهْ
استحقاق
إنّ هذه المحبة الصادقة الصافية لم تكن إلا استحقاقاً لهذا القائد الباسل الماجد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، فهو فارس البلاد الذي يعقد رايتها في السلم والحرب، وهو عقيد جيشه وفارسه المغوار ورجل الحرب المتمرس الذي يرعى جيش الوطن، ويسهر على مجده وقوته وإعداده لحماية ثرى الوطن من العاديات.
فهو قائد يقظ العين ساهر الطرف، شديد الشكيمة، لا ينام حتى يطمئن على راحة أبناء وطنه، ولا تهدأ له جارحة حتى يتأكد أن جميع مطالب الوطن والمواطنين قد تحققت، فبذلك نال الوطن مجده ومطلوبه بسبب هذا الجهد الذي لا يعرف قدره إلا مَنْ كان مثل صاحب السموّ «بو راشد»، فصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد عينُ الإمارات الساهرة، ونسرها الشجاع، وأسدها الباسل الذي لا ينام على ضيم ولا يُغضي على ضعف.
ثبات
وبخطاب الأخ لأخيه يخاطب صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد أخاه صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد باسمه مجرداً عن الألقاب، لأن الحب أكبر من الألقاب، ومَنْ لا يلمس هذا الحب الصافي الذي تُشعّ به حروف القصيدة فهو بمعزلٍ عن تذوّق الشعر ومعرفة أسراره، يخاطبه فيقول له: إنّ له مكانة في القلب بلغت درجة الالتزام الذي لا يتغير، كناية عن رسوخ المحبة وثباتها، ثم تأتي الرقة العجيبة الرائعة التي تخلب القلب والروح حين يقول له بهذه اللغة الساحرة المَهيبة الودودة الصادقة الدالة على الصفاء والنبل والفروسية فيقول:
«مِـنْ أخـوكْ ومـنْ صديقكْ لي تودِّهْ»، فهل يوجد في ألفاظ الشعر أكثر رقةً وصدقاً وعفوية من هذه الحروف التي تكاد تنطق بروعة الحب وصفاء الروح والقلب، فطوبى لأبي خالد بهذا الحب والتقدير الكبيرين من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، شيخ الفرسان وسيد الشعراء والشجعان.
نـشتركْ فـي أسمْ واحدْ بإنسجامْ
وفِــي هَـدَفْ واحـدْ ولـلعادي نـردِّهْ
ونـجتمعْ فـي زايـدْ الـشيخْ الهمامْ
هـوهْ أبـوكْ وهـوهْ خـالي لي أعدِّهْ
اتحاد
في هذين البيتين يطفح القلب بالمحبة والبوح، وتصفو الحال حين يصرّح صاحب السموّ الشيخ محمّد بن راشد بهذه الأسرار اللطيفة التي لا تعترف إلا بإنسانية الإنسان، وترتدّ إلى لحظات الطفولة البعيدة، حيث جاء هذان الفارسان إلى الدنيا واشتركا في التسمية الواحدة.
حيث حمل كل واحد منهما أشرف الأسماء وأعظمها قدراً «محمّد»، وحسبك بذلك من شرفٍ باذخ وفضلٍ منيف، ثم يشتركان في المهامّ الجِسام، فهما المسؤولان عن حماية الدار والحفاظ على ثرى الوطن، ويداهما متشابكتان لا تعرفان الخوف في سبيل مجد الإمارات، وهي أخوّة تعلّماها في مدرسة الشيخ زايد، رحمه الله، الذي علمهما أعظم الدروس في حب الوطن، وفي مدرسته تلقيا أعظم دروس الحياة والوفاء، والتي يجسدها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بالحب الصادق الصافي لأنجال الشيخ زايد، رحمه الله، وفي طليعتهم هذا الفارس المقدام صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد.
ومـا تـفـرِّقـنا الــدسـايـسْ الــكـلامْ
وخـابرينْ الـوقتْ فـي مـزحهْ وجدِّهْ
صَـفْ واحـدْ خـلفْ مِنْ عندهْ الزِّمامْ
نـتـبَـعْهْ والــعـزمْ مــنِّـه نـسـتـمدِّهْ
خبرة
وتأكيداً لكلّ ما تقدّم، يؤكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد أنّ هذه العلاقة المتينة عصيّة على جميع محاولات الاختراق التي يقوم بها أصحابُ الدسائس والكلام الفارغ الذي لا يستمع إليه إلا أهل الفراغ والبطالة، وهذا الموقف الصارم من هؤلاء المفسدين ليس وليد النظرة العاجلة، بل هو ثمرة الخبرة العميقة بالحياة الجادة والهازلة، فهذان الفارسان قد تمرّسا بكل أشكال الحياة.
وروّضا جميع الصعاب، ويعرفان كيف يواصلان المسيرة من دون إصغاء إلى هذه الألسنة الناعقة بالفساد والإفساد، فأبناء الوطن يقفون صفّاً واحداً في حضرة القيادة، وهم على أُهبة الاستعداد لتنفيذ جميع ما يصدر عنها من الأوامر التي تستهدف مصلحة الوطن وصيانة ترابه وحماية عرينه، فلا مجال للأصوات المنكرة أن تشقّ هذا الصفّ المتماسك المتين العصيّ على الاختراق والتبديد.
تتويج
ثم كان البيت الأخير تتويجاً لهذه المحبة الصافية والثقة العظيمة بين هذين القلبين المؤتلفين على حب الوطن والوفاء لتعاليم باني الوطن الشيخ زايد، رحمه الله، وتأكيداً على التفاف الشعب حول راية القيادة ممثلة بهذا الفارس القائد الشجاع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، الذي يفوز به أحبابه ومريدوه في كل شدة وكرب، ويجدون فيه الفارس الباسل الذي لا يعرف إلا صدور المواقف ومعالي الأمور، داعياً له بطول العمر ودوام المجد والسؤدد:
بـــهْ نــفـوزْ بــكـلْ حــزِّهْ وكــلْ زامْ
عــاشْ بـوخـالدْ ودامْ الأمــرْ عـندهْ
وأقول: عاش بو راشد، شيخ القوافي وسيد القصيد على هذه القصيدة الباهرة التي تجسد أعمق معاني الأخوّة وأشرف مشاعر المحبة التي لا يبوح بها إلا أهل الكمال من رجال المجد وأرباب الشجاعة والصفاء.