«عاش بوخالد».. شد انتباهي هذا العنوان كثيراً، لأنه يحمل معنى كبيراً في طياته، لأنها جملة نابعة من قلب محب، وإذا كان العنوان في معناه كبيراً، فلأن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، كبير أيضاً، وقد صدق المتنبي عندما قال:
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
هذه القصيدة صدرت من شاعر كبير وكبير جداً، لتنزل أيضاً في شغاف قلب كبير وكبير جداً من غير شك، فصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لا يحتاج إلى تعريف، كما لا يحتاج صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تعريف، تأمّل إذاً في الاسمين أيها القارئ، لتجد أن عظمة الاسم تدل على عظمة المسمى كما قيل في الأمثال.
لذلك، فإن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، الشاعر الفارس والقائد ذا الفراسة الحاذقة، يعرف كيف يختار العنوان لقصيدته ومتى يختاره، وكيف يختار ولمن يختار ما يختار، كيف لا وهو ابن بجدتها كما يقول المثل العربي القديم.
نعم.. نردد مع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، فنقول: «عاش بوخالد»، كما نقول ونردد نشيد السلام الوطني لدولة الإمارات:
عيشي بلادي
عاش اتحاد إماراتنا
عشت لشعب
دينه الإسلام
هديه القرآن
حصنتك باسم الله
يا وطن
فما ألصق هذا بهذا، وإن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، اليوم، ينظر إليه شعب دولة الإمارات مواطنين ومقيمين على أنه زايد، وأنه هو روح الاتحاد، وأنه الأمل المرجّى في عيون أبناء الإمارات بل حتى في عيون المقيمين.
ولقد أحسن الشاعر الكبير صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عندما استهل قصيدته بالقول:
لـكْ عـيونْ الـشعبْ تـنظرْ بـإحترامْ
ولـكْ قـلوبْ الـناسْ تـنبضْ بالمودِّهْ
يــاغـمـامٍ مــنِّــهْ إيــجـودْ الـغـمـامْ
ويا إمامٍ ما إستوىَ في الناسْ قدِّهْ
فلو لم يقل شاعرنا في حق صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد إلا هذين البيتين لكانا كافيين للتعبير عن مكانة هذا الزعيم في عين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، ثم في عيون أهل الإمارات والعالم من حولنا، وإنني لعلى يقين بأننا نحن شعب دولة الإمارات جميعاً، ننظر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد بعين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد.
هذا، ولقد جسّد البيت الأول المحورية التي تتجه إليها أنظار الشعب، وهي تنحصر في شخص الشيخ محمد بن زايد وحده، والشاعر يقول:
عباراتهم شتىّ وحسنك واحدٌ
وكلٌّ إلى ذاك الجمال يشيرُ
كما جسّد سموه العواطف الجياشة والإحساس الكبير الذي يتوقد في قلوب هذا الشعب، ولقد أحسن التعبير عندما قال إن هذه القلوب فارغة من كل شيء إلا من حب صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد.
لاحظ أيها القارئ كلمة «لك» واستهلال القصيدة بها، حيث إنها في علم البلاغة تفيد القصر.
نعم كان الشاعر موفقاً جداً عندما أكد هذا المعنى وجسده في قوله:
«لـكْ عـيونْ الـشعبْ تـنظرْ بـإحترامْ»، أي لا تنظر إلى غيرك، ولا يقدمون الطاعة والولاء إلا للقائد.
وفي قوله «يــاغـمـامٍ مــنِّــهْ إيــجـودْ الـغـمـامْ» أكبر إشارة إلى سعة كرم الممدوح وعظم جوده، لأن الغمام المحمل بالأمطار عندما يمطر لا تحصى قطرات نداه.
ثم يقول سموه:
بـكْ أمـانْ الـدَّارْ فـي حـربْ وسلامْ
والـوطنْ بـكْ نـالْ مـطلوبَهْ ومـجدهْ
وفي هذا البيت يؤكد أيضاً أن الاعتماد على الله سبحانه وتعالى أولاً، ثم المعوّل عليه هو صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، لأنه صمام الأمان في حالتي السلم والحرب.
والشيخ محمد بن زايد لا يحتاج اليوم إلى إثبات ذلك:
ففي كل صوب له آية
تدل على أنه قائد
ولقد أثبت سموه منذ زمن أنه زعيم قادر على حمل الأمانة، وموضع ثقة عند الشعب والعالم كله، كيف لا وهو خريج مدرسة الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، وهو صاحب رؤية واستراتيجية، ومقدام معطاء، يأخذ من الماضي والحاضر ليؤمّن المستقبل بشكل متوازن، لا إفراط ولا تفريط، وهذه سياسة والده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، مؤسس الاتحاد.
ولكي يثبت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مساندته التامة له، ويؤكد له وقوفه معه في السراء والضراء، يقول منادياً إياه باسمه، ولا ينادي المحبوب أو الممدوح باسمه إلا إذا صحّت الألفة وسقطت شروط الكلفة، فيقول:
يـامـحمِّدْ لــكْ مِــنْ الـقـلبْ إلـتزامْ
مِـنْ أخـوكْ ومـنْ صديقكْ لي تودِّهْ
نـشتركْ فـي أسمْ واحدْ بإنسجامْ
وفِــي هَـدَفْ واحـدْ ولـلعادي نـردِّهْ
ونـجتمعْ فـي زايـدْ الـشيخْ الهمامْ
هـوهْ أبـوكْ وهـوهْ خـالي لي أعدِّهْ
أقول وما أجمل هذه الأبيات التي تذكّر الشيخين المحمدين بالصفات الجامعة المانعة التي بينهما، فمن حسن الطالع أنهما يشتركان في الاسم «محمد»، والصفات المشتركة تجسد التوأمة، وتعزز العلاقة بين الزعيمين أكثر وأكثر، لأنها تؤدي إلى توافق أكثر في الرأي والهوى والهدف والغاية.
وبما أن الإنسان ليس بمعزل عن الحاسدين والحاقدين، وبما أن الشر يحوم حواليه دائماً، والمفسدون في الأرض يسعون بالفساد ما عاشوا، فإن من عظيم لطف الله أن الأخوين الصديقين والزعيمين الحميمين منتبهان لهذا، فكل منهما يحذّر الثاني من شرور الزمان فيقول سموه:
ومـاتـفـرِّقـنا الــدسـايـسْ الــكـلامْ
وخـابرينْ الـوقتْ فـي مـزحهْ وجدِّهْ
صَـفْ واحـدْ خـلفْ مِنْ عندهْ الزِّمامْ
نـتـبَـعْهْ والــعـزمْ مــنِّـه نـسـتـمدِّهْ
بـــهْ نــفـوزْ بــكـلْ حــزِّهْ وكــلْ زامْ
عــاشْ بـوخـالدْ ودامْ الأمــرْ عـندهْ
أجل، حمل الختام معنى كبيراً أيضاً؛ لأن الشاعر يؤكد أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد هو القائد المطاع الذي لا يعصى له أمر، وعلى شعب الإمارات أن يقف خلف قائده، ونحن كحكام كلنا نؤكد هذا، إذ لا معنى للتفرقة بعد أن جمعنا الشيخ زايد، طيب الله ثراه، على قلب رجل واحد، وما يدور حولنا من القلاقل يفرض علينا أن نتحد ولا نفترق، ونجتمع ولا نختلف، بدليل أن الذين اختلفوا على قائدهم ذهبت ريحهم وأصبحوا اليوم يبكون على يوم فرطوا فيه.
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسُّراً
وإذا افترقن تكسرت آحادا
فليحفظ الله دولة الإمارات، وليُدم الله علينا هذا الاتحاد المبارك، وليبارك الله في قيادتنا الرشيدة.. نفديك بالأرواح يا وطن.