أطلقت حكومة دولة الإمارات الاستراتيجية الوطنية للتشغيل 2031، الهادفة إلى استقطاب وتأهيل القدرات والطاقات البشرية المواطنة وتمكين مشاركتها وحضورها في سوق العمل، وبناء اقتصاد معرفي بإنتاجية عالية لتحقيق ريادة الأعمال وتعزيز مكانة الدولة وتنافسيتها في المؤشرات العالمية.
وتهدف الاستراتيجية الوطنية للتشغيل 2031، التي تم إطلاقها خلال أعمال الدورة الثانية للاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات، والتي تعد أحد مخرجات مجلس التعليم والموارد البشرية، إلى تزويد الموارد البشرية الوطنية بالمهارات المطلوبة لسوق العمل من خلال تعزيز برامج التعلم مدى الحياة، والتدريب على مهارات المستقبل، وتصميم برامج تطوير المهارات، والتركيز على استقطاب الكفاءات وأصحاب المهارات المتميزة من خلال تعزيز نسبة المعرفة والتنوع الثقافي.
وأكد معالي ناصر بن ثاني الهاملي، وزير الموارد البشرية والتوطين، أن التغيرات المستقبلية التي ستشهدها الدولة بحلول عام 2031 ستكون لها تأثيرات مباشرة على سوق العمل من حيث إيجاد قطاعات جديدة وزيادة أهمية دور العديد من القطاعات الاقتصادية في ظل التقديرات التي تشير إلى ارتفاع أعداد الإماراتيين الذين سيدخلون سوق العمل.
5 محاور
وأوضح الهاملي أن الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ستركز على خمسة محاور أساسية، وستسعى إلى تحقيق إنجازات مهمة خلال أقل من سنة، وذلك تنفيذاً لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بضرورة تعزيز مشاركة المواطنين في القطاع الخاص وتسريع وتيرة التوطين الذي تضاعف بأكثر من 200%، ما يمثل ثمرة لعمل دؤوب ومتواصل من أكثر من عشرة فرق عمل مشتركة من 27 جهة حكومية و400 شركة عاملة في القطاعات الاقتصادية الحيوية المستهدفة بالتوطين.
وأضاف أنه من المتوقع أن يبلغ مجمل القوى الوطنية العاملة في الجهات الحكومية والخاصة نحو 610 آلاف مواطن ومواطنة بحلول عام 2031، مشيراً إلى أنه انطلاقاً من هذه المعطيات وجه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي رئيس مجلس التعليم والموارد البشرية، بضرورة وضع استراتيجية وطنية للتشغيل تشكل خارطة الطريق لمستقبل سوق العمل ولإدارة ملف التوطين حتى العام 2031 بما ينسجم مع رؤية حكومة المستقبل.
وأكد الهاملي أن هذه الاستراتيجية من شأنها المواءمة بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل من الوظائف التي ستوفرها التنمية الاقتصادية وفق معادلة العرض والطلب وبالشكل الذي يوفر فرص العمل المناسبة للموارد البشرية الوطنية ويمكن الكفاءات منها، ويجعلها قادرة على قيادة الاقتصاد المعرفي التنافسي.
تعزيز
وتسعى الاستراتيجية الوطنية للتشغيل 2031 إلى زيادة معدلات مشاركة المواطنين في سوق العمل من خلال تعزيز مشاركة المرأة وزيادة نسب التوطين في قطاعات اقتصادية ذات قيمة مضافة وفي وظائف استراتيجية، من أهمها قطاعات الطاقة والاتصالات والتكنولوجيا والنقل والتخزين، والقطاعات المالية والصحية والتعليمية إلى جانب الوظائف التي ستوجدها حكومة الإمارات في مجالات الذكاء الاصطناعي والفضاء والتعاملات الرقمية (البلوك تشين) والعلوم المتقدمة.
كما تهدف إلى دعم جهود الحكومة في بناء اقتصاد يرتكز على المعرفة، عبر تمكين إنتاجية القوى العاملة وزيادة أعداد العاملين في مجال البحث والتطوير وتعزيز ريادة الأعمال والعمل الحر.
ويتبنى الإطار العام للاستراتيجية الوطنية للتشغيل التي تعكس التوجهات المستقبلية لحكومة دولة الإمارات مستهدفات رؤية الإمارات 2021، ومئوية الإمارات 2071، والاستراتيجية الوطنية لتمكين وريادة المرأة، والاستراتيجية الوطنية لتمكين الشباب، واستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي، والاستراتيجية الوطنية للابتكار المتقدم، وأجندة العلوم المتقدمة، واستراتيجية الإمارات للثورة الصناعية الرابعة.
الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في سوق العمل
تبنت الدورة الثانية من «الاجتماعات السنوية للحكومة» خلال اجتماع لفريق عمل «التوطين»، ثلاث مبادرات تهدف إلى إشراك المواطنين في القطاع الخاص، وابتكار وظائف جديدة تناسبهم في ظل التغييرات المستقبلية التي تحتم الاستعانة بالذكاء الاصطناعي في سوق العمل.
منصة وطنية
وأكد معالي ناصر بن ثاني الهاملي وزير الموارد البشرية والتوطين أن الاجتماعات السنوية الحكومية لحكومة الإمارات تؤكد على المكانة التي وصلت إليها الدولة من حيث التميز في فلسفة وأسلوب العمل الحكومي من خلال وضع الخطط والرؤى الاستراتيجية ومتابعة تطبيقها، وتعزيز الشراكات والتعاون بين الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية وتكامل مبادراتها وتوحيد جهودها، الذي أصبح نهجاً راسخاً في العمل الحكومي بفضل الفكر السديد لقيادة دولة الإمارات ومتابعتها وتوجيهاتها المتواصلة.
وأضاف أن هذه الاجتماعات تشكّل ما يشبه منصة وطنية بحضور ومشاركة القيادة الحكيمة وقيادات الصف الأول والثاني في مختلف الجهات الحكومية الذي يضمن الخروج بمبادرات وخطط مبتكرة تقودنا إلى تحقيق رؤى الدولة على المدى القصير والمتوسط والبعيد، عبر تطوير قدرات رأس المال البشري ورفده بالمهارات المستقبلية ونقل المعرفة إليه.
مبادرات مبتكرة
وتشمل المبادرات سياسة إعادة التوزيع بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وهي آلية للتدوير الوظيفي بين القطاعين، تتضمن انتداب ذوي الخبرة والكفاءة من القطاع الحكومي ليعملوا ضمن مراكز قيادية في القطاع الخاص، بهدف توسيع نطاق المسار الوظيفي، وزيادة إقبال المواطنين على العمل في القطاع الخاص، وإكسابهم مهارات إضافية، وصولاً إلى تحقيق أهداف التوطين ضمن الخطط التنموية، وتعزيز ثقة المنتدبين من خلال تجربة العمل في القطاع الخاص.
وتبنى فريق العمل الحكومي مبادرة إنشاء بوابة إلكترونية موحدة خاصة للتوظيف الذاتي لأصحاب المهارات، بهدف دعم جهود التوطين، حيث تربط البوابة المهارات الوطنية بالبرامج والخدمات المختلفة، ومن خلالها يتم التنسيق مع الشركات في القطاعين الحكومي والخاص والاستفادة من خبراتهم بما يضمن تأهيلهم، وتتضمن حزمة من التسهيلات والمحفزات للشركات التي تستخدمها في الاستعانة بالكفاءات الوطنية.
كما تبنت الحكومة «النظام المهاري المستمر» وهو عبارة عن منظومة متكاملة تشارك فيها الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية وتطورها بحيث تضع برامج للتعلم المستمر، بهدف رفع مستوى الكفاءات للعمالة في سوق العمل، وضمان مواءمة مهارات القوى العاملة مع المهارات المستقبلية التي يحتاجها سوق العمل في الدولة وضمان التعلم المستمر والاستباقي للقوى العاملة، بما يواكب التطور التكنولوجي والتوجهات المستقبلية وما له من تأثير على الوظائف والمهن في سوق العمل والتي ستساهم في صقل مهارات القوى العاملة وتحسن كفاءتها الإنتاجية في مهارات جديدة تتواكب مع احتياجات سوق العمل.
تحفيز القطاع الخاص
تحقيق التوازن في قطاعات سوق العمل هو أحد الأهداف التي وضعتها حكومة الإمارات، وتسعى إلى تحقيقها برفع نسبة التوطين في القطاع الخاص، وتعزيز مشاركة النساء بما يخدم اقتصاد الدولة، ومؤشراتها التنافسية، ومؤشرات التوازن بين الجنسين، إضافة إلى رفع المعرفة لدى مواطني الدولة، بهدف إعدادهم للعمل في عدد من القطاعات المختلفة وتحفيز القطاع الخاص على خلق فرص مناسبة لهم، تماشياً مع التقدم الملحوظ الذي حققته الدولة في مواكبة التطورات العديدة في سوق العمل.
الجدير بالذكر أن حكومة دولة الإمارات تعمل في إطار تحقيق مستهدفات الأجندة الوطنية على رفع نسبة التوطين في القطاع الخاص، وتعزيز مشاركة الكوادر الوطنية في الوظائف التحليلية والخدمية إضافة إلى تعزيز ريادة الأعمال والعمل الحر، وإيجاد حلول ناجعة للتحديات التي قد تواجه اقتصادها بحلول عام 2031، وتحقيق رؤية الإمارات 2071.