لم يكن الـ15 من فبراير الماضي يوماً عادياً في مدينة الشيخ خليفة الطبية بالنسبة للطفلة الباكستانية رامين شهيد ذات الـ13 عاماً.

حيث كانت على موعد مع نهاية المعاناة والألم من مضاعفات الغسيل الكلوي الذي لازمها أكثر من 7 سنوات، فكانت الاستعدادات جارية في غرفة العمليات، لزراعة كلى جديدة من متبرع متوفّى حديثاً تبرع بأعضائه بعد الوفاة لإنقاذ المرضى الآخرين، وكانت الطفلة من المحظوظين الذين توافقت أنسجتهم مع هذا المتوفّى، لتتم زراعة الكلى الحية بديلاً عن كليتيها المتوقفتين منذ سنوات.

وبعد أن أفاقت من عملية الزراعة الناجحة نقلت الطفلة إلى العناية المركزة لمتابعة حالتها الصحية بعد الزراعة، ولم يمضِ الكثير من الوقت حتى استعادت الطفلة وعيها وتخلت عن الغسيل الكلوي تماماً وسمح لها الأطباء بالخروج من المستشفى مع التأكيد على مراجعة المستشفى لأشهر قليلة للتأكد من عدم رفض الجسم للعضو المزروع وأخذ الأدوية المثبطة للمناعة.

وقضت الطفلة رامين أكثر من نصف عمرها وهي ملاصقة لآلة الغسيل الكلوي التي تنقي الدم من الفضلات فترة وجيزة، حيث سرعان ما تعاود الكرّة مرة أخرى وهكذا ظلت مترددة على أقسام الغسيل الكلوي منذ نعومة أظافرها حيث أصيبت بالفشل الكلوي التام وهي في عمر الـ6 لأسباب وراثية.

ومع أعباء المرض في سن مبكرة لم تتمكن الطفلة من مواصلة دراستها الاعتيادية، حيث اهتمام أسرتها بصحتها وتنقية دمها في المقام الأول ليستمر الحال كما هو عليه إلى أن جاء البشير بأن شخصاً ما توفي ومنحها كلى تعيد إليها الحياة مرة ثانية.

حتى الآن لم تصدق أسرتها خاصة والدها محمد رحمان 47 سنة أن ابنته لم تعد بحاجة إلى آلة الغسيل، وأنها ستعود إلى المدرسة من جديد ولسانه يلهج بالدعاء للمتوفّى الذي لا يعرفه ولم يسبق أن التقى به قبل ذلك إلا أنه احتل مكانة عظيمة في قلبه لأنه أنقذ ابنته من المعاناة الدائمة.

وقالت الدكتورة زبيدة الإسماعيل، رئيس قسم أمراض الكلى لدى الأطفال في مدينة خليفة الطبية في أبوظبي: «إن رامين هي 5 مريض في المدينة الطبية التي تتلقى كلية من متبرع متوفّى بعد تحديث قوانين الدولة بشأن التبرع بالأعضاء والبدء بتنفيذها في عام 2017».

وبحسب الأطباء المعالجين كانت رامين تعاني من حالة وراثية تسمى «نيترونوفثيس» يصعب الكشف عنها في مراحلها الأولى، وفي حالة الطفلة رامين لم يتم الكشف عنها إلا في المرحلة المتأخرة عند سن الـ6 من عمرها بعد أن فقدت الكليتان وظيفتها بصورة شبه تامة، ولم يكن يجدي معها إلا الغسيل الكلوي من النوع البريتوني والذي يتم بشكل يومي في المنزل.

ويؤكد الأطباء أن الغسيل الكلوي عموماً يرفع تحسّن وظائف الكلى بنسبة 30% فقط، بينما تستطيع الكلى المزروعة أن تؤدي من 80 إلى 90% من الوظائف، حتى مع وجود الأدوية المثبطة للمناعة لمنع الجسم من رفض الكلى المزروعة، ويمكن أن تستمر هذه الكلى المزروعة في أداء عملها من 15 إلى 20 سنة وربما أكثر.

وبعد السماح لها بالخروج إلى منزلها في مدينة العين تستعد رامين حالياً لبدء الدراسة الاعتيادية وتأمل أن تصبح طبيبة في المستقبل لتساعد المرضى وتعيد البسمة إلى شفاههم.