لمشاهدة ملف "الذكاء الاصطناعي تشخيص وعـلاج يحدّ من الأخطاء" بصيغة الــ pdf اضغط هنا
لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا
برز في الآونة الأخيرة تعدد استخدامات الذكاء الاصطناعي في المجالات الطبية، وحقق خطوات كبيرة بحيث إن البعض لم يعد يستبعد أن يصبح الطبيب في المستقبل برنامجاً معلوماتياً.
وقد حققت الجهات الصحية في الإمارات نتائج مبهرة في توظيف الذكاء الاصطناعي، حيث تعتمد وزارة الصحة ووقاية المجتمع على تقنياته في أجهزة الأشعة السينية للفحص الطبي ضمن إجراءات الإقامة، كما حققت هيئة الصحة في دبي نجاحاً كبيراً في استخدامه في مجالات عدة.
وأكد أطباء ومتخصصون أن تطبيق الذكاء الاصطناعي يساعد المتخصصين في الحد من الأخطاء الطبية، كما يسهم في تطوير القطاع الطبي واكتشاف الأمراض مبكراً أو توقعها قبل حدوثها، فضلاً عن استشراف طرق العلاج وتوفير الرعاية الصحية الأفضل للمرضى بدقة متناهية.
وقالوا إن الذكاء الاصطناعي لن يستبدل الأطباء أبداً، لكنه سيكون بمثابة رفيق للطبيب، مشيرين إلى أن مستقبل الأطباء مرهون بمعرفة تقنياته والإلمام بها على أكمل وجه.
أوضح الدكتور حسين عبد الرحمن الرند، الوكيل المساعد في وزارة الصحة ووقاية المجتمع لقطاع المراكز والعيادات الصحية أن اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي في أجهزة الأشعة السينية للفحص الطبي ضمن إجراءات الإقامة في الدولة يعتبر نقلة نوعية في وقاية المجتمع من الأمراض السارية وتسريع إجراءات الفحوص الطبية بدقة عالية.
وعبر عن التطلع لاستثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي للارتقاء بالخدمات الصحية وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبتكرة ذات إنتاجية عالية تعمل على تقليل نسبة الأمراض السارية، مؤكداً أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع حريصة على إدخال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، ما يجسد توجهات القيادة بتبني التقنيات الذكية المستقبلية.
ونوه بأن النظام الجديد قادر على تشخيص الإصابة بالأمراض السارية بمستوى يوازي أفضل الأطباء بكفاءة عالية وكلفة منخفضة واعتماداً على أحدث التقنيات العلمية، لافتاً إلى انه في حال توظيف الذكاء الاصطناعي ستغدو عملية الرصد والتشخيص أكثر بساطة ودقة.
تقدم
ورأى الدكتور عيسى البستكي رئيس جامعة دبي، رئيس مجلس إدارة نادي الإمارات العلمي أن التقدم الحاصل في الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء، أوجد وسائل عدة تساعد الإنسان على تحسين حياته، ولكنها لن تلغي بعض الوظائف مثل الطبيب أو المهندس أو المبرمج، ولكنها ستغير ملامح ومهام هذه الوظائف، كما أنها ستستحدث وظائف أخرى جديدة.
وأشار إلى أن من أهم التطورات الحاصلة في الطب من خلال الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء استحداث أدوات تساعد القطاع في تقديم سبل الرعاية، وسنرى في المستقبل تطبيقاً فعلياً لهذه الأدوات، على سبيل المثال قد يتم استحداث كبسولة طبية بحجم رأس الدبوس تقوم بمهام عديدة طبية وميكانيكية وإلكترونية.
وأضاف أنه في المستقبل أيضاً قد نرى أشياء مشابهة يتم زرعها في جسم مريض السكري على سبيل المثال، لتتولى القيام بمهمة تحليل الدم بشكل دوري وقياس نسبة الأنسولين في الدم، وإرسال هذه المعلومات للطبيب المعالج، ومن ثم تقوم بضخ الأنسولين في جسم المريض بالقدر الذي يحتاجه الجسم بحسب النسبة الناقصة.
وتابع: كما يمكن إرسال آلاف الكبسولات الدقيقة لمهاجمة الخلايا السرطانية ومحاربتها والقضاء عليها من دون تعريض المريض لجلسات الكيماوي والإشعاع المرهقة، لافتاً إلى أن كل هذه الوسائل لن تلغي دور الطبيب بل انها ستزيد من الإقبال على وظائف أخرى مثل المهندس الذي يقوم بصنع هذه الأدوات والمبرمج الذي يدخل البرمجيات والطبيب الذي يغذي بالمعلومات الطبية ويتخذ القرارات، من خلال نظام متكامل.
وبين البستكي أن هذه الوظائف لن تختفي ولكن ستتوفر بأساليب مختلفة وستسهم التكنولوجيا في تطويرها وتطوير القطاع الطبي سريعاً لدرجة قد نتمكن من اكتشاف الأمراض السرطانية مبكراً أو توقعها قبل حدوثها ومن ثم يمكن علاجها أو الوقاية منها، من خلال كبسولات متناهية الصغر بنظام النانوتكنولوجي، مشيراً إلى أن هذه النظم قد تحتاج في البداية لميزانيات ضخمة، إلا أنها على المدى البعيد ستوفر تكاليف ضخمة تتكبدها الحكومات في علاج المرضى أو تسفيرهم للعلاج بالخارج، كما ستسهم في إنقاذ الأرواح.
وأوضح أن الوظائف ستتغير طبيعتها ومهامها فمثلاً بدلاً أن يقوم الطبيب بالعمليات الجراحية خاصة الدقيقة، يستعاض عنه بالروبوت الذي لا يخطئ ولا يتعرض لاهتزاز اليد مثل الطبيب البشري، إلا أن الطبيب هنا لن يختفي بل سيتغير دوره إلى مبرمج ومزود للروبوت بالمعلومات ويتخذ القرار، وستصبح الوظائف أكثر تخصصاً ودقة، وفي النهاية فإن التكنولوجيا أداة مساندة للطبيب ولا تلغي دوره.
اختراق
وقال البستكي إن الخطر الوحيد هو أن يتم اختراق هذه الأنظمة مما يشكل خطراً على الإنسان طالما أن جسمه موصل لاسلكياً بأجهزة خارجية وكذا على المعلومات، لذا تم استحداث تقنية أمن المعلومات، وتقنيات أخرى جديدة مثل النظم الإدراكية والتي تعتبر أعلى من الذكاء الاصطناعي، وذلك لتوقع الإنذار المبكر، وحماية مستخدمي التكنولوجيا، عن طريق إيجاد مناعة صناعية تحاكي مناعة جسم الإنسان الطبيعية، بحيث يتم تطعيم الجهاز الذي يدخل جسم الإنسان لحمايته من اختراقه من قبل أي فيروس عن طريق خدمة (cewps)، وهي خدمة متوفرة عبر السحابة الحاسوبية تسمى «خدمة التطعيم» التي تخلق مناعة قوية للجهاز الذي سيزرع في جسم الإنسان.
ولفت إلى أن تقنية الجيل الخامس ستقوم بكل المهام التي كانت تؤديها الأجيال الأربعة السابقة مجمعة، إذ سيتم من خلالها الاستغناء عن خدمة الواي فاي نهائياً.
تضافر الجهود
وأشار الدكتور جابر الخييلي، المتخصص في جراحة الكتف والركبة والأطراف العلوية بشرطة أبوظبي، إلى ضرورة تضافر الجهود وشحذ الهمم للأخذ بعلوم المستقبل وأن نكون أكثر استعداداً لها.
وكان الدكتور الخييلي قد شارك في إجراء عملية جراحية لتغيير مفصل الكتف لمريض فرنسي في العقد السابع من العمر باستخدام الذكاء الاصطناعي لأول مرة في العالم وذلك مع الطبيب الفرنسي توماس جريجوري، وقد جري نقل العملية الجراحية على قنوات مرئية مباشرة من غرفة العمليات من باريس لكل دول العالم.
وأوضح الخييلي أن استخدامات الذكاء الاصطناعي تعددت في الطب والجراحة، ولعل الآليات المستخدمة كذلك تختلف باختلاف طبيعة المناطق التي يراد معالجتها واستطبابها.
وقال «من خبرتي في مجال جراحة العظام والإصابات، فإننا نجد أن هناك تنافساً كبيراً بين الشركات العالمية في مجالات المفاصل لتوظيف الخبرات في مجالات الذكاء الاصطناعي، إيماناً منها بأن العنصر البشري يحتمل الخطأ وتوظيف الآليات والبرمجة يمكن أن يحد من هذه الأخطاء، ويسرّع من كفاءة وفاعلية العمليات الجراحية».
وبين أن التعامل مع العنصر البشري يعد من أعقد مجالات توظيف الذكاء الاصطناعي وذلك لكثرة المتغيرات واختلاف المتطلبات المتوقعة من المرضى، فالنتائج المرجوة والمتوقعة من المرضى تختلف باختلاف المجتمعات والأعمار، ومع ذلك استطاعت الكثير من الشركات توظيف الذكاء الاصطناعي في إجراء العمليات الجراحية، فعلى سبيل المثال في عمليات الركبة استطاعت بعض الشركات وعن طريق مجسات توضع أثناء العملية على جانبي الركبة تحديد المناطق المتوجب إزالتها من العظم بالتحديد لتلبيس المفصل الاصطناعي وإعطاء فرص ثبات واتزان أكبر للمفصل بعد أن كانت تعتمد بشكل رئيسي على خبرة الجراح.
وأضاف الخييلي: لم يكن استخدام الذكاء الاصطناعي معتمداً فقط على استخدام الآلة كوسيلة علاجية بل تعداها لاستخدامات نظارات الواقع الافتراضي والمعزز لتسهيل خطوات العملية الجراحية وتعزيز فرص نجاح عمليات المفاصل كما حدث في مشاركتي في أول عملية لتلبيس المفصل الصناعي للكتف عن طريق استخدامات الواقع المعزز في ديسمبر 2017، حيث ندرك كجراحين أن الدقة في عمليات المفاصل هي التي تعطي الفرص الأعلى للمحافظة على العمر الافتراضي للمفصل الصناعي.
استثمارات طبية
وقال الدكتور راجيش دوغار، مدير برنامج الملف الطبي الوطني الموحد ( NUMR ) في شركة بيورهيلث: يتزايد استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يومياً على نطاق عالمي، وتتحقق تطورات كبيرة متلاحقة في استخداماته بدءاً من تشخيص المريض وتحديد العلاج المناسب وصولاً إلى مساعدة الأطباء في توفير الرعاية للمرضى، ويجري تطوير تطبيقات وعلاجات كثيرة حالياً معتمدة على الذكاء الاصطناعي.
وأضاف: يعتمد الذكاء الاصطناعي في استخداماته على البيانات التاريخية، فهو يحلل البيانات ومن ثم يستخدمها في مساعدة الأطباء على اتخاذ قرارات صائبة في رعاية المرضى، وكونه يتعلم من بيانات التاريخ المرضي للمريض، فإنه يصبح أكثر ذكاء ودقة بمرور الوقت.
وقال الدكتور دوغار إن الذكاء الاصطناعي لن يستبدل الأطباء أبداً، لكنه سيكون بمثابة رفيق للطبيب، بل سيساعده على تحديد العلاج الأفضل للمريض، من خلال تعرفه إلى تاريخ العائلة المرضي ويقوم بتحليل الصور التشخيصية والأعراض والبيانات الجينومية ونتائج المختبرات كلها بشكل جماعي وكامل وبوتيرة متسارعة، الأمر الذي لا يمكن إنجازه وفق القدرات البشرية بنفس المستوى من الدقة والسرعة.
ودعا الشركات إلى زيادة الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي، لأن العائد كبير جداً، إذ يمكن لهذه الشركات زيادة استثماراتها بشكل تدريجي بالتماشي مع تنامي استخدامات الذكاء الاصطناعي، وذلك عبر القيام بمراحل متعددة.
نتائج دقيقة
وقال الدكتور يعقوب الحمادي استشاري جراحة العظام وأخصائي الركبة والإصابات الرياضية في مدينة الشيخ خليفة الطبية إن الذكاء الاصطناعي في الحقل الطبي يعني استخدام التكنولوجيا الحديثة وتسخيرها لمساعدة الطبيب أثناء العملية الجراحية للخروج بنتائج دقيقة ومتطابقة تماماً مع النتائج السابقة للعمليات الأخرى.
وأشار إلى أن دولة الإمارات أطلقت في عام 2017 استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي واستثماره في مختلف القطاعات الحيوية ومن بينها القطاع الطبي الذي يشهد تطورات متلاحقة في الآونة الأخيرة.
اهتمام
وأوضح حسين الفردان مدير مركز الابتكار في جمارك دبي رئيس الأفكار العربية وأفكار الإمارات عضو منظمة الأفكار البريطانية، أن الطب يعتبر المساهم الأول والأكبر، في تقنيات الذكاء الاصطناعي التي نفعت وستنفع البشرية بأكملها، وذلك بسبب اهتمام الحكومات وأصحاب رؤوس الأموال ورواد الأعمال في تطوير هذا القطاع، الذي يساهم بشكل مباشر في الرعاية الصحية الخاصة بهم.
وأضاف أنه في الوقت الحالي بدأ الاستغناء عن بعض الوظائف الروتينية الصغيرة في المستشفيات واستبدالها بالذكاء الاصطناعي، مثل الروبوت الذي يستخدم في صرف الأدوية للمرضى في الصيدلية الذكية، وغيره، إلا أن الوظائف الكبيرة للأطباء موجودة لاتخاذ القرارات النهائية التي يعرضها الذكاء الاصطناعي قبل البت في العلاج.
ورأى أن مستقبل الذكاء الاصطناعي في ازدهار طالما أن القطاع الصحي تدعمه الحكومات كونه قطاعاً حيوياً ورئيسياً، وتخصص له ميزانيات ضخمة.
تقنيات حديثة
وقالت الدكتور هبه أحمد الغنام أخصائية الأمراض الجلدية في مستشفى «هيلث بوينت» أحد مرافق شبكة «مبادلة» للرعاية الصحية المتكاملة: «تساهم الابتكارات والتقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي في تحسين أنظمة الرعاية الصحية والارتقاء بالخدمات المقدمة للمرضى عبر العديد من مجالات الصحة العامة والطب، ومجال الأمراض الجلدية ليس استثناءً، حيث بات أطباء وأخصائيو الأمراض الجلدية في «هيلث بوينت»، يعتمدون الآن التصوير الرقمي، الذي يستند إلى تقنية الذكاء الاصطناعي، لتشخيص مرض سرطان الجلد وعلاجه إضافة إلى أمراض الشعر وفروة الرأس.
وأضافت: يمثل نظام التصوير الجديد ثورة حقيقية في مجال معالجة الأمراض الجلدية وهو عبارة عن أداة مبتكرة يتم الاعتماد عليها لتحليل وتصوير الجلد لرصد وجود أي شامات أو بقع سوداء أو عيوب أو آثار أخرى غير طبيعية. وتابعت: تتميز التكنولوجيا الجديدة إلى جانب كونها أداة تشخيص أفضل وأسرع، بدقتها العالية في رصد الأمراض مقارنة بمناظير الجلد التقليدية، حيث توفر مستويات عالية وغير مسبوقة من الوضوح الأمر الذي يساعدنا في اكتشاف التغيرات المرضية في أقرب وقت ممكن، مما قد يعزز فرص النجاة بالنسبة للمرضى ويساهم في إنقاذ حياتهم بشكل كبير.
وتابعت: من خلال تكاملها مع الفحص السريري الشامل لجسد المريض، تساعدنا الأداة الجديدة في تحديد الشامات التي تحتوي على خلايا سرطانية بشكل أسهل وهو الأمر الذي لم يكن متاحاً في السابق، كما يساعد نظام التصوير الجديد على تجنب حالات التشخيص الخاطئة التي تحدث أحياناً لشامات الجلد الحميدة على أنها مرض سرطان الجلد الخبيث، مما يؤدي إلى خضوع المريض لبرنامج علاجي غير ضروري، وقد أثبتت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي من خلال المساعدة في إجراء تشخيص مرض سرطان الجلد بشكل أسرع وأسهل والقيام بالجراحة اللازمة لإزالة الخلايا السرطانية قبل أن تنتشر، فعاليتها بشكل كبير في الكشف عن المرض الذي يمكن علاجه والنجاة منه إذا تم اكتشافه مبكراً، ولهذه المسألة أهمية خاصة هنا في دولة الإمارات ومنطقة الخليج عموماً، حيث إن أشعة الشمس القوية والمستويات العالية من الأشعة فوق البنفسجية تجعل الناس أكثر عرضة للإصابة بسرطان الجلد.
وقالت الدكتور هبه أحمد الغنام: يعمل نظام التصوير المبتكر على توفير صور دقيقة وموثقة تغطي سطح الجسم بأكمله، مما يمكِّن أطباء الجلد من تتبع الشامات الفردية مع مرور الوقت، وعلى عكس الأنظمة التقليدية لمسح وتحديد موقع الشامات في الجسم، يعتمد النظام الجديد على ما يعرف بـ«طريقة العمل من خطوتين» للتحليل الرقمي، وهو النهج الذي أوصى به العديد من أطباء وأخصائيي الأمراض الجلدية حول العالم لتشخيص المرضى المعرضين لخطر الإصابة بأمراض الجلد.
تطبيقات
أكدت دائرة الصحة في أبوظبي أنه تحقيقاً لرؤيتها «أبوظبي مجتمع معافى»، أطلقت عدة تطبيقات وتقنيات للذكاء الاصطناعي التي ستُحدث نقلة نوعية في قطاع الرعاية الصحية، وستسهم في الارتقاء بجودة حياة المرضى.وقالت إن الذكاء الاصطناعي يعد إحدى الأدوات لتحقيق ذلك، نظراً إلى دوره الكبير في تحسين كفاءة وجودة الرعاية الصحية.
وأشارت إلى أنها كشفت عن سياستها للذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية، لتكون بذلك أول جهة حكومية تطوّر سياسة الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية على المستوى الإقليمي، كما أطلقت عدة مبادرات، منها مختبر الذكاء الاصطناعي، وتطبيق مدربي الصحي، والمساعد المعرفي الافتراضي، والموقع الإلكتروني المتطور، إضافة إلى لوحة البيانات المفتوحة، ومشروع تبادل المعلومات الصحية «ملفي».
كما دشنت الدائرة موقعها الإلكتروني الجديد الذي يسخّر أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تراخيص
أطلقت دائرة الصحة في أبوظبي «المساعد المعرفي الافتراضي»، المصمم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساعدة على تقديم الإجابات عن أي استفسارات متعلقة بالدائرة، ويتوافر «المساعد المعرفي الافتراضي» باللغتين العربية والإنجليزية، ويتوافق بشكل كامل مع أهداف الدائرة لتحسين تقديم الخدمات وتجربة المستخدم، مع التركيز على التراخيص الطبية في المرحلة الأولى، إذ يجيب في المرحلة الأولى عن الاستفسارات كافة المتعلقة بالتراخيص الطبية للمهنيين الصحيين والمنشآت الصحية، على أن يشمل جميع خدمات الدائرة في المستقبل القريب.
وحرصت الدائرة على أن يستشرف المساعد المعرفي الافتراضي الاحتياجات المستقبلية، ويوفر الوقت، ويضمن الدقة، ويقدم تجربة فردية متكاملة، ويواصل التطور باستمرار، بما يمكن مستخدميه من الوصول إلى المعلومات بسرعة وكفاءة عالية.
وقاية
يعد تطبيق «مدربي الصحي» للهواتف الذكية المنصة الرقمية الأولى من نوعها المتخصصة في الصحة واللياقة، المصممة خصوصاً لسكان أبوظبي التي تدعم اللغة العربية لإرساء أعلى معايير الوقاية الصحية، وتشجع الناس على اتباع أسلوب حياة صحي من خلال استنادها بشكل أساسي إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوظيفها في تمكين الناس للمضي قدماً بصحتهم نحو الأفضل.ويقدم التطبيق تجربة استثنائية تساعد الشخص على تحسين صحته نحو الأفضل، من خلال ربط المستخدمين في مختلف أنحاء أبوظبي، وتمكينهم من استخدام الأجهزة والبرامج المفضلة لديهم لمتابعة النشاط البدني والصحي.
ويمكن للشخص استخدام التطبيق بمنتهى السهولة، فكل ما عليه فعله هو تحميل التطبيق، وربط ومزامنة أجهزته، ومن ثم إنشاء ملفه الشخصي، وبالتالي تقوم الشاشة الرئيسة بعرض المعلومات الهامة بلمحة سريعة عبر ثلاث بطاقات شاشة ذكية، ويمكن للمستخدم متابعة لياقته ومنافسة الآخرين في المشي أو حرق السعرات الحرارية أو ممارسة التمارين الرياضية.
«صحة دبي» توظفه في الأشعة الصدرية وفحص العيون
بدأت هيئة الصحة في دبي فعلياً بتوظيف الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة، منها فحص شبكية العين والأشعة الصدرية، وأثبتت النتائج التجريبية نجاح المشروعين، حيث بلغت دقة النتائج أكثر من 95%.
وقال الدكتور محمد الرضا، مدير مكتب إدارة المشاريع في هيئة الصحة في دبي: بدأنا بإدخال الذكاء الاصطناعي لفحص شبكية العين، عبر تصوير قاع العين، والاستفادة من بنك المعلومات والتفاصيل الخاصة كافة بالمريض، وأصبح تحليل تلك البيانات، وتشخيص الحالة عن طريق الذكاء الاصطناعي، وأيضاً قراءة الصورة وتحليلها، وتقديم تقرير مباشرة عن الحالة، في وقت قياسي، وتم تفعيل ذلك في مركز دبي للسكري في المرحلة الأولى، ومن المتوقع تفعيله في المراكز والمستشفيات كافة، التي تقدم خدمات فحص الشبكية في الفترة المقبلة.
وأضاف أن الهيئة فعلت كذلك فحوص الأشعة بتوظيف الذكاء الاصطناعي في أحد مراكز اللياقة الطبية، ومن المتوقع تفعيلها في المراكز الأخرى في الفترة المقبلة، وقد تم إجراء أكثر من 5000 أشعة عبر توظيف الذكاء الاصطناعي، وبمقارنة النتائج فقد كانت أكثر دقة.
نتائج
وذكر الرضا أن دقة القراءة للأشعة بلغت 95% بالذكاء الاصطناعي، وهي نتائج ثابتة، أما نتائج الأطباء فتكون أحياناً متغيرة ومتفاوتة، مشيراً إلى أنه من خلال الذكاء الاصطناعي يمكن أن تحول نسبة 5% فقط من الأشعة إلى الأطباء، وهي النسبة التي يمكن أن تكون لديها مشاكل صحية، أما نسبة 95% من الأشعة، التي لا توجد لدى أصحابها مشاكل صحية، فيمكن عدم تضييع الوقت والجهد في عرضها على الأطباء، والاكتفاء بالذكاء الاصطناعي بالقيام بذلك.
وأوضح أن حالات الأشعة التي أظهر الذكاء الاصطناعي أن لدى أصحابها مشاكل صحية، تم تحويلها إلى الأطباء، وتأكد أن نتائج الذكاء الاصطناعي صحيحة ودقيقة.
التكنولوجيا أداة مساندة للطبيب ولا تلغي دوره
قال الدكتور توماس بويلات أستاذ مساعد الابتكار والتقنيات في الرعاية الصحية في كلية محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية: غالباً ما يُستخدم الذكاء الاصطناعي في دعم العمليات التحليلية للبيانات، سواءً النصوص أو الصور، والمساعدة في اتخاذ القرارات، وعلى الرغم من أن معظم الأبحاث العلمية قد أثبتت كفاءة الذكاء الاصطناعي، غير أن تطبيقاته السريرية لا تزال نادرة.وحول ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيحل مكان الأطباء مستقبلاً قال توماس بويلات إن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الأطباء، إلا أن الأطباء الذين لا يستعينون بقدرات الذكاء الاصطناعي سيُستبدَلون بآخرين يفعلون ذلك، إذ إن البشر لهم حدودهم إنما التطبيقات البرمجية لا حدود لها في بعض المجالات، وعلينا الاستفادة من ذلك واستغلال الموارد المتاحة الآلية منها والبشرية على أكمل وجه.
طب المستقبل
وحول دور الأطباء في الذكاء الاصطناعي قال الدكتور هوميرو ريفاس أستاذ الجراحة والعميد المشارك لشؤون الابتكار والمستقبل في الجامعة: يلعب الأطباء دوراً أساسياً في تصميم خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتقييمها، ففي إطار التصميم، يساعدون في تحديد المتغيرات التي ستشكل النموذج الإحصائي الذي تقوم عليه الخوارزمية أو المعادلة الحسابية، في حين أنهم يدعمون من الناحية التقييمية عمليةَ تصنيف المعلومات اللازمة خلال مرحلة التدريب للنموذج.وحول مدى مواكبة جامعة محمد بن راشد للطب لطب المستقبل والذكاء الاصطناعي قال الدكتور هوميرو ريفاس: أطلقت الجامعة مختبراً تصميمياً يهدف إلى رعاية وتعزيز حلول جديدة وثورية في قطاع الرعاية الصحية من شأنها الارتقاء بهذا القطاع مستفيدةً من الذكاء الاصطناعي، كما تدرّس الجامعة مواد الذكاء الاصطناعي واستخداماته لطلاب الطب في السنة الأولى في إطار مادة الابتكار والتكنولوجيا في العلوم الصحية.
التقنيات الذكية تحقق إيرادات بـ 15 مليار دولار في الرعاية الصحية 2021
قال الدكتور محمود طالب آل علي مدير المركز العربي للدراسات الجينية التابع لجائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية، إن التقارير تشير إلى أنه بحلول عام 2021 ستحقق أنظمة الذكاء الاصطناعي إيرادات بقيمة 15 مليار دولار في الرعاية الصحية على الصعيد العالمي، كما أن أكثر من 50% من قادة الرعاية الصحية العالمية يتوقعون أن يتوسع دور الذكاء الاصطناعي في التشخيص والمتابعة. وذكر أن إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، استراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي ضمن مشروع مئوية الإمارات 2071، يمثل موجة جديدة بعد الحكومة الذكية، بحيث ستعتمد عليها الخدمات والقطاعات والبنية التحتية المستقبلية في الدولة.
استراتيجية
وأضاف آل علي أن هذه الاستراتيجية التي تعد الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، تهدف للارتقاء بالأداء الحكومي وتسريع الإنجاز وخلق بيئات عمل مبدعة ومبتكرة ذات إنتاجية عالية، من خلال استثمار أحدث تقنيات وأدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها في شتى ميادين العمل بكفاءة، واستثمار كل الطاقات على النحو الأمثل واستغلال الموارد والإمكانات البشرية والمادية المتوفرة بطريقة خلاقة تعجِّل بتنفيذ البرامج والمشاريع التنموية لبلوغ المستقبل. ولفت إلى أنه مع التقدم في تطبيقات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، يكون الباحثون أكثر قدرة على تفسير البيانات الجينومية والتصرف فيها من خلال متابعة التسلسل الجيني وتحرير الجينات.
تطور
وتابع آل علي: من المهم أن نعلم أن التطور والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لن يحل محل دور الأطباء، بل سيسهم ذلك في توفير أدوات دقيقة للغاية لهم، لتشخيص المرض وتصنيف المخاطر بطريقة سهلة الفهم وتحسين العلاج الخاص بالمرضى وإجراء المزيد من الاختبارات، لافتاً إلى أن جميع أشكال الذكاء الاصطناعي أو التعلم الآلي تدور حول مضاعفة الجهد البشري بدلاً من استبداله.
وذكر أنه يمكن لتطبيق الذكاء الاصطناعي في المستقبل أن يلعب دوراً كبيراً في تشخيص الأمراض ومكافحتها والوقاية منها، وبالتالي تخفيف المعاناة البشرية والتقليل من التكاليف الكبيرة.