أكد طارق محمد القرق، الرئيس التنفيذي لمؤسسة "دبي العطاء" أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أرسى مفهوماً جديداً للعمل الخيري والإنساني يُوجّه من خلاله العطاء إلى مجالات حيوية تستهدف تحسين حياة الملايين حول العالم، مشيراً إلى أن التعليم يُعدّ من بين القطاعات المهمة التي تشكل أساساً للتنمية والتمكين لملايين الأطفال والشباب لما له من أثر في الحد من الفقر، وتحفيز النمو الاقتصادي، والمساعدة في بناء عالم أكثر أماناً واستقراراً.

وأشار القرق إلى أن "دبي العطاء"، وهي جزء من مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، تعمل منذ تأسيسها في عام 2007 على تعزيز فرص حصول الأطفال والشباب في البلدان النّامية على التعليم السليم ليصبحوا مساهمين إيجابيين في مجتمعاتهم، وذلك من خلال تصميم ودعم برامج متكاملة ومستدامة وقابلة للتوسّع، مؤكداً أن المؤسسة الإنسانية العالمية التي انطلقت من الإمارات إلى العالم، نجحت في إطلاق برامج تعليمية تصل لأكثر من 18 مليون مستفيد في 57 بلداً نامياً.

جاء ذلك خلال اللقاء الذي نظّمه المكتب الإعلامي لحكومة دبي ضمن سلسلة "جلسة مع مسؤول" بمشاركة مجموعة من رؤساء تحرير الصحف المحلية والعالمية العاملة في الدولة بمقر المكتب الإعلامي.

التزام بأهداف التنمية المستدامة

ولفت الرئيس التنفيذي لـــ "دبي العطاء" إلى أن المؤسسة تُجسّد التزام دولة الإمارات تجاه تحقيق الأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، إذ تلعب المؤسسة دوراً رئيسياً في المساعدة على تحقيق الهدف الرابع، المتمثل في ضمان توفير تعليم شامل وسليم للجميع وتعزيز التعلّم مدى الحياة بحلول عام 2030، من خلال دعم برامج تنمية الطفولة المبكرة والحصول على التعليم الأساسي والثانوي السليم، وتمكين الفتيات علاوة على التدريب الفني والمهني وتدريب الشباب، وكذلك التركيز بشكل خاص على التعليم في حالات الطوارئ والأزمات الممتدة وتعليم الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تقوم "دبي العطاء" بتمويل برامج قائمة على البحوث، وإطلاق مبادرات من شأنها توفير أدلة مفيدة للحكومات وصانعي السياسات والمجتمع المدني لدعمهم في تحديد إطار تعليمي للمستقبل.

القمة العالمية للتعليم خلال "إكسبو دبي 2020"

وأعلن طارق القرق خلال الجلسة أن "دبي العطاء" تعتزم تنظيم قمة عالمية للتعليم، تُعدّ الأولى من نوعها في المنطقة والعالم، وذلك بالشراكة مع معرض إكسبو 2020 دبي وبحضور وبتمثيل من وكالات الأمم المتحدة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية المختصة بالتعليم، والدول المشاركة في المعرض. وتهدف هذه القمة إلى تسليط الضوء على أهمية التعليم وإحداث زخم عالمي يتماشى مع بدء العد التنازلي لتحقيق الهداف الرابع من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة خلال السنوات القادمة وحتى 2030.

ومن المنتظر أن تبحث القمة، والتي ستُعقد في الربع الأول من 2021، في ثلاث محاور أساسية هي: الشباب والمهارات، وتمويل التعليم، والابتكار في التعليم، حيث ستجمع في دبي أغلب الجهات الفاعلة والرئيسية في مجال التعليم، وكذلك الجهات المانحة وممثلي وزارات التعليم من جميع أنحاء العالم. وستتضمن القمة مؤتمراً رئيسياً يركز على نقاط عمل السنوات العشر المتبقية على تحقيق الهدف الإنمائي الرابع للأمم المتحدة، وستجمع البلدان النامية والمتقدمة بهدف تبادل الخبرات وعرض قصص النجاح، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه التعليم لاسيما في حالات الطوارئ والأزمات الممتدة ووضع حلول وخطة عمل ومتابعة مرحلة التنفيذ.

كما ستشمل القمة مؤتمر "تمويل قطاع التعليم" والذي من المنتظر أن يبحث آليات تجديد الموارد على مستوى القطاع التعليمي، يتخلله العديد من المحادثات حول زيادة التمويل المحلي للتعليم في البلدان النامية. وستستضيف القمة كذلك حدث مخصص للابتكار في تكنولوجيا التعليم والاتصال من أجل التعلم، والذي سيتضمن مجموعة من المسرعات الانسانية، بالإضافة إلى عرض الابتكارات من البلدان المشاركة وشركاء معرض إكسبو. وسيتم إشراك الزائرين للمعرض في اختبار تجارب ملموسة حول أدوات التعليم المتطورة وغيرها من الوسائل التقليدية، وسيسلط الحدث الضوء على الحاجة الملحة إلى سد الفجوة الرقمية بين البلدان والشعوب والتأثير الكبير الذي يمكن أن يحدثه ذلك في تحقيق الهدف الرابع من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ستناقش القمة مهارات الشباب، ومستقبل التوظيف من خلال ربط الجهود العالمية الكبرى المتصلة بتوسيع مشاركاتهم في الحوار وإبداء الرأي حول رؤيتهم لمستقبل الشباب وربطهم بسوق العمل حول العالم.

ونوّه طارق القرق كذلك إلى أن دبي العطاء ستكون من بين المشاركين في معرض إكسبو 2020 وسيكون لها جناح خاص في الحدث العالمي، حيث سيمثل الجناح إضافة نوعية من ناحية التصميم والنشاطات المبتكرة الهادفة إلى تقديم رسالة مهمة حول أهمية التعليم في دعم مستقبل الإنسانية.

وأشار إلى تعهّد دبي العطاء على هامش اجتماعات الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في العام 2018، بدعم مبادرة "جيل طليق" التي أطلقتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وهي شراكة عالمية جديدة تهدف إلى زيادة الفرص والاستثمارات المخصصة للشباب، إذ تعد دبي العطاء، ممثلةً برئيسها التنفيذي، عضواً في المجلس العالمي المكلّف بتقديم الخبرات والتوجيه الاستراتيجي والموارد والقيادة والإشراف على الشراكة.

دعم التعليم في أفريقيا

وخلال "جلسة مع مسؤول" في مقر المكتب الإعلامي لحكومة دبي، أعلن طارق القرق أن "دبي العطاء" ستطلق برنامجاً جديداً للتعليم في قارة أفريقيا-جنوب الصحراء الكبرى "بالشراكة مع"Co-impact"، بناءً على النجاح الكبير الذي حققه البرنامج الذي أطلقته المؤسسة بالشراكة مع منظمة "براثام" للتعليم في الهند، والذي تبنته الحكومة الهندية آنذاك وحقق ردود فعل دولية إيجابية بين المنظمات الدولية المختصة بالتعليم حول العالم.

ولفت الرئيس التنفيذي لــ"دبي العطاء" إلى أن البرنامج الجديد سيجري تنفيذه في 8 دول في جنوب الصحراء الكبرى على الأقل، حيث ستخصص المؤسسة نحو 7.3 مليون درهم (حوالي مليوني دولار) لتمويل البحوث التعليمية ضمن البرنامج الذي يحمل عنوان "التدريس في المستوى الصحيح" وذلك لتوسيع نطاقه في أفريقيا، وهو منهج يقيّم الأطفال ثم يصنفهم وفقًا لمستواهم الأكاديمي بدلاً من العمر أو الصف، وسيكون تركيز المؤسسة في النسخة الأفريقية من البرنامج على تمويل مركز للتعلم والابتكار، وهو ما سيساعد فريق برنامج "التدريس في المستوى الصحيح" من تطوير نماذج أكثر فاعلية وقابلية للتطوير في مجموعة من البلدان في إفريقيا، ما يعود بالفائدة على حوالي ثلاثة ملايين طفل على مدار السنوات الخمس القادمة، في الوقت الذي تصل فيه القيمة الإجمالية للبرنامج إلى نحو 158 مليون درهم (43 مليون دولار أمريكي) ويشارك في تمويله جهات مختلفة.

التعليم في حالات الطوارئ

وأوضح طارق القرق أن احتياجات الأطفال الذين يعيشون في المجتمعات الهشة ومناطق النزاعات والكوارث الطبيعية، تُشكِّل أولوية قصوى على أجندة أعمال المؤسسة، إذ تشير الإحصاءات إلى أن حوالي 2% فقط من إجمالي المساعدات الإنسانية يُنفق على التعليم، منوهاً أن "دبي العطاء" تلعب دوراً كبيراً في تسليط الضوء على ضرورة التركيز بشكل أكبر على احتياجات الأطفال في البلدان المتأثرة بحالات الطوارئ، وأشار القرق إلى أن ثلث الميزانية السنوية لدبي العطاء يتم تخصيصها لبرامج التعليم في حالات الطوارئ، وأن 10% من إجمالي هذا التمويل يجري استثماره في البحوث والتقييمات.

وقد تم اختيار "دبي العطاء" عضواً في الفريق التوجيهي رفيع المستوى لصندوق "التعليم لا يمكن أن ينتظر"، وذلك تقديراً لدور المؤسسة في جمع التبرعات وتحفيز المناهج الجديدة للتمويل والابتكار بهدف توفير التعليم السليم في حالات الطوارئ والأزمات الممتدة. وجرى كذلك اختيار المؤسسة في العام 2017 عضواً في اللجنة التوجيهية للشبكة العالمية لوكالات التعليم في حالات الطوارئ. وهو ما مكنها من لعب دور مهم في التوجّه الاستراتيجي لأحد أهم المنصّات العالمية في مجال التعليم في حالات الطوارئ بهدف تعزيز الحوار وإحداث تغيير إيجابي في سياسات التعليم في حالات الطوارئ، وإحراز تقدم في البحوث الخاصة بهذا المجال، ودعم إقامة شراكات لمواجهة التحديات المشتركة في هذا القطاع والعمل على إيجاد حلول عاجلة.

غرس الخير والعطاء

وفي ختام اللقاء، أكد الرئيس التنفيذي لـمؤسسة "دبي العطاء" على أهمية دور الأسرة والمؤسسات التعليمية والجمعيات الإنسانية والخيرية في غرس قيم الخير بين أفراد المجتمع، وتنشئة الأطفال على قيم العطاء بمختلف أشكاله، لافتاً أن المؤسسة قامت على مدار السنوات الأخيرة بإطلاق "جائزة دبي العطاء للعمل الإنساني المتميز في المدارس"، بهدف نشر ثقافة العمل التطوعي ودعمه في المدارس وتعزيزه في نفوس الطلبة والإداريين والمعلمين داخل المدارس، ما يسهم في إعداد طلاب قادرين على تحمل مسؤولية البناء والتنمية في الدولة.

وتحقيقاً لأهدافها النبيلة على نطاق الدولة، تقوم "دبي العطاء" باشراك المجتمع المحلي ضمن سلسلة من المبادرات التطوعية والتوعوية وأنشطة جمع التبرعات بما يتماشى مع التزاماتها. وتتضمن هذه المبادرات "المسيرة من أجل التعليم"، و"التطوع في الإمارات"، و"التطوع حول العالم"، إضافة إلى الحملة الرمضانية السنوية.

يُذكر أن جامعة مانجالاياتان في أليغار، الهند قد منحت طارق القرق مؤخراً الدكتوراه الفخرية تقديراً لمساهمته في دعم قضية التعليم حول العالم ولإسهاماته المتميزة وجهوده المستمرة في زيادة الوعي حول القضايا المتعلقة بالعمل الانساني.