حظي المجلس الوطني الاتحادي الذي عقد أولى جلساته بتاريخ 12 فبراير 1972م بدعم لامحدود من قبل المغفور له بإذن الله تعالى القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وذلك تجسيداً لنهج الشورى وترجمة لرؤية المغفور له الشيخ زايد الذي كان يعتبر المجلس إحدى المؤسسات الاتحادية التي تترسخ من خلالها المشاركة السياسية للمواطنين والمساهمة في مسيرة التنمية الشاملة المتوازنة التي تتواصل بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.

ويستذكر المجلس الوطني الاتحادي بمناسبة «يوم زايد للعمل الإنساني» الذي يصادف في التاسع عشر من شهر رمضان المبارك من كل عام، والموافق لذكرى رحيل مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مسيرة مؤسس الدولة وباني نهضتها الحافلة بالعطاء والإنجازات والمبادرات الإنسانية الراسخة في كل بقاع الأرض، والجهود الكبيرة لدولة الإمارات في مجالات العمل الإنساني والتنموي الذي يستهدف تحقيق الأمن والاستقرار في شتى أرجاء العالم، تجسيداً للمبادئ التي تأسست عليها دولة الإمارات، والتي تحرص على نشر قيم التسامح والتعايش عبر بوابة المساعدات الإنسانية والتنموية والمعونات والدعم الذي تقدمه للمحتاجين والدول كافة دون النظر لأي اعتبارات دينية أو عرقية أو طائفية.

تطلعات

وتحل هذه الذكرى والمجلس الوطني الاتحادي يواصل دوره الوطني وهو أكبر قدرة وفاعلية على تمثيل شعب الاتحاد وتحقيق تطلعات القيادة واستشراف المستقبل من خلال ممارسة اختصاصاته التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية وتقديم أفضل أداء برلماني، تنفيذاً للاستراتيجية البرلمانية للمجلس للأعوام 2016-2021م، التي تستند إلى مجموعة من المنطلقات الوطنية من ضمنها برنامج التمكين السياسي لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أعلنه عام 2005م، ورؤية دولة الإمارات العربية المتحدة 2021م.

واستهل المجلس الوطني الاتحادي عام 2019 عام التسامح بزيارة عمل رسمية إلى مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل خلال الفترة من 7 حتى 11 يناير، بهدف تحقيق أكبر قدر من الفاعلية البرلمانية واستمرار التعاون والحوار مع التكتلات البرلمانية الدولية الكبرى، والتعريف بالجهود الكبيرة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة في مجالات المساعدات الإنسانية والإغاثية والإنمائية التي تحرص من خلالها على تحقيق الأمن والاستقرار لدى مختلف شعوب ودول العالم، فضلاً عن التعريف بالتطور الحضاري والاقتصادي، والجهود المبذولة على صعيد مكافحة الإرهاب والتطرف ونشر التسامح والاعتدال ونهج الإمارات في التعايش والتواصل الحضاري والثقافي.

وشهدت الزيارة نشاطاً برلمانياً غير مسبوق بإقامة معرض «من المساعدات الإنسانية للاستقرار» الذي نظمته «هيئة الهلال الأحمر الإماراتي» بالتنسيق مع المجلس الوطني الاتحادي، على مدى ثلاثة أيام في مقر البرلمان الأوروبي، والذي يعد ثمرة لتعاون المؤسسات الوطنية والعمل بروح الفريق التزاماً بنهج قيادتنا الرشيدة ويمثل تحركاً استثنائياً غير مسبوق، كما نظم المجلس الوطني الاتحادي ندوة في مقر البرلمان الأوروبي بعنوان «من المساعدات الإنسانية للاستقرار»، بالتعاون مع مجموعة الصداقة الإماراتية الأوروبية في البرلمان الأوروبي وبمشاركة الهلال الأحمر ومفوض المساعدات الإنسانية وإدارة الأزمات بالمفوضية الأوروبية ومدير مكتب الصليب الأحمر للاتحاد الأوروبي، بمقر البرلمان الأوروبي، حيث تم توجيه رسالة للعالم أجمع بأن الإمارات تمثل قدوة ونموذجاً عالمياً يحتذى على الصعيد الإنساني والتنموي والسعي لتحقيق الأمن والاستقرار للدول والشعوب.

تعاون وتفاهم

وجاء تنظيم الندوة والمعرض ترجمة لمذكرة التعاون والتفاهم المبرمة بين المجلس الوطني الاتحادي ومجموعة الصداقة الإماراتية الأوروبية في البرلمان الأوروبي التي تم توقيعها خلال زيارة وفد المجموعة إلى دولة الإمارات والمجلس في شهر أكتوبر 2017 والتي نصت على أن يتعاون الجانبان في تنظيم فعاليات برلمانية مشتركة في المقر الرئيسي للبرلمان الأوروبي أو أي مكان آخر بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك لكل من دولة الإمارات العربية المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وكان للدعم اللامحدود الذي أولاه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه»، لأعمال المجلس وحرصه وإخوانه الحكام على افتتاح الفصول التشريعية المتعاقبة، أكبر الأثر في دعم أركان الاتحاد ومؤسساته وتقويته وتحقيق المكاسب الفريدة للشعب ورفع اسم دولة الإمارات شامخاً عالياً عربياً ودولياً.

وحرص المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، «طيب الله ثراه»، على تضمين الدستور عدداً من المواد المتعلقة بالمجلس الوطني الاتحادي، والتي تعبر تعبيراً دقيقاً عن نهج الشورى في دولة الإمارات وفي فكر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، الذي كان يطالب دائماً بإتاحة الفرصة أمام كل عضو من أعضاء المجلس ليقول رأيه بصراحة تامة ويعبر عن مطالب واحتياجات المواطنين بأمانة مطلقة، وكان رحمه الله يوجه أعضاء المجلس بالتفاني في خدمة الدولة والتعاون مع جميع مؤسسات الدولة ومع الوزراء لتعزيز دور وسيادة الدولة.

وحدد المغفور له الشيخ زايد، «طيب الله ثراه»، في الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الأول للمجلس الوطني الاتحادي مهام المجلس ودوره بقوله في أول خطاب له في المجلس «في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة التي يجتمع فيها مجلسكم الموقر فإن جماهير الشعب على هذه الأرض الطيبة المؤمنة بربها وبوطنها وبتراثها تتطلع إليكم واثقة من أنكم بعون الله ستشاركون في تحقيق آمالها في العزة والمنعة والتقدم والرفاهية»، وشكل هذا الخطاب في يوم مشهود من تاريخ الإمارات، محطة بارزة في مسيرة عمل المجلس وفي طبيعة الدور والمهام والنشاط الذي سيقوم به لتحقيق المشاركة الأساسية في بناء مستقبل مشرق وزاهر من خلال تحقيق آمال شعب الإمارات نحو بناء مجتمع الكرامة والرفاهية.

وكان حرص المغفور له بإذن الله الشيخ زايد على أهمية تفعيل دور المجلس نابع من إيمانه العميق بالدور الذي يضطلع به المجلس، وبقدرة أعضائه على المساهمة الإيجابية في خدمة وطنهم وشعبهم، واتضح ذلك جلياً في تأكيده المستمر على أعضاء المجلس بضرورة تحسس تطلعات المواطنين وهمومهم ومناقشتها بكل جرأة وتجرد، وكان يرى في المجلس عوناً وشريكاً للحكومة في تحمل المسؤولية الوطنية، وعاملاً على تحقيق التوازن بين السلطات المختلفة في الدولة، لذلك كان حريصاً على التأكيد دوماً على أهمية دور المجلس باعتباره يضم نخبة من أبناء الإمارات.

وفي خطابه أمام المجلس الوطني الاتحادي في افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الثاني للمجلس بتاريخ 18 نوفمبر 1975م، قال المغفور له بإذن الله الشيخ زايد: «إن شعبنا يؤمن إيماناً راسخاً بحكم الشورى وقد تمثل ذلك فيما أولاه لكم من ثقة وتقدير وما عقده عليكم من أماني وآمال».