شهد «المنتدى الاقتصادي الإماراتي الصيني»، والذي انطلقت فعالياته أمس في بكين بمشاركة أكثر من 500 شخصية من قيادات القطاعين العام والخاص في البلدين، التوقيع على 16 مذكرة واتفاقية تفاهم بين مؤسسات إماراتية وصينية في العديد من المجالات.

ويهدف المنتدى، الذي يلتئم تحت شعار «الشراكة المستدامة.. الاستثمار المستدام» إلى توسيع جسور التعاون بين القيادات الحكومية وممثلي الشركات والمستثمرين في الإمارات والصين، في نطاق شراكة تواصلت على مدى ثلاثة عقود، لترتقي إلى استراتيجية تشمل 13 محوراً رئيسياً في مجالات التجارة والاستثمار والنفط والطاقة النظيفة، فضلاً عن السياحة والصحة والبيئة والفضاء والبناء والصناعات الابتكارية.

ويشكل المنتدى، والذي تنظمه وزارة الاقتصاد بالتعاون مع ديوان شؤون الرئاسة والدوائر الاقتصادية واتحاد الغرف، جزءاً رئيسياً من برنامج زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى جمهورية الصين الشعبية.

افتتاح المنتدى

وافتتح المنتدى، الذي يشارك فيه من الإمارات 240 قيادياً ورجل أعمال، معالي سلطان بن سعيد المنصوري وزير الاقتصاد، فيما كان محمد العبار رئيس مجلس إدارة مجموعة إعمار ضيف الشرف في المنتدى.

وقال المنصوري في الكلمة التي افتتح بها المنتدى: «يسعدني أن أتحدث لكم في هذا الملتقى الاقتصادي الرائد الذي يعقد ضمن فعاليات زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة إلى جمهورية الصين الشعبية».

وأضاف أن هذه الزيارة رفيعة المستوى، والتي تأتي في إطار الاستراتيجية الشاملة للعمل المشترك بين الإمارات والصين، هي محطة مفصلية أخرى على طريق الشراكة المستدامة بين البلدين، والتي تسير بخطى واثقة نحو المستقبل، معرباً عن امتنانه لشركاء الإمارات في الصين على حفاوة الاستقبال والاهتمام الكبير بوفد الإمارات، وقال: «كلنا ثقة بأن هذه الزيارة، ومن خلال الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي يوقعها البلدان في العديد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، ستدفع باتجاه مستوى جديد من العلاقات المزدهرة».

35 عاماً

وتابع المنصوري: «نحتفي في هذه السنة بمرور 35 عاماً على تدشين العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والصين، وتجمعنا اليوم روابط ثنائية متينة باتت تمثل نموذجاً عالمياً حافلاً بالإنجازات والتعاون المشترك إزاء مختلف القضايا الثنائية والإقليمية والدولية».

وأكد أن الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عازمة على بذل الجهود للارتقاء المستمر بعلاقات البلدين التي وصلت اليوم إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، مدفوعة بالرغبة المشتركة والزيارات رفيعة المستوى بين قيادتي البلدين، مشيراً إلى أن زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الصين تمثل استمراراً وتمكيناً لهذه الشراكة.

زيارة

واستذكر المنصوري زيارة الرئيس شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية إلى الإمارات العام الماضي، قائلاً إنها تمثل مصدر فخر كبير لنا، حيث كانت الإمارات الوجهة الأولى له في أول جولة خارجية له بعد إعادة انتخابه رئيساً للصين، ولقد أسفرت تلك الزيارة التاريخية عن توقيع 13 مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون وشراكة واستثمار في مجالات حيوية عديدة شملت الطاقة والطاقة المتجددة والتجارة الإلكترونية والزراعة والأمن الغذائي والخدمات المالية وغيرها، إلا أن الأهم في نظرنا، أنها أثمرت عن تعميق صداقة البلدين وترسيخ أواصر التقارب بينهما، الأمر الذي يؤسس لشراكة طويلة المدى وقادرة على تجاوز التحديات الإقليمية والعالمية، لتستفيد منها الأجيال المستقبلية في كلا البلدين، وقد كان تقليد الضيف الكبير «وسام زايد»، الوسام الأرفع في الدولة، ترجمة لمدى الحفاوة والاهتمام الذي تكنه الإمارات لهذه الشراكة الاستراتيجية.

محطة مضيئة

وقال معاليه إنه وفي محطة مضيئة أخرى، أكد حضور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي في بكين خلال أبريل الماضي، رسالة مهمة مفادها أن الإمارات تثق بمبادرة «الحزام والطريق» وتؤمن بقدرتها على دفع الاقتصاد العالمي قدماً.

وأضاف: إننا ننظر بعين الاهتمام والاحتفاء للتفاهمات التي أثمرت عنها زيارة سموه، حيث تم خلالها إطلاق مشاريع ضخمة في دبي أبرزها مجمع «سوق التجار» باستثمارات صينية تصل إلى 2.4 مليار دولار، و«سلة الخضروات» بتمويل من صندوق الاستثمار العربي الصيني بقيمة مليار دولار، الأمر الذي يعزز دور الإمارات كمحطة عالمية محورية على طريق الحرير الجديد.

دعم ومساهمة

وقال معالي وزير الاقتصاد: أود أن أؤكد من هذا المنبر أن الإمارات حريصة على دعم هذه المبادرة والمساهمة الفعالة في أجندتها بما تملكه من بنى تحتية وموقع استراتيجي وخدمات تجارية ولوجستية فائقة، وقد كرست مؤتمراً متخصصاً ضمن فعاليات ملتقى الاستثمار السنوي الذي يعقد في الإمارات، حول أهمية مبادرة «الحزام والطريق» وتعزيز الشراكة من خلال فرصها الاستثمارية.

وتابع: «نحن على ثقة بأن آفاق التعاون المستقبلي بين الإمارات والصين في إطار هذه المبادرة مازالت مفتوحة على الكثير من الفرص والمشروعات الجديدة التي تخدم مصالح البلدين، مؤكداً أنه إلى جانب هذه الجهود، قدمت اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين نموذجاً مهماً لتنمية أطر التعاون بصورة مستمرة واستكشاف الفرص الجديدة.

وأشار المنصوري إلى أهمية صندوق الاستثمار الاستراتيجي المشترك بقيمة 10 مليارات دولار الذي أسسه البلدان عام 2015 ليمثل رافداً إضافياً لدعم خطط التعاون الاقتصادي المشتركة، قائلاً: إن هذه المساعي الثنائية المتواصلة، توفر أرضية خصبة للانطلاق يداً بيد نحو المستقبل عبر مشاريع استراتيجية ومبادرات تنموية وشراكات تجارية تخدم مصالحنا الحالية وتدعم تطلعاتنا على المدى البعيد.

قصص نجاح

وأعرب معالي وزير الاقتصاد عن فخره بما حققته الشركات الإماراتية الرائدة، مثل أدنوك ومبادلة وبروج والإمارات للألمنيوم وإعمار وموانئ دبي العالمية ودناتا وبنك الاتحاد الوطني وطيران الإمارات والاتحاد للطيران وغيرها من نجاح في الأسواق الصينية في قطاعات مهمة كالطاقة والطاقة المتجددة والنقل والعمليات البحرية والخدمات المالية والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والضيافة، ونتطلع قدماً لأن تمثل تجربتها نموذجاً ملهماً لمزيد من المشاريع والتعاون الاستثماري خلال المرحلة المقبلة.

وقال: إننا في حكومة دولة الإمارات ننظر ببالغ الاهتمام للدور الحيوي للاستثمارات الصينية في دعم العديد من الأنشطة الاقتصادية في الدولة، مثل الطاقة والبنية التحتية والصناعة والخدمات اللوجستية وتجارة الجملة والتجزئة والأنشطة المالية وقطاع البناء والتشييد والعقارات.

سياسة مرنة

وأضاف أن دولة الإمارات وانطلاقاً من توجيهات قيادتها الرشيدة، واستناداً إلى محددات رؤية الإمارات 2021، تبنت سياسة اقتصادية رائدة تتسم بالمرونة والانفتاح والارتباط الإيجابي مع الأسواق العالمية، وتسعى إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام وعالي التنافسية، يرتكز على محاور المعرفة والابتكار والتكنولوجيا والبحث والتطوير.

وأكد أن الجهود المتواصلة التي بذلتها الدولة انعكست بوضوح من خلال تصدرها مكانة رائدة ضمن العديد من مؤشرات التنافسية والتنمية العالمية، حيث تحل المرتبة 11 عالمياً في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال، و9 عالمياً في مؤشر الحرية الاقتصادية، و27 في مؤشر التنافسية العالمية، و23 في مؤشر تمكين التجارة، داعياً من هذا المنطلق جميع الشركاء في جمهورية الصين الشعبية إلى استكشاف هذه البيئة الاقتصادية الحيوية لدولة الإمارات وما تطرحه من فرص تجارية واستثمارية واعدة في مظلة واسعة من القطاعات ذات الاهتمام المشترك.

علاقات متميزة

وكان تشونغ شان وزير التجارة الصيني قد ألقى كلمة خلال فعاليات المنتدى أكد فيها على العلاقات المتميزة التي تربط بين بلاده والإمارات، مشيراً إلى فرص تعزيزها خلال الفترة القادمة. وقال إن الاتفاقيات التي وقعت بين الصين والإمارات تشكل أساساً لترسيخ العلاقات بين البلدين، حيث تشمل هذه الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المجالات كافة، مؤكداً أن المنتدى الاقتصادي سيسهم في خلق المزيد من الفرص في البلدين.

من جانبه قال محمد العبار رئيس مجلس إدارة شركة»إعمار«ضيف الشرف في المنتدى، إن علاقات التعاون بين الإمارات والصين في تطور مستمر، مؤكداً أن الدعم المقدم من حكومتي البلدين ساهم فيما وصلت إليه هذه العلاقات من مكانة متميزة.

ووصف العبار جمهورية الصين الشعبية بأنها شريك متميز على كافة الصعد الاقتصادية والبشرية، مشيراً إلى أن الحضور الكبير من المسؤولين ورجال الأعمال من الجانبين يعد إشارة واضحة على ما يوليه القطاعان العام والخاص من أهمية لتطويرها إلى مستويات أعلى خلال المرحلة القادمة.

حلقات نقاش

تضمن المنتدى عرض فيلم عن الإمارات تبعه عقد حلقات نقاش بعنوان «استثمر في الإمارات» شارك فيها العديد من المسؤولين الذين يمثلون دائرة التنمية الاقتصادية - أبوظبي، والشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ومؤسسة دبي للصادرات، وهيئة المنطقة الحرة بالفجيرة، وغرفة تجارة وصناعة عجمان، وهيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية، وسوق أبوظبي العالمي.