لابد لعينيك وأنت تتجول في شوارع دبي، أن تلتقطا ملامح المشهد الفني، فلا تكاد تخلو زاوية في المدينة، إلا وتحتضن عملاً فنياً يعكس جماليتها، وثراءها الفني، يقدمها على هيئة مدينة عصرية، فالفنون تتحول مع الوقت إلى شاهد على تاريخية المكان، وهو ما تتلمسه بمجرد عبورك لشارع «الثاني من ديسمبر»، أو تجوالك بين أروقة مركز دبي المالي العالمي.
حيث تتركز معظم «الغاليريهات»، أو من خلال زيارة بسيطة لـ«السركال أفينيو» الذي يحتضن بين جنباته عشرات الغاليريهات والمراكز الفنية، وكذلك الحال ينسحب على مركز «فن جميل»، الذي يتربع بكل أناقة على ضفة خور دبي.
تطور المشهد الفني في دبي، نجح في تحويل دانة الدنيا إلى بوابة المنطقة العربية، يتعين على عشاق الفنون اجتيازها، من أجل التعرف على تفاصيل المشهد الفني في المنطقة العربية، حيث نجحت دبي وعبر السنوات الماضية، في استقطاب عدد كبير من الفنانين التشكيليين والمؤسسات المهتمة بالفنون، وهو ما خلق حركة استثمارية باتت تعرف بـ«تجارة الفنون»، التي ازدهرت بفضل مقومات دبي، وقدرتها على خلق حالة من التواؤم بين جنسيات العالم، في مشهد جميل يعبر عن التسامح.
طبيعة العمارة
«أعتقد أنني لو عشت في مدينة أخرى بخلاف دبي، لما تمكنت من تفجير طاقتي ومواهبي الفنية، فالمشهد الفني فيها لافت وقادر على الإلهام»، هكذا تصف التشكيلية الهندية ريا شارما، تجربتها في دبي.
حيث تقول: «لقد شكلت طبيعة العمارة التي تتميز بها دبي، طريقاً جميلاً أخذني معه نحو الجمال الكامن في المدينة، فوجدت نفسي بين الألوان، وأتنقل بين غاليريهات دبي، التي تفيض بجماليات المدارس التشكيلية». وأضافت: «في تقديري أن المشهد الفني في دبي ثري، كونه يجمع بين كل مدارس الفن التشكيلي، وهو ما يجعل دبي وجهة خالصة لعشاق الفنون، والذين يمكنهم الاستمتاع بكل ما تقع عليه أعينهم».
أما الفنانة عائشة العبار، مؤسسة «عائشة العبار غاليري»، فقالت: «لقد نجحت دبي خلال سنوات قليلة أن تتربع على قمة المدن المهتمة بالفنون التشكيلية، وهو ما نلمسه نحن أصحاب الصالات الفنية، الذين نعمل على مدار الوقت لاستقطاب أعمال ذات مستوى عالٍ، لعرضها في دبي، حيث بدأنا نشهد خلال السنوات الأخيرة، تنامي ثقافة الاستثمار في الفنون، على اختلاف أنواعها». وتابعت عائشة:
«ما يميز صالات دبي الفنية، هو تنوع مقتنياتها، ولوحاتها ومنحوتاتها التي تعبر كل واحدة منها عن مدرسة فنية مختلفة، وأعتقد أن اجتماع كل هذه المدارس في دبي، مرده بالأساس الاهتمام الكبير الذي توليه قيادتنا الرشيدة للمجال الفني والثقافي، ووجود استراتيجية عمل واضحة، قادرة على النهوض بدبي، وتحويلها إلى عاصمة عالمية للفنون».
حدود النشاط
ما شهده سوق الفن في دبي من نمو متسارع على مر السنوات القليلة الماضية، ساهم في تكريس «دانة الدنيا» مركزاً عالمياً وإقليمياً راقياً، مدفوعاً بعديد المؤسسات والفعاليات التي تشهدها دبي في هذا الإطار، وعلى رأسها معرض «سكة» و«آرت دبي»، و«فنون العالم دبي» و«دبي كانفس».
وغيرها من المعارض التي تستقطب سنوياً العشرات من الفنانين وعشاق الفنون التشكيلية، ووفق الإحصائيات، فإن حجم مبيعات «الفنون» في دبي يصل إلى 50 مليون دولار سنوياً، الأمر الذي يشير إلى آفاق النمو التي يعيشها هذا القطاع.والتي تتجاوز حدود النشاط الثقافي إلى النشاط الاستثماري، وقد عززت سمعة دبي العالمية وجاذبيتها السياحية في إغراء المتخصصين وكبار مقتني الأعمال الفنية من حول العالم، والذين يحطون رحالهم سنوياً في دبي، لغرض الحصول على الأعمال الفنية الراقية.