المتاحف ذاكرة الشعوب، وحاضنة إرثها، بين أروقتها تستمع لحكايات من زمن مضى، فيما جدرانها تمثل مرآة لتراث الشعوب.

وهكذا هي متاحف دبي التي تحولت إلى جسر تسرد عليه حكايات «دانة الدنيا»، وأهلها وتجارتها ومستقبلها، فهي تمتلك القدرة على تقديم مزيج ساحر من الثقافة الموشَّاة بالفنون والتراث، في بعضها تجد دبي القديمة، وفي أخرى يمكن أن تقرأ المستقبل، مستفيدة بذلك من طبيعة إيقاع دبي الذي يبدو لوهلة أشبه بعالم صغير، يحتضن بين جنباته العشرات من ثقافات العالم، والتي تتآلف معاً بطريقة لافتة، تعكس التسامح والجمال.

في دبي تتأرجح المتاحف التي يزيد عددها على 20 بين التراثية القديمة والمعاصرة، حيث تبدو أشبه ببوابة واسعة، تمكن زوارها من الولوج في قلب دبي، التي تتمتع بديناميكية ثقافية، وعلى غرار المدن العالمية، نجحت دبي في تحويل هذه المتاحف إلى مزارات سياحية، وأندية ثقافية، قادرة على إشباع حاجة الزوار والسياح وأولئك الباحثين عن تفاصيل الثقافة المحلية التي يتهادى الجزء الأكبر منها في متحف دبي، ذلك الشاهد القديم على النشاط الإنساني في الإمارة، والذي يعود تأسيسه إلى 1787م.

تطور المدينة

ساحات متحف دبي، لا يمكن أن تخلو من المارة، والسياح الذين يتدفقون عليه من كل حدب وصوب، لتبدو هذه الساحات بداية الطريق التي تأخذ زوار دبي نحو متاحف ومعالم أخرى، بعضها يقع في ذات المنطقة، وبعضها الآخر توزع في أرجاء المدينة وزواياها المتعددة، وحي الفهيدي التاريخي يعد واحداً من أشهر المواقع التراثية والتاريخية في دبي.

ويقع متحف المسكوكات الذي يتهادى بكل أناقة أمام الزوار، الذين سيجدون أنفسهم أمام أكثر من 400 عملة تاريخية نادرة، ومسكوكات نقدية تعود إلى عصور غابرة، فيما يظل هذا المتحف الشاهد على طبيعة العملات النقدية المتداولة في دبي والمنطقة سابقاً، حيث يمكن من خلالها قراءة تطور المدينة، كما يقع في المكان ذاته متحفا القهوة والمسكوكات، إلى جانب احتضانه العديد من الفعاليات الفنية ذات الصبغة العالمية.

مشهد تاريخي

ولأن المتاحف، تشكل واحداً من مصادر إثراء المشهد الثقافي وترفع من نسبة السياحة الثقافية، فقد حظي حي الفهيدي الذي يستقطب يومياً أعداداً كبيرة من السياح وزوار دبي، بمكانة عالية لديهم، حيث يمكنهم من قراءة المشهد التاريخي والتراثي للإمارة، وفق تعبير ناصر جمعة، مدير حي الفهيدي التاريخي في «دبي للثقافة»، الذي أكد في حديثه مع «البيان» أن «حي الفهيدي يعد مركزاً مهماً للتعرف على تاريخ الإمارة، وتطورها». وقال: «الحي يمتلك العديد من المراكز الثقافية.

والمتاحف المتخصصة، مثل متحفي القهوة والخنجر، وبيوت الفنون التشكيلية، وكذلك فن العمارة الذي تتميز به الإمارة، حيث تعكس تفاصيل الحي، طبيعة الثقافة السائدة في دبي». وأضاف: «قمنا في هيئة دبي للثقافة والفنون بتجهيز الحي بشكل كامل، وعملنا على توفير كافة احتياجات السياح والزوار، الذين يتطلعون للتعرف إلى المشهد التاريخي والثقافي في دبي، حيث قمنا بتخصيص ركن للحرف التقليدية التي كانت سائدة قديماً».

خطة عمل

جمعة أشار إلى أن الحي استقطب خلال سبتمبر الماضي، أعداداً كبيرة من السياح. وقال: «ندرك أهمية مثل هذه المواقع، وإدراجها في لائحة المكاتب السياحية، فعدا عن كونها تمثل وجه دبي الثقافي والتاريخي، يمكن من خلالها رفع مستوى الوعي الثقافي لدى السياح والزوار»، كاشفاً في الوقت نفسه، عن حجم عدد الزوار الذين حطوا رحالهم في الحي خلال سبتمبر الماضي، حيث قال: «استقبلنا خلال شهر سبتمبر الماضي فقط 2297 وفداً سياحياً.

فيما بلغ عدد السياح الصينيين الذين زاروا المكان خلال الشهر نفسه، 28208 زوار، وبلغ العدد الإجمالي لزوار الحي خلال الفترة نفسها نحو 57845 زائراً». وبين أن ارتفاع هذه الأعداد لم يكن له أن ينجح من دون الاستناد إلى خطة عمل واضحة. وقال: «خلال الفترة الماضية، قمنا بتجهيز مسار سياحي واضح، يساعد السائح والمرشد أيضاً على التجول داخل الحي والتعرف إلى تفاصيله».