يحتفل القمر الصناعي «خليفة سات»، أول قمر صناعي تم تصنيعه بأيد إماراتية 100%، يوم الثلاثاء المقبل، بمرور عام على إطلاقه في 29 أكتوبر الماضي، والذي تم من مركز تانيغاشيما الفضائي في اليابان على متن الصاروخ (H-IIA)، ليبدأ العمل في مداره لمدة 5 سنوات، وينضم بذلك إلى الأقمار الصناعية الأخرى التابعة لمركز محمد بن راشد للفضاء «دبي سات-1» و«دبي سات-2»، وخلال هذا العام تألق خليفة سات في التقاط العديد من الصور لأهم المعالم في الأرض، والتي تتماشى مع بعض المناسبات، فضلاً عن الصور الأخرى التي يتم معايرتها للتأكد من جاهزية القمر ومد الجهات المختلفة بما تحتاجه من هذه الصور داخل الدولة وخارجها.

نخلة الجميرا

ومع الساعات الأولى لانطلاق خليفة سات استطاع القمر أن يبث أولى صوره لجزيرة نخلة الجميرا، التي شكلت باكورة مهماته، فيما توالت لاحقاً على مدار عام التقاط الصور المتنوعة من كل أنحاء العالم، وشملت التقاط صورة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، تم رسمها على إحدى حدائق الطرق في الدولة، فيما جاءت هذه الصورة بالتوازي مع احتفالات الدولة باليوم الوطني الـ 47، وكتهنئة من القمر بهذه المناسبة الغالية على قلوب الجميع، والتقط القمر مؤخرا صورة لبرج مركز المملكة العربية السعودية، وذلك للتهنئة بمناسبة اليوم الوطني، ولم ينس خليفة سات المناسبات الرياضية المهمة، حيث التقط القمر صورة رائعة لاستاد آل مكتوم (نادي النصر) وذلك بالتزامن مع انطلاق بطولة كأس آسيا 2019 التي استضافتها الإمارات، فيما التقط أيضاً صورة لنادي أولمبيك ليون في فرنسا، وذلك تزامنا مع نهائي كأس العالم للسيدات.



ومن المناسبات الرياضية إلى المناسبات الدينية، التي حرص على التقاط صور تعبر عنها، صورة للحرم المكي الشريف خلال موسم الحج العام الحالي، وصورة أخرى للمسجد النبوي في المدينة المنورة، احتفاء ببداية العام الهجري 1441، فضلاً عن صورة أخرى لمسجد المنطقة الفدرالية في كوالالمبور في ماليزيا، فيما التقط القمر مؤخرا صورة فضائية لمحطة بايكونور الفضائية، وذلك بالتزامن مع وصول الطاقمين الرئيسي والبديل المرافقين لرائدي الفضاء هزاع المنصوري وسلطان النيادي قبيل انطلاقهما لمحطة الفضاء الدولية.


جودة عالية

ويتمكن خليفة سات من التقاط صور عالية الجودة قادرة على منافسة أكثر الأقمار الصناعية تقدماً على مستوى العالم، حيث تم تصميمه وفقاً لأعلى المعايير العالمية من الدقة الهندسية واللونية، حيث ستصل درجة وضوح الصور الملتقطة إلى 0.7 متر و4 أمتار للنطاقات متعددة الأطياف، فيما يعد خليفة سات أيضا أول قمر صناعي يتم تطويره داخل الغرف النظيفة في مختبرات تقنيات الفضاء في المركز، ويمتلك 5 براءات اختراع، ما يجعله أيقونة تقنية متطورة، وتلبي الصور عالية الجودة التي يوفرها القمر احتياجات المؤسسات الحكومية ومشاريع القطاع الخاص، كما تم تطويره على أيدي كفاءات إماراتية بنسبة 100 %، حيث بدأت مراحل التصنيع الأولية في كوريا الجنوبية، ثم نقل بعد ذلك إلى مقر مركز محمد بن راشد للفضاء، حيث تم تجهيز المختبرات الخالية من الغبار بنسبة 100 بالمئة لاستكمال عمليات التصنيع.



ويقوم القمر بتوفير صور مفصلة تستخدم في عدة مجالات وتشمل الرصد البيئي، فضلاً عن الصور المفصلة لدراسة المناطق، مثل القمم الجليدية القطبية، وتستخدم صوره كذلك في أغراض التخطيط العمراني الذي يشمل ضمان التحسين الفعال لاستخدام الأراضي وتقديم مقترحات واقعية للبنية التحتية، كما يوفر كذلك صورا وتحاليل تتيح التحديد السريع لأي تغيير في الغطاء النباتي أو الساحلي، خاصة أن التأثيرات الناجمة عن العديد من العوامل، مثل المشاريع الهندسية والإنشائية الكبيرة والاحتباس الحراري، قد تؤدي إلى تغيرات في البيئة، لا يمكن الكشف عنها من الأرض، وسيكون القمر على استعداد تام لتقديم المساعدة، ورصد جهود الإغاثة في جميع أنحاء العالم عند الحاجة، فيما سيوفر كذلك معلومات دقيقة عن مواقع السفن عند الحاجة، فضلاً عن قدرته على اكتشاف السفن وتقديم معلومات عن الاتجاه والسرعة.


مجالات تنموية

ويستخدم القمر جزءاً كبيراً من صوره لتلبية احتياجات مجال رصد اتجاهات التنمية والتغيرات على كوكب الأرض، لا سيما من قبل الجهات الحكومية، بحيث يتم استخدام صوره في تصميم وإنتاج الخرائط التفصيلية للمنطقة، خاصة أنه سيغطي مناطق في كثيرة في جميع أنحاء العالم.

ويعد خليفة سات القمر الصناعي الإماراتي الأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية، حيث سيدور حول الأرض على ارتفاع بين 580-620 كيلومتراً، وتستغرق الدورة الكاملة حول الأرض حوالي 100 دقيقة، فيما يبلغ قطره 3.3 أمتار، وتصل الدقة الهندسية اللونية إلى درجة وضوح 0.7 متر و4 أمتار للنطاقات متعددة الأطياف، وتصل سرعته في الفضاء إلى 7.5 كيلومترات في الثانية أو 27,000 كم في الساعة، كما توجد 14 نقطة وصول للمحطة الأرضية بشكل يومي عالمياً، فضلاً عن 4 نقاط وصول للمحطة الأرضية بشكل يومي عبر الإمارات، فيما تبلغ سرعة نقل البيانات للقياس عن بعد وتتبع الأوامر 32 كيلوبت في الثانية، وتبلغ سرعة نقل البيانات لتحميل الصور 320 ميغابايت في الثانية، بينما يضم 87 وحدة إلكترونية و146 وحدة هيكلية.
 

مراحل بناء


وبدأت في أبريل 2014 مراجعة تفصيلية أولية للتصميم، واستعراض كافة جوانب القمر الصناعي من قبل مهندسي مركز محمد بن راشد للفضاء، ومراجعة رسوماته التفصيلية التي تتطرق إلى كل الأنظمة الفرعية داخل القمر، وتغطية جميع الجوانب الكهربائية والميكانيكية والبرمجيات، كما بدأت عملية التصنيع في مايو 2014 من خلال بدء عملية تجميع القمر مع الوحدات الإلكترونية والتركيبة الميكانيكية، وفي يونيو تمت مراجعة تفصيلية ثانية للتصميم، وصولاً لشهر أغسطس من ذات العام، والذي شهد عمل اختبارات النموذج الهيكلي، وشمل فحصاً شاملاً للبيئة الاهتزازية للتأكد من أن خليفة سات سيصمد عند الإطلاق.

وفي ديسمبر 2014 تمت مراجعة حاسمة للتصميم، حيث قدم المهندسون نتائج اختبار النظام الفرعي لتقييم عملية التصنيع والتجميع، وفي يناير ومارس 2015 تم عمل تكامل وحدات القمر الاصطناعي الإلكترونية، وتركزت هذه الفترة الزمنية على تكامل كافة الوحدات الإلكترونية لخليفة سات في تركيبة واحدة، حيث ستكون هذه التركيبة نموذج الوحدات الإلكترونية الذي يتم فحصها قبل الإطلاق.

وشهد فبراير 2015 إجراء فحص النموذج الهيكلي الجديد، وشمل ذلك فحص مختلف البيئات الاهتزازية للتأكد من صموده عند الإطلاق، فيما تم في أبريل 2015 المراجعة الثانية الحاسمة للتصميم، حيث اجتمع كافة المهندسين من جميع الأقسام مرة أخرى معاً لإعادة النظر في المشروع، وتم عرض نتائج الاختبار لمختلف الأنظمة الفرعية، وتقاسم المعلومات بشأن عملية التصنيع والتجميع وعمليات الاختبار المستقبلية.

وخلال الفترة بين يوليو 2015 وفبراير 2016 تم تصنيع وتجميع الوحدات التشغيلية خلال هذه الفترة، حيث تم دمج مختلف وحدات الأقمار الصناعية، وتطلبت هذه العملية دقة فائقة، كما احتاجت إلى وقت طويل جداً، وفي سبتمبر 2015 تم اختبار الكاميرا الجديدة لخليفة سات، حيث تم تجميع جهاز الاستشعار الجديد للقمر مع التلسكوب البصري، وتم بعد ذلك إجراء اختبارات لضمان أداء فعال بنسبة 100% لكاميرا القمر.

وجرى في مارس 2016 عمل تكامل للوحدات التشغيلية FM للقمر الاصطناعي لكي تصبح مختلف وحدات القمر الاصطناعي متكاملة مع بعضها، وفي أبريل 2016 تم إجراء فحص النموذج الهيكلي حيث تم إجراء المزيد من الاختبارات على النموذج الهيكلي المُحَدَّث، لضمان أن الوحدات المتكاملة ستكون قادرة على الصمود عند الإطلاق، وخلال يونيو 2016 بدأت مراجعة جاهزية الإطلاق وعمليات المراجعة النهائية لتحديد قدرة القمر الصناعي على الدوران في مداره.