أكد الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أول رائد فضاء عربي أن قطاع الفضاء من المجالات الحيوية، التي تلقى اهتماماً متنامياً في كلا البلدين، وثمة رؤية مشتركة بهذا الخصوص، ونتطلع قريباً إلى توقيع اتفاقية بين السعودية والإمارات في هذا المجال، وأن تكون هناك أيضاً رحلة مشتركة إلى الفضاء.
وأوضح أن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة وطن واحد، تجمعهما علاقات تاريخية وروابط وثيقة، وتعاون بناء، ومحبة متبادلة، وأن النهج واحد والتطلعات راسخة وثابتة ومشتركة في مختلف المجالات، ويشكل اكتشاف الفضاء عنصراً مهماً ومشتركاً ودافعاً لنا للعمل سوياً بتناغم تام لما فيه خير وتقدم بلدينا والبشرية جمعاء.
جاء ذلك خلال كلمته ضمن أعمال الجلسة الافتتاحية لليوم الثاني للمهرجان الوطني للعلوم والتكنولوجيا والابتكار 2020، الذي تنظمه وزارة التربية والتعليم في دبي فيستيفال آرينا.
واستذكر لقاءه الأول وحديثه مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أمام الطلبة قائلاً: «عندما قابلت الشيخ زايد كنت أتطلع إليه لأنه رجل ذو نظرة بعيدة وله تاريخ قوي مع مؤسس المملكة العربية السعودية جدي الملك عبدالعزيز وكان حريصاً كل الحرص على طرح كافة الأسئلة لمعرفة تفاصيل رحلة الفضاء، وهذه الزيارة تركت أثراً كبيراً في نفسي».
تجربة شخصية
واستعرض في حديثه تجربته الشخصية، باعتباره أول رائد فضاء عربي، وقدم العديد من النصائح للطلبة وللشباب وأهمية أن يتمسكوا بأحلامهم والنماذج المضيئة الناجحة، وأن البداية تكون من الانتماء وحب الوطن والتمسك بقيمه ورسالته النبيلة التي تدفع الشخص للنجاح، إذ لا يتعارض حب الوطن مع الوصول إلى النجاح الشخصي والعالمية، بل على العكس يشكل الدافع والرافعة إلى ذلك.
تأهيل
وأعلن الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود من خلال منصة المهرجان عن إطلاق برنامج تأهيل للرواد الفضاء في السعودية، وهو برنامج يسعون من خلاله إلى بناء رأس مال بشري وكفاءات وطنية تمتلك المهارة والمعرفة للعمل في بحوث علوم الفضاء والمتقدمة، باعتبار امتلاك المملكة العربية السعودية قاعدة كبيرة من العلماء ورواد الفكر في مختلف المجالات محلياً وعلى المستوى العالمي.
وذكر أنه سوف يتم الإعلان أيضاً عن برنامج متكامل للتعاون مع الجامعات في مجال تخصصات الفضاء، لافتاً إلى «أننا نتطلع إلى تعاون واسع المدى مع الإمارات في هذا المجال أيضاً، ونقل تجربة الإمارات في الفضاء إلى السعودية».
إمكانات
من جانبه أكد معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي، وزير دولة لشؤون التعليم العالي والمهارات المتقدمة رئيس مجلس إدارة وكالة الإمارات للفضاء، أن جامعات الدولة تمتلك الإمكانات والبرامج التعليمية في مختلف التخصصات ذات الصلة بقطاع الفضاء، كما تمتلك نخبة من الأساتذة والمتخصصين القادرين على تأهيل الطلبة وإمدادهم بمختلف العلوم والمهارات اللازمة لتطوير آليات وتكنولوجيا الفضاء في المستقبل، وذلك لبناء جيل جديد من مستكشفي الفضاء القادرين على استكمال تجربة الفضاء الإماراتية بكل عناصرها، بدءاً من إعداد المعادلات الرياضية، وانتهاءً بنجاح نزول الإنسان على سطح كوكب المريخ بعد أقل من 100 عام من الآن.
وتابع: أنه يمكن للشباب والطلبة اختيار دراسة العديد من التخصصات العلمية في جامعات الدولة والتي تؤهلهم لمستقبل استكشاف الفضاء في الإمارات والعالم. وأكد معالي الفلاسي أن التخصصات تلعب دوراً حيوياً في مجال الفضاء، لا سيما أن هذا القطاع يضم العديد من التخصصات والفروع العلمية والنظرية التي ينبغي لكل عالم أو باحث في هذا المجال أن يكون ملماً بها.
إماراتيون في المدار
تفاعل طلبة المدرسة الإماراتية المشاركون في المهرجان الوطني للعلوم والتكنولوجيا والابتكار مع جلسة «إماراتيون في المدار» التي استضافت كلاً من هزاع المنصوري أول رائد إماراتي، وزميله سلطان النيادي، والدكتورة حنان السويدي أستاذة طب الأسرة في كلية محمد بن راشد للطب والعلوم الصحية، وسالم المري مساعد مدير عام مركز محمد بن راشد للفضاء للشؤون العلمية والتقنية مدير برنامج رواد الفضاء.
تناولت الجلسة التجربة الإماراتية في مجال الفضاء وما رافق هذه التجربة من صعوبات وتحديات أفضت إلى نجاحها وجعلها نموذجاً عربياً مشرقاً يبعث على الأمل في ازدهار القطاع الفضائي على المستوى الإقليمي، ولفت سالم المري خلال مشاركته بالجلسة إلى أن 4000 مواطن قدموا للمشاركة في رحلة هزاع المنصوري وسلطان النيادي، وهو ما يدلل على طموح أبناء الإمارات وعزيمهم الصلبة من أجل تحقيق حلم وطنهم ودولتهم.
وأكد أن طموح القيادة الرشيدة وإصرارها أسهم في وضع اللبنات الأساسية للقطاع الفضائي في الدولة، مبيناً أن لدى المركز 200 موظف مواطن يعملون في المركز ومتوسط أعمارهم 27 عاماً، وبلغت نسبة التوطين 100٪ و50٪ من الموظفين من الإناث.
طفولة ملهمة
من جانبه تطرق هزاع المنصوري في مداخلته إلى البيئة التي نشأ بها قائلاً: «طفولتي كانت ملهمة بالنسبة لي، حيث عشت في بيئة أتاحت لي تواصلاً مباشراً مع الطبيعة، وكنت أستمع من الأهل عن كيفية الاستفادة من النجوم لمعرفة الاتجاهات»، وهو ما شكل له حافزاً ودافعاً لخوض غمار مجال الفضاء.
من ناحيته حث سلطان النيادي الطلبة على بذل المزيد من الجهود لتطوير مهاراتهم قائلاً للطلبة: «ما ستكونون عليه بالمستقبل هو حصيلة ما ستكتسبونه اليوم، لذلك كل جهد تبذلونه يرتقي بأحلامكم ويدنيكم من تحقيقها».
تشجيع
شجع معالي الدكتور أحمد بالهول الفلاسي الشباب ممن لديه شغف العمل في مجال الفضاء، أن يعدوا أنفسهم من الآن إلى خوض التحدي، قائلاً: «لدينا مشاريع بطموحاتها أهم من نظيراتها العالمية، منها مشروع لاستكشاف المريخ مع مسبار الأمل الذي سينطلق في مهمته هذا العام، وآخر لبناء مستوطنة على الكوكب الأحمر بحلول عام 2117 انطلاقاً من تطوير أبحاث هذه المهمة العلمية على كوكب الأرض في مدينة المريخ العلمية».