صنّاع الأمل ومؤسسة مجدي يعقوب.. شراكة تحيي ملايين القلوب في العالم العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

 

تخصص مبادرة صنّاع الأمل، الأكبر من نوعها عربياً لتكريم أصحاب العطاء، ريع حفلها الختامي لصالح مشروع بناء مستشفى مجدي يعقوب لأمراض القلب، الذي اختارته المشروع الإنساني العربي للعام الجاري، في خطوة تسهم في علاج ملايين القلوب المحتاجة إلى رعاية في الوطن العربي.

ووقع اختيار "صناع الأمل" على مشروع مستشفى مجدي يعقوب لأمراض القلب في مصر والتابع لمؤسسة مجدي يعقوب والذي سيتم بناؤه في القاهرة ليعالج المرضى بالمجان. وسيذهب ريع الحفل الختامي لمبادرة صناع الأمل في 20 فبراير الجاري لدعم إنشائه، وذلك لترسيخ ثقافة العمل الإنساني وتسليط الضوء على مشروع خيري عربي ذي قيمة إنسانية مشتركة.
خمسة أضعاف
وتدير مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب مستشفى متخصصاً لعلاج مرضى القلب بالمجان في مدينة أسوان أقصى جنوب مصر، وتعتزم المؤسسة التوسع عبر بناء المستشفى الجديد في القاهرة الذي تدعمه مبادرة صنّاع الأمل، ليكون بطاقة استيعابية تزيد بخمسة أضعاف على طاقة المستشفى القائم في أسوان. كما سيكون المستشفى مركزاً رئيسياً للمؤسسة ويستقبل مرضى القلب من الوطن العربي وخارجه. وسيضم المستشفى مركز أبحاث يتخصص في أمراض القلب، وأكاديمية لتدريب الأطباء المصريين والعرب على أحدث تقنيات جراحة وعلاج أمراض القلب. 


تخريج الكوادر


ويسعى الدكتور مجدي يعقوب من خلال المستشفى الجديد الذي يقدم خدماته مجاناً لمرضى القلب من داخل جمهورية مصر العربية وخارجها إلى إجراء آلاف العمليات الجراحية وتدريب مئات الكوادر المصرية والعربية، وذلك استكمالاً لمسيرته العلمية والإنسانية في مجال جراحة القلب.


10 آلاف عملية


وسيجري المستشفى الجديد 10 آلاف عملية جراحة سنوياً، 70 في المئة منها تستهدف الأطفال، الذين يكونون معرضين أكثر من غيرهم لمضاعفات المشاكل في القلب، التي تشكل خطراً فعلياً على حياتهم وتهدد فرصهم في البقاء على قيد الحياة أو النمو السليم. 


80 ألف مريض


وستستقبل عيادات المستشفى الخارجية أكثر من 80 ألف مريض سنوياً، وسيضم 300 سرير لتستوعب 150 مريضاً بالغاً و150 مريضاً من الأطفال، مع كامل التجهيزات التي تحتاجها تلك العيادات من أجهزة القياس والتصوير وأحدث تقنيات تخطيط القلب ومراقبة الجهد القلبي.
1000 طبيب 
وسوف يوفر المستشفى الجديد التدريب لأكثر من 1000 طبيب وجراح مختص في أمراض القلب، وذلك من خلال مركز التعليم والتدريب التابع لمؤسسة مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب، بحيث يكونون ضمن الكادر الطبي عالي التأهيل في المستشفى. 
خارطة جينية
كما ستسهم أبحاث الكوادر الطبية المتخصصة التي ستعمل في أروقة الصرح الطبي الجديد في تدوين خبراتها العملية ومشاهداتها العلمية لرسم خارطة جينية لأمراض القلب في المنطقة العربية وصولاً إلى تطوير إجراءات صحية وقائية تسهم في رفع مستويات الرعاية الصحية الخاصة بأمراض القلب في المجتمعات العربية والعالم ككل.

 ويتوقع للمستشفى الجديد في القاهرة أن يكون من أكبر مؤسسات علاج وأبحاث أمراض القلب في المنطقة، لوضع إمكاناتها وخبرات أطبائها في متناول غير القادرين على تحمل التكاليف الباهظة للرعاية الصحية القلبية. 
وهذا ما سبب التفاعل الإيجابي مع إعلان مبادرة صنّاع الأمل، المندرجة تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، تخصيص ريع حفلها الختامي لدعم بناء المستشفى الجديد، مع العلم أن أمراض القلب هي من المسببات الرئيسية للوفاة في العالم العربي.


وتعد الأمراض القلبية الوعائية من أكثر الأمراض انتشاراً في الوطن العربي. وبحسب منظمة الصحة العالمية، تشير التقديرات إلى أن 54% من الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية في إقليم شرق المتوسط مثلاً سببها أمراض قلبية وعائية.
وفي مصر، تعد الأمراض القلبية الوعائية المسؤول الأول عن الوفيات الناجمة عن الأمراض، مع تسجيل 226,500 حالة وفاة في العام 2016 فقط بسبب أمراض القلب. ومن بين 18 ألف طفل مصري يولدون سنوياً بأمراض قلبية خلقية، فإن 5000 طفل منهم لا تكتب لهم النجاة بسبب عدم توفر مرافق علاجية مناسبة. ومن هنا، يأتي تأسيس المستشفى الجديد لتلبية حاجة ملّحة في العالم العربي.

تجديد الأمل
ومن خلال دعم المستشفى مادياً وتسليط الضوء عليه، تنتقل مبادرة صناع الأمل إلى مرحلة أكبر وأشمل في العطاء تخلق فيها ثقافة أمل عربية لا تركز على المجتمعات المحلية فحسب وإنما تتخطاها إلى الوطن العربي ككل لتفرز حراكاً إنسانياً عربياً داعماً لهذا النوع من المبادرات التي تجدد الأمل وتحيي القلوب.
ملك القلوب
ويعد الدكتور مجدي يعقوب، أشهر أطباء القلب في العالم، ولقبته الصحافة العالمية بـملك القلوب، كما منحته ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، لقب "سير"، عرفاناً بمكانته العالمية الراسخة في تطوير علم جراحة القلب.
ويسعى الدكتور إلى إجراء آلاف العمليات الجراحية وتدريب مئات الكوادر المصرية والعربية، من خلال مستشفى الدكتور مجدي يعقوب لأمراض القلب في مصر، استكمالاً لمسيرته العلمية والإنسانية المديدة في مجال جراحة القلب.


منعطف
وبدأت مسيرة السير مجدي يعقوب في جراحة القلب مع موقف تعرض له في طفولته شكّل منعطفاً في حياته، بعد أن توفيت عمّته في بدايات العشرين من عمرها، تاركةً طفلها الرضيع يتيماً بسبب أزمة قلبية. وحين رأى حزن والده عليها وانهياره الذي لم يكن ليحدث لو كان علم جراحة القلب أكثر تقدماً في ذلك الوقت، قرر أن يأخذ زمام المبادرة ويتعلم ويفهم. 
وأصبح الدكتور مجدي يعقوب مولعاً بدراسة الطب، لعلمه بأن ما حدث لعمتّه ما زال يقع في الكثير من البيوت المصرية والعربية، ولرغبته في منح الأمل لآلاف القلوب في الوطن العربي ورؤية السعادة على وجوه أكبر عدد من الناس.
تميّز
ونظراً لتفوقه الدراسي واهتمامه بتلك القضية الإنسانية، التحق بكلية الطب في جامعة القاهرة عام 1950. وبعد تخرجه بسبع سنوات، انتقل إلى لندن ليتدرب على يد راسيل بروك، الذي يعد واحداً من رواد جراحة القلب المفتوح الحديثة، ثم سافر إلى الولايات المتحدة ليعمل كأستاذ مساعد في جامعة "شيكاغو" لفترة، عاد بعدها إلى بريطانيا ليعمل في مستشفى "هارفيلد"، الذي كانت تجهيزاته تقتصر على مرافق بسيطة، ولكن تفوقه العلمي وشغفه نجحا في تحويل هذا المستشفى إلى أكبر مركز لزرع القلب في أوروبا، وبفضل جهوده، نفذّ المستشفى أكثر من 200 عملية زرع قلب كل عام.
ابتكارات


وقدّم الدكتور يعقوب مع فريقه إنجازات رائدة في توفير مفاهيم وسبل جديدة لعلاج أمراض القلب الخلقية مثل التبديل الشرياني الحديث. ونفّذ أول تقنية لاستبدال جذر الصمام والمعروفة باسم "إعادة التشكيل"، كما طوّر تقنيات لإعادة تنشيط الشريان القصبي، وله ابتكارات عديدة كزرع القلب المتغاير.
مسيرة عطاء 
وبرغم إنجازاته التي لا حصر لها، تكمن قيمة الدكتور مجدي يعقوب الحقيقة في إنسانيته ورغبته في خدمة العلم والناس، حيث يؤكد فريق عمله وكل من تتلمذ على يديه، أنه لا يبخل بأي معلومة، ودائماً ما يسعى لمشاركة معارفه وتجاربه بسخاء مع كل راغب في التعلّم، ما جعله قدوة لعلماء الطب وممارسي الطب والرعاية الصحية على مستوى العالم.
ويعمل الدكتور يعقوب حاليًا أستاذًا لجراحة القلب في المعهد الوطني للقلب والرئة في كلية إمبريال بلندن، بالإضافة إلى منصبه كمدير الأبحاث في مركز "هارفيلد" لعلوم القلب، الذي يعرف أيضاً باسم معهد مجدي يعقوب، كما يقود مؤسسة مجدي يعقوب لأمراض القلب في مصر، وهي مستشفى خيري يداوي مرضى القلب مجاناً منذ عشر سنوات ويخدم قطاعات واسعة من الطبقات الاجتماعية البسيطة.
الدكتور مجدي يعقوب هو أيضاً مؤسس ورئيس جمعية "سلسلة الأمل" الخيرية، التي يعالج من خلالها الأطفال المصابين بأمراض قلبية. وقد دشّن كذلك مركز أسوان للقلب في مدينة أسوان الشمالية المصرية، ويقدّم من خلالها خدمات طبية حديثة للمرضى القادمين من صعيد مصر وأفريقيا، وقد تمّكنت "سلسلة الأمل من إجراء تشخيص حالة لآلاف الأطفال وتنفيذ أكثر من 600 عملية قلب مفتوح منذ تأسيسها في 1995 حتى الآن.
وهو يسعى الآن لتدشين مستشفى الدكتور مجدي يعقوب لأمراض القلب في القاهرة استكمالاً لإنجازاته الخالدة وبصمته الواضحة في حياة البسطاء ومحدودي الدخل ممّن يعانون من أمراض القلب.

وفى عام 1983، قام الدكتور مجدي يعقوب بعملية زرع قلب لرجل إنجليزي يُدعى "جون مكافيرتى"، عاش لمدة 33 عام بعدها حتى توفي عام 2016، ودخل بذلك موسوعة "غينيس" كأطول شخص يعيش بقلب منقول. ودخل الدكتور يعقوب موسوعة جينيس عام 1980 لقيامه بإجراء 100 عملية قلب في عام واحد فقط.

وحصل الدكتور مجدى يعقوب على وسام الاستحقاق البريطاني لسنة 2014 من الملكة إليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا، ولقّبته الأميرة الراحلة "ديانا" بملك القلوب. وفى القرار الجمهوري رقم 1 لعام 2011، تم التصديق من قبل الرئيس المصري الأسبق محمد حسنى مبارك يوم 6 يناير 2011 على منح الدكتور يعقوب وسام قلادة النيل العظمى لجهوده الوافرة والمخلصة في مجال جراحة القلب، واستلمها في حفل خاص أقيم على شرفه.
كما حاز الدكتور مجدي يعقوب على جائزة فخر بريطانيا في 11 أكتوبر 2007 بحضور رئيس الوزراء البريطاني السابق "غوردن براون" نظير إنجازه أكثر من 20 ألف عملية قلب في بريطانيا، ويُطلق عليه في الإعلام البريطاني لقب "ملك القلوب". كما حاز على زمالة كلية الجراحين الملكية بـلندن، وحصل على ألقاب ودرجات شرفية وفخرية من أعرق الجامعات العالمية. 


وبالرغم من أنه قضى جزءاً كبيراً من حياته في الخارج، إلا أنه أكد في أكثر من مناسبة، من خلال وسائل الإعلام، على أنه يعمل على اكتساب الخبرة والعلم والمعرفة كي يعود إلى وطنه العربي ويتبرع بخدماته وعلمه وخبراته للأرض التي نشأ وترعرع فيها كي يرد لها الديّن.


ولطالما وجّه الدكتور مجدي يعقوب اهتمامه لإجراء الجراحات المجانية في مصر، ومشاركة علمه مع فريق عمله من الشباب العرب. وبعد أن ألّف ما يزيد عن 1400 مقالة في مجال الطب، سيسعى الدكتور مجدي يعقوب من خلال المستشفى الجديد، إلى مشاركة ما تعلمه مع الفريق الطبي المكّون من نخبة من الكوادر العربية. 

وفي هذا السياق، يقول الدكتور مجدي يعقوب بهدوئه المعهود وابتسامته الوقورة التي لا تفارق وجهه، أثناء مقابلة له مع فريق عمل مبادرة صنّاع الأمل: "لا أريد أن تضيع خبراتي بعد أن أفضي إلى ربّي.. أريد أن تستمر مسيرة العلاج وأن تتخطى المجتمعات العربية المرض. لم تكن الألقاب التي حصلت عليها من أولوياتي أبداً، ويكفيني فخراً وسعادةً أن أنعم برؤية أبناء وطني فرحين بشفائهم. من أجل هذا أعمل على مشاركة معارفي مع الأطباء العرب، كي يعودوا إلى أوطانهم ويتناقلوا الخبرات فيما بينهم، ونصنع حراكاً مستمراً في النهوض بجودة حياة المجتمعات العربية."


من القلب للقلب
وبذلك تكون الشراكة بين مبادرة "صنّاع الأمل" التي تحتفي بأبطال العطاء في العالم العربي مع مؤسسة مجدي يعقوب وتخصيص ريع حفلها الختامي لمشروع بناء مستشفى مجدي يعقوب لأمراض القلب، شراكة من القلب للقلب، شراكة تمد جسور العطاء ممن يحملون الأمل في قلوبهم إلى من يأملون الشفاء لقلوبهم. 

Email