أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أن «مسبار الأمل» يستعد للانطلاق إلى المريخ.

ونشر سموه أمس، عبر حسابه في «تويتر»، رابطاً لشبكة «سي إن إن» الأمريكية التي أوردت تقريراً عن تأهب دولة الإمارات العربية المتحدة لمهمة الانطلاق إلى المريخ بـ«مسبار الأمل» لفك ألغاز مناخ الكوكب الأحمر وأسراره.

وبدأ رسمياً العد التنازلي لإطلاق «مسبار الأمل» في مهمته التاريخية من المحطة الفضائية بجزيرة تانيغاشيما في اليابان، وذلك تنفيذاً للمخطط له ضمن مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، الذي يسير وفقاً للجدول الزمني المعتمد على الرغم من التحديات الناجمة عن تفشي وباء كورونا المستجد «كوفيد 19» في العالم.

وتحدد يوم 15 يوليو المقبل، موعداً مستهدفاً لإطلاق المسبار، وهو اليوم الأول ضمن «نافذة الإطلاق» الخاصة بهذه المهمة الفضائية التاريخية، وتمتد هذه النافذة حتى 13 أغسطس 2020، علماً بأن تحديد موعد «نافذة الإطلاق» يخضع لحسابات علمية دقيقة تتعلق بحركة مدارات كل من كوكبي الأرض والمريخ، وبما يضمن وصول المسبار إلى مداره المخطط له حول المريخ في أقصر وقت ممكن وبأقل طاقة ممكنة. وتمتد فترة «نافذة الإطلاق» لعدة أيام تحسباً للظروف المناخية وحركة المدارات وغيرها.

ويأتي الإعلان رسمياً عن بدء العد التنازلي لإطلاق «مسبار الأمل» إلى المريخ، بالتزامن مع الجهود الدؤوبة التي يقوم بها فريق العمل المتواجد حالياً في المحطة الفضائية باليابان لتجهيز المسبار للانطلاق، كما يأتي هذا الإعلان بعد إنجاز عمليات نقل المسبار من دبي إلى اليابان في رحلة امتدت لأكثر من 83 ساعة براً وجواً وبحراً، وتم فيها التغلب على كل التحديات الراهنة الناجمة عن تفشي وباء «كوفيد 19» عالمياً.

مخطط

ووفقاً للمخطط، ينطلق مسبار الأمل في مهمته إلى المريخ عند الساعة 5:51:27 صباحاً بتوقيت اليابان (00:51:27 بعد منتصف الليل بتوقيت الإمارات) يوم الأربعاء الموافق 15 يوليو المقبل من مركز تانيغاشيما الفضائي باستخدام منصة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة، وتم اختيار شركة «ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة» نظراً لأدائها المتميّز وسمعتها الحسنة في أوساط تكنولوجيا الفضاء حول العالم، وسجلها الحافل بواحدة من أعلى نسب نجاح إطلاق المركبات الفضائية والأقمار الصناعية عالمياً، ومنذ إطلاق برنامج ياباني لتطوير صواريخ الفضاء اعتمدت اليابان على «ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة» في مختلف جوانب التصنيع حتى إطلاق الأقمار الصناعية، وتمتلك الشركة نسبة قياسية من نجاح عمليات إطلاق الأقمار الصناعية، ما يجعلها لاعباً أساسياً على مستوى الأنشطة الفضائية في اليابان والعالم. وسبق لدولة الإمارات الاستعانة بها في إطلاق القمر الصناعي «خليفة سات».

ومن المتوقع أن يصل مسبار الأمل إلى مدار كوكب المريخ في شهر فبراير 2021، بالتزامن مع احتفالات الإمارات بيوبيلها الذهبي ومرور 50 عاماً على إعلان الاتحاد عام 1971.

رسالة أمل للإنسانية

وأكدت معالي سارة بنت يوسف الأميري، وزيرة الدولة للعلوم المتقدمة، قائد الفريق العلمي لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، أن بدء العد التنازلي رسمياً لانطلاق «مسبار الأمل» في مهمته التاريخية لاستكشاف الكوكب الأحمر، وفقاً لما هو مخطط له وتنفيذاً للجدول الزمني المعتمد، يعد رسالة أمل وطاقة إيجابية جديدة للإنسانية في ظل التحديات والظروف الراهنة التي يعيشها العالم.وقالت إن التحديات التي تغلب عليها فريق عمل «مسبار الأمل» الذي يضم نخبة من الخبراء والمهندسين الإماراتيين من أجل الوصول إلى هذه المرحلة من الإنجاز، يؤكد أن شعار دولة الإمارات «لا شيء مستحيل» الذي سيحمله معه المسبار إلى المريخ، أصبح ثقافة عامة وممارسة معتادة لدى شابات وشباب هذا الوطن الغالي.

وأضافت أن مسبار الأمل يجسد طموحات دولة الإمارات ورسالتها الإيجابية للمنطقة والعالم بأهمية مواصلة العمل بشغف ومواجهة الظروف والمتغيرات والتحديات بإصرار لإيجاد الحلول الهادفة لخير الناس والإنسانية، ما يعكس رؤى القيادة الرشيدة للدولة في هذا الشأن.

وتابعت: سيواصل فريق العمل جهوده الدؤوبة لاستكمال تنفيذ المهمة بنجاح رغم صعوبتها والتحديات التي ربما نواجهها، وسنحتفل جمعياً بوصول المسبار إلى المريخ في فبراير 2021، بالتزامن مع احتفالات الدولة بمرور 50 عاماً على تأسيسها.

وشددت على أن أهم إنجاز حققه مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، رغم تعدد إنجازاته حتى الآن، هو الخبرات العلمية المهمة التي اكتسبها فريق العمل الوطني، والتي تؤهله إلى قيادة عمليات بناء قطاع فضائي متقدم ومستدام في الدولة، باعتباره من أهم ركائز التقدم العلمي في المستقبل، وهذا الفريق هو أمل دولة الإمارات في هذا الشأن خلال المرحلة المقبلة بما تراكم لديهم من خبرات علمية مهمة بعملهم في هذا المشروع العالمي النوعي.

تجهيزات

ومنذ وصوله بنجاح إلى المحطة الفضائية بجزيرة تانيغاشيما في اليابان، يخضع مسبار الأمل لعمليات تجهيز فائقة الدقة للإطلاق، وتستغرق هذه العمليات 50 يوم عمل، وتتضمن تعبئة خزان الوقود للمرة الأولى بحوالي 700 كيلوغرام من وقود الهايدروزين، وفحص خزان الوقود والتأكد من عدم وجود أي تسريبات، بالإضافة إلى اختبار أجهزة الاتصال والتحكم، ونقل المسبار إلى منصة الإطلاق، وتركيب المسبار على الصاروخ الذي سيحمله إلى الفضاء، وشحن بطاريات المسبار للمرة الأخيرة.

وتتواجد حالياً مجموعة من الكوادر الإماراتية الشابة لقيادة عمليات التجهيز، والإشراف على كل جانب من جوانب إعداد المسبار للانطلاق في مهمته الفضائية التاريخية، كما سيكون أحد الكوادر الإماراتية الشابة عمر الشحي، ضمن فريق العمل المشرف على عمليات إطلاق المسبار إلى الفضاء عبر الصاروخ إتش 2 إيه.

ويضم فريق العمل المشرف على عمليات تجهيز مسبار الأمل للإطلاق نخبة من الكفاءات الوطنية الشابة، وهم: عمران شرف الهاشمي، مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ (مسبار الأمل)، وسهيل الظفري المهيري نائب مدير المشروع لشؤون تطوير المسبار، وعمر الشحي قائد فريق عمليات تجهيز المسبار للإطلاق، ومحسن العوضي مهندس أنظمة المسبار ومسؤول إدارة المخاطر، ويوسف الشحي مهندس الأنظمة الحرارية، وخليفة المهيري مهندس أنظمة الاتصال، وعيسى المهيري مهندس أنظمة الطاقة، وأحمد اليماحي مهندس الأنظمة الميكانيكية، ومحمود العوضي مهندس الأنظمة الميكانيكية، ومحمد العامري مهندس أنظمة الدعم الأرضي.

ويشار إلى أنه وبسبب تفشي وباء كورونا حول العالم، وتنفيذاً للتدابير الصحية الاحترازية التي اتخذتها أغلب دول العالم لمكافحة الفيروس، كان قد تم تقسيم فريق عمل نقل مسبار الأمل إلى 3 فرق للتغلب على التحديات المرتبطة بعمليات النقل وللالتزام بالخطة الزمنية المحددة سلفاً، ووصل الفريق الأول إلى اليابان بتاريخ 6 أبريل الماضي، وخضعوا بعدها للحجر الصحي ثم خرجوا منه ليكونوا في استقبال المسبار، بينما وصل الفريق الثاني مع المسبار يوم 21 أبريل، وأعضاء هذا الفريق حالياً متواجد ضمن الكوادر الوطنية في القاعدة الفضائية بعد انقضاء فترة خضوعه للحجر الصحي لمدة أسبوعين، أما الفريق الثالث الاحتياطي فمتواجد حالياً في دولة الإمارات، وهو على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم والمساندة العاجلة حال اقتضت الضرورة.

83 ساعة

وكانت رحلة نقل مسبار الأمل من دبي إلى موقع الإطلاق للفضاء في جزيرة تانيغاشيما في اليابان قد امتدت لأكثر من 83 ساعة، ومرت بثلاث مراحل رئيسية بالغة الدقة، استوجبت تفعيل إجراءات علمية محددة وتوفير الشروط اللوجستية المتكاملة لضمان إنجاز عملية نقل المسبار على النحو الأمثل.

وشملت المرحلة الأولى تجهيز ونقل المسبار من مركز محمد بن راشد للفضاء إلى مطار آل مكتوم الدولي بدبي، واستمرت 16 ساعة، وامتدت المرحلة الثانية من مطار آل مكتوم الدولي في دبي إلى مطار ناغويا في اليابان 11 ساعة، وشملت تحميل المسبار ومعدات الدعم الأرضية إلى طائرة النقل العملاقة الخاصة بالدعم اللوجستي من طراز أنتونوف 124 العملاقة وهي أكبر طائرة شحن في العالم، أما المرحلة الثالثة، فامتدت من مطار ناغويا إلى موقع الإطلاق في جزيرة تانيغاشيما، وشملت إنزال المسبار من الطائرة وفحصه والتأكد من سلامته، ثم نقله براً من المطار إلى ميناء شيماما، وبعدها نقله بحراً إلى جزيرة تانيغاشيما حيث امتدت الرحلة 56 ساعة، وبعد وصوله من الميناء المتخصص في الجزيرة عمل الفريق في موقع الإطلاق على تنزيل وفحص المسبار قبل البدء بعمليات التجهيز للإطلاق.