نشر المنتدى الاقتصاد العالمي، تقريراً تحت عنوان «كيف تفادت الإمارات النقص في الغذاء خلال الجائحة؟»، أشار فيه إلى الخطوات العديدة التي اتخذتها دولة الإمارات على مدى السنوات الأربع الماضية، لتصبح أكثر اكتفاء ذاتياً في إمدادات الغذاء، والحد من اعتمادها على الاستيراد، والتي برهنت على نجاحها في مواجهة فيروس «كورونا»، حيث لم تعانِ الإمارات من نقص في الغذاء خلال الجائحة.
وأفاد التقرير بأن الإمارات كانت تزرع حصة صغيرة، لكن متزايدة من الطماطم العضوية، خلال السنوات الأربع الماضية، لتعزيز الأمن الغذائي، وهذا الجهد شكل جزءاً من حملة أوسع لإنتاج المزيد من المواد الغذائية المزروعة محلياً، وسط مخاوف من أن يؤدي تغير المناخ إلى عدم الاستقرار في تجارة الأغذية عالمياً.
اليوم، آتت تلك الخطوة ثمارها في وجه أزمة الفيروس التاجي، وفقاً للتقرير، فرفوف المتاجر الكبرى في الإمارات، بقيت مليئة بالمواد الغذائية، وهذا يعود جزئياً- حسبما ينقل التقرير عن مدير عام المركز الدولي للزراعة الملحية، أسمهان الوافي- إلى واقع أن الإمارات لديها منذ فترة طويلة، سياسات لضمان إمدادات الغذاء المتواصل من الخارج، فيما الثقة بأنها ستواصل الحصول على ما يكفي من غذاء في وجه الجائحة، عززه نجاحها في زراعتها نفسها، باستخدام ابتكارات، مثل الزراعة الرأسية، والمحاصيل المقاومة للمناخ. وبفضل العمل الجاري على تسخير فوائد الابتكار، وفقاً للوافي، أصبحت الزراعة ممكنة ومربحة، في بلاد تعاني من ظروف مناخية قاسية.
وفي هذا السياق، يشير التقرير إلى تبوؤ دولة الإمارات المرتبة 21 من أصل 113 دولة في مؤشر الأمن الغذائي العالمي، في تقرير «إيكونوميست إنتليجنس يونيت»، وإلى سعي البلاد نحو المراكز العشرة الأولى بحلول 2021، والمركز الأول بحلول منتصف القرن، بأمل إنتاج نصف الطعام الذي يستهلك في الإمارات محلياً، مقارنة بنسبة 20 % حالياً.
كما يشير التقرير إلى الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي لدولة الإمارات، وتعزيز البلاد للإنتاج الغذائي المحلي، عبر بناء البنية التحتية، وتشمل مجمعات لتربية الماشية، وإدخال تدابير مالية، كإعفاء لضريبة القيمة المضافة على الأغذية المنتجة في المزارع المحلية.
وفي مواجهة نقص الأراضي الصالحة للزراعة، ينقل التقرير عن الأستاذ المساعد في كلية الأغذية والزراعة بجامعة الإمارات، ساجد مقصود، قوله إن التركيز في الإمارات ينصب على إيجاد طرق للزراعة بموارد أقل، وهو ما يمكن أن تساعد فيه التكنولوجيا، وتجربة المحاصيل الجديدة.
ويؤكد التقرير أن الإمارات كانت تتجه نحو التكنولوجيا الفائقة على مدى العقد الماضي، مشيراً إلى ازدياد المزارع المائية التي لا تستخدم التربة من 50 مزرعة عام 2009، إلى أكثر من ألف، حسب «المركز الدولي للزراعة الملحية»، وانطواء معظم الابتكارات الزراعية، التي تكتسب أهمية في الدولة، تحت زراعة المحاصيل الداخلية، فـ «الحرارة والرطوبة والغبار، هي تحديات للزراعة في المنطقة، وهذا يعني أنه لا يمكن التحكم بالمنتج والنوعية أو التنبؤ بهما، فيما منشأة داخلية قادرة على معالجة ذلك»، وفقاً لما ينقل التقرير عن مدير شركة «مدار فرامز»، التقنية الزراعية المحلية، ديجانت راحج كابور.
وفيما يشير التقرير إلى مشروع «بيور هارفست سمارت فارمز»، الذي ينتج حصة من الطماطم الإماراتية محلية الصنع منذ عام 2016، يؤكد ارتفاع عدد المزارع الرأسية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك زراعة محاصيل مكدسة تحت إضاءة «الليد»، بأنظمة التنقيط والبخار، وإلى المشروع المشترك لشركة الإمارات لخدمات التموين الجوي، و«كروب ون هولدينغز»، لبناء أكبر مزرعة رأسية في العالم، والتي من المقرر الانتهاء منها هذا العام، بإنتاج يعادل 2721 كيلوغراماً من الفواكه والخضراوات الخالية من المبيدات الحشرية العشبية يومياً، باستخدام مياه أقل بنسبة 99 % من المزارع التقليدية.
وينقل التقرير عن الوافي، قولها إن المركز الدولي للزراعة الملحية، الذي يتخذ من دبي مقراً له، يعمل مع الوزارات في الدولة، وجمعيات المزارعين والشركات، لتقديم محاصيل قادرة على التكيف مع المناخ، مثل الكينوا والدخن اللؤلؤي وذرة السرغم للمزارعين، كما ينقل التقرير عن كابور في «مدار فرامز»، الذي يزرع الخضار الورقية في أنظمة رأسية منذ عام 2017، بأنه: «سيتعين على العالم أن يتجه نحو زراعة بيئة متحكم بها».