ضمن الدورة الـ19 لمنتدى الإعلام العربي التي نظّمها نادي دبي للصحافة أمس افتراضياً بحضور سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس مجلس دبي للإعلام، وبمشاركة لفيف من القيادات الحكومية والإعلامية من المنطقة والعالم، ومتابعة أكثر من 10 آلاف متابع عن بُعد عبر مختلف منصات التواصل الاجتماعي، استضاف المنتدى مايكل فريدنبرغ، رئيس «رويترز» العالمية الذي تحدّث حول جوانب عدة متعلّقة بالموضوع الرئيس للمنتدى هذا العام وهو المستقبل الرقمي للإعلام، مستعرضاً العديد من الجوانب المهمة ذات الصلة بأبعاد الواقع الإعلامي الراهن.
وأعرب فريدنبرغ عن شكره لنادي دبي للصحافة لتوجيه الدعوة له للمشاركة هذا التجمع المهم، وقال: إن العالم قد تغير كثيراً منذ آخر انعقاد لمنتدى الإعلام العربي، ومن أهم التطورات التي طرأت خلال تلك الفترة ظهور فيروس «كوفيد 19» الذي لا يزال العالم في سباق محموم للتغلب عليه، وهي مرحلة تكون الأخبار الموثوقة فيها أكثر أهمية من أي وقت مضى.
متغيّرات
وأشار فريدنبرغ إلى أن مؤسسات الأخبار لا تلبث أن تشعر بالضغوطات التي خلّفها «كوفيد 19» أسوة بباقي القطاعات حول العالم. وقال: «يتوجب علينا أن نأخذ في الاعتبار العديد من العوامل والمتغيّرات العالمية للاستجابة لها بما في ذلك العوامل الجيوسياسية، مثل تنامي مشاعر القومية الاقتصادية، وازدهار التجارة الإلكترونية، وعولمة المعلومات، وكذلك التغيرات الاجتماعية، ومنها تسارع الحراك الاجتماعي بين الطبقات».
وأوضح أن التفاعل بين كل تلك العوامل مع تداعيات جائحة «كوفيد 19» أسهم في إحداث تأثيرات عميقة على صناعة الإعلام، وعلى أكثر من صعيد، حيث أصبحت النماذج الاقتصادية للمؤسسات الإعلامية تقف في مواجهة مباشرة مع تحديات جلبتها تلك المتغيرات لاسيما مع تحول الإعلان إلى المنصات الرقمية، التي باتت من المصادر الأساسية للمعلومات في هذه الآونة، إضافة إلى التقنيات الجديدة ومن أهمها الذكاء الاصطناعي وتعلُّم الآلات، وجمع البيانات، وغيرها، فيما بات من المُلاحظ اتجاه العديد من الشركات الإعلامية إلى دمج أعمالها من أجل توسيع نطاق انتشارها وزيادة مستوى الكفاءة وتقليل النفقات.
وأكد رئيس وكالة «رويترز» للأخبار أن أزمة الثقة تشكل العامل المشترك الذي يجمع كل مؤسسات الإعلام في هذا الوقت الاستثنائي، حيث أصبحت المعلومات المغلوطة أكثر انتشاراً من أي وقت مضى، لاسيما في هذه المرحلة التي يعاني منها العالم من تبعات جائحة «كوفيد 19»، منوهاً أن على المؤسسات الإعلامية مواكبة تلك المتغيرات والتعاطي بإيجابية مع ما يصحبها من تحديات، وإلا ستتخلّف عن ركب التقدم مُكبّلة بممارسات الماضي.
وقدّم المتحدث وصفة لتحقيق ذلك الهدف الاستراتيجي، تتكون من محاور عدة: أولها البدء في بناء الثقة، مُذكّراً أنه كي تتمكن المؤسسة الإعلامية من نيل الثقة عليها أولاً أن تكون جديرة بها، وهو ما يعني الالتزام بقواعد العمل الصحافي من النزاهة والموضوعية والاستقلالية وجودة المحتوى، والتي تزداد أهميتها في مثل هذه الأوقات الاستثنائية التي يمر بها العالم الآن.
وقال: على مدار تاريخ الإعلام، كانت دائرة صناعة المحتوى تمر بمرحلتين أساسيتين الأولى تطويره ومن ثمَّ توزيعه؛ إلا أنه مع انتشار المنصات الرقمية، نجد أن هناك حاجة لإضافة مرتكز ثالث إلى هذه الحلقة، وهو «التحقق» من المحتوى ومدى صدقيته، ما يستوجب استحداث نموذج جديد لسلسلة توريد المحتوى تبدأ بتطويره ومن ثم التحقق منه ومن بعدها يأتي التوزيع، وهو ما نعتبره جزءاً مهماً من الحل في مواجهة الأخبار «المُفبركة».
مفتاح النجاح
وأضاف فريدنبرغ: «يجب أن يُراعى في هذا التحول دور المؤسسات الإعلامية في المجتمع؛ فالعمل الصحافي يجمع ما بين كونه نشاطاً اقتصادياً، وخدمة عامة، فقوة الحقائق الداعمة للحوار المجتمعي يمكنها دحض ظاهرة المعلومات المضللة وتفنيد الأخبار الكاذبة، وهذه المهمة في واقع الأمر تندرج في صلب رسالة الإعلام؛ فالمؤسسات الإعلامية تحمل على عاتقها مسؤولية كبيرة نحو تثقيف مستهلكي الأخبار حول المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة.