العمارة الإسلامية هي أحد مظاهر الحضارة التي ميزت التاريخ الإسلامي ولا تزال هذه العمارة إلى الآن شاهدة على عظمة هذه الحضارة وإنسانيتها، ولم تقتصر تلك العمارة على المساجد والمنازل فقط، بل امتدت لتشمل المدارس والأسبلة وحتى القلاع والحصون ما يدل على اهتمام الحضارة الإسلامية بكافة مناحي النشاط الاقتصادي والاجتماعي وأيضا الحربي، وجمعت العمارة الإسلامية بين مختلف أشكال الفنون الأخرى للدرجة التي اعتبر اليونانيون معها أن العمارة الإسلامية هي أم الفنون.

عن العمارة الإسلامية يحدثنا الدكتور عماد الهواري في حوار مع البيان عن نشأتها وما تتميز به خاصة العمارة الحربية الإسلامية وهي التخصص الدقيق الذي حصل عنها الدكتور الهواري على درجة الدكتوراه.

العمارة الإسلامية شاهدة على حضارة أمة عظيمة.. كيف نشأت، وما هي أنواعها؟

العمارة الإسلامية نشأت كحرفة بسيطة من حرف البناء في أبسط أشكاله، ثم تطورت حتى نشأت عنها مجموعة من الفنون المعمارية المختلفة، وتعد العمارة من أهم مظاهر الحضارة، فالعمارة هي المرآة التي تعكس آمال الشعوب وأمانيها وقدراتها العلمية وذوقها الرفيع، بل وفلسفتها أيضا، وانقسمت العمارة

الإسلامية إلى ثلاثة أنواع هي عمائر دينية مثل المساجد والأضرحة، وعمائر مثل القصور والقناطر والأسبلة والمدارس، وعمائر حربية مثل القلاع والحصون والأبراج والأسوار والبوابات.

هل هناك علاقة تجمع بين الفن التشكيلي والعمارة؟ لا يمكن الفصل بين العمارة والفن التشكيلي، فالمؤرخون يعتبرون العمارة عملا إنشائيا يتم تكوينه لكي يبرز صور الفنون المختلفة، واعتبر قدماء اليونان العمارة أنها أم الفنون، حيث كانت العمارة تهتم بالنحت والرسم حسب البيئة المحيطة ثم تنوعت بعد ذلك الفنون والأشكال والخامات فاستخدمت الزخارف المتنوعة والنحت بأنواعه كالنحت على الخشب والجبس، واستغل الفنان المسلم قدراته وابتكاراته استغلالا صحيحا فظهرت القباب والقبوات وغيرها.

ما هي الأدوات والعناصر التي استخدمت في تجميل وتزيين العمائر الإسلامية؟

هناك العديد من العناصر التي استخدمت في ذلك منها الزخارف النباتية وهي الزخارف المستوحاة من أوراق الأشجار والسيقان بعد أن طورها المعماري المسلم، كما استخدمت أيضاً الزخارف الهندسية مثل الخطوط المستقيمة والمنحنية والمنكسرة، وكذلك الأشكال الهندسية مثل المثلث والمربع والبيضاوي، بالإضافة إلى الزخارف الخطية وهي تشمل الخط العربي بكل أنواعه المختلفة كالفارسي والديواني والثلث وغيرها، مع الإشارة هنا إلى أنه يوجد ارتباط وثيق بين الخط العربي والعقيدة الإسلامية، كما استخدم المعماري المسلم الزخارف المعمارية وهي المستمدة من أشكال معمارية مثل الأعمدة والمآذن والأبواب.

 

أسبلة وبوابات

ما هي أكثر المدن في العالم التي يوجد بها عمارة إسلامية؟

القاهرة، حيث يوجد بها عدد ضخم من المساجد الأثرية التاريخية فهي تسمى مدينة الألف مئذنة، كما يوجد بها عدد من الأسبلة والبوابات والأبراج والحصون، بالإضافة إلى آثار أخرى إسلامية في إيران وبلاد الشام والعراق والمغرب العربي.

ما هي القيم الجمالية في العمارة الإسلامية؟

الجمال صفة من صفات الخالق سبحانه وتعالى فقد جاء في الحديث النبوي «إن الله جميل يحب الجمال»، والله سبحانه وتعالى لم يحرم الزينة على عبادة بل هي عطاء من الله لهم كما قال الله تعالى (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ)، فالقيم الجمالية لعناصر العمارة الإسلامية تبرز أكثر في الزخارف الإسلامية المتنوعة والتي غطت عدداً كبيراً من العمائر الإسلامية المختلفة، والمعماري المسلم كان مدركا لهذا وهو ما ظهر بصفة خاصة من خلال استخدام الزخارف الخطية والتي أخذت أنماطاً مختلفة من الكتابة وسلاسة في الحركة وتجانسا في الحروف ووضوحا في الجانب الإنساني ممثلة في اليد التي قامت بالكتابة والتلوين وإدخال بعض المكونات الفنية بعضها التزم بوضوح الخط لتسهل قراءته وبعضها استخدمت الكلمات في أوضاع معكوسة أو مقلوبة من باب التجميل الفني وهكذا في كل أشكال من أشكال الفن يبحث عن الناحية الجمالية فيه.

 

العمارة الحربية

هل سارت العمارة الإسلامية على نمط واحد أم تنوعت؟ وكيف كان هذا التنوع؟

العمارة الإسلامية لم تسر على نمط واحد ولكنها تعددت بتعدد البلدان والأماكن فكل مكان اختلف عن غيره من أماكن أخرى حتى داخل الدولة الواحدة تنوعت أشكال العمائر

الإسلامية من عصر لآخر، فالعصر الفاطمي مثلا يختلف عن العصر المملوكي أو العصر الفاطمي في مصر.

بما أن تخصصكم في العمارة الحربية الإسلامية.. فهل يمكنكم إعطاؤنا نبذة عنها؟

العمارة الحربية هي العمارة التي أنشئت للأغراض الدفاعية والحربية من أجل حماية حدود وأطراف الدولة الإسلامية من مخاطر الغزو والحملات الصليبية وغيرها، وتعد العمارة الحربية نوعا من الدروع المعمارية الضخمة التي تصد مخاطر العدو.

ما هي أشكال العمارة الحربية الإسلامية؟

هناك العديد من الأشكال للعمارة الحربية الإسلامية منها الأسوار والبوابات وهذه بدورها بنيت لتحمي المدن أو القلاع والحصون، أما البوابات فتعد جزءاً أساسياً من الأسوار وتستخدم في الدفاع والهجوم لوجود سقطات وفتحات لرمي السوائل المحرقة ومزاغل لرمي السهام على المهاجمين، بالإضافة إلى الأبراج وهي عبارة عن بناء حربي قد يأخذ شكل المربع أو المستدير وتكون في موضع بارز فوق الأسوار، وهناك أيضاً الحصون وتكون في موضع الخلاء وليس به مدنيون، ويختلف الحصن عن القلعة، حيث إن القلعة بها مدنيون، والرباط وهو نوع من أنواع العمارات العسكرية والدينية في نفس الوقت؛ لذلك شبهها الغرب بالأديرة المحصنة وأكثرها يوجد في شمال إفريقيا.

وتتضمن العمارة الحربية الإسلامية أيضاً القلاع وهي مبنى كبير يشتهر بأسواره العالية وأبراجه الضخمة نسبياً وتظهر من خلالها فوهات المدافع وتوجد بداخلها العديد من المرافق التي تساعد على الصمود لفترات طويلة أمام الحصار كمخازن الذخيرة والطعام ومسكن الجنود وآبار لحفظ الماء وسكن للوالي ومسجد للصلاة إضافة إلى السجون والمعتقلات.

 

البيئة والبناء

ما هو أثر البيئة في العمارة الحربية الإسلامية؟

هناك ارتباط وثيق بين الاثنين فقد استغل الفنان المعماري المسلم الأماكن المرتفعة كالجبال والمنحدرات لبناء القلاع والحصون عليها، كما بنى قلاعاً قريبة من البحار حتى يدافع عن موانئ الدولة الإسلامية، وكان للبيئة أيضاً أثر كبير في استخدام مواد البناء من البيئة المحيطة به مثل الأخشاب والأحجار والطمي.

ما الذي تميزت به العمارة الحربية الإسلامية عن غيرها من العمائر الإسلامية؟

العمارة الحربية الإسلامية تميزت كثيرا عن غيرها بفخامة وسمك وقوة العمارة الحربية بالنظر إلى الوظيفة التي تقوم بها وهي صد هجمات الجيوش، كما توجد عناصر معمارية خاصة تميزت بها عن غيرها مثل المزاغل لرمي السهام ورمي المواد الحارقة، وأشكال معمارية خاصة بالعمارة الحربية مثل الأبراج، وتميزت العمارة الحربية أيضاً بقلة الزخارف.

 

 

 

 

عمارة

توجد استخدامات أخرى للعمارة الحربية الإسلامية بخلاف وظيفتها العسكرية؟

نعم فقد تعددت الوظائف التي تقوم بها العمارة الحربية من حربية ومدنية ودينية مثل الأربطة، حيث إنها في البداية نشأت حربية واستخدمت للعبادة والتصوف كما استخدمت أيضاً كمحطات تجارية ومستودعات لحفظ المواد التموينية والغذائية وأيضاً محطات بريدية، كما أشرفت أيضاً على أمن الطرق وسير العمليات التجارية إدارياً، بالإضافة إلى حفظ الخيول والمواشي وأيضاً حفظ المياه في الخزانات والصهاريج.