تشهد منطقة العراد الصحراوية الواقعة على مساحة 65 كيلومترا تقريبا على طريق العين ـ الوجن ما يشبه الثورة الخضراء قياسا بكثافة العمل الجاري لتجهيز مئات المزارع الجديدة على رقعة واسعة من الرمال والكثبان الصفراء تمتد بطول 25 كيلومترا وعرض 20 كيلومترا تقريبا . وتعكس الأرقام والاحصائيات حجم الانجاز الذي تحقق بالعراد خلال فترة زمنية وجيزة فقد ارتفع عدد المزارع بالمنطقة من 54 مزرعة فقط خلال الموسم الزراعي 80/81 إلى 80 مزرعة عام 86 ثم قفز اجمالي عدد المزارع في الموسم الزراعي الماضي إلى 543 مزرعة ارتفعت إلى 740 مزرعة خلال الموسم الزراعي الحالي 99/2000 وهو ما يعني ان 197 مزرعة جديدة بالمنطقة انتجت وبدأت التسويق هذا الموسم لأول مرة. وبينما يقوم المزارعون الجدد بالعراد بتسويق محصولهم الذي جادت به مزارعهم الجديدة لأول مرة وسط أجواء من التفاؤل والبهجة يتوزع اسطول من الآليات والمعدات الثقيلة وسط الصحراء وخلف التلال والكثبان على مساحة واسعة لجرف الرمال وتسوية الأرض في سباق مع الزمن لتجهيز المئات من المزارع الجديدة بالمنطقة حيث يتضاعف أعداد المزارع في زمن قياسي. المشهد العام في العراد التي زرناها الأسبوع الماضي يترجم وبصدق ما يتحلى به صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة من عزيمة قوية وارادة صلبة أحالت الصحراء القاحلة إلى مزارع خضراء تنتج كافة أصناف الخضروات, ويعبر المزارعون بالمنطقة في بلاغة عن فيض مشاعر الحب والامتنان والعرفان تجاه صاحب السمو رئيس الدولة عندما يقولون (بفم واحد) انه حقا (قاهر الصحراء) . طفرة زراعية كبرى ويؤكد أحمد سلطان الحلامي وكيل دائرة الزراعة والثروة الحيوانية في العين على ان هذا المشهد المفرح لا يقتصر على العراد وحدها بل هو صورة متكررة ومطابقة لما يحدث في سائر المناطق الصحراوية في العين على امتدادها وإذا اقتصرنا هنا على المنطقة الجنوبية نجد هناك الظاهرة, أبو كرية, العويا والوجن, وواحة الصحراء وجميعها شهدت وتشهد انجازات زراعية كبيرة في أوقات قياسية. ويعود وكيل الدائرة الى الحديث عن الطفرة النوعية الزراعية الكبيرة التي شهدتها منطقة العراد خلال الموسيمين الاخيرين مؤكدا على ان ذلك يجد الحرص والاهتمام الكبير الذي يوليه صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة بتوسيع الرقعة الزراعية ونشر اللون الاخضر في الصحراء بزيادة عدد المزارع وتوزيعها على ابنائه المواطنين لربطهم بالارض وتشجيعهم على الزراعة والانتاج لتحقيق الامن الغذائي ولزيادة دخولهم مما يساهم في رفع مستوى معيشتهم. معدلات زيادة مرتفعة ويتوقع وكيل الدائرة ان يرتفع اجمالي عدد المزارع في العراد الى 1200 مزرعة خلال الموسم الزراعي المقبل 2000/2001 حيث يجري العمل الآن على قدم وساق لتسوية وتجهيز ما يتراوح بين ,400 500 مزرعة جديدة بالمنطقة تمهيدا لتوزيعها على المواطنين بناء على التوجيهات الصادرة من الجهات العليا. وعبر بهذه المناسبة عن خالص شكره وتقديره لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة للدعم الكبير الذي يوليه للقطاع الزراعي ومشروعاته الطموحة.. وتوجه بالشكر والعرفان لسمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل حاكم أبوظبي بالمنطقة الشرقية نائب رئيس المجلس التنفيذي ورئيس دائرة الزراعة والبلدية بأبوظبي لمتابعته المستمرة لهذه المشروعات وحرصه على انجازها بالصورة المثلى. واشار وكيل دائرة الزراعة والثروة الحيوانية في العين الى ان العراد كغيرها من المناطق الزراعية الاخرى التابعة للدائرة تشهد في الفترة الاخيرة طفرة كبيرة في اعداد اشجار النخيل المثمرة.. فقد ارتفع اجمالي النخيل بالعراد خلال الموسم الزراعي الحالي بدرجة كبيرة مما يعكس بدوره مدى اهتمام القيادة العليا بهذه الشجرة المباركة. دعم غير محدود وحول الجهود التي تبذلها الدائرة لتجهيز المزارع الجديدة في العراد وتهيئتها للزراعة تحدث خلفان المر النعيمي الوكيل المساعد بالدائرة فقال: ان معدلات الزيادة المتسارعة في عدد المزارع الجديدة بالمناطق الزراعية ضاعف من مسئولية الدائرة التي تقوم باستلام المزارع عقب تسويتها وعمل شبكات الري وحفر الآبار وصرف المضخات الغاطسة وانزالها في الآبار وتوجيه المرشدين والفنيين الزراعيين نحو بذل اقصى جهد لمساعدة المزارعين والاخذ بيدهم نحو الاساليب الصحيحة التي تحقق لهم اعلى معدلات الانتاج. واضاف ان الدائرة تقوم من خلال ادارة الانتاج وقسم الارشاد الزراعي بتسهيل وسرعة توفير الخدمات اللازمة للمزارعين مثل حرث الارض وتسويتها واختبار ملوحة الابار حتى يمكن تحديد البرنامج الزراعي لكل مزرعة والذي يتناسب مع درجة ملوحة المياه بها وذلك في اطار الخطة الزراعية المقررة من الدائرة. تكثيف برنامج الزيارات وتطرق المهندس محمود يوسف المستشار الزراعي لدائرة الزراعة والثروة الحيوانية في العين الى الخدمات الارشادية والوقائية التي تقدمها الدائرة للمزارع بشكل عام مؤكدا اهمية متابعة المزارع من خلال تكثيف برنامج الزيارات خاصة في حالة المزارع الجديدة في منطقة العراد وغيرها لتقديم النصائح الارشادية وتدريب العمالة الموجودة على افضل الطرق والاساليب المتبعة لخدمة المحاصيل لتوفير اعلى معدلات الزيادة والجودة في الانتاج والصورة المثلى لتسليمه بمراكز التسويق. واستعرض مستشار الدائرة المحاصيل التي تزرع بمزارع العراد وفق الخطة الزراعية والتي لاقت هذا الموسم نجاحا كبيرا خاصة في محصول علف الرودس الذي تمت زراعته بمزارع المواطنين هذا الموسم لاول مرة وحققنا نتائج مبهرة مما جعله يستأثر باهتمام المزارعين لانتاجه الوفير الذي وفر على المزارعين مشقة الحصول على الانواع المستوردة منه لسد احتياجات الثروة الحيوانية لديهم حيث وفرت زراعته لاول مرة كميات كبيرة منه بأسعار معقولة جدا. قاهر الصحراء خلال جولتنا التي قمنا بها بمزارع العراد كانت السعادة والبهجة التي بدت على اصحاب المزارع خاصة تلك الجديدة التي انتجت هذا الموسم لاول مرة هي السمة العامة المميزة فوجوههم جميعا تعلوها ابتسامة تنم عن رضا وقناعة. مرافقونا في الجولة المهندس ابو الاسعاد الملقب بأبي وليد وعدد من زملائه العاملين بمركز ارشاد العراد اصروا على ان يأخذونا الى اكبر عدد من المزارع بالمنطقة لاطلاعنا على ما تحقق من انجازات زراعية بهذه البقعة الزراعية. كانت محطتنا الاولى بمزرعة المواطن سليمان شامس النعيمي الذي اخبرنا بسعادة بالغة انه بدأ التسويق هذا الموسم لاول مرة وان النتائج مشجعة جدا ومبشرة حيث جادت الارض بمحصول وفير ذي جودة عالية. وبمزرعة مجاورة التقينا صاحبها المواطن اسماعيل محمد السعدي الذي اكد ان تجربته مع الزراعة جاءت في بدايتها موفقة وناجحة واكد بينما كان يشير الى سيارة بيك ـ آب كان تحمل محصول علف الرودس من المزرعة الى مركز التسويق القريب ان تجربة زراعته بمزارع المواطنين لاول مرة هذا الموسم جاءت ناجحة وموفقة. انتقلنا بعد ذلك الى مزرعة المواطنة ميرة راشد الشامسي التي استقبلتنا وابناها محمد وعبدالله سهيل سالم العامري بترحاب وبشاشة بالغة.. واكدت ميرة لنا انها تحرص على التواجد دوما مع ابنائها بالمزرعة لتعويدهم على الارتباط بالارض تمشيا مع توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة. فرحة المزارعين بالرودس واكد لنا المواطن عبدالله سعيد الشامسي وقريبه علي مصبح الشامسي ان نتاج المحصول هذا الموسم جاء وفيرا ومرضيا خاصة محصول الرودس الذي كان المزارعون قد ترددوا في زراعته في البداية. واوضح الاثنان اللذان يمتلكان مزرعتين متجاورتين انه وبفضل الدعم الكبير الذي يلقاه المزارعون من الدائرة تم تجاوز الاثار السلبية التي عانى منها اصحاب المزارع بالمنطقة في بداية الموسم نتيجة انقطاع الكهرباء. المواطنان عبدالله خلفان الشامسي (بن هويدار) وسعيد سالم اليحياي اللذان احتفيا بنا بمزرعتيهما جدا وبعمق مدى ارتباطهما بالارض وعشقهما للزراعة فقد لوحظ حرصهما على التواجد مع ابنائهما واقاربهما بالمزرعة.. وقد اكدا لنا رضاهما وقناعتهما بروعة التجربة ومردودها المادي والاجتماعي عليهما. اما سيف سالم علي الذي التقيناه بمزرعة شقيقه سعيد اليحياي فقال ان لديه مزرعة جديدة بمنطقة ابو كرية القريبة ومؤكدا ان هذا النجاح الكبير الذي تحقق جاء نتيجة الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة العليا بدعم وتشجيع المزارع. وفي مزرعة اخرى جديدة بالمنطقة كانت صاحبة المزرعة غريبة سهيل العامري بانتظارنا ومعها شقيقها حمد سهيل الذي نقل الينا ما تكنه أخته صاحبة المزرعة لصاحب السمو رئيس الدولة من شكر وعرفان وامتنان على هذه المكرمات المثمرة الخيرة مؤكدًا ان ذلك له بالغ الاثر من حفذ المواطنين على التشبث اكثر بأرضهم. المواطن حمد متعب الشامسي الذي حرص على ان يصطحبنا في جولة داخل مزرعته قال ان ما تحقق بالمنطقة من انجازات زراعية يعود بعد الله الى الجهود الكبيرة الخيرة لصاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس الدولة وقاهر الصحراء من اجل تحسين مستوى المواطن وتوفير كل سبل الحياة الكريمة له ولاسرته. 300 سيارة يوميا ولدى مرورنا امام مركز تسويق العراد في نهاية جولتنا لوحظ الزحام الكبير من السيارات والاشخاص الواقع عليه وبسؤال مسلم الرجفة العامري مسئول المركز عن حجم الاقبال على تسويق منتجات المزارع يوميا اوضح ان العمل بالمركز يستمر يوميا من الصباح الباكر وحتى مساء دون انقطاع نظرا لحجم الاقبال عليه من اصحاب المزارع مشيرا الى ان هذا الاقبال زاد في الاسابيع الاخيرة مع زيادة انتاج المزارع من محصول علف الرودس حيث يستقبل المركز حاليا اكثر من 300 سيارة يوميا تحمل اكثر من 300 طن من علف الرودس الذي يتم بيعه ثانية للمزارعين بأسعار زهيدة او نقله الى مشروع الاعلاف بأبو كرية لتجفيفه. تحقيق: محسن البوشي