الامومة نبع الحنان نعمة من نعم الله على الانسان والحيوان فطر الله عليها كل كائن حي, سلوك غريزي يتدفق دون توقف يتميز بالحساسية والحنان والهدوء والانفعال, مجموعة مشاعر متجانسة غريزية, والحيوانات بكافة سلالاتها وانواعها فطرها الله على غريزة الامومة فعالم الحيوان عالم ملىء بالتضحيات والحب والحنان فلندخل سويا للاستمتاع بهذا العالم ولنستشف مواقف الامومة لدى الحيوان. التقينا صالح النجار رئيس الخدمات الادارية ادارة الزراعة والحدائق العامة قسم حديقة الحيوان فقال: الحيوانات لها صلة مباشرة وقوية مع اولادها فلو تحدثنا عن الثدييات وهي من شعبة الرئيسيات وشبيهة بالانسان كالشمبانزي والغوريلا وانسان الغرب والبابون والجيبون وهي الاكثر انتشارا في الجزيرة العربية حيث يوجد في السعودية 300 الف من هذا النوع, وهي من اكثر الحيوانات ذكاء والسلوك لدى الحيوانات ينقسم الى قسمين السلوك الغريزي وهي علاقة الاسرة او المجتمع الحيواني ببعضه البعض والتزاوج الى الولادة والامومة فهي كالانسان تماما. ولبقاء اي كائن خلقه الله وفطره على غريزة التزاوج والولادة والامومة حتى تتكاثر الانواع وتستمر. لذلك يعتبر الصيد الجائر تخريبا لمواطن هذه الحيوانات مما يؤدي الى انقراضها فهي تتزاوج وتتكاثر وتحمي بعضها البعض والانسان يهاجمها ويخرب بيئتها وعموما الحيوانات فطرت على غريزة الامومة تماما كالانسان وبينها علاقات اجتماعية وتواصل مستمر (فالبابون) نلاحظ في حياته الطبيعية هناك نوع من التخاطب فيما بينها بأصوات واشارات معينة. المولود الجديد وعند ولادة (البابون الصغير) لاحظنا ان الكل يتجمع لمشاهدة المولود الجديد والام تحمله على يدها لتجعل اخوانه يستمتعون بمشاهدته واللعب معه لمدة دقائق فقط ومن خلال خبرتي في الحديقة لاحظت ان اخوان (البابون) الصغير اذا دخلت دون استئذان من الام للعب وحمل الصغير ففي هذه الحالة تتوحش الام عليها بانفعال شديد حيث يجب ان يكون بينها تخاطب واستئذان فهناك غريزة الامومة بين الأم وطفلها والام واخوان الطفل الذين يكبرونه فيها نوع من الرقي حيث تتجسد معاني الامومة بشكل واضح تماما كالانسان وكثيرا ما نلاحظ ان امهات الحيوانات ترضع اطفال حيوانات اخرى فقد حدث ان ارضعت (كلبة) اطفال قطة, فغريزة الامومة هي المحرك لهذه الام بحيث تختفي العداءات والعوائق بين بعض الحيوانات المتنافرة فسبحان من فطرها على هذه الغريزة ولو ضربنا مثالا عن السلاحف البحرية نراها تذهب الى اليابسة وتدفن بيضها في الرمل, وتعمل عدة حفر وهمية حتى لا تتعرف الحيوانات الاخرى او الانسان لموقع بيضها بالضبط, فهي بذلك تستخدم الخداع حتى تحميه. حماية البيض فمن الهمها هذه الحيلة, وما الذي يجعلها تحمي بيضها من العدو؟ انها حقا غريزة الامومة التي فطرها الله عليها, فهي تتصرف كالانسان بالضبط لحماية ورعاية صغارها, وهذه صورة اخرى تجسد الامومة عند الحيوان حيث نلاحظ التماسيح بعد التزاوج تدفن بيضها في الرمل بعد فترة وعندما يفقس البيض, الوحيدة التي تسمع صوت صغارها من تحت الرمل هي الأم فنراها تنبش الارض لتخرجها من الحفر وتنزلها الى الماء هكذا تتجسد الامومة بشكل غريزي عند التماسيح, فصلة الامومة واضحة عند سماع صوت صغارها فهذه روابط غريزية فطرها الله عليها, وهذه صورة اخرى من صور الامومة عند الحيوان فمثلا (أسماك البلطي) تبيض الانثى حوالي 300 بيضة, وبعد ان يفقس البيض وتخرج اليرقات, تتجمع كلها حول الام وتنتقل بها في المراعي البحرية بحثا عن الاكل وفي حالة وجود عدو مثل اسماك (البيرونا) المفترسة التي تهاجم الاسماك الصغيرة تفتح الأم فمها فتدخل جميع اليرقات فيه, وتقفل فمها دون ان تأكلها, وبعد ان تتأكد من زوال الخطر تفتح فمها وتعيد اليرقات الى الماء فما اعظم الامومة عند هذه الاسماك. جميع هذه المواقف وغيرها الكثير الكثير مما يدل على الامومة الموجودة عند الحيوانات فهذه الزرافة التي ولدت وظلت طوال اليوم تتحرك بتحرك الشمس بحثا عن الظل لتحمي مولودها, وهذه انثى فرس النهر, اذا ما نزلت الى الحوض المخصص للسباحة تبدأ القاء الفضلات حتى يتحول لون الماء الى اللون الغامق وبذلك تحمي ابناءها تحت الماء فلا يمكن للاعداء مشاهدتها والهجوم عليها. ولو تأملنا معا العقرب بعد ان يفقس البيض تحمل صغارها على ظهرها لمدة اسبوع على الاقل حتى تحميها من هجوم التماسيح او الحيوانات الاخرى, وحتى تقوي عضلاتها وتستطيع التحرك بنفسها. غريزة الامومة غريزة الامومة لديها جعلتها تتصرف بهذا الشكل مع اطفالها واذا انتقلنا الى عالم الطيور نلاحظ ان للطيور عوالم كبيرة, بينها تفاهم وانسجام لا حدود له, والامومة عند الطيور لها معان كثيرة فنلاحظ تغريد الام ونبرات صوتها عندما تجلب الطعام لابنائها وتنبهها لذلك يختلف عن تغريدها في حالة الخطر فنلاحظ عند الخطر تستقر الفراخ في اماكنها بلا حراك حتى يزول الخطر, فكل نبرة من نبرات الام لها مدلول معين يفهمه الصغار, فغريزة الام هي التي تفسر هذه النبرات المختلفة وهذا نوع آخر من الطيور (الهدهد) تفرز الأم نوعا من الروائح الكريهة على عشها حتى ينفر الاعداء منه حماية لصغارها, فالمواقف لا تنتهي لان غريزة الامومة موجودة عند الحيوانات منذ الازل ولن تنتهي فهي موجودة تماما كغريزة الامومة عند الانسان, فالام الانسانة لا تتخلى عن صغارها وتعمل على حمايتهم وتربيتهم وتغذيتهم وكذلك الحيوانات فهي تماما مثل الانسان فهي تقوم بالدور الامومي كاملا, حتى انها يمكن ان تدافع عن صغارها حتى الموت. كما التقينا د. هشام احمد ـ طبيب بيطري ـ ذكر: ان الامومة عند الحيوانات لا تختلف عن الانسان وتنشأ رابطة الامومة بين الام ومولودها منذ الولادة وهذه الغريزة تجعل الطفل يتعرف على امه ويجعل الام تحافظ على صغارها بشكل غريزي فطرت عليه فهي لا تختلف عن الانسان في ذلك, والحيوانات باختلاف اجناسها فمنها المجترات والخيول واكلة اللحوم والقوارض والطيور وجميعها لديها نفس الغريزة وكل منها تتصرف بدافع الامومة حسب متطلبات بيتها, فالخيول مثلا تلد اطفال كاملي الاجهزة وبما انها تعيش في بيئة برية وتعتمد على الحشائش نلاحظ ان الأم تبدأ منذ الولادة بتعليم صغارها المشي والاعتماد على النفس والالتحاق بالقطيع لحماية نفسها من الاخطار وهناك علاقة قوية بين الام وطفلها بحيث تعلم طفلها وتدربه وتغذيه وكوني طبيبا بيطريا لاحظت الكثير من المواقف التي تتفجر بمعاني الامومة فالبقرة مثلا صعب الاقتراب منها في حالة الولادة خوفا على ابنها فهي تهاجم كل من يقترب منها وتبدأ بلحس مولودها لترطيبه وحمايته من العوامل الجوية كما تعمل على تعليمه وتعريفه على ثدييها حتى يرضع منها وتساعده على الوقوف وتظل معه الى ان يصل الى مرحلة الفطام والوقوف والاعتماد على النفس, ونتيجة لغريزة الامومة الموجودة بين الام وصغارها نلاحظ ان صغار الحيوانات تتعرف على امهاتها بطريقة غريزية, فالامومة موجودة بشكل كبير عند الحيوان كما هي عند الانسان تماما حتى في الرضاعة نلاحظ الاطفال الذين تموت امهاتهم لاي سبب ويتغذون من الحليب الصناعي تكون بنيتهم ضعيفة ونسبة الوفيات والامراض اعلى بينهم فحليب الام مناسب من ناحية درجة الحرارة وتوفره بغزارة وفي اي وقت بالاضافة الى كونه غذاء كاملا وكثيرا ما نحول في حالة وفاة الام ان تتبنى الصغار ام اخرى من نفس الجنس فتقوم بارضاع الصغار فغريزة الامومة تجعلها تعمل على ارضاع صغار غير صغارها, كما نلاحظ ان الامومة موجودة عند الحيوانات المفترسة بشكل قوي جدا لانها تلد صغارها غير كاملي النمو فتحتضنها حضانة كاملة فتعمل بكل جهدها لتوفير الاكل لها, وحمايتها من التقلبات الجوية او الاعداء وتكون اكثر حرصا على الاقتراب من صغارها, فصغارها تعتمد في هذه الفترة عليها في كل شيء وتتعلم كل السلوك من امها ولا تتركها حتى تعتمد على نفسها فغريزة الامومة موجودة بأشكال مختلفة عند الحيوانات ولكنها في النهاية فهي مثل الانسان تماما في خوفها على اطفالها ومداعبتها وتغذيتها وحتى الاهتمام بنظافتها. والتقينا الشيخ محمد حبو حبيب, باحث بدائرة الاوقاف بدبي ذكر: اودع الله الامومة في كل مخلوق يتزاوج وهي جزء من 100 جزء من الرحمة التي اودعها الله في عبارة وادخر لديه 99 جزءا في الاخرة, وهذا الجزء نرى فيه التراحم والتعاطف والحنان بين المخلوقات فالامومة غريزة اساسية في الانسان والحيوان على السواء ولا احد يمكنه ان ينكر ذلك فالحيوانات المختلفة تحرص على حماية اطفالها والدفاع عنها تماما كالانسان, حتى انها قد تحرم نفسها من الاكل لتطعم صغارها, فما الذي يحرك هذه المشاعر والتصرفات لدى الحيوان؟ هي غريزة الامومة التي اودعها الله فيها حتى انها قد تضحي بنفسها من اجل صغارها وعموما غريزة الامومة فطرة موجودة في الحيوان لا تقل عن الانسان في اي شيء.