عادة خطيرة باتت في الاونة الاخيرة تتردد باستمرار على مسامعنا... من صديق او جار او اخ او ام يرغبون في تنظيف منزلهم وحماماتهم باستخدام مادة التيزاب، وهي حمض الاسيد او ماء النار... التي كثرت استخداماتها الخاطئة في عمليات التنظيف او تسليك المجاري في المنزل من اشخاص لا يمتلكون الخبرة التي تحتاج الى درجة عالية من الكفاءة والأمان أثناء العمل بها.
باعتبار ان هذه المادة من أخطر المواد الكيماوية الحارقة ليغفل عن اضرارها البعض، وهي تؤثر على صحة الإنسان سواء عن طريق الاستنشاق اوالابتلاع اوملامسة الجلد والعيون، فخطأ بسيط يمكن ان يكلف الانسان حياته وفرصة النجاة تجعل الفرد يعيش معاناة التشوه الدائم الذي يرافقه طوال حياته. مادة للأسف باتت متوفرة تباع لكل من شاء ورغب دون وجود ضوابط ورقابة، تلزم المصانع او المتاجر المختصة ببيع هذه المواد القلوية والحمضية الحارقة الى شركات معينة فقط وليس للافراد العاديين، بسن قوانين صارمة تجبرهم على عدم توفير مادة الاسيد الحارقة سوى للجهات المختصة، لضمان عدم وقوعها في يد المراهق او الجاهل او المجرم فهي مادة فتاكة.
قصص مأساوية... قصص مأساوية وحوادث مؤلمة نشرت في الصحف وتناولها الاعلام المرئي والمواقع الالكترونية، حدثت في دول عربية وخليجية وآسيوية عن ضحايا مادة الاسيد، ممن تعرضوا الى حروق بليغة بقصد. حيث استغلها بعض المجرمين والحاقدين من اجل الانتقام بتشويه الضحية لتعيش الالم والمعاناة مع معالم وجه مطموسة، وبدون قصد من يستخدمها بدون حذر وهو الامر الذي حدث قبل اسبوعين من الآن. فقد تعرضت مواطنتان في منطقة دبا الفجيرة لحادث مؤلم بسبب الاهمال والجهل بخطورة المادة. حيث استعانتا بحمض الاسيد بغرض تنظيف مجاري البيت لتلقى احداهن حتفها اختناقا والتي تبلغ من العمر21 سنة بعد تفاعل المادة الكيماوية، ونقلت الاخرى الى العناية الفائقة لتلقي العلاج لاستخدامهن كميات كبيرة من الحمض.
وتجد الطبيبة مريم محمد ان النطق باسم حمض الاسيد يقشعر له البدن باعتباره مادة قلوية مركزة ارتبطت بالعديد من الحوادث المأساوية والحزينة، الذي ذهب ضحيتها العديد من الناس، فسقوط قطرات بسيطة على الجلد يتسبب بحرق من الدرجة الثالثة والخطيرة التي تخترق الجسم وتؤدي الى تشوهه، فالتعامل بهذه المادة خطير جدا خاصة ما توفره الاسواق من عبوات خالية من التحذيرات التي تناسب قوة المادة التفاعلية. وللاسف رغم التعليم وثقافة الامهات والاباء الا ان نقص الوعي وتجاهل بعض الامور يجعل اولياء الامور يتغاضون عن خطورة استخدام بعض المواد الحارقة وغيرها من المواد السامة بتوفيرها في اركان المنزل وجعلها قريبة من متناول ايدي اطفالهم، منها منظفات الحمامات الشديدة التركيز، والتي تعرف من رائحتها النفاثة الخانقة التي يصعب التعامل معها في البيت.
توعية مستمرة
وتأمل الطبيبة مريم ان تكون هناك توعية مستمرة في المدارس وتوزيع نشرات على المنازل والدوائر المحلية والاتحادية وفي الشوارع، توضح خطورة هذه المواد والمطالبة بعدم استخدامها في عمليات التنظيف واعطائهم البدائل الاخرى الجيدة من المنظفات.
ويرى المواطن جمعة احمدي ان وجود مواد للتنظيف عالية التركيز خطر يهدد العائلة، لذلك يجب سحب تلك المواد من المتاجر ومحلات السوبرماركت وتوفيرها فقط للشركات المختصة، فكون وجودها على ارفف المحلات يجعل ربة البيت تقتني العديد منها دون ادراك لخطورتها او للتعليمات التي تحويها العبوة من تحذيرات صارمة، تجعل من الشخص المتعلم عند قراءتها يتراجع عن شرائها لما تتضمنه من تحذير بوجود رائحة نفاثة.
وعدم سكب المادة دفعة واحدة لعدم التعرض للاختناق وعدم خلطها بمواد اخرى يمكن ان يؤدي الى تفاعلها الى خروج غازات سامة وغيرها من التحذيرات الطويلة التى يصعب على الفرد غير المتعلم ان ينتبه لخطورتها ليقع ضحيتها.
نجت بأعجوبة
تقول المواطنة منال حسن موظفة إنها قبل سنتين نجت بأعجوبة من حادثة اختناق بسبب مادة الاسيد الحمضية، فقد سمعت من احدى زميلاتها في العمل انها تقوم بتسليك فتحات المجاري بواسطته لتصبح سالكة ونظيفة خلال ثوان، وعليه انتهزت فرصة نهاية الاسبوع وجلوسها في البيت لتحاول تقليد زميلتها دون اي فكرة لديها عن خطورة هذه المادة، وكانت تظن انها مخففة وليست بنفس القوة المستخدمة في انواع اخرى من الاعمال.
وبسبب كراهيتها لرائحة المواد المحترقة فضلت منال في البداية سكب مقدار ضئيل جدا الامر الذي ادهشها وهو صدور صوت مزعج لتفاعل الحمض وخروج رائحة نفاثة مع بعض الادخنة التي اصابتها بدوار واختناق، جعلها تهرب للخارج لاستنشاق الهواء النظيف.
وقامت بالاتصال بزوجها الذي وبخها بشدة وطالبها بعدم رمي المادة والاحتفاظ بها في مكان آمن وبعيد عن اطفاله والخادمة لحين عودته من العمل، ليتخلص منها بالطريقة الصحيحة.
ولحظتها عزمت منال على عدم استخدام اية مادة كيماوية او حمضية لتنظيف منزلها، والاستعانة بالشركات المختصة، فهي تجربة تقول انها كادت ان تودي بحياتها لولا العناية الالهية التي جعلتها تتمهل في استخدام الاسيد وعدم سكب كمية كبيرة منه.
ويروي محمد غلام صاحب محل للاعمال الصحية ان تهوره في تسليك احدى البالوعات ادى الى التسبب باحمرار وجهه اثناء وضعه كمية كبيرة من حمض الاسيد لتنظيف حمام بيته، دون ان يراعي شروط الوقاية ولكن حبسه لانفاسه اثناء صعود الغازات السامة المتفاعلة جعله ينجو من الاختناق بفعل خبرته السابقة.
سن قوانين مشددة بشأن البيع العشوائي
شدد المقدم علي عبيد الطنيجي مدير الإدارة العامة للدفاع المدني بالفجيرة على ضرورة توعية ربات البيت، بعدم استخدام حمض الاسيد (ماء النار) وغيرها من المواد الشديدة التركيز من اجل عمليات التنظيف وتسليك المجاري، فهي عبارة عن مادة حارقة خطيرة تحتاج في استخدامها الى مختصين لديهم الخبرة الكافية للتعامل معها بحذر، مستخدمين ملابس واقية مثل القفازات من المواد العازلة والقوية والنظارات الواقية للعين وكمامات او اقنعة خاصة.
وملابس مقاومة للمواد الحمضية وحذاء، فعدم التزام ربة البيت بالطرق الوقائية واستخدام كميات كبيرة منها في أماكن مغلقة رديئة التهوية تسبب الاختناق والوفاة، فهذه المادة ان أسيء استخدامها تؤدي الى مخاطر كبيرة وتسبب في خسائر في الارواح.
مضيفا ان الإرشادات الوقائية الموجودة على بعض العبوات الخاصة بحمض الاسيد غير كافية على الإطلاق، فيجب ان تكون التحذيرات واضحة وتحمل ادق التفاصيل، على ان تباع للشركات المختصة التي تمتلك الخبرة الكافية ، وابعادها من الاسواق من المتاجر غير المتخصصة ببيعها وسن قوانين مشددة حول عمليات البيع العشوائية للافراد العاديين وبالاخص الى المراهقين الذين لا يعون خطورة هذه المادة.
ويطالب الطنيجي الجهات الرقابية بتكثيف حملاتهم على المحلات والاسواق غير المرخص لها ببيع المواد الحمضية والقلوية بعقوبات صارمة ، وضبط هذه المواد وعدم تركها تباع في محلات غير مسموح لها وتستخدم من قبل أشخاص يجهلون خطورتها على الصحة.
وان يتم التعاون بين جميع الجهات المعنية من رقابة وصحة ومدارس وتنمية اجتماعية وتنمية اسرية من اجل زيادة الوعي والتثقيف لربات البيت حول مخاطر استخدام مواد خطيرة كالاسيد، والمنظفات الشديدة التركيز ومنع تخزينها في البيت وفي حال وجودها يجب التخلص منها باعدامها من قبل شركات مختصة وعدم رميها في الشارع او سلة المهملات.
والاستعانة بمواد التنظيف المخففة كالمطهرات التي تعقم وتلمع الارضيات وتخزينها بطريقة آمنة في خزانات مقفلة بعيدا عن متناول أيدي الاطفال، وترك عمل تسليكات المجاري للشركات المختصة، ويفضل ان تكون في اوقات تكون فيها العائلة خارج المنزل لعدم استنشاق أية مواد سامة.
تحقيق- عائشة الكعبي