من خلف قضبان السجن، وقف المتهم الذي ينتمي إلى واحدة من أفقر دول جنوب شرق آسيا، يروي قصته، قائلاً: «أنا عامل بناء ذو دخل محدود، بالكاد يكفي لتأمين احتياجاتي الأساسية ومتطلبات أسرتي في وطني، حاولت بكل ما في وسعي تحسين دخلي، غير أن كل محاولاتي باءت بفشل ذريع، وفي نهاية الأمر وجدت ضالتي في سرقة التمديدات الكهربائية، وكان سوق «السكراب» منفذي لبيع مسروقاتي».

 

بلاغات

وتتلقى مراكز الشرطة بشكل شبه دائم بلاغات مقاولين بسرقة تلك المواد من مناطق الإنشاءات الجديدة والمواقع تحت التشييد والتي اكتملت وجار تسليمها للمالك، والتي تعد بعيدة عن أعين الرقابة والجهات الأمنية.

والمشكلة ليست جديدة، غير أن مصادر شرطية تشير إلى أنها في ازدياد مطرد.

ولا تخلو صفحات الحوادث في الصحف اليومية، من جريمة سرقة كابلات ومواد بناء يومياً.

والمؤكد أن التصدي لهذه المشكلة الأمنية، يتطلب أولاً تشديد قبضة الرقابة على سوق السكراب وعمل حملات تفتيشية من الوزارات والمؤسسات المحلية المسؤولة عن رقابة الأسواق، بحيث يتم التدقيق على مصادر البضائع التي تتواجد في المستودعات.

بغير هذه الرقابة، ستظل المباني تحت الإنشاء، وغير المأهولة عرضة لعبث العابثين، وستبقى جريمة سرقة مواد البناء، واحدة من الحلول السهلة التي يلجأ إليها ضعاف النفوس، لتحقيق أرباحهم غير المشروعة.

مشكلة مؤرقة

وتمكنت شرطة دبا الفجيرة مؤخراً من القبض على عصابة آسيوية تتكون من3 أفراد امتهنت سرقة كابلات كهربائية في منازل قيد الإنشاء على فترات مختلفة في شهور سابقة من مناطق متفرقة في دبا الفجيرة.

ودأب المتهمون على تنفيذ جرائمهم بطريقة مبتكرة، ومن ثم بيعها لبعض الشركات التي تعيد تصنيعها أو تصديرها في إمارات أخرى.

وقال سالم الخديم وكيل نيابة أول في نيابة دبا الفجيرة: إن معدل جرائم السرقة يبقى في المعدل الطبيعي، ولا تمثل ظاهرة أمنية، وإن كانت قد حققت ازدياداً. وأشار إلى أن جرائم السرقات المتكررة لكابلات والأسلاك الكهربائية ترجع أحياناً لأن العقوبة غير رادعة، إلا أنه بشكل كبير ومباشر يتعلق بمحلات إعادة تدوير المنتجات المعدنية «السكراب» التي ساهمت في استمرار هذه السرقات. وأكد أن شراء هذه المنتجات دون البحث عن مصدرها أدى على تشجيع عدد من ضعاف النفوس، وعلى الأخص ذوي الدخل المحدود، على التمادي في اقتراف هذه الجريمة التي تعد بكل المقاييس جريمة سهلة.

ولا يزال عدم خضوع تلك المحلات للرقابة يشجع الناس على العبث بالمال العام وكسب الربح المادي غير المشروع.

وطالب الخديم الجهات المعنية كوزارة الاقتصاد والبلديات وغرف التجارة والصناعة تشديد المراقبة على محلات بيع الخردة والتدقيق في الشاحنات التي تقل الكابلات ومتابعة مصدرها عن طريق تنظيم حملات مستمرة للكشف عن هذه العصابات التي تكاد تكون منظمة في هذا النوع من الجرائم. إضافة إلى تطبيق أقصى العقوبات على المخالفين.