كشفت دراسة تقييم وضع المخدرات والمؤثرات العقلية في الدولة، والتي أجراها المركز الوطني للتأهيل ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن الخدمات العلاجية والتأهيلية المتوافرة لمرضى الإدمان بالدولة غير كافية من حيث عدد المؤسسات التي تقدم هذا النوع من الخدمات، وذلك في ظل انعدام وجود مراكز في المناطق الشمالية تتولى هذه المهام.
وأشارت الدراسة إلى أن المركز الوطني للتأهيل يعاني من نقص في الأسرة، وتوجد لديه قوائم انتظار، فضلاً عن نقص في الكوادر المؤهلة، فيما أوضح الدكتور حمد الغافري، المدير العام للمركز الوطني للتأهيل، في أبوظبي، أن المركز بصدد إنشاء مركز لتأهيل المدمنين في إمارة عجمان.
جاء ذلك خلال ورشة العمل التي نظمها المركز الوطني للتأهيل بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فندق إنتركونتيننتال، للإعلان رسمياً عن نتائج المشروع المشترك لدراسة تقييم عبء مشكلة المخدرات بالدولة، بمشاركة العديد من الجهات الحكومية التي شاركت في توفير المعلومات اللازمة لهذه الدراسة.
وأكد الدكتور حمد عبدالله الغافري، مدير عام المركز الوطني للتأهيل، أن توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومتابعة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ورعاية ومتابعة مستمرة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ساهمت في دعم جهود المركز خلال السنوات الماضية، ولايزال هذا الدعم يعطينا الدافع لتحقيق أهداف المركز الاستراتيجية.
مشكلة عالمية
وأضاف الغافري أن مشكلة المخدرات من المشاكل العالمية التي تواجه جميع دول العالم، ويمكن اعتبارها مشكلة قومية وأمنية ذات أخطار كبيرة، إن لم يتم التعامل معها بحكمة، وإيماناً منا بدور المركز المهم والحيوي في هذا المجال، بادرنا بعقد اتفاقية شراكة مع زملائنا في مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لتنفيذ هذا المشروع المشترك، والذي شاركت فيه أكثر من 20 جهة محلية واتحادية.
واستمر العمل فيه أكثر من عامين، وذكر أن الهدف الرئيسي من هذا المشروع كان محاولة جمع وتحليل أكبر قدر ممكن من المعلومات المتعلقة بمشكلة المخدرات من جميع الجهات المعنية، وذلك من أجل محاولة تحديد حجم هذه المشكلة بالدولة، ومن ثم تطوير وتنفيذ استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات، ونحن فخورون بالعمل الذي تم إنجازه، والذي يعتبر إنجازاً جديداً يضاف إلى إنجازات المركز الوطني للتأهيل خلال السنوات القليلة الماضية.
مراحل
وقال الدكتور علي المرزوقي، مدير إدارة الصحة العامة والبحوث ومدير المشروع، إن هذا المشروع اشتمل على 4 مراحل رئيسية، حيث تم خلال المرحلة الأولى جمع البيانات المتعلقة بمشكلة المخدرات من الجهات المعنية، واشتملت هذه البيانات على معلومات ديموغرافية عن المرضى والمتهمين بقضايا المخدرات وأنواع المواد المخدرة العلاجية المتوافرة لعلاج وتأهيل مرضى الإدمان.
أما في المرحلة الثانية فتم تنظيم أكثر من 15 جلسة حوارية مع العديد من الفئات المعنية بهذه القضية، إضافة إلى حوارات مباشرة مع بعض متخذي القرار، أما في المرحلة الثالثة فتم مراجعة قوانين المخدرات الموجودة بالدولة، ومقارنتها بالقوانين المشابهة في الدول المجاورة ووضع التوصيات المتعلقة بهذه القوانين، وقامت كلية الحقوق بجامعة الإمارات العربية المتحدة، بالمشاركة والإشراف في هذه المرحلة، أما في المرحلة الرابعة فتمت الاستعانة بخبير دولي، وذلك من أجل تحديد العبء الاقتصادي بمشكلة المخدرات بالدولة، وذلك باستخدام البيانات المتوافرة.
أدلة استرشادية
واستعرض الدكتور المرزوقي خلال ورشة العمل، معوقات الوصول إلى الخدمات العلاجية والتأهيلية التي جاءت في الدراسة، حيث إن أهم المعوقات التي خرجت بها الدراسة هي عدم وجود أدلة استرشادية لتحويل ومتابعة المرضى بين الجهات المعنية ونقص في مراكز العلاج المتخصصة، إضافة إلى أن هناك حالات تحتاج إلى تدخل طبي سريع، وبينت الدراسة أن خدمات العلاج والتأهيل لمرضى الإدمان مقتصرة فقط على المواطنين.
%99
قال الدكتور علي المرزوقي مدير إدارة الصحة العامة والبحوث في المركز الوطني للتأهيل، إن أكثر من نحو 99 % من المدمنين مدخنون في الأساس، مؤكداً أن التدخين هو البوابة والمدخل الرئيسي للإدمان.
وأضاف حسب بيانات مركز الأحداث التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، تبين أن الذكور يشكلون 96 % من العدد الإجمالي للأحداث المتورطين في قضايا المخدرات.
تعاون بين الجهات المعنية لتوفير معلومات دقيقة
أوصت دراسة تقييم وضع المخدرات والمؤثرات العقلية بالدولة، بضرورة تطوير استراتيجية وطنية تهدف إلى إلقاء نظرة عامة على أهم المعلومات التي تم جمعها وتحليلها خلال مرحلة هذه الدراسة واقتراح الخطط والتدخلات المناسبة لمعالجة مشكلة الإدمان، إضافة إلى المساعدة على وضع خارطة طريق تسهم في تطبيق هذه الخطط.
وتوزعت التوصيات التي خرجت بها الدراسة على ثلاثة محاور أساسية، أولها التعاون بين جميع الجهات المعنية والشركاء في مجال توفير المعلومات اللازمة لتحديد حجم مشكلة المخدرات بالدولة وإجراء دراسات علمية في هذا المجال، وإنشاء وتفعيل مرصد وطني للمخدرات وقضايا المخدرات تحت إشراف الأمانة العامة أو اللجنة الوطنية لجمع وتحليل المعلومات المتعلقة بالمخدرات ومرض الإدمان، ويرصد دراسة سنوية لمتابعة حالة المخدرات في الدولة.
أما المحور الثاني من التوصيات فطالب بضرورة تطوير برامج التوعية والتثقيف في مجال مكافحة المخدرات من خلال استخدام برامج وطرق مسندة علمياً تهدف إلى دعم دور الأسرة لوقاية أبنائها من المخدرات وحماية الأفراد في الأماكن العامة من مشكلات المخدرات، إضافة إلى تمكين الشباب من مناهضة المخدرات وتفعيل برامج وقاية تستهدف الفئات الأكثر عرضة للمخدرات مثل النساء والشباب ونزلاء السجون والمراكز الإصلاحية، وبناء قدرات الكوادر العاملة وخاصة في قطاع الصحة ومجال الوقاية من المخدرات.
وتطرق المحور الثالث من التوصيات إلى أهمية توفير برامج علاجية وتأهيلية متكاملة من خلال إجراء حصر مفصل ودقيق للمؤسسات التي تقدم خدمات العلاج والتأهيل، والتوسع في إنشاء المؤسسات العلاجية والتأهيل.