«كنت عبداً مطيعاً للمخدرات»، بهذه العبارة الموجزة والمعبرة، لخص رجل خليجي تجاوز عمره الخمسين عاماً، ما يقارب 30 عاماً من حياته، قضاها في تعاطي المواد المخدرة، وخاصة الهيروين.. أثناء أول لقاء له بالاختصاصية الاجتماعية أمل عبد الرحمن الفقاعي رئيس شعبة التواصل الاجتماعي في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بشرطة دبي.
قصة الرجل، إحدى القصص التي تعاملت شعبة التواصل الاجتماعي في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات معها، والتي كانت مختلفة عن غيرها، في كون المتعاطي كبير في السن، تعدى مرحلة الشباب الأكثر استخداماً للمخدرات، لكن أثر المرحلة ما زال حاضراً في حياته، فالمخدرات سمّ يبقى يجري في عروق مستخدمها، تقول الفقاعي: اعتقدت للوهلة الأولى عند دخوله المكتب، أنه ولي أمر إحدى الحالات التي نشرف عليها، لكنني فوجئت عندما أبلغني أنه صاحب الحالة».
شعبة التواصل
الرجل راجع شعبة التواصل الاجتماعي، بعد خروجه من السجن، إثر ضبطه في قضية تعاطي، وذلك لمتابعة الرعاية اللاحقة له، والفحوص الدورية الخاصة، لكن قصته في عالم المخدرات، بدأت منذ أن كان شاباً يافعاً، حين تعرف إلى مجموعة من الشبان وأصدقاء السوء، ليتدرج عن طريقهم في عالم السموم، وصولاً إلى حقن جسده بإبر الهيروين، التي لاصقت حياته لفترة طويلة.
يؤكد الرجل الذي روى تفاصيل قصته إلى رئيس شعبة التواصل الاجتماعي، أنه دخل إلى عالم المخدرات منذ أن كان عمره 18 عاماً، واستمر في التعاطي بالتدرج، وصولاً إلى حقن الإبر، مشيراً إلى أنه كان وقتها شاباً يافعاً يسافر كثيراً، نتيجة وضع عائلته المادي الجيد، وكان أول ما يفكر به قبل السفر إلى أي دولة، فيما إذا كانت تتوفر فيها المواد المخدرة من عدمه.
التعاطي بمفرده
الرجل فسر استمرار تعاطيه لفترة طولية، في أنه كان يفضل التعاطي بمفرده، بعيداً عن الناس، وأنه لم يكن يقيم علاقات مع المتعاطين أو يختلط بهم، إضافة إلى وضع عائلته المادي الجيد، لكن رغم حرصه الشديد على عدم معرفة تعاطيه، إلا أن الشرطة استطاعت كشف أمره، وإلقاء القبض عليه.
مرض الإيدز
كان الرجل حريصاً جداً على حياته، ويخاف من تعرضه للأمراض، فكان يُعقم الأدوات الخاصة من إبر وغيرها المستخدمة في التعاطي ولا يشارك أحد بها، إلا أنه اضطر في إحدى المرات إلى استعمال إبرة استخدمها آخرون قبله، ونما لسمعه أن أحد المستخدمين مصاب بمرض«الإيدز»، وبالتالي، فإن هناك إمكانية أن يكون المرض قد انتقل إلى جسده.
أصيب الرجل بحالة من الخوف والذعر الشديد، ما دفعه إلى التوجه لإجراء العديد من الفحوص المخبرية، للتأكد من حقيقية إصابته، يقول: أصابني الرعب، وبدأت أنهار داخلياً، وكنت أتذكر تفاصيل حياتي منذ طفولتي، وقلت في وجداني، إن هذا المرض عقوبة ربانية لي على ما فعلته في حياتي.
وتابع: أجريت الفحص الأول للتأكد من خلو جسمي من المرض، ولم أستطع النوم لعدة ليالٍ، لكثرة التفكير في إمكانية الإصابة، إلى أن جاءت النتيجة سلبية، فاطمأننت قليلاً، لكنني كررت الفحص أكثر من مرة، إلى أن زالت حالة الخوف مني.
العلاج والعودة
أشار الرجل إلى أنه توجه للعلاج في عدة بلدان عربية وأجنبية خلال مسيرة حياته، إلا أنه لم يمضِ وقت حتى يعود مرة أخرى من جديد للتعاطي، فيجرب الأفيون، ثم ينتقل إلى الهيروين، وغيرها من المخدرات، مبيناً أنه عاش حياته في كهف، فيما كان يشاهد كافة أصدقائه الذين عاصروا سنه ذاته، يعيشون حياة طبيعية مع أسرهم، ويتمكنون من تحقيق الكثير من الإنجازات في حياتهم الخاصة.
عمل الرجل لمرة واحدة في شبابه، لكنه فُصل من العمل، نتيجة تعاطيه المواد المخدرة، وبعد وصوله سن الخمسين عاماً، ذكر أنه فقد لذة الحياة والعيش بسبب المخدرات، وحالياً، بعد أن أنهى فترة الرعاية اللاحقة لدى شعبة التواصل الاجتماعي، يواظب على علاج نفسي خاص.