لا تخلو ملفات الإصلاح والتوجيه الأسري في المحاكم من الطرافة والغرابة في بعض الخلافات الزوجية المنظورة فيها، في محاولة لحلها، وتسويتها بين الأطراف قبل اتساع دائرة النزاع والانتقال إلى مرحلة التقاضي في محكمة الأحوال الشخصية.

فهذا شاب عربي عاطل عن العمل، يواجه دعوى الطلاق من زوجته الموظفة، لأنه يريد منها 500 درهم عن كل مرة تخرج معه من البيت، أو ينقلها بسيارته لحاجة لها، بحجة أن «هذه الخدمة» على حساب وقته مع أصدقائه، و«أن على الزوجة الموظفة مساعدة زوجها الذي ليس له عمل»،

لكن هذا الزوج «غير الملتزم أو المتزن»، في أي عمل يلتحق به، نسي على ما يبدو أن زوجته هي التي توفر احتياجات المنزل، وهي التي تدفع أجرته، وهي التي تسدد فواتير الخدمات فيه، وتتولى رعاية ومتابعة شؤون الطفل الذي بينهما.

بل وربما تكون هي التي تدفع له ثمن وقود سيارته، وراح يبحث بخِسِّة عن «مصدر رزق» له، للسهر في المقاهي مع أصدقائه، تاركاً زوجته كل ليلة حبيسة المنزل، ومحاصرها بكل علامات الاستفهام والتعجب من تصرفاته التي إن دلت على شيء فإنما تدل على «لا مبالاة»، وعدم تحمل مسؤولية، بل وعدم أهلية للزواج والأبوّة.

في المرة الأولى أعطت الزوجة الزوج 500 درهم، مقابل الخروج معها بسيارته، كونها لا تملك وسيلة سيارة خاصة لها، وظنت أن هذا الشرط سيكون لمرة واحدة، لكنها تفاجأت أن هذا الطلب أصبح حاضراً على لسانه في كل مرة تود الخروج فيها، وصار «نصف الألف» درهم شرطاً للخروج معها، وإلا ستبقى في البيت الذي لزمته نحو 3 شهور باستثناء التوجه للعمل.

وامتنعت عن الخروج المشروط معه، أو الانتفاع من «خدماته المدفوعة»، واكتفت أن تنتصر لكرامتها وإصرارها على عدم السماح له باستغلالها مادياً، أو التعامل معها على أنها «ماكينة صراف آلي».

قبل شهر تقريباً، قررت الزوجة المغلوب على أمرها، دق المسمار الأخير في نعش العلاقة التي تربطها بزوجها، واختارت التمرد على ما تبقى لديها من صبر، وطرقت أبواب المحاكم طلباً للطلاق، والانفصال عن الزوج مهما كلفها الثمن، وحتى لو اضطرت إلى التنازل عن حقوقها المشروعة.