مع تكرار حالات الاعتداء الجسدي على الأطفال من أشخاص مقربين بمحيط عائلاتهم، لم يعد مطلوبا أو جائزا إيلاء الأسرة الثقة المطلقة لأي شخص مهما كانت درجة معرفتهم به، وهذا ما أثبتته تلك الحوادث المأساوية التي يندى لها الجبين، فبين قريب وإمام مسجد، ومعلم، وآخرها صديق للأب، أصبح الحرص وأخذ الحيطة أمر لا مفر منه.

وانطلاقا من ذلك وجهت النيابة العامة في دبي أمس تهمة هتك العرض بالإكراه لآسيوي يعمل حلاقا استطاع التغرير بابن صديق له "عربي" مستغلا تواجده بمنزلهم لتصفيف شعر الأبناء حيث تمكن لأكثر من 7 مرات من الاعتداء جنسيا على الطفل والذي لم يستطع أن يقاومه بعد أن هدده.

وكشفت النيابة في تحقيقاتها أن خيوط القضية تكشفت عندما أصبح الطفل المجني عليه يعاني من اضطرابات نفسية شديدة نتيجة هذا الاعتداء، فما كان منه إلا أن طلب من والده اصطحابه إلى إحدى المستشفيات، وبالفعل عرض ابنه على أحد الأطباء النفسيين في مستشفى الأمل، ومن ثم بعد معاينة حالة الطفل، طلب الطبيب مقابلة الوالد ليخبره أن ابنه تعرض للاعتداء الجنسي أكثر من 7مرات بمقر سكنهم، وأن الوالد قدم بلاغا للشرطة يتهم فيها صديقه بالاعتداء على ابنه.

وأبلغ الطفل المجني عليه في التحقيقات أنه يقيم مع والده وأشقائه، وأن والده أحضر المتهم الذي يعتبر صديقا لوالده في العمل، لتصفيف شعره، فيما غادر والده وزوجته المنزل، ما شجع المتهم على الحديث معه لفترة داخل غرفته ومن ثم قام بالاعتداء عليه وأفرغ شهوته وغادر المنزل قبل حضور الوالد، لافتا إلى أن هذه الواقعة تكررت أكثر من 7 مرات كان المتهم يستغل فيها عدم تواجد الأسرة أو حتى تواجدها في المنزل ليقوم بفعلته الدنيئة، وتابع الطفل بالتحقيقات أنه عانى نفسيا بشكل كبير ما اضطره للطلب من والده لمعالجته.

من جهتها كشفت الأدلة الجنائية صحة الواقعة، فيما باشر مركز حماية الطفل بهيئة تنمية المجتمع متابعة الواقعة ورفع تقريرها للنيابة العامة والذي جاء بمضمونه أن الطفل تعالج لمدة  6 أشهر  بمستشفى الأمل ويتم متابعته مع الطبيب المختص.

من جانبها نصحت موزة الشومي نائب رئيس جمعية الإمارات لحماية الطفل الأهالي و أولياء الأمور، عدم إبداء أي نوع من الثقة والاطمئنان لأي شخص مهما كانت درجة قرابته للتواجد مع الأطفال بشكل منفرد، أو وضعهم بمواقف قد تعرض الأطفال للوقوع ضحايا لأي اعتداءات جسدية، موضحة أن ما نشاهده من حالات اتهم فيها أقارب من الدرجة الأولى وأشخاص لهم علاقة مباشرة بالأطفال كالمعلمين أو السائقين وغيرهما، يجعل هناك حرصا متزايدا من جهة الأسرة لعدم وجود أي بيئة مناسبة لوقوع حالات الاعتداء على أطفالهم.

وأضافت أن قانون حماية الطفل "وديمة" يحظر وفقاً للمادة 34 تعريض سلامة الطفل العقلية أو النفسية أو البدنية أو الأخلاقية للخطر سواء بتخلي القائم على رعايته عنه أو تركه بمكان أو مؤسسة رعاية من دون موجب، أو رفض قبول الطفل من القائم على رعايته، أو الامتناع عن مداواته والسهر على شؤونه، وبحسب المادة 36 يحظر على القائم على رعاية الطفل تركه في حالة تشرد أو إهمال أو اعتياد تركه من دون رقابة أو متابعة أو التخلي عن إرشاده وتوجيهه أو السهر على شؤونه أو رفض إلحاقه بإحدى المؤسسات التعليمية.

وتابعت أنه  في جميع الأحوال لا يتم الإفراج عن الشخص المحكوم عليه بالحبس أو بالسجن في جريمة من جرائم الاعتداء الجنسي على طفل إلا بعد أن يتم إخضاعه قبل انتهاء مدة حبسه أو سجنه لفحوص واختبارات نفسية للتأكد من عدم تشكيله خطورة اجتماعية، وفي حالة ثبوت ذلك تأمر المحكمة بإيداعه مأوى علاجياً بعد انتهاء مدة حبسه أو سجنه، وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون تنظيم إيداع المحكوم عليه في المأوى العلاجي وإجراءات النظر في طلبات الإفراج.

وناشدت الشومي أولياء الأمور المباشرة بإبلاغ السلطات المعنية في حال وقوع مثل هذه الجرائم المخزية، أو حتى الشك في وقوعها من خلال تصرفات الأطفال غير السوية في بعض الفترات ويلاحظها الابوان، خاصة أن عليهم مسؤولية كبيرة من عدم تعريض أطفالهم للإهمال الذي يؤدي لوقوع هذه الحوادث، حتى أنه قد يعرضهم للوقوع تحت المساءلة القضائية، في حال التأكد من هذا الإهمال من قبلهم.