بات التجمهر ظاهرة تؤرق المجتمع والأفراد، فضلاً عن الجهات الأمنية والطبية، لا سيما سيارات الإسعاف، التي تجد فيه عناء في الوصول إلى الحوادث المرورية، التي يمكن أن تتفاقم مضاعفاتها إلى درجة الخطورة، تصل إلى حد موت المصاب بسبب الصعوبة في الوصول إلى إسعاف المصابين من جهة.
واتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لتقصي الحقائق من جهة أخرى، وحذرت وزارة الداخلية في أكثر من مناسبة، أفراد المجتمع من هذه الظاهرة، على غرار حملة «احذر التجمهر»، التي أطلقتها القيادة العامة للدفاع المدني بوزارة الداخلية.
حيث تحذر هذه الحملة التوعية من مخاطر تجمع الجمهور وتجمهره حول الحرائق والحوادث، وذلك في إطار استراتيجية وزارة الداخلية، الهادفة إلى نشر ثقافة التوعية في مجال السلامة العامة، والوقاية من المخاطر المحتملة بين كافة أفراد المجتمع.
مخالفة
وفي السياق، حذرت شرطة أبوظبي من تجمهر الأشخاص الفضوليين في مواقع الحوادث المرورية، وقيامهم بتصوير المركبات المشاركة في الحوادث والمصابين، ونشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، بدون إذن، ما يعرضهم للمساءلة القانونية.
وقامت مديرية المرور والدوريات بقطاع العمليات المركزية، بمخالفة نحو 71 سائقاً خلال النصف الأول من العام الجاري، لعرقلة حركة السير والمرور «التجمهر» في مواقع الحوادث المرورية.
وأوضحت أن التجمهر بمواقع الحوادث، يعد من السلوكيات السلبية المرفوضة، التي تتسبب في إعاقة وصول مركبات الإسعاف والطوارئ والدوريات المرورية والدفاع المدني بأقصى سرعة ممكنة، للقيام بواجبها في تقديم المساعدة الإنسانية للمصابين وإنقاذ حياتهم.
ودعت إلى ضرورة إفساح الطريق لسيارات الإسعاف والدفاع المدني، للوصول إلى مواقع الحوادث لأداء مهامها، محذرة من تطبيق مخالفة (عرقلة حركة السير «التجمهر» أثناء الحوادث)، وقيمتها 1000 درهم، للحد من التجمهر والوقوف العشوائي للمركبات على الطرق في أماكن وقوع الحوادث المرورية.
مبادرات
وأكدت شرطة أبوظبي، تقديرها لجميع المبادرات الإنسانية التي يقدمها السائقون في مواقع الحوادث المرورية، ونصحتهم بعدم تحريك المصابين في حالة عدم معرفتهم بقواعد الإسعافات الأولية، وتقديمها في حالة الإصابات البسيطة إذا لم يكن هناك ضرر.
ويعد تصوير الحوادث المرورية، ونشر صورها وتبادلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سلوكاً مُجرّماً قانوناً، وفقاً لنص المادة («197 مكرر 2») من قانون العقوبات، التي تعاقب بالحبس والغرامة (كل من استعمل وسيلة من وسائل الاتصال أو وسائل تقنية المعلومات، أو أي وسيلة أخرى في نشر معلومات أو أخبار، ولو كانت صحيحة).
كما جرّم المشرع في المادة (198 مكرر) من ذات القانون (من أذاع عمداً أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو مغرضة، أو بث بين الناس، أو إلحاق ضرر بالمصلحة العامة، يعاقب على ذلك بالحبس).
وهو ذات الأمر المعاقب عليه، وفقاً للمادة (21) من القانون لسنة 2012، بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، التي تعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن مئة وخمسين ألف درهم، أو إحدى هاتين العقوبتين.
(كل من يعتدي على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، بالتقاط صور الغير أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو نشر صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات، ولو كانت صحيحة وحقيقية).
عرقلة
من ناحية أخرى، أكدت شرطة دبي، أن التجمهر أو الوقوف العشوائي بالقرب من مناطق وقوع الحوادث من قبل الفضوليين من قائدي المركبات، يتسبب في وقوع حوادث أخرى، ويعرقل من وصول دوريات الشرطة والإسعاف، كما يتسبب في ازدحام بسبب الفضول أو قيام البعض بالتصوير، في مخالفة واضحة للقانون، دون تحقيق أي استفادة تذكر.
ولفتت شرطة دبي إلى أن قانون السير والمرور، أقر مخالفة عرقلة حركة السير "التجمهر" أثناء الحوادث، وقيمتها 1000 درهم، للحد من التجمهر والوقوف العشوائي للمركبات على الطرق.
في أماكن وقوع الحوادث المرورية، إلا أن البعض يصر على هذا الأمر، ولا يراعي ظروف الطريق، والذي قد يتسبب في تعطيل البعض عن أعمالهم، أو منع وصول سيارات الإنقاذ والطوارئ إلى مواقع الحوادث أو المواقع الأخرى.
وحذرت شرطة دبي، الفضوليين الذين يقومون بتصوير أماكن الحوادث المرورية والمصابين، ونشر تلك الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، من أنهم يعرضون أنفسهم للمساءلة القانونية في انتهاك خصوصية المصابين والمتأثرين بتلك الحوادث، ونصح الجمهور بتقديم المساعدة والتعاون مع الشرطة بطريقة إيجابية، عبر عدم التجمهر وتعطيل الجهود المبذولة في عمليات الإنقاذ والإسعاف وتخطيط الحوادث، وعدم القدرة على المحافظة على مسرح الجريمة.
ولفتت شرطة دبي إلى أنه مشكلة التجمهر تتفاقم في حالة قرب الحادث من مخارج الأنفاق، التي يصعب فيها رؤية الشارع بشكل كامل، أو المنحنيات الخطرة، وأنه في أغلب الأحيان، عندما يكون الشارع خالياً، تكون السرعة كبيرة، ويفاجأ بتوقف السيارات، ما يزيد نسبة وقوع حوادث أخرى قد تكون بليغة أو تتابعية.
وطالبت شرطة دبي، أفراد الجمهور، الالتزام بتوجيهات رجال المرور في موقع الحادث، حفاظاً على سلامتهم وسلامة مستخدمي الطريق، مناشدة سائقي المركبات بعدم التجمهر في مكان الحادث، حتى يتمكن الجميع من أداء مهامه.
توعية
ورغم التحذيرات من مخاطر وتداعيات التجمهر حول الحوادث، إلا أن الظاهرة مستمرة ومقلقة، كونها تتسبب في إرباك عمليات الإنقاذ والمساعدة بشتى أشكالها، سواء كانت حوادث مرورية ومشاجرات وحرائق وغيرها، ويرى مختصون أن القضاء على هذا السلوك السلبي، يكمن في التركيز على التوعية من جهة، وتغليظ العقوبات من جهة أخرى، كعامل ردع.
وحذرت القيادة العامة لشرطة الشارقة، من ظاهرة التجمهر أمام الحوادث لمشاهدة المصابين والتصوير من خلال أجهزة الهواتف الذكية، وتداولها عبر مواقع التوصل الاجتماعي، نظراً لهذه الظاهرة السلبية من الأثر النفسي السيئ على المصاب.
والتعدي بذلك على خصوصيات ضحايا الحادث، فضلاً عن إفساد مسرح الجريمة، سواءً كانت الحادثة جنائية أو حادثاً مرورياً. كما ناشدت مستخدمي الطريق بضرورة إفساح الطريق أمام سيارات الشرطة والإسعاف والإنقاذ والدفاع المدني أثناء تنقلها لمواقع الحوادث، أو نقلها للمرضى والمصابين في تلك الحوادث، بهدف إسراع وصولها إلى المستشفيات، لمباشرة عملية تقديم العلاج في الوقت الأمثل.
كما تدعو كافة شرائح المجتمع، إلى ضرورة الإبلاغ عن أي حوادث بليغة أو بسيطة، بالاتصال على غرفة العمليات المركزية بشرطة الشارقة على الرقم 901 للحوادث البسيطة والحالات غير الطارئة، والرقم 999 للحوادث البليغة والحالات الطارئة.
ردع
من ناحيته، قال أيهم المغربي المستشار القانوني: إن التجمهر مجرم قانونياً، وفقاً للمادة 197 مكرر (1) من القانون رقم 34 لسنة 2005، بشأن تعديل قانون العقوبات رقم 3 لسنة 1983، مؤكداً أن هناك حاجة ماسة للتوعية بخطورة هذا التصرف، وتغليظ عقوبة من يقف متفرجاً على الحوادث أو يقوم بتصويرها، وهذه جريمة أخرى يعاقب عليها القانون أيضاً.