أكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي على أهمية الدراسات العليا ودورها الاساسي في إعداد الطالب ، كي يكون قائداً في مجال تخصصه ، يتزوّد بالقدرة على التفكير المنظم ، والدراسة المتعمقة ، للقضايا والأمور ، التي تواجه مسيرة المجتمع والإنسان ، والقدرة على استشراف المستقبل ، والإسهام في التخطيط له ، والإعداد لمتطلباته ،معربا عن تقديره لمكانة الدراسات العليا ، في رسالة الجامعات والكليات ، في هذا العصر ،المكانة تبرز وتتأكد في ضوء أهمية المعارف والعلوم ، في مسيرة العالم ، بل وأهمية البحث العلمي الهادف ، في تطوير تلك المعارف ، وفي بث الحيوية والطاقة ، في الحياة الفكرية للمجتمع .
كلمة
جاء ذلك خلال الكلمة التي القاها أمس في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي بمناسبة مناقشة أول رسالة دكتوراه في الكلية للطالبة ليلى أحمد المشجري بعنوان «الجرائم الاقتصادية عبر الشبكة العالمية للمعلومات.. دراسة فقهية مقارنة بالقانون الجنائي الاماراتي» ،بحضور جمعة الماجد رئيس مجلس أمناء الكلية وأعضاء مجلس الامناء والدكتور محمد المزروعي أمين عام المجلس الوطني الاتحادي والدكتور عبدالله الخنبشي مدير جامعة الامارات والدكتور محمد عبد الرحمن مدير الكلية والدكتور جمال المهيري أمين عام جائزة حمدان بن راشد آل مكتوم للأداء التعليمي المتميز وحمد رحمة الشامسي وعبدالرحمن الغرير وجمال بن حويرب وعدد من كبار الشخصيات والاكاديميين وأعضاء الهيئتين الإدارية والتدريسية في الكلية .
وقال معاليه يسرني أن أكون معكم اليوم في هذا الحفل بمناسبة مناقشة أول رسالة للدكتوراه ، في كلية الدراسات الإسلامية والعربية، والذي يتزامن مع احتفال الكلية ، بمرور خمسةٍ وعشرين عاماً على تأسيسها ،هذه السنوات الحافلة بالعطاء والإنجاز ، في سبيل تحقيق رسالة الكلية ،لافتا إلى أن هذه المناسبة تمثل إنجازاً مهماً في تاريخ كلية الدراسات الإسلامية والعربية ،و نعبّر فيها أولا عن التهنئة للطالبة ، التي تناقش اليوم رسالتها للدكتوراه و نتمنى لها كل نجاح ،أملا بأن تكون بعد حصولها على الدكتوراه ، خير سفير للكلية في المجتمع ، تسهم في تأكيد مسيرتها ، ودعم السمعة الطيبة لها .
كما تقدم معاليه بالشكر والامتنان إلى قائد مسيرة التنمية والتقدم في هذا الوطن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة - حفظه الله - الذي يضع التعليم دائماً ، على قمة كل الأولويات ، ويعتبر أن التقدم الاقتصادي والاجتماعي ، رهن بقدراتنا ، على تطوير المعارف واستخدامها وترشيدها لخدمة كافة جوانب الحياة في المجتمع ، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله ، مقدِّراً لسموه، جهوده ومبادراته الكريمة ، في سبيل توفير كافة الفرص ، أمام الشباب ، للمشاركة الكاملة ، في تطوّر المجتمع وتقدّمه .
شكر
وتقدم معاليه بشكر خاص لمؤسس الكلية ورئيس مجلس الأمناء جمعة الماجد على مبادرتَه الكريمة بإنشاء الكلية ، وتوفير الدعم اللازم لها و التزامه القوي ، بتحقيق التميّز الأكاديمي ، في كافة خططها وبرامجها ، وحرصه على الأخذ بأفضل برامج التعليم ، في مجالات الدراسات الإسلامية واللغة العربية في العالم و توفير فرص التعليم العالي المتميز ، أمام الطلبة في الكلية .
وأوضح معاليه أن الجامعات والكليات ، عليها مسؤولية كبيرة ، في طرح برامج الماجستير والدكتوراه ، على أعلى المستويات ، في الجودة والامتياز ، و نشر مبادئ الابتكار والإبداع ، في مسيرة المجتمع ، والانفتاح على ما يشهده العالم ، من إنجازات وتطورات وتأكيد دور هذه البرامج، في تحقيق هدفنا الوطني ، بتأسيس مجتمعٍ قائم على المعرفة ، على أرض دولة الإمارات، إلى جانب ربط برامج الدراسات العليا ، بواقع المجتمع ،والتأكد من جودة هذه البرامج ، وأنها بالفعل ، على المستوى العالمي الرفيع ، في تخريج طلبة أكفاء ، يكونون قادرين تماماً ، على المنافسة الناجحة مع نظائرهم ، في كافة أقطار العالم .
رسالة الدكتوراه
قالت الطالبة ليلى المشجري إن رسالة الدكتوراه التي تقدمها تعد دراسة علمية للموازنة العلمية بين الفقه الإسلامي والقانون الجنائي لدولة الإمارات ،حيث تعمل هذه الدراسة على فتح المجال أمام العطاء الاجتهادي المعاصر في قضايا الجرائم الاقتصادية فالأمن الاقتصادي مطلب شرعي قصده المشرع بالمحافظة على الأمن والاستقرار،وتعرف الرسالة الجريمة الاقتصادية بأنها: كل فعل أو امتناع عن فعل يضر بمصلحة الأفراد المالية، أو يمس سياسة الدولة الاقتصادية أو يضر باقتصادها الوطني إذا ما جرَّمته الشريعة والقانون وحددت له عقوبة ،وجرائم شبكة المعلومات هي مجموعة الأفعال المخالفة للشريعة والقانون والتي ترتكب بوساطة الحاسب الآلي وشبكاته،وجريمة غسل الأموال تعد من أخطر الظواهر الإجرامية الاقتصادية التي تعاني منها المجتمعات الإنسانية لما تلحقه من أضرار مادية ومعنوية على القطاع الاقتصادي بشكل عام.
وتعد التجارة الإلكترونية رافدا مهما للاقتصاد الوطني والعالمي إلا أن جريمة تزوير التوقيع الالكتروني تهدد ثقة المتعاملين بهذه التجارة.
وأضافت أن الرسالة بينت أن سرقة المعلومات من الجرائم التقديرية التي فوض ولي الأمر بتقديرها، لأن المعلومات من الحقوق المعنوية ذات القيمة الاقتصادية فهي تطرح في السوق للتداول مثل أي سلعة،وأن اختراق المواقع الالكترونية لجمع المعلومات والبيانات عن الشركات والأفراد هو اعتداء ويعد تجسسا نهى عنه الإسلام، ويستوجب عقوبة تردع فاعله ،ولا يجوز إتلاف المواقع الالكترونية إلا إذا كانت هذه المواقع ضارة بالإنسانية مثل بث المعتقدات الفاسدة ضمانا للمصلحة العامة.
واستخلصت الرسالة أن أغلب الجرائم التي ترتكب عبر شبكة المعلومات هي من الجرائم المستحدثة التي لم يحدد لها الشَّرع عقوبة مقررة ولذا فهي من الجرائم التعزيرية، لأن ولي الأمر هو الأقدر على معرفة الأمور التي تحقق المصلحة العامة.
محاربة الجرائم الاقتصادية
أشارت الرسالة إلى أن دولة الإمارات اعتمدت الاستراتيجية اللازمة لمواجهة هذه الجرائم الاقتصادية نظرا لأنها تمثل عقبة كبرى في تحقيق خطط التنمية الشاملة العامة، وخطط التنمية الاقتصادية خصوصا، وذلك من خلال تشريعاتها،مثل : قانون العقوبات الاتحادي رقم 4 لسنة 1987، والفصل الأول منه متعلق بالجرائم التي تمس الاقتصاد الوطني ، وقانون تجريم غسل الأموال رقم 4 سنة 2002 ، وقانون التجارة الالكترونية الاتحادي رقم 1 لسنة 2006 ، وقانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 51 لسنة 2006، وقد عقد مؤتمر الجريمة الاقتصادية في عصر العولمة يناير 2002 بالشارقة، ومؤتمر جرائم تقنية المعلومات بالشارقة 2006 و أبوظبي 2009،وقد صدقت دولة الإمارات على المعاهدات والمواثيق الدولية التي تتعلق بالجرائم الاقتصادية، وقد تم تشكيل اللجنة الوطنية لمكافحة الجرائم الاقتصادية.
توصيات
دعت الطالبة ليلى أحمد المشجري في رسالتها إلى إنشاء جهاز للأمن الاقتصادي يتبع وزارة الداخلية،و تعديل قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بإضافة أحكام جديدة تنص على تجريم سرقة المعلومات والبيانات،وإدخال عقوبات حديثة تتلاءم وطبيعة المجرم المعلوماتي، وتجميع أحكام الجرائم الاقتصادية تجريما وعقابا في قانون واحد، وهو القانون الأم ، قانون العقوبات الاتحادي ،تحقيقا للتنسيق وعدم التعارض بين الأحكام،و إصدار قانون خاص لبطاقات الائتمان يشمل كافة صور التجريم الجديدة والمستحدثة وتشديد العقوبات عليها،و عقد الدورات التدريبية التي تعنى بفحص سبل مكافحة جرائم المعلومات، إنشاء قضاء متخصص للفصل في المنازعات الاقتصادية المختلفة على غرار القضاء الإداري والعمالي،وتوعية المجتمع فيما يتعلق بالجريمة الالكترونية وخاصة بين طلاب المدارس والجامعات، وتدريس قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات ضمن منهج الحاسوب في إطار منهج تربوي يستند إلى قيم الشريعة.
«الدراسات الاسلامية» تبنت النهوض العلمي للمرأة
قال جمعة الماجد إن هذا الانجاز العلمي الذي يحق للمرأة الاماراتية أن تفتخر به يعود الفضل في هذا التحصيل العلمي إلى القيادة الرشيدة في دولة الامارات التي حرصت دائما على دعم العلم والمواطنين وتسخير جميع الاماكانيات وفرص التعلم ليكونوا فاعلين في مسيرة التنمية
واشار إلى أننا اليوم نجني ثمار خمسة وعشرين عاما من العطاء والعمل الجاد والمتميز والسعي الحثيث من أجل التأهيل النوعي بإرادة قوية وعزيمة متجددة ورغبة طموحة في تنمية القدرات الفكرية لابنائنا وبناتنا وتعزيز كفاءاتهم المعرفية .
وهنأ جمعة الماجد طالبات الكلية بهذا الانجاز متمنين لهم المزيد من التقدم في المسيرة الحضارية الراهنة والمستقبلية ،مشيدا بجهود معالي الشيخ نهيان بن مبارك وزير التعليم العالي والبحث العلمي ودعمه اللامحدود لمسيرة التعليم في الدولة وبصفة خاصة لكلية الدراسات الاسلامية والعربية . وأوضح أن الكلية تبنت منذ تأسيسها النهوض بالمستوى العلمي والمعرفي للمرأة الإماراتية لتكون رافد عطاء وخير من روافد الأمة، وتقوم على رعاية جيل من الأبناء المنتمين بصدق إلى وطنهم وأمتهم، وحرصنا دائما على أن تكون هذه الكلية منارة علمية رائدة تقدم العلم الإسلامي النافع، وتغذي علوم اللغة العربية الخالدة.
درجة جيد جدا
حصلت ليلى المشجري على درجة جيد جدا بعد مناقشتها رسالة الدكتوراه التي ناقشها نخبة من الأكاديميين ، ثلاثة منهم من أعضاء هيئة التدريس في الكلية، وهم: أ. د. عبدالله الجبوري رئيسا للجنة المناقشة، والمناقشون، أ. د. أحمد بلال أستاذ في القانون الجنائي من جامعة القاهرة، وأزد محمد شلال العاني أستاذ في القانون الجنائي من جامعة الشارقة، و أ. د. رضوان بن غربية مشرفا، و أ. د. أحمد يوسف مناقشا داخليا