تطل الإجازة الصيفية بأيامها الطويلة، ليخلد الأطفال إلى الراحة في المنزل بعد عام مليء بضغوط الدراسة. وهنا تتأزم بعض العائلات التي يزعجها سهر أبنائها، وتضييعهم للوقت بلا فائدة مرجوة، بينما تسعد عائلات أخرى لأنها ترى مفهوم الإجازة الصيفية من مجهر باعتبار أن الصيف فرصة لتحقيق المتعة والفائدة، خاصة بإلحاق الطفل في المخيمات الصيفية التي تعتبر أحد الأدوات المهمة والناجحة في رفع معنويات الطفل، و إشعاره بأنه موجود، إلى جانب إكسابه العديد من مهارات المشاركة الإيجابية، وتنمية مواهبه الكامنة، واكتسابه لصداقات أخرى.

أنشطة مفيدة

يسارع أولياء الأمور على تسجيل أبنائهم في المراكز والمخيمات الصيفية التي تهدف إلى صقل مواهبهم ودعمهم معنوياً بالثقافة والفنون والانتماء الوطني، إلى جانب إكسابهم مهارات تصقل شخصياتهم وتنمِّي إبداعهم.

فنون المهارة

أوضحت د. نعيمة عبداللطيف قاسم، المدير الإداري لمركز الشيخ محمد بن خالد آل نهيان الثقافي وجمعية محمد بن خالد آل نهيان لأجيال المستقبل، على ضرورة أن تحرص الأسر على إلحاق أبنائها وبناتها بالمراكز الصيفية التي من شأنها أن تستثمر أوقات فراغهم بما يفيدهم، ويطور شخصياتهم، ويكسبهم مهارات وفنون إيجابية مختلفة.

وأشارت إلى أن البرنامج الصيفي الذي أطلقته مؤسسات الشيخ محمد بن خالد آل نهيان بدأ في 28 يونيو وسيستمر لغاية 20 أغسطس، وفرصة التسجيل فيه مفتوحة أمام الطلبة والطالبات الأعضاء الذين تبدأ أعمارهم من 6 إلى 16 عاماً.

كما أطلقت جمعية محمد بن خالد لأجيال المستقبل في البرنامج الصيفي الذي يستهدف الطلبة والطالبات باقة من البرامج الثقافية والقرائية أبرزها براعم المعرفة بحيث يقوم الطلاب من خلاله بقراءة 200 قصة تناسب فئاتهم العمرية. إلى جانب برامج أخرى تطلقها مكتبة أجيال المستقبل ومنها تاج المعرفة، وإمارات المعرفة، وأجيال المعرفة. وأكدت د. نعيمة عبداللطيف على أن البرنامج الصيفي تتراوح أنشطته ما بين داخلية تتضمن ورشاً فنية وزراعية، وفنون الطهي، واكتساب المهارات القيادية، وزيارات داخلية متنوعة لجهات ومؤسسات مختلفة في العين بهدف إكساب الطلاب مهارات وخبرات وصقل شخصياتهم من خلال احتكاكهم بالمسؤولين.

مخيمات الإبداع

وفي هذا السياق تحث بعض المؤسسات التعليمية والتربوية الخطى من أجل جعل الطفل أكثر ديناميكة على غرار مخيم الإبداع للأطفال الذي سيحتضنه فندق ومنتجع ( ون تون ون-عين الفايضة ) اعتباراً من 26 يوليو الجاري برعاية سمو الشيخ سعيد بن طحنون آل نهيان، وسيستمر لغاية 27 أغسطس. وأوضح طوني خيال، مدير فندق ومنتجع ( ون تون ون-عين الفايضة ) أن المخيم سيحفل على أنشطة متنوعة تتضمن الرياضة، والألعاب التعليمية الترفيهية. وأضاف : «من أهم الأهداف الاستراتيجية التي تسعى إليها إدارة مراكز إدارة المخيم الصيفي هي العمل على صقل مواهب وقدرات الأطفال، واستثمار أوقات فراغ الأطفال بما يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع والفائدة ».

دعم عاطفي

ترى سهام الشحي، تربوية، أن المخيمات الصيفية تسهم في قضاء الطفل صيفاً ممتعاً ومفيداً، عن طريق ممارسته شتى النشاطات التي وضعت بعد دراسة مكثفة تعمل على تنمية مهارات الطفل البدنية والذهنية.

كما تحرص فاطمة عبيد سالم، ربة بيت، على إلحاق أطفالها بالمراكز والمخيمات الصيفية التي تعود عليهم بالنفع، ويشغل أوقات فراغهم في جو يتميز بالترفيه والثقافة والمعلومات.

ونوهت ناديا الكعبي، تربوية، إلى نقطة مفادها بأنه يُقصد بالمخيمات الصيفية التفريغ والدعم النفسي الذي يساعد الطفل على الانسجام، إضافة إلى قضاء الوقت بصورة إيجابية وأنشطة فعالة تسهم بصقل شخصيته وتقويته.

وتشجع ألطاف محمد عبدالمحسن، موظفة، أطفالها في فترة الإجازة الصيفية على القيام بأعمال مفيدة بدلاً من قضاء معظم يومهم أمام التلفاز أو الأجهزة التكنولوجية الحديثة.

إجازة غير تقليدية

يرى بعض أولياء الأمور أن الصيف الذي يجمع بين المتعة والفائدة يتمثل في إدماج الأطفال في المخيمات الصيفية، وأشار سالم الرفاعي، ولي أمر إلى ضرورة أن يكون لرب الأسرة دور في تشجيع أبنائه على الانخراط في المراكز الصيفية الهادفة، خاصة تلك التي تستثمر أوقاتهم في المفيد.

من جهته يسعد الطفل محمد المطيري كأقرانه الصغار بالإجازة الصيفية، ولكن ما يفرحه أكثر هو أن يحفل صيفه ببرامج مفيدة وجميلة في الوقت ذاته، كالتحاقه وبتشجيع والدته بمراكز صيفية، تحفِّز فيه روحَ القراءة والاطلاع، وممارسة هوايات أخرى مثل الرسم، والرياضة، والقيام ببعض الأنشطة التطوعية. ويبدو من خلال هذه الثنائية بين الطفل وولي الأمر يتقاطعان في ضرورة استثمار العطلة الصيفية بأعمال تعود بالفائدة على الطفل وتكسبه مهارات يمكن ألا يتسنى له اكتسابها خلال أيام الدراسة ولكن بطعم المتعة وكثير من النشاط، الأمر الذي يؤكد عليه علماء تربويون ونفسيون على أن أي نشاط في العطلة الصيفية هو استمتاع في حد ذاته لا سيما أن الخمول والركون إلى الدعة والراحة من الأسباب التي تجعل الطفل لا يتأقلم بشكل سريع في أجواء بداية العام الدراسي وينفر بشكل لافت من مقاعد الدراسة إلا بصعوبة بالغة.

دعوة إلى استثمار العطلة

دائما ما يرتبط وقت الصيف بالإجازة والانفصال عن التزامات الدراسة أو غيرها. وفي هذا الإطار أوضح عمر محمد الكعبي، خبير تنمية بشرية وتطوير ذات، مدى أهمية أن يلتحق الأبناء والبنات في فترة إجازتهم الصيفية بمراكز ومخيمات صيفية تحقق فائدتهم، وتسعى إلى توفير أنشطة منوعة ومفيدة يمكن من خلالها التعلم وقضاء وقت ممتع. بحيث يكون البرنامج الصيفي مرنا يمكن أن يتناسب مع أذواق واحتياجات المشاركين، وتقديمه في قالب خفيف مغر يناسب جميع الاهتمامات والأذواق.

لذلك لا بد من تحفيز الأطفال إلى الانضمام إلى مراكز الانشطة التي تجعل منهم أطفالاً فعالين يحبون الدراسة بكثير من النشاط تغرس فيهم القيم الجميلة المحفِّزة للإبداع، فكان لزاما أن تكون الإجازة الصيفية مساحة للنشاط والمتعة التي تعطي للطفل دفعة إلى إبراز الذات والتوجه بعدها إلى الدراسة بدافع الرغبة لا بدافع الإلزام، ومن هنا نكتشف اتجهات الطفل الإبداعية في مثل هذه الدورات الصيفية التي تعطيهم الكثير من الثقة بالنفس وتحدد لهم رغبتهم بشكل كبير في توجهاتهم الدراسية فهي واحة من النشاط والمتعة التي تفرز جينات الإبداع عند الطفل وتشكل اللبنة التي من خلالها يحدد توجهه في الدراسة.