ماراثون من نوع خاص تشهده أبوظبي، فالمشاركون هم أولياء الأمور والعنوان هو التسابق للحصول على مقعد في المدارس الخاصة للعام الدراسي المقبل، مدارس أبوظبي الخاصة فتحت أبوابها لاستقبال طلبات أولياء الأمور الذين تهافتوا للتسجيل بها إلا أن الرد السائد في غالبية المدارس «المقاعد محدودة»، «الأولوية لأشقاء طلبة المدارس وأبناء العاملين».
ومع احتدام المنافسة بين أولياء الأمور من أجل حجز مقعد لأبنائهم في المدارس، لجأت بعض المدارس الخاصة إلى عدم التقيد ببعض بنود اللائحة التنظيمية للمدارس الخاصة بأبوظبي، وفي ظل محدودية الأماكن لم يجد أولياء الأمور بداً سوى الرضوخ لمطالب المدارس أملاً في حصول أبنائهم على مقعد.
تسابق
وتقول سامية محمد (موظفة): «معاناة لا تنقطع نخوضها سنوياً من أجل الحصول على مقعد في المدارس الخاصة في ظل الإقبال الكبير من أولياء الأمور على التسجيل بها»، مضيفة: «بعض المدارس تشعرك بأن الطالب لديها سيتخرج وهو عالم كبير ولكن بعد الالتحاق بالدراسة لا تجد أي فرق بينها وبين غيرها من المدارس بل العكس قد يكون مستواها أدنى من كثير من المدارس الخاصة التي تتقاضى مبالغ معقولة».
وأكدت سامية التي لديها حاليا ولدان في إحدى المدارس الخاصة أنها عانت طوال السنوات الماضية حتى تتمكن من أن تلحق أبناءها بإحدى هذه المدارس، خاصة أن المدارس التي تتقاضى رسوما معقولة نوعا ما وتقدم مخرجات تعليم ذات مستوى دائماً ما تكون مزدحمة ولا يوجد شواغر لطلبة جدد.
وقالت إن بعض أولياء الأمور بسبب عدم وجود شواغر في المدارس التي تقدم مستوى جيدا من التعليم تلحق أبناءها بمدارس جديدة والتي تتميز بالمبالغة بأسعارها بالرغم من أنه لا يعرف عنها أي تاريخ في التعليم أو خبرات طويلة، مضيفة: «هناك مبالغة في أسعار الكتب والمستلزمات الدراسية أيضاً من زي وأنشطة».
دروس خصوصية
ويقول حمد الهاجري (موظف) ولديه 4 أبناء في إحدى المدارس الخاصة انه يدفع نحو 75 ألف درهم رسوم مدارس، مشيراً إلى أن هذا المبلغ لا يعتبر كبيرا مقارنة بالمدارس الخاصة الأخرى التي تتقاضى على الطالب الواحد 50 أو 60 ألف درهم.
وقال: «إن بعض المدرسين يضغطون على الطلاب للالتحاق بدروس خصوصية يقدمها المدرسون أنفسهم مقابل مبالغ مالية، لأن رواتبهم ضعيفة وبالتالي يستغلون الطلاب والأهالي لتحسين دخلهم من خلال الدروس الخصوصية».
وردا على سؤال حول سبب إلحاق حمد أبناءه بالمدارس الخاصة دون الحكومية قال: يظل التعليم الخاص أفضل (كمنهاج) من التعليم الحكومي.
تسجيل مبكر
وذكرت إيمان عبد الفتاح «ربة بيت» أنها تواجه للمرة الأولى هذا العام معاناة تسجيل ابنها في إحدى المدارس الخاصة بالإمارة، مشيرة إلى أنها بدأت في الاستفسار من المدارس على آلية التسجيل منذ شهر أكتوبر الماضي، حرصاً منها على تأمين مقعد لابنها العام الدراسي المقبل.
وأضافت: «قدمت طلب التسجيل في إحدى المدارس الخاصة بأبوظبي وتم إبلاغي أنه سيتم الاتصال بي نهاية الشهر الجاري من أجل تحديد موعد لابني للمقابلة الشخصية التي سيتحدد على ضوئها قبوله من عدمه».
وتابعت: «على الرغم من أن اللائحة تنص على أنه لا يجوز أن تأخذ المدارس رسوما مقابل الامتحانات التقييمية إلا أن المدرسة أبلغتني أن رسوم الامتحان تبلغ 750 درهماً، منها 250 درهماً غير مستردة حتى وإن لم يتم قبول ابني في المدرسة».
وأشارت إلى أن جميع هذه الأمور لم تمثل أي عائق لها ولغالبية أولياء الأمور بل إن بعض المدارس وإن طلبت منها تحصيل الرسوم قبل العام الدراسي بفترة كبيرة لن يترددوا، في ظل السباق المحموم لحجز مقعد في المدارس الخاصة بأبوظبي.
مدارس محددة
ويرى محمد أحمد البحيري «موظف» أن أبوظبي توفر نخبة من المدارس الخاصة المتميزة للمواطنين والمقيمين على حد سواء إلا أن المشكلة تكمن في تركيز غالبية أولياء الأمور على مدارس بعينها نظراً لاعتبارات عديدة، منها انخفاض رسومها بالإضافة إلى جودتها الكبيرة وأبنيتها التعليمية المتطورة.
ويضيف: «تلجأ بعض المدارس الخاصة إلى استغلال إقبال أولياء الأمور عليها من أجل القيام ببعض الممارسات التي تخالف اللائحة التنظيمية التي يجب عليها الالتزام بها، ومنها على سبيل المثال تحصيل رسوم مقابل تسجيل الأبناء تتعدى 5% من إجمالي الرسوم وكذلك تحصيل رسوم مقابل الامتحانات التقييمية، إلا أن جميع هذه الممارسات تواجه برضوخ من جانب أولياء الأمور لأن الهدف الأساسي هو حصول الأبناء على مقعد في المدارس الخاصة».
الرقابة
أما ريم السعودي (موظفة) لديها ابنتان في مدارس القطاع الخاص أكدت أنها تدفع أكثر من 60 ألف درهم رسوم عليهما، مشيرة إلى أن المدرسة التي تدرسان بها حاليا ذات مستوى جيد مقارنة مع المدارس الخاصة الأخرى.
وأشارت إلى أنه بالرغم من أن مستوى المدرسة أكثر من جيد والمحصلات الدراسية جيدة إلا أن هنالك بعض السلبيات المهمة، ومنها ضعف التواصل بين أولياء الأمور وإدارة المدرسة، حيث لا يوجد اكتراث بالتواصل مع الآباء لمناقشة مشكلات التعليم لدى الأبناء أو حتى مع المسؤول الاجتماعي للتعرف على أي أمور تواجه الطلبة ومستواهم.
وأكدت أنه من الملاحظ أن معظم المدارس الجديدة هي التي تتقاضى رسوما دراسية مرتفعة جدا ومبالغ فيها فتجد أن محصلات التعليم لا تتناسب نهائيات مع الأرقام الضخمة التي يدفعها أولياء الأمور.
وقالت: في بعض المدارس تجد أن المبنى ممتاز ومرتب ومجهز بأحدث التجهيزات التعليمية إلا أن نتائج الطلبة الدراسية لا ترقى لمستوى الطموح أو المبالغ الضخمة التي تتقاضاها المدرسة.
رقابة
دعت ريم السعودي إلى ضرورة وجود رقابة أكبر وإحكام على المدارس الخاصة في الدولة لتلافي هذه السلبيات، إضافة إلى وضع سقف محدد للأسعار تتناسب مع ما تقدمه المدرسة للطلاب.
مجلس أبوظبي للتعليم: نعمل على افتتاح مدارس جديدة
اوضح مجلس أبوظبي للتعليم أن الإمارة تضم حالياً 187 مدرسة خاصة، ويعمل المجلس جاهداً على فتح مدارس جديدة وتقليل الفجوة بين العرض والطلب، ما سيؤدي إلى زيادة المقاعد الدراسية، إضافة إلى نشر تقارير «ارتقاء»، التي تقيس جودة أداء المدارس، ما سيزيد من التنافسية ويؤدي بالتالي إلى توازن الرسوم على المدى المتوسط.
وأكد المجلس أن رسوم المدارس الخاصة في أبوظبي تنقسم إلى أربع فئات تبدأ من المدارس ذات الرسوم المنخفضة والتي يكون معدل رسومها أقل من 10 آلاف درهم، ثم الرسوم المتوسطة وهي التي تصل أعلى معدل لها إلى 20 ألف درهم، ثم المدارس ذات الرسوم العالية ويبلغ أعلى معدل لها إلى 30 ألفاً وأخيراً المدارس ذات الرسوم المرتفعة، وهي تلك التي يبلغ معدل رسومها أعلى من 40 ألفاً، وأغلب طلبة مدارس إمارة أبوظبي في الفئتين المتوسطة والمنخفضة.
رسوم التسجيل
كما أن الحد الأدنى للقبول في رياض الأطفال يبلغ 3 سنوات و8 أشهر في بداية العام الدراسي، إلا أنه يجوز للمدارس أن تحدد حداً أعلى من العمر الذي حدده المجلس، كما يحظر على المدارس تقاضي أي رسوم للمقابلات أو الامتحانات التقييمية للصف الثاني الابتدائي فما فوقه، فيما يبلغ السقف الأعلى لرسوم التسجيل 5% من الرسوم الدراسية يتم اقتصاصها من القسط الأول، ويمكن للمدرسة تحصيلها قبل بداية العام الدراسي بأربعة أشهر.
دفعات متساوية
ونصت السياسات المنظمة للرسوم الدراسية على أهمية جمع المدرسة للرسوم الدراسية على ثلاث دفعات متساوية كونه حداً أدنى، ويمكن للمدرسة تقسيم الرسوم على أكثر من ثلاث دفعات على أن تكون أيضاً متساوية، كما يحظر على المدرسة تقاضي أي شيكات أو إيصالات دفع مؤجلة، وقال: نبهنا على المدارس بضرورة إعلام أولياء الأمور بقبول الطالب من عدمه خلال 5 أيام عمل.
وللمدارس الحرية أن تضع سياسات القبول لها التي يجب أن تأتي متماشية مع سياسات المجلس أو تفوقها، فيما يحظر إجراء اختبارات للطلبة في الصفوف رياض الأطفال والأول الابتدائي ولا يتم رفضهم بناء على مستواهم الأكاديمي، حيث تحصر أداة قياس مستوى الطلبة من حيث مهارات التواصل والاعتماد على النفس والانضباط في المقابلة الشفهية والملاحظة، التي يجب أن تحدث في وجود أولياء الأمور إما في المكان نفسه وإما في مكان قريب.
أولويات
مسؤولو المدارس الخاصة: محدودية المقاعد أمر معتاد بشكل سنوي
قال عدد من مسؤولي المدارس الخاصة، إن الحديث عن محدودية المقاعد في المدارس الخاصة، هو أمر معتاد بشكل سنوي، ويأتي من منطلق الحرص على جودة العملية التعليمية، التي ترتبط بشكل مباشر بأعداد الطلبة في الصفوف، مشيرين إلى أن منح الأولوية لأشقاء الطلبة المنتسبين للمدرسة أو أبناء العاملين هو أمر طبيعي ومطبق منذ سنوات في مختلف المدارس.
وأكدوا الحرص على مساعدة أولياء الأمور كافة على حصول أبنائهم على مقعد دراسي إلا أنهم في الوقت ذاته مرتبطون بعدد محدد في الصفوف لا يمكن لهم تجاوزه، مشيرين إلى أن لجوء البعض إلى بعض الممارسات السلبية مثل تحصيل رسوم مقابل الامتحانات التقييمية أو تحصيل الأقساط على أربع دفعات، تعد ممارسات فردية، ولا يجب تعميمها على كل المدارس الخاصة بالإمارة، مشيرين إلى أن هناك التزاماً من الأغلبية بضوابط اللائحة التنظيمية لعمل المدارس الخاصة.
وأشاروا إلى أن بعض المدارس ومن باب التسهيل على أولياء الأمور تقوم بالسماح لهم بدفع الرسوم المدرسية على أكثر من 4 دفعات، كما أن تحصيل رسوم مقابل التسجيل غير مستردة في حال قبول الابن بالمدرسة، يأتي كونه إجراء تنظيمياً جاء بعد قيام العديد من أولياء الأمور بتسجيل أبنائهم في أكثر من مدرسة في الوقت ذاته. وبذلك يضيعون الفرصة على تلاميذ آخرين كان من المفترض أن يحجزوا المكان لهم.