تناولت الجلسة الافتتاحية الأولى في المؤتمر الدولي الخامس للغة العربية، جهود الجامعات العربية في خدمة اللغة، والمشاكل والتحديات التي تواجهها، فضلاً عن تجارب الجامعات العربية للانطلاق بها لآفاق أكبر من الانتشار والقوة، وشارك فيها الدكتور علي راشد النعيمي مدير جامعة الإمارات، والدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، والدكتور حميد بن شنيتي رئيس جامعة الجزائر، والدكتور سلطان عدوان الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية.

دور كبير

وفي بداية الجلسة أكد الإعلامي السعودي الدكتور عثمان الصيني -الذي أدار الجلسة -على الدور الكبير الذي لعبته اللغة العربية في بدايات انتشار الفتوحات الإسلامية التي وصلت أوروبا، وشهدت تعزيزاً وتطوراً كبيراً للثقافة العربية في كل بقاع الأرض، متطرقاً لانتشار الجامعات في عدد من الدول العربية خلال فترات زمنية لاحقة، مثل الأزهر في مصر، والقرويين في فاس والزيتونة في تونس وغرناطة وقرطبة.

ولفت إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تراجعاً لواقع اللغة العربية، خاصة مع يشهده عالمنا من تغيرات تكنولوجية تطلبت مواكبة العربية لها، حتى تنعكس إيجاباً على الطلبة الدارسين واهتمامهم بها، خاصة أنهم يواجهون كثيراً من التيارات الثقافية المعاكسة التي تؤثر على صلتهم بلغتهم الأم.

جهود لافتة

وأوضح الدكتور سلطان عدوان في كلمته أن اتحاد الجامعات العربية يبذل جهوداً كبيرة لتكريس اللغة العربية والاهتمام بها في الدول التي تعاني صعوبة في التواصل معها، وغير المتحدثين بها، لافتاً إلى أنه في عام 1954 كانت هناك 14 جامعة بالدول العربية، وصولاً إلى 320 جامعة تضمها حالياً مظلة الاتحاد، وأن هناك دستوراً لهذه الجامعات يقر بإلزامية التدريس باللغة العربية.

وأبان أن هناك 22 جمعية علمية أنشأها اتحاد الجامعات للاهتمام بالدراسين، مؤكداً أن هناك حاجة ماسة لقرار سياسي يقضي بتفعيل الدراسة باللغة العربية، حتى تكون هناك نتائج وثمار إيجابية مستقبلية تؤثر إيجاباً على تطور اللغة وانتشارها.

هوية

وأشار جابر نصار إلى أن المؤتمر يعزز من الجهود الكبيرة التي ترتقي باللغة العربية، ما ينعكس على هويتنا وثقافتنا وديننا الإسلامي، وأن هذا المجهودات يقابلها محنة كبيرة يعيشها عالمنا العربي من سيادة اللغة العربية وتأثيرها، خاصة مع تراجعها الكبير في شتى مناحي العلوم والحياة، مبيناً أن الجامعات العربية تعيش هذه المعاناة والمحنة من حيث مناهج تدريس اللغة، التي يعتبرها جامدة غير متطورة وتفتقر للابتكار والفاعلية، وعدم مناسبتها لاهتمامات الجيل الجديد من الدراسين، وهو ما يؤدي لتراجعها عاماً بعد الآخر.

مثال حي

وأضاف الدكتور حميد بن شنيتي إن الجزائر تعتبر مثالاً جيداً يعكس المجهودات الكبيرة التي بذلت للارتقاء باللغة العربية مجتمعياً وتعليمياً كلغة رسمية للبلاد، خاصة بعد التأثيرات السلبية الكبيرة التي رسخها الاستعمار الفرنسي لمحو الثقافة العربية من الدولة، وأنه مقابل ذلك بذلت مجهودات مقدرة لإعاة اللغة العربية للواجهة مرة أخرى عبر تكريسها لغة الدراسة في كل المراحل الجامعية، فضلاً عن البرامج والقوانين التي ساعدت على حمايتها وصونها خلال السنوات الماضية.

وذكر أن الدولة الجزائرية أصدرت قانوناً يتم بموجبه تعريب المناهج الدراسية في كل الجامعات وخاصة العلوم الاجتماعية والإنسانية، وهناك 50 جامعة ومدرسة تدرسها بشكل مكثف وكبير، مشيراً إلى الدور الكبير الذي ساهمت به الكتاتيب والمدارس أثناء فترة الاحتلال الفرنسي، والتي ساعدت بدورها في حماية اللغة من براثن الاحتلال وتكريس ثقافته.

تحديات وتطلعات

من ناحيته ذكر الدكتور علي النعيمي أن اللغة العربية تواجه كثيراً من التحديات والتطلعات، وأنه يجب التكاتف على مستوى المتخصصين والمهتمين بها للانطلاق ببرامج متطورة تعمل على تقليل الفجوة بين ما هو موجود من مناهج غير متطورة وتحديثها، وعمل حلقة وصل مع الجيل الجديد الذي أصبح يواجه تحديات كثيرة، ومنها اهتمامه واعتزازه بلغته الأم تحدثاً ودراسة.

وأشار إلى تجربة جامعة الإمارات في الارتقاء بسبل تطوير المناهج العربية، واستخدامها لغة للدراسة، من خلال تجربة استخدام أجهزة الآي باد، بدلاً من الكتب الدراسية، لكي تكون متواكبة مع العقول الجديدة من أبنائنا الدراسين الذين يهتمون بكل ما هو تكنولوجي وسهل في الاستخدام.

وتطرق النعيمي إلى برنامج (عين) الذي أطلقته الجامعة العام الفائت وفاز بإحدى جوائز المؤتمر، ويعمل على تحديد المعايير والمقاييس المطلوبة من الطلبة لتعليمهم اللغة العربية، لمساعدتهم على الارتقاء بمستواهم العلمي وذائقتهم اللغوية، مشيراً أن هناك بنكاً للأسئلة لهذا البرنامج يتم تحديثه بشكل دوري لتتوافق مع كل ما هو جديد وله علاقة باللغة العربية، بالإضافة إلى جهود الجامعة لتخريج متخصصين بشكل دائم في علومها.

تواصل

قال الدكتور علي النعيمي أن هناك تواصلاً بين جامعة الإمارات والهيئات والتعليمية العالمية من أجل تصنيف اللغة العربية كإحدى اللغات المهتمة في الأبحاث العلمية التي يقدمها الدارسون لها، حتى يكون هناك تشجيع على تعزيز دور البحث العلمي باللغة العربية، بعيداً عن هاجس عدم اعتماد الأكاديميات العلمية لها كلغة لهذه الأبحاث وأوراق العمل.