باتت الأخطاء الواردة في المناهج الدراسية الأجنبية والدولية التي تدرس في المدارس الخاصة، مشكلة تؤرق العديد من أولياء الأمور، وتقتحم ثوابتنا الاجتماعية بصورة فجّة تستدعي تفعيل الرقابة وإخراجها إلى الميدان لضبط هذه التجاوزات، بعد أن تكرر ظهورها في المناهج التي تقدم لأبنائنا.
لا سيما في سن المراهقة، ما دفع العديد من التربويين إلى مطالبة الجهات المعنية بالتعليم بتشكيل إدارة تتولى مراجعة مناهج »الخاصة« قبل تدريسها، بينما أكد أولياء أمور أنهم يتولون بأنفسهم تفتيش مقررات أبنائهم خشية وجود ما يخالف الثوابت القيمية أو الاجتماعية..
والتي تتجاوز مجرد أخطاء في الطباعة أو إجابات أسئلة، وهي غالباً ما تكون متوقعة الحدوث وسهلة الحل والتلاشي، مشددين على أهمية تلقي أبنائهم معلومات صحيحة ودقيقة كونها تترسخ في الأذهان، وذلك أنهم يدفعون مبالغ كبيرة مقابل تلقي أبنائهم تعليماً جيداً على الأقل.
وزارة التربية والتعليم أكدت أنها ستكثف الرقابة على المؤسسات التعليمية الخاصة لضمان امتثالها التام باللوائح والسياسات، مشيرة إلى أن القانون نص على إيقاع العقوبات على المؤسسات المخالفة والتي تبدأ بالإنذار وصولاً إلى إلغاء ترخيص المؤسسة وإغلاقها.
تشديد الرقابة
وكشفت الشيخة خلود صقر القاسمي الوكيل المساعد لقطاع الرقابة في وزارة التربية والتعليم عن وجود توجّه جاد لدى الوزارة لتشديد الرقابة على المناهج الأجنبية التي تدرسها المدارس الخاصة، وذلك عبر تكثيف الزيارات الرقابية على المؤسسات التعليمية الخاصة بهدف ضمان امتثالها التام للسياسات واللوائح والنظم المعتمدة من قبل الوزارة.
وأوضحت القاسمي أن مخالفة المؤسسات التعليمية الخاصة لمعايير واشتراطات الوزارة في تنفيذ المناهج والمقررات الدراسية تستوجب تطبيق القانون وذلك عبر إيقاع العقوبات المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة (23) من قرار مجلس الوزراء رقم (29) لسنة 2008 بشأن اللائحة التنظيمية للتعليم الخاص.
بالإضافة إلى الغرامات المنصوص عليها في المادة (82) من اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم (28) لسنة 1999 وقرار مجلس الوزراء رقم (9) لسنة 2001، حيث تتدرج تلك العقوبات على المؤسسات التعليمية بحسب نوع المخالفة والتي تبدأ بإنذار المؤسسة التعليمية وصولاً إلى إلغاء ترخيص المؤسسة التعليمية وإغلاقها.
وبحسب المادة (30) من اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم (28) لسنة 1999 فإنه يتوجب على المدارس الخاصة المطبقة للمناهج الأجنبية تدريس المناهج والكتب الدراسية المعتمدة والمدققة من قبل الوزارة مع إيداع نسخة من تلك الكتب لدى الوزارة، كما تحظر الفقرة (أ) من المادة (33) في ذات اللائحة على المدارس الخاصة تدريس أي كتاب لم يعتمد من وزارة التربية والتعليم.
كما تشترط الوزارة على المدارس الخاصة المحافظة على احترام قيم الشريعة الإسلامية ومرتكزات النظام العام والعادات والتقاليد المرعية في الدولة واحترام الهوية الوطنية خلال القيام بأعمالها وممارستها لأنشطتها المختلفة، بما في ذلك مناهجها الدراسية، وذلك وفق ما حددته المادة (23) من قرار مجلس الوزراء رقم (29) لسنة 2008 بشأن اللائحة التنظيمية للتعليم الخاص.
وذكرت القاسمي أنه سيتم التركيز خلال عمليات الرقابة المدرسية على تقارير الكتب الموافق عليها من وزارة التربية والممنوحة للمدارس، لافتة إلى أن إعادة طباعة الكتب التي تدرسها المدرسة وإدخال أي كتب جديدة يتطلب حصول المدرسة على موافقة من الوزارة وإلا سيتم مخالفتها وفرض غرامة عليها، بالإضافة إلى حصولها على موافقة بتدريس المواد الإثرائية.
مراجعة وتدقيق
بدورها قالت التربوية الدكتورة عائشة السيار، إن المدارس الخاصة يقع على عاتقها دور مراجعة وتدقيق المناهج الدراسية ومدى مواءمتها لثقافتنا وحذف ما لم تره مناسباً فيها ويخالف سياساتنا وعاداتنا وتقاليدنا.
وأشارت إلى وجود بعض المدارس التي لا تلتزم بمراجعة المناهج وتكتفي بتدريسها على نمطها سواء كان ذلك صحيحاً أو خطأ.
ومن جانبه قال إبراهيم بركة مدير مدرسة الشعلة، إن المدرسة تحصل على موافقة مسبقة من وزارة التربية والتعليم لأي منهاج إضافي، وتراعي المدرسة عند اختيارها للمنهاج أن يكون خالياً من أي أفكار خارجة أو تخالف العادات والتقاليد، ووضعنا لوائح محددة في التعامل مع المناهج الأجنبية، أهمها المراجعة والدقة وتمنح تلك الكتب لرؤساء أقسام الكادر التعليمي كل حسب اختصاصه، للتأكد من صحة المعلومات الواردة فيها.
أولياء أمور
وأكد عدد من أولياء الأمور بأن وجود أخطاء في المناهج الدراسية أصبحت مشكلة تؤرقهم، في تلقي أبنائهم أي معلومات غير صحيحة تترسخ في أذهانهم وتنعكس عليهم، أو وجود مناظر خارجة عن الحياء ما تجعله متفتحا بقدر يفقدهم السيطرة عليهم في سن المراهقة.
ومن جانبه قال أحد أولياء الأمور رامي رضوان، إن الجيل الجديد يحتاج إلى طريقة محددة في التعامل معه؛ لذلك لابد أن تواكب المناهج الدراسية هذه الطريقة مع مراعاة التمسك بالعادات والتقاليد والدين الإسلامي، ومنح الطالب معلومات تساعده في فهم الحياة من دون خدش للحياء.
وأفادت مي حنيني، ولية أمر بأن المدارس الخاصة التي تقدم مناهج أجنبية من المفترض أن تدرس ثقافات أجنبية ولكنها تتماشى مع عاداتنا كمجتمع عربي، والمحافظة على الهوية العربية طالما وجدت في بلد عربي.
وفي السياق ذاته قالت وفاء اشتي إنها باتت تراجع كتب أبنائها بنفسها بعدما ظهرت أخطاء مختلفة خلال الفترة الماضية، وذكرت أن المدارس يجب أن تقوم بالتدقيق على المعلومات التي تمنحها للطلبة، وخاصة أن التعليم أصبح باهظ الثمن ومكلفاً ما يستوجب عليهم مراعاة ما يقدمونه.
من جانبه شدد الدكتور يوسف شراب الخبير التربوي، على أهمية الرقابة على المناهج الدراسية والكتب الأجنبية، ومن المفترض أن يكون هناك لجان تشرف على المناهج وتقييمها، ومتابعتها وخاصة أنها تمثل ثقافات الجاليات الأجنبية كالبريطانية والروسية والهندية، لضبط الأمور، ووضعها في نصابها الصحيح حتى لا يكون هناك تجاوزات في المناهج، والمواد التي تدرس ومستوياتها، لأن المدارس الخاصة بها نسبة كبيرة من الطلبة العرب.
مغالطات تاريخية وجغرافية وفكرية
ظهرت خلال الفترة الأخيرة عدة أخطاء كان أبرزها مغالطات تاريخية تصف ظهور إسرائيل في كتاب العلوم للصف السابع في إحدى المدارس الخاصة بدبي كمثال على التقدم الزراعي، ومغالطات أخرى جغرافية وضعت إسرائيل في منهاج الجغرافيا على خارطة العالم، بدل دولة فلسطين، حيث حذفت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي إسرائيل من الخريطة وتم استبدالها بدولة فلسطين، وأخطاء له علاقة بالحقائق الفكرية كما ورد في كتاب تاريخ لمدرسة خاصة يصف الفلسطينيين بالإرهابيين، والذي أوقفته وزارة التربية.
القانون يلغي تراخيص المؤسسات التعليمية المخالفة للوائح الوزارة
تربويون يطالبون بتشكيل إدارة لمراجعة مناهج »الخاصة« قبل تدريسها
التشديد على تقارير الكتب المتوافق عليها خلال عمليات الرقابة
الطبعات الجديدة للكتب والمواد الإثرائية تحتاج موافقة "التربية"