عزا مختصون بالشأن التعليمي انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية لاسيما قبيل امتحانات نهاية كل عام إلى ضعف وخلل في المنظومة التعليمية علاوة على صعوبة المناهج التي تعد احد أهم أسباب لجوء الطلاب للدروس الخصوصية، مطالبين وزارة التربية والتعليم باتخاذ موقف حازم يعيد للتعليم هيبته على اعتبار انه حق وليس سلعة إضافة إلى التخفيف من كثافة المناهج وتعديل منظومة التقويم حتى تكون «وزارة التربية» قادرة على تغيير ومواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية.



وفي الوقت الذي تملأ إعلانات  متربحي الدروس الخصوصية مواقع التواصل الاجتماعي ومداخل المباني السكنية و التجارية دون خشية أو خوف أهابت عناصر تربوية بالمسؤولين تعقب أصحاب الملصقات الإعلانية واتخاذ إجراءات حازمة بحقهم تصل إلى منعهم من ممارسة المهنة، مشيرين إلى أهمية محاربة الظاهرة التي تتخذ منحاً تصاعدياً، ومضاعفة الجهد في أوساط الطلبة، والنأي عن الوقوع في مصيدة الدروس الخصوصية لما يترتب على ذلك إضافة عبء على كاهل الأسرة من جهة والمساهمة في ترسيخ سلوك مرفوض مجتمعياً من جهة أخرى.



«البيان» رصدت أسعار حصص الدروس الخصوصية والتي يتراوح سعر الحصة الواحدة فيها قبيل الامتحانات النهائية لطلاب الحلقة الأولى بين 150 و200 درهم، مقابل 250 إلى 500 درهم للحلقتين الثانية والثالثة، فيما تقفز الساعة إلى ‬750 درهماً في ليلة الامتحان، مما يشكل أعباء مادية إضافية وكبيرة على ميزانية العائلة، وقد أكد عدد من الأهالي أن مادة الرياضيات والفيزياء تتصدران المرتبة الأولى من حيث السعر ثم مادة الانجليزية والمواد الأخرى.



وأجمع من استطلعنا آراءهم أن القضاء على ما يعرف بالدروس الخصوصية يتم من خلال تأدية المدارس واجبها بالشكل المطلوب خاصة وأن الإمكانات التي توفرها الدولة لقطاع التعليم في الدولة تحتم أن يكون التعليم في مستويات مرتفعة لا يحتاج معها الطالب إلى دروس إضافية مدفوعة الأجر، معتبرين القضاء على الظاهرة المسيئة لهيبة المعلم ومكانته باتت جزءاً من إصلاح التعليم، معولين على رفع سقف التوعية عند الأهالي بخطورة ما يقومون به عند الاستعانة بمعلمي الدروس الخصوصية وإذكاء طمعهم بالمال ما يجعلهم غير مهتمين بتقديم أفضل ما لديهم داخل الحجرة الصفية.



وقالوا:إن بعض الأهالي يجدون أنفسهم مجبرين على إحضار مدرسين رغم زيادة الأعباء المالية عليهم والتي تضاف إلى ارتفاع الرسوم الدراسية، بسبب ضعف مستوى التدريس في مدارس أبنائهم وعدم قدرتهم على مراجعة المواد في ظل ضيق المساحة الزمنية المتبقية وقرب موعد الامتحانات، مشددين على أن وجود مدرسين في متناول اليد عبر تطبيق «الواتس اب» وصفحات «الفيسبوك» سهل عليهم العملية بصورة اكبر في ظل غياب الرقابة وعدم تتبع المخالفين.



أزمة ثقة



ياسمين مغيب ماجستير مناهج وطرق تدريس ومعلمة في مدرسة أم الإمارات للتعليم الثانوي ترى أن الدروس الخصوصية تعد أزمة ثقة بين الطالب والمعلم، فلو شعر الطالب أن ما يأخذه في الصف من معلومات وشروح كافية لحصوله على الدرجة التي يرنو إليها، لما بحث عن ذلك خارج بيئة المدرسة، إضافة إلى التغيرات التي تطرأ على المنهج من وقت لآخر، زادت من صعوبة المنهج وتعقيده، ولذلك يسعى الطالب لمزيد من الفهم لكل ما يطرأ على المنهج من تغيرات باللجوء لمعلم خارجي بأجر متفق عليه مسبقاً، وزيادة كثافة الصفوف الدراسية، بالمقارنة بالدرس الخصوصي، الذي قد يكون منفرداً أو في مجموعة لا تتجاوز 10 طلاب، مما يتيح للطالب فرصة إبداء الرأي، وطرح كل الأسئلة التي يريد فهمها، دون إزعاج الآخرين، أو إحراج نفسه بكثرة التساؤلات.



- وقالت مغيب، إن طول اليوم الدراسي، جعل الطالب يفقد تركيزه في كثير من الحصص، خصوصاً الحصص الأخيرة، مما يدفعه للبحث عمن يعوضه بشرح تلك الدروس.



تهافت



اما قمبر المازم مدير ثانوية تريم، فيرى أن الدروس الخصوصية أصبحت ظاهرة مخيفة، يتهافت عليها شريحة كبيرة من الطلبة في المدارس الحكومية والخاصة أملاً في الظفر بمعدلات عالية، مشيراً إلى الإقبال على الدروس التي يؤدي إلى الإخلال بمنظومة التعليم، والبديل أن تكون المدرسة مجال التعليم، وأن يقوم المعلم فيها بواجبه، وأن يساعد أولياء الأمور المدارس على أداء مهمتها من خلال التعاون الإيجابي والمتابعة البناءة لمستوى الأبناء.



وقالت المعلمة آمنة العبدولي إن المذاكرة اليومية المستمرة للطلبة ينعكس إيجابياً على تحصيل المستوى الدراسي، حيث يبقون على اطلاع واسع بكل ما تم دراسته وبالتالي إذا تعرض لأي صعوبة أو مسألة غير مفهومه يلجأ إلى معلم المادة فيكون المعلم سعيداً بحرص أبناء الغد على التعليم فيوجه ويرشد ويشرح للطلبة كل ما صعب عليهم وبالتالي يؤدي إلى عدم حاجة الطلبة للدروس الخصوصية.



من وجهة نظر معلمة مادة العلوم آلاء حسن إبراهيم من مدرسة النور الخاصة في الشارقة الميدان يدور بحلقه مفرغة لأنه يوجد طلاب ضعفاء وذلك لأسباب عديدة منها: إن له قدرات خاصة ويحتاج للمدرس الخاص ومنهم من هو ضعيف المستوى لتراكمات السنين لتعوده القراءة بالتلقين ولم يعتد أن يقرأ بنفسه ويعتمد على نفسه ولهذا يحتاج إلى مدرس خاص يساعده ومنهم من يعتقد أن حصص المدرس الخاص ستؤدي للنجاح والحصول على أفضل العلامات وطبعاً هذا غير صحيح لاجتهاد وقت الامتحان فقط، لذلك تصحيح الأمور يبدأ من البيت ومن طريقه تعامل الأهل مع الابن أو البنت.



ظاهرة



بدوره قال الخبير التربوي يوسف شراب إن الدروس الخصوصية إحدى الظواهر التعليمية وتنتشر قرب نهاية العام وقبل الامتحانات النهائية، ويلجأ إليها الطلاب غير الملتزمين بالمذاكرة أولاً بأول، ومن يلجؤون لتأجيل متطلبات التعليم، وهذا أمر يتطلب الانتباه له من قبل أولياء الأمور والمربين من بدء العام الدراسي، وتعويد الطلاب على تنظيم أوقاتهم، والمذاكرة للعلم والمعرفة يجب أن تكون التزاماً وليس للامتحان والحصول على الدرجات.



مراجعة



قال الخبير التربوي احمد عبد الله، إن إخفاق بعض المؤسسات التربوية في أداء وظائفها التعليمية يؤدي لأن يدفع المجتمع والأسرة الثمن، لذلك لا بد من تفعيل مراكز تقوية تشرف عليها المناطق التعليمية كما كان سابقاً لتكون بمثابة دخل إضافي للمعلمين وتكون الدروس تحت إشراف الإدارة المدرسية، أو تخصيص مدارس مجتمعية أو مراكز مرخصة تساعد الطلبة بالحصول على الدعم الأكاديمي ضمن إشراف ومعايير عالية وضمان الاعتماد على نخبة من المدرسين أصحاب الشهادات العالية.





تجارة





قالت أسماء نزار ادلبي استشارية علم النفس السلوكي المعرفي من مركز افق الإبداع للتعليم وتنمية المهارات، إن العد التنازلي بدأ لانتهاء العام الدراسي ومع اقتراب الامتحانات ازدادت مافيا الدروس الخصوصية باستغلال رغبة الأهل في نجاح وتفوق أبنائهم. ولفتت الى انها مزايدة تدفع ثمنها الأسرة ويقف خلفها الجهل بالقوانين التي سنتها وزارة التربية والتعليم، ومعلمون اتخذوا من التعليم تجارة، يجاهرون في رفع الأسعار، والطامة الكبرى أن معظمهم دخلاء على المهنة، وليس لديهم الكفاءة المطلوبة للتدريس فمعظمهم ربات منزل وباحثون عن العمل.