رجل عسكري شهد العديد من المواقف الصعبة والمهمة في تاريخ تأسيس سجن نظامي في رأس الخيمة. ويطلق عليه من قبل كل من يعرفه بـ«أبو السجون»..

نظير خدمته التي وصلت زهاء 36 عاماً في السلك الشرطي وأغلبها في إدارة السجن بالتحديد. العميد متقاعد، راشد يوسف راشد بوالحمام، أول مسؤول سجن نظامي وأحد نماذج الشرطة المشرفة، يروي من خلال سطور هذا اللقاء ذكرياته عن أمور شخصية وعامة..

لاسيما المواقف السابقة من وجهة نظر عسكرية بالطبع، وكيف لا وهو العسكري المحنك ويعد الوحيد المتخصص في مجال إدارة السجن على مستوى الدولة- على حد وصفه.

يرى أهمية كبيرة في تخصيص أكاديمية أو معهد يسهم في تخريج ضباط متخصصين في العمل بمجال السجون كون هذه الوظيفة تتطلب الكثير من فهم قوانين وتشريعات العمل، من ناحية الصبر والحكمة على طبيعة العمل التي تستلزم القيام بعدة مسؤوليات متعددة، وكذلك ضرورة توافر مهارات تحتاج إلى الكثير من الضبط والدراية والمرونة والتعامل السريع مع أي حدث أمني وأيضاً توفير الرعاية اللاحقة للمسجونين.

مولده ومسيرته

يتطرق إلى مشواره في التعليم وكيف كانت العملية التعليمية تسير والأنشطة التي مارسها. يتناول التحاقه بشرطة رأس الخيمة، ومن ثم كمسؤول السجن وعشقه الكبير لهذا المجال بسبب رغبته العمل في مجال تطبيق القانون.

يقول «ولدت في مدينة رأس الخيمة نفسها في شهر مايو من عام 1956، ويعد رقم 5 وكذلك شهر مايو بمثابة رقم الحظ في حياتي. ويتابع:»كانت أول مدرسة أهلية التحقت بها مدرسة القاسمية وتعلمت قراءة القرآن الكريم والعلوم الحياتية..

وبعد ذلك انتقلت إلى مدرسة الصديق، وكان الاختبار جماعياً ونجحت إلى الثانوية، غير أني تركت الدراسة في عام 1968 أيام الإمارات المتصالحة، لألتحق في الخدمة العسكرية التابعة لشرطة رأس الخيمة لمدة 8 شهور، وعينت بعدها في مكتب قلم الشرطة- بشؤون الأفراد، وكان مدير عام الشرطة في حينها «مستر بيفين»، لأترك العمل فور ما وصلني وقتها طلب ابتعاث من مجلس التطوير بدبي إلى قطر..

ودرست لمدة سنتين في خراطة المعادن«. وأضاف:»بعد تخرجي عدت إلى أرض الوطن وكان ذلك في شهر نوفمبر من العام 1972، حيث التحقت للعمل في الشرطة من جديد في مكتب شؤون الأفراد (كاتب قلم) في واحد من ديسمبر 1972. وكان مدير عام الشرطة آنذاك الشيخ عبدالله بن محمد القاسمي– رحمه الله.

خبراء السعودية

وحظيت أثناء ذلك بقدوم خمسة من الخبراء من المملكة العربية السعودية الشقيقة منهم فهد محمد الشريف، حيث نلت رتبة رقيب نظير حصولي على درجة جيد جداً من الدورة التدريبية التي ابتعث إليها في السعودية لمدة 6 أشهر من معهد تدريب ضباط وأفراد الصف بمنطقة الملز.

ليتم تعييني لأتولى مسؤولية السجن وكان ذلك في 15 مايو 1976 بعد حصولي على الدبلوم الدفعة العاشرة من السودان وترقيتي إلى رتبة ضابط. وكنت كذلك قد أرسلت للاطلاع على سجون فرنسا. كان مقر الشرطة مركز شرطة المدينة حالياً، أما السجن فموقعه كان في مقر المتحف الحالي من الجهة الغربية الجنوبية، وكان يحتوى على 7غرف.

سجن بلا سجناء

من الطريف أنه بمجرد مباشرتي العمل لم يكن هناك ولا سجين واحد، غير أنه في اليوم الثاني شهد وجود موقوفين وتضاعف العدد عاماً بعد آخر، حيث إنه في عام 2006 كان متوسط العدد يصل إلى 1700 مسجون. لم يكن هناك موقوفات أو مسجونات من العنصر النسائي أو حتى شرطيات معينات، ولم يكن أيضاً هناك نيابة عامة.

كان السجن يتضمن غرفاً صغيرة فصارت تزدحم والسبب في ذلك هو تزايد النمو السكاني وكثرة القضايا المتسارعة، وكان المساجين يسجنون في غرف مختلطين، فترى من يوقف في قضية مرورية مثلاً أو قضية بسيطة جداً يسجن مع من عليه قضايا كبيرة ومحكوم عليه بسنوات طويلة.

وكانت القضايا فيما مضى قليلة جداً وواضحة ولا لبس فيها، وتجد الفصل فيها فورياً من لدن القاضي، فلا تعقيدات ومدة انتظار طويلة للفصل فيها، نظراً لبساطة الناس في ذلك الزمن وتسامحهم.

فقد كانت المحكمة هي التي تتولى مسؤولية التحقيق وكذلك الفصل في القاضي، وكان مقرها بنك رأس الخيمة، ويتولى رئاستها 4 قضاة. وأيضا من الغريب الجميل أني كنت أتولى الاستئناف ضد حكم المحكمة في حال لم يرتضِ المجني الحكم الصادر.

خطة شاملة لاستكمال تعليم النزلاء

تحرص إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية بشرطة رأس الخيمة على تعليم النزلاء وإكمال دراساتهم حتى يستطيعوا الاندماج في المجتمع فور خروجهم، يقول يقول أحمد النقبي، مدير إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية بشرطة رأس الخيمة: بلغ عدد النزلاء الدارسين في العام الماضي 10 نزلاء.

وهناك خطة شاملة ومدروسة بعناية ودقة فائقة من جانب وزارة الداخلية لطرح مشروع من يريد استكمال الدراسة الجامعية من النزلاء، كما يتم كل 3 شهور تنظيم 4 دورات تدريبية متنوعة في (استخدام الحاسب الآلي، ودورات باللغة الانجليزية وإدارة الأعمال كذلك) .

وذلك بالتعاون والتنسيق مع مؤسسة الشيخ سعود بن صقر للبحوث السياسية العامة التي تقدم الدعم الكبير للمؤسسة بهذا الشأن، بالإضافة إلى دورات بالمهارات الحياتية والرياضيات على يد أكفأ المعلمين والمحاضرين من جنسيات أجنبية.

تأهيل المسجونين أبرز التحديات

لا يخلو أي عمل من وجود تحديات وعن أبرز المعوقات التي تواجه إدارة المؤسسات العقابية بشرطة رأس الخيمة، وبحسب مدير إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية بشرطة رأس الخيمة بالإنابة، فإن عملية تأهيل النزلاء وتدريبهم وإعدادهم إعداداً جيداً وإلحاقهم بوظائف مناسبة لمواجهة المجتمع مرة أخرى كأفراد صالحين ومنتجين، لتتغير نظرة المجتمع السلبية تجاه هذه الشريحة، أبرز ما نواجه من تحديات.

ويضيف: أن هناك خطة سنوية يتم تحديثها وتطويرها سنوياً لتتماشى مع المستجدات والتطورات المستمرة، ولكنها في الوقت ذاته ليست إلزامية للمشاركة فيها من جانب النزلاء وذلك تماشياً مع حقوقهم الإنسانية. وهناك جهود كبيرة ومستمرة بكافة الطرق لتحفيز النزلاء للمشاركة في البرامج التدريبية المقدمة والأنشطة المنوعة سواء قبل أو بعد الإفراج عنهم.

رعاية لاحقة خارج الأسوار

تستمر جهود إدارة المؤسسات العقابية والإصلاحية بشرطة رأس الخيمة، في متابعة المتدربين خارج أسوار المؤسسة العقابية، خصوصاً في مساعدة النزلاء في الحصول على فرص وظيفية بعد تدريبهم، وعن ذلك يقول أحمد النقبي: يوجد فرع بالمؤسسة يسمى "الرعاية الاجتماعية اللاحقة"..

وذلك انطلاقاً من النهج والسياسة التي تتبعها وزارة الداخلية والرامية إلى تأهيل النزلاء وتعليمهم حرفة يقتاتون منها، الأمر الذي من شأنه المساهمة في سهولة عودتهم للمجتمع مرة أخرى وسرعة اندماجهم فيه بعد انقضاء مدة العقوبة، وحتى يكون لديهم مصدر رزق شريف يستطيعون من خلاله الإنفاق على أنفسهم، ومن يعولونهم بغض النظر عن جنسية النزيل سواء كان مواطناً أو وافداً.