شاركت الإمارات بوفد رفيع المستوى في مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة الذي عقد مؤخراً في ريو دي جانيرو بالبرازيل، حيث مثل الوفد المجلس الأعلى للطاقة في دبي، وذلك إيماناً بأهمية التضامن العالمي في مواجهة التحديات التي يشهدها العالم في مختلف المجالات التنموية، فالتنمية المستدامة هي الشغل الشاغل لكافة دول العالم، ومن هذا المنطلق سيناقش المنتدى العالمي للطاقة 2012 الذي تستضيفه دبي في أكتوبر المقبل مع واضعي السياسات العالمية، الأحكام والمقاييس الخاصة من نخبوين ومختصين بوضع السياسات الرامية لتعزيز التنمية المستدامة، ونحن في الدولة وضعنا هدف الاستدامة ضمن ملامح استراتيجيتنا، كون الاستراتيجيات الوطنية للتنمية المستدامة، ومؤشرات هذه التنمية وعناصرها من مياه وطاقة وأنماط الاستهلاك والإنتاج والبيئة، هي مكونات متكاملة لا يمكننا أن نحقق تطلعاتنا من دونها.

جوانب مختلفة

وتتطلب التنمية المستدامة النظر في الجوانب الرئيسة لها، والتي تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، إضافة إلى عنصر مهم، وهو المشاركة الفاعلة من كافة مكونات المجتمع، سواء على الصعيد الحكومي أو المجتمع المدني والقطاع الخاص.

وحددت ملامح استراتيجية الإمارات أولويات استراتيجية تتضمن ضمان بيئة مستدامة وبنية تحتية متكاملة، حيث تم التأكيد على السعي نحو ضمان استدامة البيئة وحمايتها والحفاظ على الموارد الطبيعية، مع التركيز على الأولويات البيئية الوطنية والعالمية من خلال الحد من نسب التلوث، وصون النظم الإيكولوجية في الدولة، ونشر الممارسات الصديقة للبيئة، مع تحقيق التكامل بين بنيتها التحتية الاستراتيجية وضمان الاستغلال الأمثل لها، وستسهم التوجهات الاستراتيجية التالية في تحقيق استدامة البيئة والبنية التحتية، وتشمل هذه التوجهات الاستراتيجية الاستجابة الفعالة للتغير المناخي والمخاطر البيئية، ويشمل ذلك التكيف معها، والحد من تأثير التغير المناخي، وضمان تطبيق الإمارات لالتزاماتها الدولية في المجال البيئي، وضمان الاستجابة الفعالة للتحديات البيئية في الدولة، وتعزيز الأمن الغذائي.

وتشمل أيضاً المحافظة على الموارد الطبيعية، وتشجيع تنوع النظم الإيكولوجية من خلال ترشيد استهلاك الطاقة، وتشجيع استخدام المصادر البديلة والمتجددة للطاقة، وضمان استدامة المياه، وحماية ورعاية الثروات المائية والنباتية والحيوانية.

خفض نسب التلوث

ومن ضمن التوجهات الاستراتيجية، تأتي الحاجة لتأمين بيئة صحية نظيفة، وخفض نسب التلوث، ويتضمن ذلك تقليص البصمة الكربونية، ووضع القوانين والتشريعات للحد من التلوث البيئة. ووضع منهجية وقائية في ما يخص إنتاج النفايات ومعالجتها. بالإضافة إلى تشجيع ثقافة وممارسات صديقة للبيئة، وأيضاً الاستغلال الأمثل والمتكامل للبنية التحتية الاستراتيجية، وتشجيع تطوير وسائل نقل متعددة عبر الإمارات، من خلال تنسيق وتنظيم وسائل النقل بكافة أنواعها (البري والبحري والجوي)، بما يكفل كفاءتها عبر الإمارات، وتوحيد المعايير الخاصة بالبنية التحتية للنقل عبر الإمارات.

كما أن رؤية الإمارات 2021 نصت على أن التنوع الاقتصادي في الإمارات هو الحل الأمثل لتحقيق تنمية مستدامة في مستقبل أقل، اعتماداً على الموارد النفطية، وهذا يستوجب تفعيل قطاعات استراتيجية جديدة بهدف توجيه طاقاتنا نحو الصناعات والخدمات التي تمكننا من بناء ميزات تنافسية بعيدة المدى. كما نصت الرؤية على أن نحقق النمو المتوازن عبر حزمة من مصادر الطاقة المستدامة، التي تؤمن الإمارات من خلالها دوراً مهماً في مجال الطاقة البديلة والمتجددة، ومنها الطاقة النووية.

رؤية الإمارات

كما تطرقت رؤية الإمارات 2012 إلى حماية البيئة، حيث إنه في ظل التحديات البيئية المشتركة التي تواجه البشرية جمعاء، نعمل جاهدين على دعم المبادرات الدولية الهادفة إلى حماية البيئة، لأننا ندرك مسؤوليتنا تجاه العالم. كما تلتزم الإمارات، بصفتها جزء من النسيج العالمي، بالمشاركة في تطوير وتطبيق الحلول المبتكرة لحماية البيئة وضمان استدامتها. حيث تسهم التكنولوجيا الحديثة المقتصدة للطاقة في تعزيز دور الإمارات في الثورة الخضراء، وفي الحد من انبعاثات الكربون الناتجة عن أنشطتها، كما تعمل الإمارات على الارتقاء في الحفاظ على البيئة من خلال نشر الوعي البيئي وترويج السلوكيات المسؤولة.

عصب التنمية

وإلى جانب البيئة، هناك عنصر حيوي لا يمكننا التحدث عن تنمية مستدامة من دونه، وهو الطاقة التي تشكل عصب هذه التنمية، لأن استخدام الطاقة ضرورة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولكن هذا الاستخدام مرتبط بتأثيرات سلبية في البيئة، كون الطاقة التقليدية التي تشمل الفحم والبترول لها انبعاثات غازية تؤثر في البيئة، الأمر الذي دعا دول العالم نحو تبني استخدام طاقة غير تقليدية، يطلق عليها الطاقة المتجددة، وتشمل عدداً من المصادر الطبيعية، مثل الرياح والطاقة الشمسية وطاقة المياه والطاقة الجوفية وطاقة الكتلة الحيوية، وهى طاقات مستدامة لا تنضب يمكنها في حالة استغلالها اقتصادياً وبكفاءة - الوفاء بجانب كبير من احتياجات البشرية من الطاقة الكهربائية.

وتنعكس أهمية وميزات الطاقة المتجددة في أنها متوفرة في معظم دول العالم، ومتوفرة باستمرار ولا تنضب، وبأنها طاقة نظيفة ولا تلوث البيئة، ويمكن لكل الدول استخدامها باستخدام التقنيات التي تتطور يوماً بعد يوم في هذا المجال.

وكما نعلم فإن الاتجاه السائد بقوة في شتي دول العالم، سواء المتقدمة منها أو النامية، يهدف إلى تطوير سياسات وبحوث الاستفادة من صور الطاقة المتجددة واستثمارها، وذلك كسبيل للحفاظ على البيئة من ناحية، وإيجاد مصادر أخرى من الطاقة تكون لها إمكانية الاستمرار والتجدد من ناحية أخرى، وذلك لتلبية متطلبات واحتياجات النمو الاقتصادي والبشري المتسارع والمتزايد، وهو الأمر الذي من شأنه أيضاً تحسين نوعية حياة الفقراء.

تحديات راهنة

 

أكد مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ريو 20، الذى عقد في ريو دي جانيرو بالبرازيل في 20 22 يونيو الماضي، التزام المشاركين فيه من رؤساء دول وحكومات وممثلين رفيعي المستوى من مختلف دول العالم بالتنمية المستدامة، وتشجيع بناء مستقبل مستدام اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً لمصلحة الأجيال الحالية والمقبلة.

كما أكد المشاركون في المؤتمر عزمهم القضاء على الفقر الذي يعتبر من أعظم التحديات التي يواجهها العالم في الوقت الراهن، وأحد الشروط اللازمة للتنمية المستدامة، كما أكدوا على الحاجة لمواصلة تعميم مراعاة التنمية المستدامة في المستويات كافة، من خلال تحقيق التكامل بين الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئة، والإقرار بالصلات المتبادلة بينها، وصولاً إلى تحقيق التنمية المستادمة بأبعادها جميعاً. «محمد بن راشد للطاقة الشمسية» خطوة رائدة لمستقبل مستدام

 

تزامنت جهود الإمارات مع جهود وسعي كافة دول العالم نحو العمل على توفير طاقة كهربائية نظيفة مستدامة، من خلال استخدام الطاقات المتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية التي تشكل عنصراً حيوياً دائماً ومستداماً ومتوفراً في كافة أنحاء العالم.

ففي يناير الماضي، وبتوجيهات ورعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وفي خطوة رائدة نحو مستقبل مستدام، أعلن المجلس الأعلى للطاقة في دبي عن إطلاق «مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية»، وهو المشروع الرائد الذي يتبناه المجلس، وتقوم على إدارته وتشغيله هيئة كهرباء ومياه دبي.

الأول في المنطقة

وتكمن أهمية المشروع في أنه المشروع الأول في المنطقة من نوعه، من جهة القدرة الإنتاجية وباكورة مشاريع واعدة لاستخدام الطاقات المتجددة في توليد الطاقة الكهربائية في دبي، حيث يتم استخدام أشعة الشمس المتوفرة على مدار العام في توليد طاقة كهربائية باستخدام أحدث التقنيات المتاحة في الأسواق العالمية، الأمر الذي سيلعب دوراً مهماً في دعم خطط التنمية المستدامة، والمحافظة على مواردنا الطبيعية، وحماية البيئة من التلوث.

حيث تضع الدولة موضوع تنويع مصادر الطاقة في مقدم أولوياتها، حيث وجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بذلك في قول سموه «تتطلع الإمارات إلى زيادة تنوع مصادرها من الطاقة، وتعمل على تنمية خبراتها في أسواق الطاقة العالمية، والارتقاء بدورها الريادي كمركز عالمي للبحث والتطوير في مجال الطاقة المتجددة».

ووجه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله - بضرورة المحافظة على الموارد والبيئة والطاقة، بمقولة سموه «نحن ندرك أن حماية مواردنا تمثل واحدة من أعظم التحديات في مسيرتنا نحو التنمية المستدامة، إلا أن هذا الهدف لن يكون قابلاً للتحقق ما لم تتوحد جهود مختلف فئات مجتمعنا في تبني قواعد الحفاظ على الطاقة ضمن قيمها الرئيسة، وستكون الأجيال القادمة هى المستفيد الأكبر من هذه الإنجازات، وخير من يقيم ما سنحققه في هذا المجال.

مكانة متقدمة

وفي كلمته التي وجهها بمناسبة الإعلان عن مشروع مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية - وألقاها نيابة عنه سعادة سعيد محمد الطاير نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، أكد سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي على المكانة المتقدمة التي بلغتها دولة الإمارات العربية، وسعيها الدائب نحو تحقيق التنمية المستدامة، وبناء اقتصاد تنافسي في مستقبل أقل، اعتماداً على الموارد النفطية، وذلك عبر حزمة من مصادر الطاقة المستدامة.

وأشار سمو رئيس المجلس الأعلى للطاقة في كلمته إلى أن دبي حققت إنجازات غير مسبوقة، جعلتها ضمن قائمة البلدان الأكثر تنافسية عالمياً، وكان هذا الارتقاء إلى المصاف الأولى ثمرة جهود قيادتنا الرشيدة لخلق بيئة أعمال صحية، تتميز بتوفر بنية تحتية حديثة وقوية، وخدمات بمستويات عالية من الجودة والكفاءة والاستمرارية، ما رسخ مكانة دبي كمركز مفضل للمال والأعمال.

وقال إنه انطلاقاً من رؤية سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نحو تعزيز التنمية المستدامة لإمارة دبي، فإن استراتيجية دبي المتكاملة للطاقة 2030، والمنبثقة من استراتيجية حكومة دبي، قد وضعت أمن إمدادات الطاقة واستدامة مصادرها ضمن أهدافها الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة، ومواءمة احتياجات الجيل الحالي، جنباً إلى جنب مع احتياجات الأجيال القادمة، وخلق بيئة حضرية تهدف إلى استدامة الموارد الداعمة لإمارة دبي.

طاقة نظيفة

وأضاف سمو الشيخ أحمد أنه إدراكاً من المجلس لمسؤولياته في تأمين الاحتياجات اللازمة من الطاقة، وتوفير حلول الطاقة النظيفة مع الكفاءة في استخدامها لتلبية الاحتياجات المستقبلية، والوصول إلى اقتصاد ذي بصمة كربونية منخفضة. سعينا نحو البحث في استخدام الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية، والتي تتميز بالاستمرارية والصديقة للبيئة.

مصادر جديدة للطاقة

وبدوره أشار سعادة سعيد محمد الطاير نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، إلى أهمية هذه الخطوة التي تأتي ضمن توجه عالمي نحو البحث عن مصادر جديدة للطاقة، واستخدام الطاقات المتجددة، ومنها الطاقة الشمسية، بغرض المحافظة على الموارد الطبيعية من الهدر، والحد من الانبعاثات الكربونية للمساهمة في إيجاد بيئة نظيفة وصحية للحياة، وذلك بناء على دراسة علمية قمنا بها لبحث إمكانية استخدام الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء.

استراتيجية دبي

 

أوضح سعيد محمد الطاير نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة في دبي والعضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي أن استراتيجية دبي المتكاملة للطاقة 2030 اشتملت عل خطة لتنويع مصادر الطاقة في دبي، وإدراج مصادر الطاقة المتجددة بنسبة 1 % في عام 2020 من إجمالي طاقة الإمارة.

وبحلول عام 2030 م، فمن المقرر أن تصل نسبة استخدام الطاقة المتجددة في مجال توليد الكهرباء إلى 5 %، بالإضافة إلى 12 % للطاقة النووية، و12 % للفحم النظيف، والنسبة الباقية باستخدام الغاز. وأكد نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة أن المجلس يشارك العالم تحديات الطاقة، سواء من ناحية إنتاجها أو إدارتها بكفاءة وفاعلية، مشيراً إلى منتدى دبي العالمي للطاقة، والذي عقدت دورته الأولى في شهر أبريل الماضي.