في إطار حرص صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، على الوفاء لأبناء الوطن الذين ساهموا وشاركوا في دعم بنيان الاتحاد وبذلوا التضحيات من اجل إيصال رسالة الإمارات إلى العالم في نشر السلام والأمن والاستقرار والتنمية، وجه الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بإطلاق اسم الفقيد سيف غباش على أحد الشوارع في أبوظبي.
ويأتي هذا التوجيه تقديراً وتكريماً للأعمال والتضحيات التي قدمها الفقيد خلال مسيرة عمله في خدمة الوطن وإخلاصه في تأدية واجبه الوطني وتخليدا لذكراه.
وشهد سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان سمو ولي عهد أبوظبي، صباح اليوم الاحتفالية الخاصة بإزاحة الستار عن اللوحة التي تحمل اسم الفقيد سيف غباش على أحد شوارع أبوظبي بالقرب من مسجد الشيخ زايد الكبير باتجاه مدينة زايد الرياضية، اطلق عليه اسم "شارع سيف غباش" حيث عزفت الفرقة الموسيقية السلام الوطني بعدها قام سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان بمشاركة عائلة الفقيد إزاحة الستار عن اللوحة الخاصة باسم الشارع.
وفاء القيادة
وأشاد سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان بهذه التوجيهات الكريمة التي تعبر بصدق عن وفاء القيادة الحكيمة وتقدير شعب الإمارات لأبناء الوطن المخلصين الذين أفنوا حياتهم وكرسوا جهودهم وقدموا أرواحهم من أجل رفعة الوطن الغالي وخدمة قضاياه ومصالحه.
وقال سموه إن الإمارات لا يمكن أن تنسى أياً من أبنائها كما أنها لا تنسى مآثرهم وتاريخهم المشرف وأعمالهم التي قدموها في خدمة وطنهم وهم يحملون راية ورسالة الإمارات إلى العالم من أجل الخير والتضامن والسلام والتعايش والتقدم الإنساني.
كلمة الأسرة
من جانبه أعرب عمر سيف غباش سفير الدولة لدى روسيا عن بالغ الشكر لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، على هذه اللفتة الكريمة التي تعبر عن مدى التقدير والحب الذي يحظى به أبناء الإمارات المخلصون وشعبها الوفي.
قصة كفاح ونجاح
حفلت سيرة الفقيد سيف غباش بقصص الكفاح والنجاح في مسيرة العلم والعمل التي تقلد خلالها ارفع المناصب في وزارة الخارجية حيث اغتالته يد الغدر وهو في منصب وزير دولة للشؤون الخارجية والمتحدث الرسمي باسم الإمارات في المحافل الدولية.
ولد سيف سعيد بن غباش المري في 21 أكتوبر سنة 1932 في حي معيرض بإمارة رأس الخيمة وقد قال عنه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، "إنه مثال للرجل المسؤول وواحد من خيرة الشباب ممن جاهدوا وسعوا إلى خير العرب ووحدة كلمتهم وتضامنهم".
وتوفي والده عندما كان في 12 من عمره وتوفيت والدته بعد 3 أشهر من وفاة والده وعاش بعدها في كنف عمته في دبي لمدة 3 سنوات حيث التحق بالمدرسة الأحمدية لفترة من الزمن وكان يدرس اللغة الإنجليزية في مدارس ليلية وفي سنة 1946 بدأ مسيرته التعليمية على يد الشيخ أحمد بن حجر حيث تعلم النحو والبديع والبيان والفقه الإسلامي وعلم الفرائض.
وفي 1949 سافر غباش إلى البحرين طلباً للعلم ليغادر بعدها إلى العراق بعد تخرجه من الثانوية العامة سنة 1953 وحصوله على المركز الأول ولتبدأ رحلته الجامعية في دراسة الهندسة في جامعة بغداد حيث اجتاز السنتين الأولى والثانية إلا أن الظروف السياسية التي أعقبت العدوان الثلاثي على مصر حالت دون إتمامه السنة الثالثة فاضطر إلى مغادرة العراق سنة 1956 متوجهاً إلى مصر حيث حصل على بعثة من المؤتمر الإسلامي هناك ثم سافر الى الكويت ليعمل هناك بوظيفة مساعد مهندس في دائرة الأشغال الكويتية.
وفي سنة 1959 سافر سيف غباش إلى النمسا حيث عكف على دراسة اللغة الألمانية بشغف ثم انتقل إلى مدينة ديسلدورف بألمانيا وعمل مساعد مهندس في شركة إنشاءات وانتقل بعدها إلى سويسرا كما قام بزيارات متعددة إلى إيطاليا التي أسهمت في إثراء ثقافته في حقل الآداب والفنون .. وفي 1963 انتقل إلى العاصمة الفرنسية باريس وتعلم اللغة الفرنسية ودرس الأدب والفلسفة.
وفي سنة 1969 عاد سيف غباش إلى مسقط رأسه في رأس الخيمة ورزق تباعاً بأبنائه الثلاثة عدنان وعمر وسعيد وكان أول عمل يسند إليه وظيفة رئيس قسم الهندسة في بلدية رأس الخيمة.
رافق سيف غباش بين عامي 1969 و1970 المغفور له الشيخ صقر بن محمد القاسمي، إلى بعض العواصم العربية والأجنبية وشارك ضمن وفد رأس الخيمة في محادثات الاتحاد وفي عام 1971 كان من أوائل الإماراتيين الذين هبوا للدفاع عن أرضهم ووطنهم حيث ذهب ضمن وفد إلى القاهرة لعرض قضية احتلال إيران للجزر الثلاث على جامعة الدول العربية.
كما شارك في إصدار نشرة عن تطورات الوضع بعد الاحتلال وساهم في ترجمة وصياغة البرقيات المرسلة إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى.
تم تعيين غباش بعد قيام دولة الإمارات وكيلل لوزارة الخارجية حيث عمل جاهداً في تنظيم الوزارة وتجهيز العناصر الجيدة من شباب الإمارات لإرسالهم إلى سفارات الدولة في الخارج .. ساعياً إلى تربية جيل جديد من الدبلوماسيين عبر دعوتهم الدائمة إلى تحكيم العقل والابتعاد عن الانفعال والعواطف وانتهاج الموضوعية في الحكم على الأحداث.
وفي 25 ديسمبر 1973 شكلت وزارة اتحادية جديدة وعين الفقيد أول وزير دولة للشؤون الخارجية ليصبح المتحدث الرسمي باسم الإمارات في المحافل الدولية محاولاً بكل جهده إيصال صوت الإمارات إلى العالم ودعوتها إلى صداقة الشعوب واستتباب العدالة والسلام.
وفي الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الثلاثاء 25 أكتوبر عام 1977 أثناء مرافقته
عبد الحليم خدام وزير الخارجية السوري آنذاك إلى مطار أبوظبي لوداعه وعند دخولهما إلى الصالة الكبرى لمطار أبوظبي، انطلقت رصاصات غادرة كانت تهدف اغتيال خدام لكنها أصابت الوزير غباش في كتفه وبطنه حيث نقل إلى المستشفى وتوفي متأثراً بجروحه لتفقد الإمارات رجلاً من رجالاتها البارين.
عائلة الراحل والحضور
شهد الاحتفالية عائلة وذوو الفقيد وهم معالي سعيد أحمد غباش ومعالي صقر بن غباش سعيد غباش وزير العمل وأنجال الفقيد عدنان سيف غباش وعمر سيف غباش سفير الدولة لدى روسيا الاتحادية وسعيد سيف غباش .. كما شهدها من عائلة الفقيد سيف سعيد غباش الرئيس التنفيذي بالإنابة في أبوظبي للإعلام وعدد من أحفاد الفقيد.
كما شهد الاحتفالية معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية ومعالي ماجد علي المنصوري رئيس دائرة الشؤون البلدية في أبوظبي وجبر محمد غانم السويدي مدير عام ديوان سمو ولي عهد أبوظبي وعبدالله بن محمد بن بطي آل حامد وكيل وزارة الخارجية وخليفة محمد المزروعي مدير عام بلدية مدينة أبوظبي وشهاب الفهيم مدير إدارة المراسم بوزارة الخارجية وعبدالوهاب ناصر النجار مدير إدارة شؤون الدبلوماسيين بوزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين.
وفي نهاية الاحتفالية التقطت الصور التذكارية لسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان مع عائلة وذوي الفقيد سيف غباش وكبار المسؤولين من الحضور.
المبادرة تعبير صادق عن المحبة التي تجمع أبناء الوطن وقيادته
قال معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية: إن مبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" وتوجيهات الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بإطلاق اسم الفقيد سيف غباش على أحد الشوارع في أبوظبي تعبر عن حب وتقدير من قيادة الدولة للفقيد وهي تعبير صادق وأمين عن المحبة التي تجمع ابناء الوطن وقيادته، فيما بينهم.
وأضاف : إن الفقيد لم تحبطه قسوة الأيام والصعوبات التي كانت تواجه الانسان الاماراتي في ذلك الوقت، حيث أدرك في وقت مبكر أن الإمارات أحوج ما تكون إلى البناء، فاخذ على عاتقه طوال فترة الاغتراب عن الوطن، مهام صقل مهاراته الحياتية بالعلم وتعلم العلوم الحديثة، ليسهم بعد ذلك في دفع عجلة التطور العصري التي تشهدها الدولة.
ونوه معالي صقر بن غباش سعيد غباش وزير العمل بأن سنوات الغربة التي قضاها الفقيد، ساهمت في تكوين عقله وشخصيته القيادية الهادئة واستطاع أن يتواصل مع الآخرين بجدارة ومقدرة يشهد له الجميع بها.
مضيفا إن مبادرة اليوم تسهم في تقديم صورة مشرقة للقادة والرجال الذين قدموا الغالي لرفعة وسمو هذا الوطن، ومن واجبنا أن نقدمهم للأجيال الجديدة، والشباب كي تدرك أن ابن الاتحاد نما وترعرع وكبر بجهود أبنائه المخلصين الذين تسلحوا بالعلم والعمل والإرادة الصلبة والطموح في أن تكون الإمارات رائدة وقوية ولها مكانتها بين دول العالم.
وقال عبدالله بن محمد بن بطي آل حامد وكيل وزارة الخارجية: سوف تبقى هذه اللفتة تذكر اجيالنا على مر العصور بما قام به رجل قدم كل ما يستطيع لبناء كيان دبلوماسي قوي، مشيرا الى أن المبادرة ستكون بمثابة هدف يسعى الى تحقيقه كل مواطن ، بان يكون أحد الأشخاص الذي رسخوا أسماءهم في سجلات تاريخ هذا الوطن.
محطات
وأوضح السفير عبدالوهاب ناصر النجار، مدير إدارة الشؤون الدبلوماسية في وزارة الخارجية، إن حياة الفقيد عبارة عن محطات مهمة رسمت بحروف من نور لتجسد شخصية فذة يتذكرها الناس جميعا وتمتاز بسمات الرجولة والشهامة والحكمة والخبرة والانجازات والتي تتمثل في الراحل سيف غباش.
وأضاف ماجد علي المنصوري رئيس دائرة الشؤون البلدية في ابوظبي: سيظل الفقيد حياً فينا أبدا ما حيينا ، وحياً في ذاكرة هذا الوطن، وتسمية هذا الشارع باسمه فرصة تحفزنا لتذكر خصاله وأعماله ومآثره، فهو أنموذج للشخص الجاد والمثابر الذي رسم بخطى ثابتة درب حياته وسار على قيم البذل والعطاء بكل عزيمة دون كلل ولا ملل حتى نال مراده في ان تصبح الإمارات دولة.
وقال : إن الفقيد ومعه معالي أحمد خليفة السويدي، شقا طريقهما بنجاح رغم الصعاب والمشقة التي واجهتهما، والتي لم تثنيهما عن الهدف الأسمى، وهو تأسيس كيان دبلوماسي متين يمثل مكانة وقوة الخارجية الإماراتية على كافة المستويات والأصعدة.