رغم أنها من النباتات القاسية المكسوة بالأشواك، إلا أن المواطن عبيد المزروعي كانت له نظرة مختلفة تجاه شجرة الصبار، التي وهبها جل اهتمامه منذ نحو 15 عاماً، فحرص على أن تحظى هذه الشجرة بمكانة عالية في حياته، فكانت الخطوة الأولى تأهيل المكان عبر إنشاء البيوت البلاستيكية لزراعة الصبار، ثم حصادها من مختلف أنحاء العالم، مستبدلاً بذلك مفهوماً حديثاً للزراعة عبر تظاهرة غير مسبوقة لزراعة نبات الصبار المقاوم للجفاف والعطش والظروف القاسية للمناخ.

2000 شجرة

أكثر من 2000 شجرة صبار وأكثر من 500 نوع، رصدها المزروعي عبر مزرعته التي تقع في منطقة إعسمة على طريق مسافي - دبا والتي تحولت إلى مزار سياحي..

وبدا واضحاً أن هذا الإنجاز استغرق الكثير من الوقت والمال، إذ بلغت تكلفة زراعة أشجار الصبار وشرائها أكثر من 100 ألف درهم، مؤكداً المزروعي أنها تجربة تستحق الاهتمام، أثارت إعجاب الكثير من الناس كونها تكريماً لإحدى النباتات الصحراوية التي راج استخدامها في علاج بعض الأمراض الجلدية والعيون في الماضي.

استطاع المزروعي جمع هذا العدد من نبات الصبار بعد سفره إلى مختلف الدول في العالم مثل الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وتايلند وغيرها من الدول..

ومهما كان الهدف من الرحلة إلا أنه يحرص على استثمار الفرص وزيارة الأسواق الخاصة ببيع الأشجار والنباتات التي لا يخرج منها خالي اليدين، بل يظفر بأنواع مختلفة لنباتات الصبار النادرة، وقد يدفع حيناً على بعض الأنواع لا يتجاوز ارتفاعها قدم نحو 1000 درهم وأكثر.

بيئة مناسبة

حرص المزروعي على تنظيم هوايته بصورة أفضل عن طريق تأهيل البيئة المناسبة لزراعة الصبار وغيرها من النباتات المتواضعة في شرب المياه، إذ لا تحتاج نحو 90 % من أشجار الصبار إلى المياه، بل يحتاج بعضها إلى عناية فائقة، وقد يؤدي زيادة ريها بالمياه حيناً إلى موتها كما حدث لبعض الأنواع التي يمتلكها المزروعي.

أوضح المزروعي أنه لم يهدف مطلقاً إلى التجارة من مشروعه النباتي، نظراً لعدم معرفة الكثير من الناس بقيمة بعض أنواع النباتات والجهد الذي تطلب الحصول عليها، إذ تبلغ قيمة بعضها نحو 15 ألف درهم.

ويرى أن التجارة قد تفسد المتعة في حصد هذه الأنواع من النباتات، لكن في الوقت نفسه حرص على إنشاء مشتل داخل مزرعته لبيع بعض أنواع النباتات الأخرى مثل أشجار نخيل الزينة لتغطية تكاليف المزرعة.

الأيام القمرية

أنواع كثيرة رصدها المزروعي عبر حديقة الصبار في مزرعته، تتمتع بعضها بسمات غريبة مثل ارتباطها بالأيام القمرية في الأشهر العربية الهجرية واختلاف حركة الليل في النهار، بحيث يعلو أشواك الشجرة زهور تتفتح في نحو الساعة 10 ليلاً، ثم تغلق عند الساعة العاشرة صباحاً، وأنواع أخرى كثيرة تنتمي إلى عائلات منها عائلة «إي فوربيا»، وعائلة «آلو» وغيرها من الأنواع النادرة التي عجت بها البيوت البلاستيكية داخل المزرعة.

صداقة نباتية

إن حب النباتات بصفة عامة وأشجار الصبار بصفة خاصة، ساهم في تعزيز علاقة المزروعي ببعض الشباب المهتمين في الدولة، وبدا واضحاً تطور العلاقة من خلال عقد الاجتماعات بين الفينة والأخرى وتنظيم رحلات السفر إلى الخارج بهدف استكشاف الطبيعة أولاً والاستمتاع، ويبدو أن زيارة المزروعي أخيراً مع الفريق إلى الأرخبيل اليمني في منطقة سوقطرة أثار إعجاب الجميع بما تحويه المنطقة من نباتات وأشجار محمية.

أصبحت مزرعة عبيد المزروعي وجهة مثالية لاستقبال الكثير من الوفود السياحية المتوجهة إلى المنطقة الشرقية، إذ يُفاجئ باستمرار بتوقف سيارات تقل زوار الدولة خاصة الآسيويين، فضلاً عن تغطية بعض وسائل الإعلام الأجنبية للحدث مثل القناة الهندية من «كيرلا»، إلى جانب تنظيم الكثير من المدارس رحلات لطلبتها إلى المزرعة لمشاهدة أشجار الصبار.

العسبق والخنصور

من ضمن الأشجار المتوفرة في حديقة المزروعي، بعض نباتات فصيلة الصبار المحلية، مثل شجرة «العسبق» المتشابهة في الشكل مع أنواع أميركية من نبات الصبار، وكانت هذه النبتة إلى جانب «الغلجة» و«الخنصور» تستخدم في علاج الجرح وتجبير الكسور وعلاج أنواع كثيرة من الأمراض، إلا أن الوضع الراهن..

كما أوضح المزروعي، ينذر بخطر الانقراض، نتيجة ارتياد الكثير من الآسيويين الجبال واقتلاعها بصورة عشوائية بغرض البيع في الأسواق الشعبية، لكن خطورة ذلك بدت واضحة من خلال شح هذه الأنواع من النباتات بالمقارنة مع الماضي.