الحفاظ على التراث، واقتناء القطع القديمة التي استعملها أفراد المجتمع الإماراتي، قبل عشرات السنين، أصبحا محل اهتمام الكثير من أبناء الدولة، ويمكن القول إن انتشار المتاحف الخاصة في البيوت، هو بدافع الحس الوطني، فمنذ أطلق المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مقولاته الشهيرة «لا بد من الحفاظ على تراثنا القديم، لأنه الأصل والجذور..
وعلينا أن نتمسك بأصولنا وجذورنا العميقة»، وأيضاً قوله «لقد ترك لنا الأسلاف من أجدادنا الكثير من التراث الشعبي الذي يحق لنا أن نفخر به ونحافظ عليه ونطوره، ليبقى ذخراً لهذا الوطن وللأجيال القادمة».
ومن يومها أصبح التراث محل اهتمام الأجيال الشابة، بل حفاظاً على هذا التاريخ الشعبي، قام بعض الأفراد من المواطنين بتخصيص جزء من مساكنهم وتحويلها إلى متاحف صغيرة، تعرض فيها المقتنيات القديمة التي كان يستعملها المجتمع الإماراتي، عبر مراحل عدة من حياته..
ومن هذه المتاحف التي تشكّل لوحة فنية في المقتنيات القديمة، متحف حسن أحمدبو صابر في منطقة حلوان بالشارقة، إذ يعد هذا المتحف نموذجاً للمتاحف التي تنشأ في بيوت المواطنين، من حيث أنواع المقتنيات وقدمها، أو من حيث تاريخها ومراحل استعمالها.
ولم يقتصر الأمر على المتحف الذي أنشأه في ديوانه الكبير، بل قام بوضع نموذج للدكان قديماً، على أن يتبعه دكاكين أخرى أشبه بسوق العرصة، وهنا يحدثنا عن تجربته في إنشاء المتحف في بيته.
السيف أولاً
يقول حسن أحمد بو صابر «التراث واقتناء المقتنيات القديمة جزء مهم من تاريخ الإمارات، وقد حرص المسؤولون على تشجيع المواطنين على الحفاظ عليه، وإقامة المهرجانات، وذلك لغرس تراثنا في نفوس أطفالنا، ومن هذا الدافع الوطني، حرصت أن أنشئ هذا المتحف المصغر في بيتي، حتى نكون على اطلاع دائم على تراثنا، أما بداياتي في جمع المقتنيات القديمة.
فيمكن القول إنها بدأت منذ كان عمري 12 عاماً، عندما كنا نسكن في «فريج» يقع بالقرب من سوق العرصة التاريخي، وأول شيء اقتنيته مجموعة من الطوابع، ولكن الشيء الذي أعتبره الخطوة الأولى هو اقتناء سيف قديم، شكّل لي البداية في أن اصل إلى هذا المستوى، وأن يصبح المتحف متنوعاً في المقتنيات، وغالبه من استعمالات المجتمع الخليجي والإماراتي خاصة..
وقد جمعت فيه كل أنواع المقتنيات التي استعملها المجتمع الإماراتي، من الراديوهات والمسجلات بموديلاتها المختلفة، والساعات ومقتنيات المرأة والرجل والعملات بأنواعها، وأدوات الصيد، وغيرها من المقتنيات التراثية.
البندقية القديمة
لكن الشيء الذي أراه مهماً هو اقتناء السلاح الذي استعمله الإنسان الخليجي بمراحله المختلفة، وله مسميات عديدة، وكان في القديم رمز الدفاع عن الأرض، ويوجد لدي أنواع متعددة، استطعت أن أرصد تواريخها عبر البحث في الكتب والدراسات ومن أشخاص معمرين، وأشهر هذه البنادق (أم فتيلة، وأم صلبخ، والرومي)، وجميعها مسميات خليجية..
وكانت تستعمل بالبارود، أما في جانب العملات فقد حصلت على مجموعة كبيرة من العملات الإماراتية، واكتشفت أن أول عملة استعملها الإنسان عملة يطلق عليها الذهبية والفضية والنحاسية، وتساوي الذهبية 15 وحدة من الفضية، والفضية مقابل 15 نحاسية، هكذا كان المجتمع يتعامل بالعملة، إلى أن جاءت العملات الورقية بمختلف أنواعها.
كذلك يوجد صمن المقتنيات جميع أنواع الراديوهات والمسجلات، وأول مسجل استعمله الناس في الخليج هو جرامفون مكتوب عليه «إديسون»، وهو اسم المخترع، إلى أن أتت المسجلات بمختلف أشكالها، وإجمالاً المتحف يتضمن أشياء كثيرة لا تعد ولا تحصى، ولكنها تشكّل أهمية كبرى من حياة المجتمع الإماراتي.
دكان زمان
يقول حسن بو صابر: في جانب التراث وكوني كنت أعيش بالقرب من سوق العرضة القديم، استوحيت فكرة الدكاكين قديماً، وقمت باستغلال حوش المسكن، وصممت دكاناً على الطريقة القديمة، أطلقت عليه دكان زمان أول، وقريباً سوف أنشئ إلى جانبه دكاناً آخر، دكان الحلاق.
ولدي كل أدوات الحلاقة بالطريقة القديمة، وأتمنى أن يواصل أبنائي السير في هذا الدرب، وأرى ابنتي الصغيرة مهتمة جداً بالمقتنيات القديمة وبالتراث، وهذا هو ما نريده للأجيال الحاضرة والقادمة، إن شاء الله.