(الوثيقة رقم 1)

(الوثيقة رقم 2)

(الوثيقة رقم 3)

تبحث دائماً عن الجديد، تنبش عنه لتسبق الآخرين، تزهو وتتميز في كل ما هو عصري ومفيد، وبذلك أصبحت أيقونة النجاح، بكل ما فيها من الماضي الجميل، والتاريخ الغزير، والحاضر الذي يتفرد بكثير من المسميات.

دبي المدينة المتجددة قولاً وفعلاً، لم تغفل عن سجلات الماضي يوماً كما لم تركن إلى إنجازات تقليدية دوماً، فمنذ البداية ظل التاريخ أساساً، تدعمه آلاف الشواهد والوثائق التي تعكس صورة الإمارة وحياة أهلها، وتبرز تجارها ومقيميها وزوارها، لتعرّف الآخرين بما الذي كانت عليه وآلت إليه.

مؤخراً أنشأت بلدية دبي مركزاً للوثائق التاريخية يختص بإمارة دبي، سيتم افتتاحه قريباً في منطقة الشندغة التاريخية، يتولى حفظ وتسجيل وترميم الوثائق، وتجميعها وتنظيمها وِفْقَ أحدث الطرق والوسائل العلمية المتطورة في هذا المجال، طامعة من ذلك بأن تكون نافذة ثقافية وعلمية، لكل المهتمين والباحثين والدارسين، في تاريخ وتراث المنطقة.

نافذة تاريخية

عبدالعزيز صالح الشحي رئيس مركز الوثائق بالإنابة، أكد أنه انطلاقاً من الدور الكبير الذي يحمله التراث في تعريف الناس بحياة أجدادهم، وكيف كانت، فقد جاء هذا المركز التراثي، لكي يصبح منارة للمطلعين على تاريخ المدينة، بهدف حفظ هوية إمارة دبي قديماً، ولذلك تم اختيار منطقة الشندغة التاريخية مقراً للمركز.

وأشار إلى أن المركز يتكون من طابقين: الأرضي، وتعرض فيه الوثائق الإدارية، والدينية، والاجتماعية، والاقتصادية، إضافة إلى النشرات والصور القديمة، والخرائط والرسائل والصحف الخاصة بدبي، وهناك الطابق العلوي الذي يضم مقر الموظفين وقاعة بحث خاصة بالباحثين والدارسين.

100 ألف وثيقة

وأوضح أن المركز يحتضن ما يزيد على 10800 وثيقة تاريخية متنوعة عن دبي، مرشحة لأن تصل إلى 100 الف وثيقة خلال الفترة المقبلة، بينها صور قديمة تجسد تاريخ الإمارة، وتوضح مراحل تطورها، لافتاً إلى أن بعض هذه الوثائق من الصور أو الأوراق يعتبر نادراً، وهناك مجموعات نادرة من أختام الدوائر الحكومية، والتوقيعات الخاصة بقيادات الإمارة ومديري الدوائر.

وأشار إلى بعض الصعوبات التي قابلت فرق العمل عند البحث عن الوثائق، خاصة وأنها متشعبة بين أطراف عدة، وقد جرت اتصالات كثيرة للوصول إلى هذه الوثائق، مع التجار الهنود، وشركات البترول البريطانية التي كانت تعمل في المنطقة، والتي لديها مراسلات كثيرة داخل دبي مع الحكام والتجار آنذاك، إضافة إلى الأشخاص الذين عاصر ذووهم هذه الفترة من تجار ومهندسين، وأطباء، ليمدونا بأي وثائق لديهم ربما لا يرونها مهمة، لكنها تحمل قيمة عالية للمركز.

مراكز الوثائق الوطنية

وبيّن الشحي أن الاهتمام الآن يتركز في التعاون مع مراكز الوثائق الوطنية، في أبوظبي والشارقة ورأس الخيمة، للوصول إلى توثيق أكبر كمية من الوثائق، وهناك خطط للتواصل مع مراكز الوثائق الوطنية في دول الجوار، خاصة وأن العلاقات معها كانت متميزة جداً، مثل الأرشيف السعودي والعماني والبحريني والكويتي وغيرها.

ولفت إلى أن من بين قاعات المركز، قاعة «آل مكتوم»، التي تضم المراسلات الخاصة بالأسرة الحاكمة في فترة الخمسينيات، وكافة الوثائق الخاصة بها، موضحاً أن الوثائق صنفت حسب اختصاصها، فهناك السياسية، والاجتماعية، والإدارية، والاقتصادية.

وأشار إلى أن هناك جزءاً مخصصاً للتواقيع، التي كانت لها أهمية كبيرة آنذاك، خاصة وأن لها أشكالاً عدة، ولكل شكل قراءة خاصة به، مضيفاً أن هناك خرائط ترجع إلى الفترتين البريطانية والعثمانية الخاصة بدبي، ولها مكان مخصص فيها.

لوحات شرف

وشرح رئيس مركز الوثائق، أن بإمكان الأشخاص التبرع بما لديهم من وثائق إن أرادوا ذلك، مع وضع أسمائهم في لوحات شرف، ومنحهم رسالة شكر وتقدير، مشيراً إلى أن الذين لديهم وثائق مهمة، ولا يستطيعون الاستغناء عنها، يمكنهم إعطاء المركز نسخة ضوئية منها لعرضها، مع احتفاظهم بالنسخة الأصلية، ويأتي هذا تشجيعاً لمن يملكون القطع النادرة، أو الوثائق التاريخية، على الاهتمام بها لتوثيق هذه الفترة الخصبة من تاريخ الإمارة.

وقال: إن الوثائق البريطانية ووثائق بلدية دبي في عصر الشيخ سعيد بن مكتوم، رحمه الله، التي اختصت بإنشاء وتكوين المجلس البلدي، تعتبران من أقدم الوثائق الموجودة في المركز، وذلك أن فترة الخمسينيات هي بداية فترة ازدهار حقيقية لدبي، بعد انتقال خطوط التجارة في المنطقة من شرق الخليج إلى دبي، بسبب الاستقرار الذي تتمتع به، وتميز موقعها الجغرافي بين الشرق الأقصى وأوروبا.

التصنيف والشراء

وأضاف عبدالعزيز الشحي: إن الوثائق الاجتماعية من أكثر الوثائق التي تم تسجيلها وتوثيقها، وتنوعت بين عقود الزواج، وأوراق التقاضي بين الناس، إضافة إلى المراسلات الشخصية لهم، موضحاً أن هناك خطوات يتبعها المركز للتوثيق، تبدأ بالحصول على الوثيقة، ثم التأكد من صحتها، تتبعها خطوة التصنيف: اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، ثم تالياً تعطى رقماً تعريفياً لها ليسهل الرجوع إليها، من خلال موظفين مختصين في الأرشفة.

واختتم أن للمركز ميزانية لشراء الوثائق من الأشخاص أو المؤسسات التي ترغب في بيعها، وذلك بعد تقييمها جيداً من خلال لجنة علمية، تضم 5 مواطنين، مع إمكانية الاستعانة بخبرات عالمية للاطلاع عليها، وتحديد فترتها الزمنية، وكونها أصلية أم لا، وتثمينها حسب أهميتها.

وثائق سرية

أوضح عبدالعزيز الشحي أن هناك توجهاً للتعاون مع بعض المراكز المتخصصة في ترميم الوثائق والاهتمام بها، مؤكداً أنه سيتم إنشاء مركز للترميم خاص بدبي مستقبلاً.

ولفت إلى أن قاعات العرض داخل المركز تتنوع بين العرض المباشر للأوراق والوثائق، من خلال لوحات خاصة موجودة على الجدران، إضافة الى أماكن عرض زجاجية، كما يمكن للزائر تصفح الوثائق من خلال أجهزة حاسوب مخصصة للعرض، تتيح تصفح أكبر عدد من الوثائق، مشيراً إلى أن الوثائق تتنوع حسب أهميتها.